تلقي الأزمة الاقتصادية المتصاعدة في دولة الإمارات بتأثيرات سلبية للغاية على البنوك العاملة في الدولة التي أجبرت على تسريح مئات الموظفين بسبب التباطؤ الاقتصادي وإغلاق 49 فرعا لها في الدولة.
وقالت صحيفة “خليج تايمز” الإماراتية الناطقة بالإنكليزية إن الاندماج بين بنكين محليين تسبب في الربع الثالث من عام 2019، في انخفاض البنوك التجارية المرخصة إلى 59 بنكا، منها 21 بنكا وطنيا و38 بنكا أجنبيا.
واندمج بنك أبوظبي التجاري مع بنك الاتحاد الوطني في مايو/ أيار 2019، إذ استحوذ الكيان المجمع على بنك الهلال. وقد ترك الاندماج مئات الموظفين زائدين عن الحاجة.
كما قام عدد من البنوك بتسريح مئات الموظفين من مختلف الأقسام لتقليل التكاليف بسبب تباطؤ النمو الاقتصادي. وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، قام بنك “اتش أس بي سي” بتسريح 40 مصرفيا في الإمارات.
وقال البنك التجاري الدولي في سبتمبر/ أيلول الماضي إنه سيقدم تقاعداً طوعياً للموظفين، وذكرت الصحيفة أن ذلك أدى إلى الاستغناء عن 100 وظيفة.
من جهته، استغنى بنك أبو ظبي عن مئات الوظائف، في وقت سابق من هذا الشهر، فيما قام بنك الإمارات دبي الوطني، أكبر بنك في دبي، بخفض حوالي 100 وظيفة.
ونقلت الصحيفة عن البنك المركزي الإماراتي، قوله إنه يتابع عن كثب هذه التطورات، وأنه “يواصل جهوده نحو التوطين في القطاع المصرفي ويلزم البنوك في دولة الإمارات العربية المتحدة بذلك تحقيق توطين الوظائف للمواطنين الإماراتيين بنسبة 40 في المئة خلال 3 سنوات”.
وفي سياق موجة التقشف التي تضرب المصارف الإماراتية، وصل الدور إلى “مصرف أبوظبي الإسلامي” ADIB، الذي قرّر تقليص الوظائف وإغلاق فرعين من فروعه، في محاولة لخفض التكاليف وتعزيز ميزانيته.
ويسعى المصرف من خلال مجموعة تدابير تقشفية إلى توفير نحو 500 مليون درهم، تعادل نحو 136 مليون دولار، عن طريق خفض عدد الوظائف وإغلاق فروع محلية وخارجية، في الوقت الذي يؤثر تباطؤ النمو الاقتصادي سلباً في قطاع التمويل، حسبما أوردت شبكة “بلومبيرغ”، في تقرير لها اليوم الأربعاء.
وقبل أسبوعين شطب بنك أبوظبي الأول مئات الوظائف مما يجعله أحدث بنك في الإمارات يستغني عن موظفين في ظل أعباء على صناعة التمويل بسبب تباطؤ النمو.
ونقلت وكالة بلومبرغ الدولية المتخصصة بالشأن الاقتصادي عن مصادر مطلعة طلبت عدم الكشف عن هويتها، قولها إن أكبر بنك في البلاد فصل مئات الموظفين من عدة أقسام خلال الأسابيع القليلة الماضية.
ويعمل في بنك أبوظبي الأول، الذي تم إنشاؤه بدمج بنكين عام 2016، حوالي 5400 موظف على مستوى العالم، وفقا لموقعه على الإنترنت.
ويزيد تعثر قروض الإسكان في دولة الإمارات من الازمات المتصاعدة للبنوك العاملة في الدولة حسبما أوردت شبكة “بلومبيرغ” الأميركية.
فقد دفع عُمق الأزمة العقارية في الإمارات وامتداد تداعياتها إلى التأثير سلباً على ميزانيات البنوك، بالمصرف المركزي إلى محاولة وضع حد لما يعتبره إساءة استخدام القروض السكنية، محاولاً الحد من مخاطر التسليفات في وقت لا يزال الركود مستحكماً بقطاع البناء والتشييد.
إذ نبّه مصرف الإمارات المركزي البنوك العاملة في الإمارات إلى ضرورة ما سمّاه “الممارسات غير المقبولة”، بعدما شهد القطاع المصرفي تزايداً لافتاً في حجم القروض المتعثرة، ولا سيما التسليفات المرتبطة بالإسكان.
ووردت تحذيرات “المركزي” في تعميم موجّه إلى البنوك دعاها فيه إلى “وقف ممارسات معيّنة غير مقبولة” تشمل قروض الرهن العقاري، وهي ممارسات اعتبر أنها تمكّن الحاصلين على القروض السكنية من استخدامها لأغراض لا علاقة لها ببناء البيوت أو شرائها أو تجديدها لمصلحة المالكين أو لأهداف استثمارية.
كما أورد “المركزي” في تعميمه أن “أي شكل من أشكال القروض الشخصية الممنوحة من البنوك أو شركات التمويل التي تستخدم العقارات كضمان” يجب ألا تُصنّف على أنها قروض عقارية، مضيفاً أن المصارف يتعيّن عليها عدم تقديم قروض شخصية لمدة تتجاوز 4 سنوات، كما يتوجّب عليها “ألا تقبل اعتبار المنازل الخاصة كضمان” لهذا النوع من التسليفات.
ويأتي هذا التعميم في الوقت الذي يتعرّض القطاع المصرفي الإماراتي للخطر مجدداً نتيجة الركود العميق الذي يهيمن على سوق العقارات منذ عام 2014، الأمر الذي زاد من قيمة القروض المتعثرة، ودفع ببعض البنوك في ثاني أكبر اقتصاد عربي إلى تخفيف شروط الدفع عن طريق تمديد آجال استحقاق القروض وخفض أسعار الفائدة.
وتندرج توجيهات “المركزي” في سياق تدابير مضادة تحاول من خلالها السلطات السيطرة على تراجع المؤشر الاقتصادي العام، لا سيما في دبي حيث توقف نمو الأعمال وتتلاشى فرص العمل بأسرع وتيرة منذ 10 سنوات، ما يتهدّد الموقع المحوري الذي تطمح هذه الإمارة إلى احتلاله.
ويقض انحدار المؤشرات مضاجع المسؤولين في الإمارة التي يخشون أن تكرر تجربة عام 2010 القاسية التي اقتربت خلالها من الإفلاس، قبل أن تستنجد بأبوظبي لإنقاذها بمليارات الدولارات.
وتتصاعد المؤشرات عن مواجهة البنوك العاملة في دولة الإمارات خطر الانهيار بفعل تفاقم الأزمة الاقتصادية الشاملة التي تعانيها الدولة منذ سنوات وتلقي بظلالها على مختلف القطاعات.