موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

خلف الأضواء المذهلة في الإمارات: اتجار بالبشر وممارسات غير قانونية

460

خلف البنيان الشاهق، الذي يلامس السحاب في الإمارات، وخلف الأضواء المذهلة التي تخطف الأنظار، يسود عالما من نوع آخر؛ فيه كثير من العبوديةً الحديثة تطال العمّال المهاجرين لاسيّما الأفارقة.

ويتعرض هؤلاء لأنواع متعدّدة من الاستغلال والتمييز العنصريَّين، بدءاً بإجبارهم على دفع رسوم توظيف غير قانونية، إلى جانب حجب رواتبهم، وصولاً إلى مصادرة جوازات سفرهم.

ولعلّ ما خفي أعظم، في ظل توثيق منظمات متعدّدة حالات استغلال جنسي تجاري، وإتجار بالبشر وفق ما نشر موقع قناة الميادين الفضائية.

السِّجِلّ الإماراتي الأسود بشأن الإتجار بالبشر وثّقه الإعلام الغربي أيضاً في أعقاب العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، مسلّطاً الضوء على عملية جلب فتيات من مناطق حروب ونزاعات من أجل العمل في الدعارة.

وهذا ما كشفته صحيفة “دايلي ميل” البريطانية، في آب/أغسطس الماضي، بشأن عمليات تهريب للنساء والأطفال الأوكرانيين إلى الإمارات، بهدف “الإتجار بالبشر، واستغلالهم في العبودية الجنسية المنزلية في أبو ظبي”، وفق تعبير الصحيفة.

لكن، أمام هذا المشهد، يبقى صوت العمال الأفارقة هو الطاغي، باعتبارهم الفئة الأكثر استضعافاً وتعرّضاً للانتهاكات الحقوقية الممنهَجة، والضحايا الأبرز في القائمة الطويلة من ممارسات العبودية الحديثة في هذه الدولة.

فقط، لأن بشرتهم سوداء، تلاحق المعاناة العمال الأفارقة المهاجرين في الإمارات. فهؤلاء، الذين ينحدر معظمهم من نيجيريا والكاميرون وأوغندا، انقلبت رحلة بحثهم عن لقمة العيش إلى ذاكرة سيئة، قد لا تغادرهم ما داموا في قيد الحياة.

“قالوا لنا إننا قذرون. جرَّدونا من ملابسنا، وصادروا مقتنياتنا، وشتمونا، ووجَّهوا إلينا عبارات عنصرية ضد الأفارقة السود”. معاناة كبرى واجهت المدرّس الأوغندي، كينيث روبانجاكين، في الإمارات، حاول اختصارها، عبر كلمات محدودة، بعد أن تم اعتقاله أكثر من شهر، وترحيله قسراً من هناك من دون أيّ أسباب موجبة.

وهو واحد بين نحو 800 شخص آخرين، تعرّضوا للإهانات نفسها في العام الماضي، ولا تزال تطال المئات منهم ومن غيرهم حتى اليوم، وفق ما توثّقه المنظمات الحقوقية، على الرغم من النفي الحكومي الإماراتي المتكرر.

هذه المعاناة سبق أن سلّطت عليها الضوءَ منظمةُ العفو الدولية في تقرير لها، أكدت فيه أن “السلطات الإماراتية عاملت مئات الأشخاص بوحشية، على أساس لون بشرتهم، وأساءت معاملتهم في أماكن الاحتجاز، وجرَّدتهم من ممتلكاتهم الشخصية، ومن كرامتهم، قبل ترحيلهم بصورة جماعية”.

ونقلت المنظمة حينها عن إحدى الضحايا، التي تدعى كبيرات أولوكاند، وهي من نيجيريا، وتعمل مساعدةً في مدرسة دولية قبل أن يشملها الترحيل، أنها سألت عناصر الشرطة: “لماذا أنا هنا؟ أنا لست مجرمة، ولديّ وثائق الإقامة”، فقالوا لها إن “الإمارات تعطي، والإمارات تأخذ”، ونقلت تعرّضها إلى التحرّش من جانب الضباط هناك.

ويؤكد الباحث في منظمة العفو الدولية، دَڤِن كيني، أن المنظمة وثّقت قضية انتهاكات جسيمة تعرّض لها العمّال الأفارقة في الإمارات صيف عام 2021، عبر ترحيل جماعي تمّ على أُسس عنصرية، في عملية منظَّمة استهدفت هذه الشريحة بسبب جنسيتهم الأفريقية ولون بشرتهم، ووصل عدد ضحاياها إلى المئات.

ولفت كيني إلى “أن الأشخاص الثمانية عشر، الذين قابلتهم المنظمة، كانوا مقيمين بالإمارات بطريقة قانونية، وتم التأكد من ذلك عن طريق مراجعة المستندات والبيانات الرسمية لـ 17 حالة من أصل 18”.

وأوضح أن “كل ما تعرّضوا له، من اعتقال وترحيل، كان من دون وجه حق قانوني”، في ظل “عدم تمكّن أي شخص منهم من الاتِّصال بمحامٍ، أو دخول قاعة المحكمة”، ونتيجةَ معاناتهم ظروفَ اعتقال صعبة للغاية لمدة أشهر قبل أن يتمّ ترحيلهم فيما بعدُ، قائلاً إن “الكاميرونيِّين” تمّ إبعادهم إلى بلد يمرّ في حرب أهلية.

ويطالب الباحث في المنظمة الدولية الحكومةَ الإماراتية بـ”التعويض على الضحايا نتيجة ما عانوه على أيدي السلطات، وخصوصاً في ظل ترحيلهم من دون تسليمهم ممتلكاتهم الشخصية، وفقدان كثيرين منهم كلَّ مدّخراتهم وأجهزتهم الإلكترونية، وملابسهم الشخصية، بالإضافة إلى التراخيص والشهادات والسجلات الطبية، وحتى الهويات الشخصية، فالحكومة سلبت منهم كل شيء، وعليها أن تُعيد إليهم كل ما سلبتهم إياه”.

وعلى الرغم من أن العمّال الوافدين إلى الإمارات يشكّلون نحو 90% من القوى العاملة، فإن أغلبية هؤلاء يقاسون الأمرّين خلال رحلة انخراطهم في سوق العمل، نتيجة الظروف السيّئة التي يتعرضون لها.

وذلك في وقت تُعَدّ هذه الدولة ملاذاً آمناً للشركات التي تنتهك حقوق العِمالة المهاجرة، وتُجبرها على الإقامة في ظلّ ظروف قاسية، وفق ما يوثّق الاتحاد الدولي للنقابات العمالية، “ITUC”، الذي سبق أن أطلق حملة دولية ضد “العبودية الحديثة” التي تتعرض لها هذه الشريحة العمالية الكبرى هناك.

في هذا السياق، يرى مدير مركز الخليج لحقوق الإنسان، خالد إبراهيم، أن السلطات الإماراتية هي المسؤولة في المقام الأول عن كل الانتهاكات التي يتعرّض لها العمال الأفارقة، وأنها المعنية بضمان تطبيق معايير حقوق الإنسان في ميادين العمل.

كما أن المسؤولية تقع أيضاً على أرباب العمل، الذين يجب أن تتم مساءلتهم عن تلك الانتهاكات التي تقع ضد العاملين لديهم، والذين يجب أن يتم تقديم الحماية إليهم في كل الأوقات بحسب إبراهيم.

أمّا بشأن دور المنظمات الحقوقية الدولية، إزاء هذه الانتهاكات، فيقول إبراهيم إنه “لا يوجد لدينا جيوش ولا أسلحة، ولا نملك أحزاباً سياسية، ولا نروّج أجندة خفية، بل نعمل بصورة مستقلة تماماً في الدفاع عن حقوق الإنسان”.

ويضيف أن هذه المنظمات “تملك الكلمة، وأن قوتها الخارقة تتمثّل بصدقها. ونتيجة ذلك، نحن نوثق هذه الانتهاكات، ونعمل مع المجتمع الدولي على وقفها”.