توقعت وكالة “ستاندرد آند بورز” للتصنيف الائتماني ارتفاع القروض المتعثرة وتكلفة المخاطر لدى البنوك الإماراتية خلال الأشهر الـ12-24 القادمة؛ بسبب انخفاض أسعار النفط الحاد، وتراجع النشاط الاقتصادي نتيجة تداعيات احتواء وباء “كوفيد-19”.
وقالت الوكالة الدولية، في تقريرها، إن ارتفاع المخاطر يأتي على الرغم من أن البنوك الإماراتية تعمل بمقاييس ربحية قوية.
وذكرت أن توجه البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي نحو موقف أكثر تكيفاً ستكون له آثار سلبية على هوامش البنوك الإماراتية.
وتوقعت ارتفاع الخسائر الائتمانية خلال الفترة الممتدة ما بين 2020-2021؛ ما سيؤدي إلى تراجع الربحية في القطاع المصرفي الإماراتي.
وصنفت الوكالة القطاع المصرفي الإماراتي ضمن المجموعة “5”، (وذلك على مقياس مكون من 1 إلى 10، حيث يمثل 1 أدنى مستوى المخاطر)، فيما يصل المستوى الابتدائي للتصنيف الائتماني للبنوك العاملة عند “bbb-“.
وأفاد التقرير بأنه رغم إيجابية خطة الدعم الاقتصادي الموجهة التي قد تخفف من الضغوط على مُصدري الشركات والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة لكن هذه الخطة لم تؤدِّ إلى شطب المخاطر الائتمانية من ميزانيات النظام المصرفي.
ورصدت الوكالة ثلاث نقاط ضعف؛ تمثلت بزيادة الخسائر الائتمانية نتيجة تراجع الظروف الاقتصادية، والتنافسية العالية في الأسعار بسبب العدد الكبير من البنوك في القطاع المصرفي الإماراتي، والتركيزات العالية على قطاعات وعملاء محددين.
ورجحت الوكالة ألا تحدث أي ضغوط مباشرة على السيولة في النظام المصرفي؛ بفضل التدابير الاستباقية التي اتخذها المصرف المركزي لدعم السيولة في النظام المصرفي.
وشهد القطاع المصرفي الإماراتي حالة من الجدل، بعد استيلاء رجل الأعمال الهندي “آر بي شيتي”، مالك ومؤسس مجموعة «إن إم سى هيلث» على 6.6 مليارات دولار، والعودة لبلاده منذ نحو شهرين، من زاوية تعامل الدولة وتسهيلات البنوك معه، ومقارنة ذلك مع ما يجري مع المواطنين ممن تعطلت مصالحهم بسبب تداعيات انتشار جائحة “كورونا”.
وتعرضت هذه البنوك لصدمة لاحقة، بعد أسابيع قليلة من تعرضها لأكبر عملية احتيال في التاريخ.
ونشرت وكالة “رويترز” وثيقة تقول: إن شركة فينيكس كوموديتيز بي.في.تي، المتخصصة في تجارة المنتجات الزراعية ومكتبها الرئيسي دبي، تخضع للتصفية بعد تكبدها خسائر بأكثر من 400 مليون دولار، ما يمكن أن يعرض بنوكا إماراتية لمخاطر بخسارة المبلغ المذكور.
وقبل أيام، علمت “إمارات ليكس” بنتائج صادمة لاستطلاع رأي أجرته غرفة دبي بشكل سري أظهر أن 70٪ من الشركات في الإمارة تتوقع إغلاق أبوابها في غضون الأشهر الستة المقبلة.
وسبق ذلك، نفى المكتب الإعلامي لحكومة دبي وجود محادثات تجرى حاليا مع إمارة أبوظبي بشأن دعم اقتصادي مقدم من صندوق مبادلة.
ويعكس ذلك حدة الخلافات غير المعلنة بين قيادي إمارتي أبو ظبي ممثلة بولي عهدها الحاكم الفعلي للإمارات محمد بن زايد وحاكم دبي محمد بن راشد الذي لطالما انتقد سياسات التدخلات والحروب الخارجية للدولة وتأثيرها السلبي على الاقتصاد الإماراتي.
وتعمل أبو ظبي على ابتزاز إمارة دبي وترهن تقديم أي دعم مالي، لإنقاذ دبي من الخسائر الفادحة التي يخلفها فيروس كورونا، بالحصول على أصول حيوية أو دمج قطاعات مالية، في خطوة من شأنها إفساح المجال أمام صندوق مبادلة التابع لأبوظبي للتوسع في إمارة السياحة والتسوق والمال.
وتوقفت عدة قطاعات اقتصادية في دبي بشكل شبه تام خلال تفشي فيروس كورونا، وتواجه الإمارة أشد تراجع اقتصادي منذ أزمة دين في عام 2009.
وتفتقر دبي إلى الثروة النفطية التي تحوزها أبوظبي لتخفيف التداعيات السلبية. وقدمت أبوظبي دعماً لدبي بعد أزمة 2009 بقرض حكومي قيمته 10 مليارات دولار، جرى تمديده في وقت لاحق، وسندات بقيمة 10 مليارات دولار أصدرتها دبي للبنك المركزي الإماراتي.
وقالت ثلاثة مصادر مطلعة لوكالة “رويترز”، إنه من المرجح أن يضطلع “صندوق مبادلة” بدور رئيسي في أي اتفاق بين الحكومتين.
وقال أحد المصادر إن أي دعم من أبوظبي يجري الاتفاق عليه الآن سيتم “تنسيقه، عبر عمليات اندماج لأصول تتنافس فيها أبوظبي ودبي بشكل مباشر أو حيث لهما ملكيات مشتركة”.
وأضاف المصدر: “الصفقة الأكثر ترجيحاً بأن تتم في الأمد القريب هي اندماج لأسواق الأسهم المحلية”، مضيفا أنه من المحتمل اندماج بنوك أيضاً.
وأكد مصدر ثان إجراء المحادثات، وقال إن صندوق مبادلة، الذي يدير أصولاً بنحو 230 مليار دولار، سيقوم “بخطوة كبيرة في دبي” دون أن يذكر تفاصيل.
وتدور منافسة بين الإمارتين، بينما تطورت دبي سريعاً لتصبح مركزاً للسياحة والتجارة والأعمال في الشرق الأوسط، في حين أن أبوظبي هي العاصمة السياسية للدولة بسبب حجمها وثروتها النفطية الهائلة.
وبدأ توطُّد النفوذ السياسي في أبوظبي بالدعم الذي قدمته عام 2009. وقالت الإمارات، إنها ستقوم بمراجعة هيكل وحجم حكومتها بهدف أن تكون “أكثر رشاقة ومرونة”.
وقال نائب رئيس الإمارات وحاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم: “قد ندمج وزارات.. ونغير هيئات”، وذلك عقب اجتماعات افتراضية استمرت ثلاثة أيام بشأن استراتيجية البلاد بعد فيروس كورونا.
وقال مصدر ثالث إن مبادلة سينخرط على الأرجح “في مرحلة ما”، بسبب أن الصندوق الحكومي دائما ما يشارك حين يكون هناك أي اندماج بين الإمارتين في السابق.
ووقعت اندماجات بعد أن قدمت أبوظبي دعما ماليا لدبي عقب أزمة 2009، والتي انهار خلالها سوق العقارات بدبي، مما أجبر تقريبا بعض الشركات المرتبطة بالحكومة على التخلف عن سداد ديون بمليارات الدولارات.
وقامت الإمارات بدمج شركتي الألومنيوم في دبي وأبوظبي لتأسيس شركة الإمارات العالمية للألمنيوم، المملوكة بشكل مشترك لمبادلة ومؤسسة دبي للاستثمارات الحكومية.
وقال المصدر الأول: “رأينا بالفعل نمطا من الاندماجات وسيتسارع هذا الآن… سيتم تصميم عمليات الإنقاذ المالي هذه على الأخص عبر حصول أبوظبي على حصص في أصول استراتيجية مملوكة لدبي. سيحدث هذا بمرور الوقت”.
وقالت مؤسسة كابيتال إيكونوميكس للأبحاث ومقرها لندن، إن دبي أكثر الاقتصادات في الشرق الأوسط وأفريقيا عرضة لخطر الضرر الاقتصادي الناجم عن التدابير الهادفة للحد من انتشار فيروس كورونا.
وذكرت كابيتال إيكونوميكس أن اقتصاد دبي قد ينكمش بما لا يقل عن خمسة إلى ستة في المائة هذا العام، إذا استمرت هذه التدابير حتى الصيف.
وتباطأ النمو الاقتصادي في دبي قبل الجائحة وتبددت آمال الاستفادة من استضافة معرض إكسبو العالمي في أكتوبر/ تشرين الأول، حين جرى تأجيل الحدث إلى 2021.
ويعد “إكسبو” من أهم الفعاليات العالمية، ويعود تاريخه إلى عام 1851، إذ أقيم المعرض الدولي الأول في لندن. وكانت تقديرات المنظمين تفيد بأن يجذب المعرض نحو 11 مليون زائر إلى دبي من خارج البلاد. وتعتمد الإمارة على السياحة بشكل كبير، ويزورها نحو 16 مليون شخص سنوياً.
وفي فبراير/ شباط الماضي، ذكرت وكالة “ستاندرد آند بورز” للتصنيفات الائتمانية العالمية في تقرير لها، أن قطاع الضيافة في دبي هو الأكثر تعرّضاً لمخاطر كورونا في منطقة الخليج.
وكانت مصادر مطلعة قالت إن دبي أجرت مناقشات في الأسابيع الأخيرة مع بنوك بخصوص عدد من خيارات التمويل التي تشمل القروض والسندات الخاصة، مضيفة أن الإمارة تدرس أيضا جمع تمويل مدعوم بإيرادات رسوم الطرق.
وأصدرت دبي، الشهر الماضي، تعميماً بشأن خفض الإنفاق الرأسمالي بواقع النصف على الأقل، وتقليص النفقات الإدارية والعامة، بما لا يقل عن 20%، ووقف التعيينات الجديدة حتى إشعار آخر.
وأبلغت دبي جميع الهيئات الحكومية بتعليق جميع مشاريع التشييد التي لم تبدأ حتى إشعار آخر، وعدم السماح بأي زيادات في الإنفاق لمشاريع البناء الجارية.
ونص التعميم على خفض المصروفات الرأسمالية بحد أدنى 50%، مع الأخذ بعين الاعتبار إيقاف العمل بالمخصصات المالية لبنود (السيارات، الأثاث، البرمجيات، جميع المبالغ المخصصة للاستبدال والإحلال).