أطاح التفاقم المستمر لخسائر اقتصاد دولة الإمارات بمحافظ البنك المركزي في الدولة في وقت تواجه فيه الدولة تدهور قياسيا ويقول مراقبون إنه اقتصادها يواجه خطر الانهيار الشامل.
وأصدرت الإمارات مرسوما موقع من الرئيس المجاز مرضيا خليفة بن زايدبتعيين عبد الحميد سعيد محافظا جديدا للبنك المركزي، حسبما ذكره مكتب الاتصال الحكومي في تدوينة على تويتر.
ويحل سعيد بهذا القرار محل مبارك راشد المنصوري الذي تولى قيادة المؤسسة منذ عام 2014.
صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة "حفظه الله" يصدر مرسوما اتحادياً لسنة 2020 بتعيين معالي عبدالحميد سعيد، محافظًا لمصرف #الإمارات العربية المتحدة المركزي#حكومة_الإمارات #uaegov pic.twitter.com/A0q4scoC9j
— UAEGov (@uaegov) April 2, 2020
وترتبط السياسة النقدية للإمارات ارتباطا وثيقا بسياسة مجلس الاحتياطي الاتحادي الأمريكي نظرا للربط القائم منذ فترة طويلة للعملة المحلية الدرهم بالدولار.
ويأتي القرار، بالتزامن مع موجة الخسائر التي تكبدتها الأسواق المالية المحلية، نتيجة استمرار تفشي فيروس كورونا المستجد، وانخفاض أسعار النفط.
ويتصاعد تدهور اقتصاد دولة الإمارات في وقت تكبدت فيه بورصات الدولة خسائر تجاوزت 58 مليار دولار خلال تعاملات أول ثلاثة أشهر من العام الجاري.
ويلقي ذلك الضوء بوضوح على حدة الانتكاسة الشديدة لاقتصاد الإمارات الذي يتهدده الانهيار الشامل بفعل فشل النظام الحاكم واستنزاف الدولة في حروف وتدخلات عسكرية خارجية.
واستناداً على بيانات سوقي دبي وأبوظبي الماليين، فقد سجل سوق دبي المالي هبوطاً خلال الربع الأول من عام 2020، بنسبة 35.9 بالمائة، منحدراً إلى مستوى 1771.31 نقطة بنهاية مارس/أذار، مقابل مستواه 2764.86 نقطة بنهاية ديسمبر/كانون الأول من عام 2019، خاسراً 993.55 نقطة.
وسجلت الأسهم قيمة سوقية لأسهم دبي قدرها 268.87 مليار درهم بنهاية مارس/أذار، مقابل قيمة سوقية بلغت 374.17 مليار درهم، ليخسر 105.3 مليار درهم (28.66 مليار دولار) في ثلاثة أشهر من العام.
وبنفس الأداء السلبي تهاوت القيمة السوقية لسوق أبوظبي للأوراق المالية بمقدار 110.63 مليار درهم (30.11 مليار دولار) لتصل إلى 410.74 مليار درهم، مُقابل 521.37 مليار درهم في نهاية العام الماضي.
وانخفض المؤشر سوق العاصمة الإماراتية إلى مستوى 3734.68 بنهاية تعاملات مارس/أذار، مقارنة بمستواه عند 4901.42 نقطة بنهاية فبراير/شباط المنتهي، ليتهاوى المؤشر 1.166 ألف نقطة في شهر واحد، منزلقاً بنسبة 23.8 بالمائة.
ويأتي هذا الأداء السلبي العنيف لخسائر الأسواق المالية الإماراتية وسط انتشار فيروس “كورونا” الذي يشبه الالتهاب الرئوي، لأول مرة في 31 ديسمبر/كانون الأول الماضي في مدينة “ووهان” الصينية التي تعد عاصمة مقاطعة هوبي، ومنذ ذلك الحين انتشر الفيروس خارج “ووهان”، التي يبلغ عدد سكانها 11 مليون نسمة، إلى مدن رئيسية أخرى حول العالم.
ومع انتشار الفيروس حول العالم، “استهل العام الجديد” بمخاوف متزايدة من الضربات الإيرانية الأمريكية؛ ما انعكس على الأسواق المالية مع التطورات المتلاحقة التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط والعالم بعد الهجوم الإيراني على قاعدة عين الأسد الجوية العراقية التي تضم وحدات من قوات الجيش الأمريكي في أول أسبوع من العام الجاري؛ رداً على الضربة الأمريكية التي أدت إلى مقتل قاسم سليماني، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني.
وظهرت أول حالة إصابة في الإمارات في 29 يناير/كانون الثاني من عام 2020 أي نحو أكثر من شهر تقريباً، إلا أنها تزايدت داخل الإمارات باكتشاف إصابات متعددة من جنسيات مختلفة بفيروس كورونا المستجد.
وجاء شهر فبراير/شباط من العام الجاري، مع تفشي فيروس “كورونا” حول العالم ما أثر على شهية المستثمرين في أسواق الأسهم خاصة مع إعلان منظمة الصحة العالمية حالة الطوارئ، واحتمالية اعتبار الفيروس وباء عالمي قد يصل إلى جميع دول العالم.
أما مع بداية شهر مارس/أذار الجاري، فاجأ الاحتياطي الفيدرالي الجميع بقرار خفض معدل الفائدة الأساسي 50 نقطة أساس ليصل إلى مستوى يتراوح بين 1 بالمائة إلى 1.25 بالمائة، وبعدها اتخذ قراراً بخفض الفائدة مرتين، ليصل إجمالي مرات الخفض إلى ثلاثة مرات خلال نفس الشهر.
وأجمع أعضاء الفيدرالي على قرار خفض الفائدة في اجتماع مفاجئ، مع انتشار فيروس كورونا ومخاوف من أضراره على الاقتصاد العالمي.
وعلى إثر ذلك خفض المركزي الإماراتي الفائدة 3 مرات خلال مارس/أذار الماضي ما أثار المخاوف لدى المستثمرين من تأثيرات الفيروس على الاقتصاد على عكس المتوقع، خاصة مع إعلانه تعميم للبنوك بضمان الحماية اللازمة للمستهلكين، والحفاظ على استقرار النظام المصرفي، والمراقبة المستمرة للوضع الائتماني في الدولة، بهدف خفض التأثيرات السلبية لتفشي فيروس كورونا (كوفيد 19) على الاقتصاد إلى أدنى حد ممكن.
وفاجأت منظمة الصحة العالمية العالم بإعلانها أن فيروس كورونا أصبح وباءً عالمياً، حيث تجاوزت إصابات فيروس كورونا أكثر من 850 ألف شخص، مع تجاوز عدد الوفيات 42 آلف حالة، وفقاً لخريطة جامعة “جونز هوبكينز”.
وفي خضم تلك الأحداث، فشل اتفاق أوبك بتخفيض إنتاج النفط، بعد أن رفضت روسيا طلب أوبك بتعميق خفض الإنتاج بنحو 1.5 مليون برميل إضافي في نهاية الأسبوع الماضي، ما أدى إلى انهيارات في أسعار النفط أثارت الذعر في الأسواق العالمية والخليجية.
وتعرضت أسعار الخام إلى حالة من الانهيار يوم الاثنين الموافق 9 مارس/أذار بعدما تهاوت بأكثر من 24 بالمائة، حيث دشنت السعودية وروسيا حرب أسعار في خطوة لم تحدث منذ سنوات عديدة.
وسجلت أكبر الأسهم الإماراتية خسائر حادة أثرت على المؤشرات، أبرزها سهم دبي الوطني بنسبة 44.4 بالمائة، ودبي الإسلامي 34.7 بالمائة، وبنك أبوظبي التجاري بنسبة 38.51 بالمائة، وبنك أبوظبي الأول بنسبة 35.42 بالمائة، أبوظبي الإسلامي بنسبة 27.59 بالمائة في أول ثلاثة أشهر من عام 2020.
وكانت الأسهم العقارية الأبرز في الهبوط الربعي، حيث هبط سهم إعمار العقارية 44.8 بالمائة، وإعمار للتطوير 44.6 بالمائة، وإعمار مولز 41.5 بالمائة، إضافة إلى أرابتك 64 بالمائة، وداماك 34.9 بالمائة، وديار للتطوير 43.2 بالمائة، والاتحاد العقارية 24 بالمائة، والدار العقارية بنسبة 31.94 بالمائة.
وانخفض كذلك سهم الإمارات للاتصالات المتكاملة “دو” بنسبة 5.8 بالمائة خلال أول ثلاثة أشهر من تعاملات العام الجاري، علاوة عن هبوط دبي للاستثمار 14.6 بالمائة، وشعاع 48 بالمائة، ودي إكس بي 32 بالمائة، وشركة دانة غاز بنسبة 43.09 بالمائة، وسهم شركة اتصالات بنسبة 16.32 بالمائة، وسهم بترول أبوظبي الوطنية للتوزيع (أدنوك للتوزيع) بنسبة 11.15 بالمائة.