وصفت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية، دولة الإمارات بأنها استثناء كبير في قائمة التطبيع العربي مع إسرائيل في ظل التحالف الكامل للنظام الحاكم في أبوظبي مع تل أبيب.
وتناولت المجلة أسباب استمرار الدول العربية في الحفاظ على علاقاتها مع إسرائيل والتطبيع معها رغم الغضب العارم الذي ينتاب الشعوب العربية من الاحتلال.
وقالت إنه بالنسبة للكثيرين كانت الأخبار التي تفيد بأن الطيارين الأردنيين دافعوا عن إسرائيل خلال الهجوم الذي شنته إيران في نهاية الأسبوع الماضي بمثابة مفاجأة.
ففي حين يربط إسرائيل والأردن علاقات دبلوماسية منذ 30 سنة، فإن السلام بينهما كان باردًا حتى في أفضل الأوقات. ومنذ اندلاع الحرب في غزة دخل في حالة من الجمود العميق.
مع ذلك، لم يكن الأردن الدولة العربية الوحيدة التي ساهمت في الدفاع عن إسرائيل في تلك الليلة، فوفقا للمجلة، أسقطت القوات الجوية الملكية السعودية مقذوفات إيرانية كانت تحلق في مجالها الجوي، وحسب ما ورد قدمت السعودية والإمارات معلومات استخباراتية مهمة قبل الهجوم.
وأوضحت المجلة أن هناك عددًا من الأسباب التي دفعت القوى العربية إلى اختيار لعب دور في تلك الليلة، أولها أنه لو انتهت العملية الإيرانية بخسائر كبيرة في الأرواح أو الدمار، لكان الاحتلال قد رد بقوة، مما يزيد من خطر نشوب حرب إقليمية.
وفي الواقع، يبدو أن انتقام إسرائيل الواضح في وقت مبكر من يوم الجمعة ضد إيران كان محدودًا. والسبب الآخر أن قلق العديد من الدول العربية بشأن التدخل الإيراني في العراق وسوريا ولبنان واليمن لا يقل عن القلق الإسرائيلي نفسِه.
لكن الأمر الذي لا يقل أهمية عن ذلك هو أن إسرائيل شريك اقتصادي رئيسي بالنسبة لبعض القوى العربية.
وهذا يقدم تفسيرًا واضحًا لعدم اتخاذ الأردن والسعودية والإمارات أي خطوات ملموسة تقريبًا ضد الاحتلال بعد مرور ستة أشهر على الحرب في غزة.
وعندما فعلت تركيا شيئاً أخيرًا، بإعلانها في التاسع من نيسان/إبريل أنها ستحظر مجموعة واسعة من الصادرات إلى الاحتلال الإسرائيلي، لم تحذُ أي دولة عربية حِذوها.
وأكدت المجلة أن المصالح الاقتصادية للإمارات في علاقاتها مع إسرائيل تدور حول شيء مختلف تمامًا: التجارة والاستثمار، وتعزيز دور أبوظبي كمركز لوجستي عالمي.
كما تقوم المصالح الاقتصادية لأبوظبي على محاولة الاستفادة من تقدم إسرائيل في مجال التكنولوجيا المتقدمة لبناء صناعة التكنولوجيا الخاصة بها، والشراكة لحل تهديد تغير المناخ في المنطقة.
فمنذ اتفاقيات إبراهيم 2020، برزت الإمارات أيضًا كمشتري رئيسي للأسلحة الإسرائيلية، وارتفعت صادرات الأسلحة الإسرائيلية إلى الدول التي وقّعت على اتفاقيات إبراهيم من لا شيء في تلك السنة إلى 2.9 مليار دولار في سنة 2022.
من حيث القيمة الدولارية، تظل العلاقة الاقتصادية بين إسرائيل والإمارات صغيرة نسبيًا لكلا البلدين، لكنها تمثل شيئًا أكبر وأكثر طموحًا، وهو الجهد لإعادة تشكيل الشرق الأوسط من منطقة الحرب والسياسات المتطرفة إلى منطقة تركز على التطور الاقتصادي.
وذكرت المجلة أنه ليس من المستغرب أن تكون الأعمال التجارية التي تقيمها الدول العربية مع إسرائيل شأناً نخبويًا يقتصر على الصفقات بين الحكومات والمؤسسات الكبرى التابعة للدولة، فالطرق العادية لممارسة الأعمال التجارية غير موجودة، كما أنها كثيرًا ما تكون ذات اتجاه واحد.
لكن كانت الإمارات استثناءً إلى حد ما لهذه القاعدة. توافد المديرون التنفيذيون والسياح الإسرائيليون إلى الخليج في فترة شهر العسل التي تلت توقيع اتفاقيات إبراهيم.
وكانت الشركات توقّع صفقات استثمار وشراكة، واستحوذت شركة مبادلة للبترول التابعة لأبو ظبي على حصة 22 بالمائة في حقل غاز تمار الإسرائيلي، وكانت العديد من الصفقات الاستثمارية الأخرى قيد المناقشة.
وفي عام 2023، وصلت التجارة البينية إلى 3 مليارات دولار، مسجلة ارتفاعًا من 190 مليون دولار في سنة 2020.
لكن الرد الشعبي الذي أظهره الجانب الإماراتي كان فاترًا، فقد وجد استطلاع معهد واشنطن أن أقلية من الإماراتيين يعتقدون أن التعامل مع إسرائيل أمر “مقبول”، ولم يقم الإماراتيون بزيارة إسرائيل إلا بغرض العمل.