موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

الإمارات تعطل جهود إنهاء حرب اليمن خدمة لأطماعها

248

تتعمد الإمارات تعطيل جهود إنهاء حرب اليمن خدمة لأطماعها.

ومع كل خبر جديد عن اقتراب حصول مفاوضات يمنية بين الأطراف المُتحاربة، تذهب المواجهات العسكرية إلى أقصاها.

ما يجري هذه الأيّام في الحديدة ليس بجديد، لقد حصل قبل مفاوضات الكويت الأولى، وما تلاها من لقاءات في غير مكان. وكأن كل طرف، وقبل أن يذهب إلى تلك المفاوضات، يريد كسب نقاط لصالحه على الأرض.

أول ما ضغطت الولايات المتحدة عبر وزير دفاعها جيمس ماتيس ووزير خارجيتها مايك بومبيو لوقف الحرب والعودة إلى طاولة المفاوضات ضمن مهلة شهر (انقضى نصفها)، وقال المبعوث الدولي إلى اليمن البريطاني مارتن غريفيث، إنه يجهز لعقد مفاوضات جديدة، حتى عادت النيران إلى سماء الحديدة وعلى نحو أعظم من السابق.

وحصل كل هذا على الرغم من الجهود الدولية، التي حاولت أن تستفيد من المأزق الذي أوقعت السعودية نفسها فيه من جراء قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، كي تضغط على المملكة لإيقاف الحرب.

وحتى يوم الاثنين الماضي، كان وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت في الرياض حاملاً في حقيبته تساؤلات حول مقتل خاشقجي فضلاً عن كيفية الضغط من أجل إيقاف الحرب في اليمن قبل أن ينتقل إلى أبوظبي ويلتقي ولي عهدها محمد بن زايد مع قائمة حضور غير متوقعة كان من بينها رئيس الهيئة العليا لحزب الإصلاح اليمني، محمد اليدومي، والأمين العام للحزب عبدالوهاب الآنسي، ليخرج بعدها مؤكداً أن فرص إجراء محادثات لإنهاء الحرب باتت “أكثر واقعية”.

كما اتصل وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو بولي العهد السعودي محمد بن سلمان، قبلها بيوم، مذكراً إياه من جديد بضرورة محاسبة قتل خاشقجي ووقف حرب اليمن وزار بعدها مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون أبوظبي.

فكانت النتيجة هدنة قصيرة أو فتوراً في مواجهات الحديدة، بدأت يوم الإثنين وتم الحفاظ عليها يوم الثلاثاء، قبل أن يعلن أمس الأربعاء تعليق المعركة وسط مؤشرات إلى إمكانية تجددها سريعاً.

أي أن ما يحصل هو على الأرجح مجرد توقف ضمن مسافة زمنية قصيرة قبل أن تعود النيران المتبادلة، لا سيما بعدما أنكر المتحدث الرسمي باسم التحالف السعودي – الإماراتي، تركي المالكي، وجود أي هدنة بإعلانه أن “عملية الحديدة مستمرة وليس صحيحاً أن وقفاً لإطلاق النار دخل حيز التنفيذ”.

في هذا السياق، يبدو أن لا نهاية قريبة لهذه الحرب أو أن أصحابها لا يريدونها أن تنتهي. وهؤلاء كثر، يتوزعون بين القوى اليمنية المحلية المشاركة في المواجهات تحديداً في صف الحوثيين والشرعية، وبين القوى الخارجية المشاركة في الحرب أو بشكل أدق القوتين اللتين أطلقتاها أي السعودية والإمارات.

وأظهر مسار التطورات في السنوات الماضية أن إعادة الشرعية إلى اليمن ليست ضمن أولوية أهدافها بل لديها قائمة مصالح استراتيجية، يُعد الوجود في اليمن، أحد منطلقات تحقيقها.

يتم ذلك خصوصا من الإمارات التي تسعى لتحقيق أطماعها في اليمن من خلال نهب ثرواته ومقدراته والسيطرة على موانئه الاستراتيجية.

والأهم أنه لا يمكن إغفال وجود قوى محلية سياسية واقتصادية لا تشارك في المعارك لكنها تستفيد من الوضع القائم، يتقدمها تجار الحروب.

وهكذا تحولت الحرب اليمنية على مدى سنوات إلى تجارة مربحة لأطراف فاعلة في الشرعية ولدى الحوثيين، تدر ملايين الدولارات، بدرجة تتقاطع فيها المصالح السياسية والاقتصادية لدعم استمرار الحرب لا توقفها.

وما كان دبلوماسيون يمنيون وأمميون يتحدثون عنه في جلسات مغلقة، تحديداً لجهة وجود تجار حروب داخل الشرعية تماماً مثل الحوثيين.

إذ يجنون الثروات من استمرار الحرب ولجهة ضرورة وقف العبث بالاقتصاد النظامي وإعادة توحيد وتفعيل مؤسسات الدولة لضمان ضخ الإيرادات، ظهر في تقرير رسمي للأمم المتحدة في يناير/كانون الثاني 2018.

وجاء فيه حرفياً أن هناك “تجار حروب جدداً آخذون في الظهور بفعل هذه الحرب.

وفي الوقت الحالي، تنذر الأمور بأن الغلبة ستكون للسوق السوداء على المعاملات الرسمية”، الأمر الذي تحقق بالفعل على مدى الأشهر الماضية وترافق ذلك مع انهيار غير مسبوق في سعر العملة اليمنية أمام الدولار الأميركي.

وبحسب التقرير، أسفر استمرار النزاع عن نشوء مجموعة جديدة من المتربحين من الحرب في اليمن، وأخذت هذه المجموعة تحلّ تدريجياً محل الأنشطة التجارية التقليدية الموجودة في صنعاء وتعز، على وجه الخصوص.

وجاء هذا التحول في الموقف الأممي بعدما شارك طرفا الحرب المحليان في تدمير ما يعرف بالاقتصاد النظامي وخلق اقتصاد مواز لا تؤول الإيرادات فيه إلى مؤسسات الدولة الرسمية، تحديداً البنك المركزي بل إلى جيوب قوى الأمر الواقع.

وفي حين أن نقل الشرعية البنكَ المركزيَ من صنعاء إلى عدن أعطى الذريعة للحوثيين للاستحواذ على إيرادات ميناء الحديدة وباقي المناطق الخاضعة لسيطرتها بما في ذلك صنعاء، باتت محافظات عدة خاضعة للشرعية تحديداً مثل مأرب، التي تعتمد بشكل أساسي على إيرادات النفط، تحتفظ بالعائدات لنفسها.

في موازاة ذلك لجأ الحوثيون، بحسب ما يوثق تقرير الأمم المتحدة، إلى سياسات أكثر تقويضاً للاقتصاد النظامي الوطني، من “إنشاء آليات غير قانونية لتحصيل الرسوم الجمركية لصالح كيانات وأفراد يعملون بالإنابة عن عبد الملك الحوثي وتحت سيطرته”، فضلاً عن فرض ضرائب جديدة.

ويضاف إلى ذلك دعم الحوثيين ازدهارَ السوق السوداء لتشمل مختلف السلع الأساسية تحديداً النفط، إذ “دبروا لذلك منافسة صورية في القطاع الخاص لتقديم عطاءات للتوزيع، وهو ما أتاح لهم السيطرة على هذا القطاع، لا سيما باستخدام موزعين في سوق سوداء يخضعون لسيطرتهم”.

كما لم يتوان الحوثيون عن محاولات أخرى لجباية الأموال من التجار وحتى أصحاب المحلات الصغيرة، تارة بذريعة دعم المجهود الحربي وتارة أخرى لتمويل احتفالات سياسية ودينية من تنظيم الجماعة.

وأدى كل ذلك إلى نشوء طبقة جديدة من تجار الحروب، بعضهم قيادات في الجماعة أو يحظون بحمايتها، يتحكمون بالأسعار ويجنون الثروات، وبالتالي لم يعد ممكناً فصل تشابك المصالح السياسية والاقتصادية.

لهذه الأسباب مجتمعة، فإن أي محاولة لوقف الحرب لا يمكنها أن تغفل وجود شبكة مصالح واسعة تربط أطراف الحرب بعضها ببعض، وتجعلها تتلاقى عند ضرورة تعطيل أو تأخير أي محاولة للحل.

يقول محلل، تحفّظ عن ذكر اسمه لأسباب أمنية بسبب مكان وجوده، إن الملفت أن الدعوة الأميركية لوقف الحرب والعودة إلى طاولة المفاوضات خلال شهر.

سرعان ما أعقبها تصعيد واسع على مختلف الجبهات من قبل التحالف السعودي – الإماراتي والقوات المحلية اليمنية التي تقاتل إلى جانبه.

لكن الملاحظ أن هذا التصعيد حقق تقدماً غير مسبوق، سواء في الحديدة أو في مناطق شمال الضالع.

وبالتالي من الواضح أن التحالف يريد إيصال رسالة بأنه قادر على الحسم العسكري، أو على الأقل قلب الموازين العسكرية، ليبقى السؤال الأهم عن أسباب حرصه على عدم حسم الجبهات الأساسية طوال المرحلة الماضية، ومصلحته في إطالة أمد الحرب.

ورداً على سؤال بشأن أكثر الأطراف المعنية بتعطيل وقف الحرب، يعتبر المحلل نفسه أن المشكلة في الحرب اليمنية هي تداخل الأطراف التي تريد استمرار الحرب لتحقيق مصالح سياسية وعسكرية واستراتيجية واقتصادية.

ويلفت إلى أن هذا الواقع ساهم، منذ أكثر من سنة، في بلورة قناعة لدى أطراف عديدة تحديداً لدى المجتمع الدولي أن أي محاولة لوقف هذه الحرب تحتاج إلى تفكيك عوامل استمرارها.

وبالتالي من الخطأ الاعتقاد أن المهمة سهلة بل هي في حقيقة الأمر معقدة ومتشابكة، أخذاً في الاعتبار عدد الأطراف المنخرطة في الحرب.

وصعوبة إيجاد حل يحقق لكل منها الحد الأدنى من مصالحه أو مطالبه، وهو ما يفسر ولو في جزء منه المقاربة/المعادلة التي قدمها وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس للحل في اليمن.

وكان ماتيس لخّص معادلته بالقول إن الجزء الأول منها يجب أن يضمن أن تكون الحدود منزوعة السلاح، حتى لا يشعر الناس بأن عليهم أن يضعوا قوات مسلحة على طول الحدود.

أما الجزء الثاني فيتضمن نزع السلاح وفق جدول تدريجي طويل، ضمن معادلة واضحة “لا صواريخ تنطلق من اليمن باتجاه أي مكان” و”لا أحد سيغزو اليمن”.

والجزء الثالث من المعادلة الأميركية والأكثر إثارة بالجدل فيتعلق بالحديث عن “إعطاء المناطق التقليدية لسكانها الأصليين، لكي يكون الجميع في مناطقهم، ولا حاجة للسيطرة على أجزاء أخرى من البلاد”.

وإشارته الصريحة إلى أن “الحوثيين سيجدون فرصتهم” و”سيوافقون على تحقيق مصلحتهم الفضلى، والتي هي أنهم في منطقتهم.

لديهم مستوى ما من الحكم الذاتي أو بعض القدرة على التآزر معاً والاستماع إلى أصواتهم”، مشيراً إلى “أنهم لا يحتاجون إلى أي مساعدة من إيران للقيام بذلك”.

ويلفت المحلل اليمني إلى أن التوقيت السياسي الآن قد يكون الأكثر ملاءمة للضغط باتجاه وقف حرب اليمن.

أخذاً في الاعتبار المأزق الذي وجدت السعودية نفسها فيه بعد جريمة اغتيال الإعلامي السعودي جمال خاشقجي، وبالتالي قد تكون قيادة المملكة أكثر استعداداً للتجاوب مع الضغوط لوقف الحرب.

كما أن حليفتها الأبرز، أي الإمارات، قد لا تكون أمامها خيارات كثيرة لتعطيل التجاوب السعودي، خصوصاً أن حماية ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، يُفترض أن تنال حالياً الأولوية من وجهتَي النظر السعودية والإماراتية.

ومن وجهة المحلل نفسه، فإنه من المهم الآن، الحفاظ على وتيرة الضغط الأميركي والأوروبي، لأن أي تراجع سيوصل رسالة إلى السعودية بأن الضغوط في طريقها إلى الزوال، وبالتالي يمكن استئناف سياستها في اليمن كما تشاء.

ويؤكد مراقبون أن الإمارات أكثر الأطراف التي لا تريد إيقاف الحرب، حتى تحقق هدفها الكبير في الهيمنة على بقية أجزاء اليمن أو أن يتمكن مؤقتاً من الشمال.