قال مركز الإمارات للدراسات والإعلام “إيماسك“، إن اسم دولة الإمارات عاد إلى الواجهة في الملف الليبي، عبر اتهامات عديدة بإبرامها صفقات تجارية بعيداً عن أعين الرقابة.
وجاء هذا الاتهام الكبير على لسان مصطفى صنع الله، رئيس المؤسسة الوطنية للنفط، المقال عبر عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة الوطنية (طرابلس)، قبل أيام، وتعيين فرحات بن قدارة آخر محافظ للبنك المركزي في عهد النظام السابق، بدلاً منه، وهو المقرب من الإمارات ومن حليفها في ليبيا اللواء المتقاعد خليفة حفتر.
ووجه صنع الله اتهامات مباشرة للدبيبة بالتعاون مع الإمارات، وبإجراء الأخيرة صفقات دون الكشف عن تفاصيلها وخاصة ما يتعلق بالتحصيلات المالية.
وذكر أن “الدبيبة تآمر مع الإمارات، بهدف التفريط في 600 مليون دولار سنوياً لصالح الإمارات”، مضيفاً أن “المؤسسة عمرها أكبر من دولة الإمارات، وهي الدولة الغارقة في الملف الليبي ومتحالفة مع الدبيبة”.
ويرفض صنع قرار الدبيبة، من جانبه، مؤكداً أنه لا يزال رئيساً لمؤسسة النفط، ومشيراً إلى أن مديري المؤسسة التنفيذيين والشركات التابعة للمؤسسة الوطنية للنفط”، ما زالوا يعترفون به رئيساً للمؤسسة.
وأكّد أنه لا يزال في العاصمة طرابلس، وطالب المجتمع الدولي بضرورة ممارسة ضغوط لتتراجع حكومة الدبيبة عن قرارها، محذراً من انقسام المؤسسة وظهور مؤسسة موازية لها.
وفي وقت وجدت خطوة الدبيبة بإقالة صنع الله ردود فعل متباينة، ومحدثاً بعض الانشقاقات في التعامل مع ملف المؤسسة النفطية، فإن لجنة الطاقة في البرلمان الليبي (طبرق)، هاجمت تحرك الحكومة لإقالة رئيس المؤسسة الوطنية للنفط.
وقالت في بيان، إنها تعترف بمجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط برئاسة “صنع الله” كمجلس شرعي، متهمةً الدبيبة بإبرام ما وصفته بـ”صفقات سياسية مشبوهة”.
ولا تعد اتهامات صنع الله الأولى من نوعها بشأن انخراط الإمارات في بيع النفط الليبي.
فقد سبق لصحيفة وول ستريت جورنال، في يوليو 2018، أن تحدثت عن انخراط مسؤولين إماراتيين في محادثات سرية مع حفتر الذي يسعى لمساعدة الإمارات له في تصدير النفط الليبي خارج القنوات التي وافقت عليها الأمم المتحدة.
وأشارت الصحيفة إلى أن المسؤولين الإماراتيين يهدفون لتسهيل البيع المستقل للنفط الليبي من قبل حفتر عبر شركات إماراتية.
وأوضحت أن هذا الدعم الإماراتي قد شجع حفتر على تنفيذ محاولته غير المسبوقة لمنع مؤسسة النفط الليبية من التصرف في هذا النفط.
وبعدها بعامين، وتحديدا في يوليو 2020، نقلت وكالة الأناضول تصريحات للمؤسسة الليبية للنفط، تقول فيها إن الإمارات أعطت تعليمات لقوات حفتر، بوقف إنتاج النفط الخام، مشيرة أن قواته ناقضت موقفها المتعاون الذي أبدته خلال المفاوضات.
وأضافت المؤسسة حينها في بيان، أن تعليمات الإمارات لقوات حفتر “مخيبة للآمال، خاصة بعد التصريحات المتكررة من قبل كبار المسؤولين في الإمارات خلال الأسبوع الماضي الداعمة لجهود لاستئناف إنتاج النفط في ليبيا”.
وأدانت المؤسسة الإغلاق المتجدد لصادرات النفط، داعية مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لمحاسبة الدول المسؤولة عن ذلك.
ومؤخرا كشفت تقارير إعلامية أن الإمارات استضافت اجتماعا قصير المدة جرى بين إبراهيم الدبيبة ابن أخ رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد الدبيبة من جهة وصدام حفتر نجل اللواء خليفة حفتر.
وبحسب التقارير فإن اللقاء تمحور حول أربع نقاط وهي صرف ميزانية لقوات حفتر تقدر بـ13 مليار دينار ليبي وإجراء تغيير وزاري في حكومة الدبيبة مع تعيين وزراء تابعين لحفتر والإطاحة بحكومة باشاغا والتعهد بإجراء انتخابات في نهاية العام الحالي.
وبعد اجتماعات مكوكية في جنيف، اتفق الليبيون على تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، بهدف تنظيم الانتخابات الرئاسية والتشريعية للخروج من المأزق السياسي والاقتصادي الذي تعيشه البلاد، وبعد تحديد ديسمبر 2021 لإجراء تلك الانتخابات.
إلا أن الفواعل السياسية الليبية لم تستطع تنظيمها، حيث أخفق كل من مجلس النواب والمفوضية العليا للانتخابات في ذلك، رغم احتكارهما للعملية التشريعية والتنفيذية المتعلقة بالاقتراع، إلى جانب المجلس الأعلى للقضاء، الذي أنجز مهمته كاملة، لكن ليس بالشكل الذي أراده البرلمان والمفوضية، ما أجهض الانتخابات.
بعد ذلك تصاعدت الاتهامات بين الأطراف المختلفة، وعاشت ليبيا انقساما كبيرا مع وجود حكومتين متنافستين، الأولى في طرابلس جاءت وفق اتفاق سياسي في جنيف برئاسة عبد الحميد الدبيبة الرافض تسليم السلطة إلا إلى حكومة منتخبة، والأخرى برئاسة فتحي باشاغا عينها برلمان في فبراير/شباط الماضي ومنحها الثقة في مارس/آذار الماضي، وتتخذ من سرت في وسط البلاد مقرا مؤقتا لها بعد منعها من دخول طرابلس.
وفي ظل هذا الصراع يعتقد مراقبون أن خطوة الدبيبة بإقالة صنع الله، والسيطرة على أهم مؤسسة للنفط في البلاد، قد تكون بالفعل مدعومة من الإمارات، ووجد فيها الدبيبة سبيلاً لدعم بقائه، لكن استخدام ورقة النفط في الصراع السياسي سيكون مزعجاً لعدد من الدول التي ستمنع ذلك، وربما ترجع صنع الله إلى منصبه.