موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تحليل: انتقادات في ألمانيا بسبب بيع أسلحة للإمارات.. دلالات محرجة لأبوظبي

162

حملت موجة انتقادات شهدتها ألمانيا في الأيام الأخيرة بسبب بيع أسلحة حساسة إلى دولة الإمارات، دلالات محرجة لأبوظبي التي تعاني من تدهور شديد في سمعتها الخارجية بسبب جرائمها في اليمن وليبيا ودول أخرى.

ووجهت المعارضة الألمانية انتقادات حادة لمجلس الأمن الاتحادي، الذي تقوده المستشارة أنغيلا ميركل، بعد موافقته في اجتماعه الأخير على تصدير أجهزة توليد كهرباء لأنظمة الدفاع الجوي في الإمارات.

وتضمنت الانتقادات جزءا رئيسيا من خطاب وزير الاقتصاد الألماني بيتر ألتماير للجنة الشؤون الاقتصادية في البرلمان الألماني (بوندستاغ).

وقالت خبيرة حزب شؤون التسليح في حزب الخضر، كاتيا كويل، إن الإمارات لا تزال طرفا في حرب اليمن وتدعم خليفة حفتر في النزاع الليبي. وأضافت “من يورد أسلحة في هذا الوضع، فإنه فقد أي بوصلة قيمية”.

ووصفت نائبة رئيسة الكتلة البرلمانية لحزب “اليسار”، سيفين داجدلين، قرارت تصدير الأسلحة التي تتخذها الحكومة بأنها “غير مسؤولة”، معتبرة إياها انتهاكا لقواعد تصدير الأسلحة المعمول بها ولميثاق الائتلاف الحاكم، وقالت “الحكومة تبين مجددا أنها تستهين بمبادئها”.

ومورد الصفقة هي شركة “Jenoptik Power Systems” الألمانية التي تنتج مجموعات توليد كهرباء لبطاريات “باتريوت” التي تنتجها شركة “رايثيون”الأمريكية. وتُعد الإمارات – مثل ألمانيا- من الدول التي تستخدم أنظمة “باتريوت” المتنقلة للحماية من الغارات الجوية.

وقبل ذلك بأيام قليلة، قررت وزارة الدفاع الأمريكية نقل بطاريتين إضافيتين من هذا النوع إلى الإمارات، كرد فعل على الهجوم الأخير بطائرات مسيرة الذي استهدف منشآت أرامكو النفطية في السعودية.

ورغم الضغوط الشعبية المتزايدة على حكومات دول أوروبية مصدرة للسلاح بشأن حظر تصدير السلاح إلى الدول المتورطة في حرب اليمن، فإن حكومات دول مثل فرنسا وبريطانيا لا تظهر أي استعداد للتجاوب مع تلك الضغوط وتعتبر الحفاظ على الوظائف ودعم صناعات السلاح وتكنولوجيا الدفاع أولوية تتصدر جدول أعمالها أكثر من الالتزام الأخلاقي الذي يدعو إليه المجتمع.

وتعتبر صفقة الإمارات حساسة، لأن أبوظبي تشارك منذ فترة طويلة مع السعودية في التصدي للمتمردين الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن.

إلا أن الأمر يبدو مختلفا نوعا ما في ألمانيا بحكم طبيعة التحالف الحاكم الذي يتألف من المحافظين بقيادة المستشارة ميركل والاشتراكيين الذين فرضوا فقرة واضحة في اتفاقية التحالف تنص على حظر تصدير السلاح إلى دول متورطة في حرب اليمن، بسبب استخدام السلاح الأوروبي في قتل المدنيين أو مهاجمة مستشفيات أو مدارس وغيرها من المنشآت المدنية في بلد فقير مثل اليمن.

فالمحافظون يميلون إلى مواصلة تصدير السلاح إلى شركاء مهمين مثل السعودية والإمارات، على عكس حلفائهم الاشتراكيين الذين يرون مسؤولية أخلاقية إزاء المدنيين في اليمن.

وكان التحالف المسيحي، المنتمية إليه المستشارة ميركل، والحزب الاشتراكي الديمقراطي اتفقا في معاهدة الائتلاف الحاكم عام 2017 على وقف تصدير أسلحة للدول المشاركة “على نحو مباشر” في حرب اليمن.

وطالب خبير الشؤون الاقتصادية بالحزب الديمقراطي الحر، راينهارد هوبن، بـ “قواعد واضحة ومفهومة” لصادرات الأسلحة، وقال “لدى الرأي العام وقطاع صناعة الأسلحة الحق في إجراءات موافقة سريعة وجديرة بالثقة”.

وكانت وزارة الاقتصاد الألمانية قد أقرت في مايو/ أيار من العام الحالي أن تعليق صادرات الأسلحة يشمل السعودية فقط وليس الإمارات “سواء فيما يتعلق بالتصريحات أو بالصادرات الفعلية”، كما أوردت ذلك مجموعة صحف شبكة “دويتشلاند” الألمانية.

واعتمدت الشبكة على جواب لأولريش نوسمان، السكرتير العام لوزارة الاقتصاد، على سؤال للنائبة البرلمانية سفيم داغديلين عن حزب اليسار في البرلمان الألماني (بوندستاغ).

وذكر نوسمان أنه من الناحية المبدئية فإن تصدير السلاح للإمارات لا يزال ممكنا بما في ذلك قطاع الغيار المصنعة في بلدان أخرى.

ورغم ميثاق الائتلاف الحاكم في ألمانيا، لم تتوقف صادرات الأسلحة الألمانية إلى الإمارات، إذ تضمنت القواعد التي اتفق عليها الائتلاف استثناءات أدت إلى الموافقة على تصدير بضائع تسليح للإمارات بقيمة تزيد عن 200 مليون يورو خلال الثمانية أشهر الأولى من هذا العام.

والشهر الماضي طالبت 56 منظمة مدنية بألمانيا الحكومة الاتحادية بوقف صادرات الأسلحة بشكل نهائي للإمارات والسعودية بسبب ما ترتكبانه من جرائم حرب مروعة بحق المدنيين في اليمن.

وشددت المنظمات في رسالة مشتركة على وجوب إلغاء الاستثناءات الحالية بشأن توريد مكونات عسكرية ألمانية في إطار المشاريع المشتركة، المقدمة للتحالف بقيادة السعودية ومشاركة الإمارات.

وناشد تحالف منظمات المجتمع المدني في ألمانيا حكومة برلين وقف صادرات العتاد العسكري لجميع الدول الأعضاء في التحالف العسكري الذي تقوده السعودية في حرب اليمن، بشكل نهائي.

وجاء في بيان نشره التحالف أن هذا الحظر يجب أن يظل سارياً “طالما ظلت هذه الأطراف مشاركة في الصراع المسلح، أو كان هناك خطر من أن يساهم عتاد عسكري ألماني في وقوع انتهاكات لحقوق الإنسان أو للقانون الدولي”.

وتابعت المنظمات الموقعة على البيان: “أصبح واضحاً من خلال عمليات التصعيد الأخيرة في الخليج أن هذه المنطقة لم تعد تحتاج مزيداً من الأسلحة، بل أسلحة أقل”.

كما طالبت المنظمات بإلغاء الاستثناءات الحالية بشأن توريد مكونات عسكرية ألمانية في إطار مشاريع أوروبية مشتركة، وتوسيع حظر تراخيص تصدير الأسلحة الألمانية ليشمل التراخيص التي منحت بالفعل.

ومن بين المنظمات التي تنتمي لهذا التحالف المدني، منظمة “العفو الدولية” ومنظمة “خبز من أجل العالم” ومنظمة “أوكسفام ألمانيا”.

يشار إلى أن منظمات مدنية تتهم التحالف العسكري في اليمن بقيادة السعودية والإمارات بانتهاك حقوق الإنسان وبأنه أضر كثيراً بالمدنيين وخاصة الأطفال.

وفي الثالث من الشهر الماضي أدان فريق الخبراء البارزين الدوليين والإقليميين بشأن اليمن دولة الإمارات بارتكاب جرائم حرب مروعة بحق اليمنيين، وطالب بمسائلتها دوليا كحال باقي أطراف النزاع في البلاد.

وأكد فريق الخبراء أن الإمارات وباقي أطراف النزاع في اليمن قد استفادوا من “غياب المساءلة” حول انتهاكات القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان.

وطلب مجلس حقوق الإنسان، في قراره 36/31 الصادر في أيلول/ سبتمبر 2017، إلى مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، إنشاء فريق من الخبراء البارزين الدوليين والإقليميين بشأن اليمن من أجل رصد حالة حقوق الإنسان ووضع تقارير بشأنها.

وقد كُلف فريق الخبراء إجراء دراسة شاملة لجميع الانتهاكات والتجاوزات المزعومة للقانون الدولي لحقوق الإنسان وغيرها من مجالات القانون الدولي المناسبة والسارية، والتي ارتكبها جميع أطراف النزاع منذ أيلول/ سبتمبر 2014، مع مراعاة الأبعاد الجنسانية المحتملة لهذه الانتهاكات، فضلاً عن الكشف عن الحقائق والظروف المحيطة بالانتهاكات والتجاوزات المزعومة، وتحديد المسؤولين عنها، حيثما أمكن ذلك.