خالفت دولة الإمارات صاحبة المواقف الخيانية والمشبوهة، الإجماع العربي عبر إعلان الاصطفاف مع إسرائيل وإدانة المقاومة الفلسطينية بحسب ما أبرزت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية.
وأشارت الصحيفة إلى إصدار أصدرت دولة الإمارات بيانا يدين صراحة الهجمات التي نفذها مسلحو حركة حماس في إسرائيل في إطار عملية
طوفان الأقصى.
وقالت وزارة الخارجية الإماراتية إن الهجمات “تمثل تصعيدا خطيرا وخطيرا” وقالت إنها “روعتها التقارير التي تفيد باختطاف مدنيين إسرائيليين كرهائن من منازلهم”.
وعلى النقيض من ذلك، لم تنتقد المملكة العربية السعودية، أقوى دولة إسلامية سنية في المنطقة صراحة حماس أو الهجمات، وأصدرت بيانا يوم السبت ألقت فيه باللوم على السياسة الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين.
وأصدرت وزارة الخارجية القطرية، التي تصنفها الولايات المتحدة “حليفًا رئيسيًا من خارج الناتو”، بيانًا دعت فيه “جميع الأطراف إلى وقف التصعيد لتحقيق الهدوء” ولم يذكر البيان حماس أو يقول إنها مسؤولة عن أعمال العنف التي بدأت في نهاية الأسبوع.
وفي بيان سابق، قالت وزارة الخارجية القطرية إنها تحمل إسرائيل “المسؤولية الوحيدة” عن الصراع.
ولليوم الثالث على التوالي تصدر وسم #الامارات_صهاينه_العرب الترند خليجيا وعربيا وسط إجماع على التنديد بموقف أبوظبي المتحالف مع دولة الاحتلال الإسرائيلي على حساب فلسطين ومقاومتها.
وأبرز مغردون على مواقع التواصل الاجتماعي المواقف الخيانية للإمارات وانفرادها عربيا في مهاجمة عمليات المقاومة الفلسطينية والتضامن مع إسرائيل.
يأتي ذلك فيما نجحت المقاومة الفلسطينية في إسقاط صورة الجيش الإسرائيلي المنيع والاستخبارات المذهلة؛ وهي الصورة التي جرى تسويقها من أجل جلب التطبيع الإماراتي والذي عزل أبوظبي عن القضية الفلسطينية.
وفي عام 2020 وقعت الإمارات ما تسمى بـ”اتفاقية أبراهام” للتطبيع العلني مع إسرائيل رغم الرفض الشعبي الكبير الذي اعتبره تصفية للقضية الفلسطينية.
قالت أبوظبي في حينه إن الهدف هو إيجاد “سلام” للفلسطينيين ووقف للاستيطان. ولم يجلب الاتفاق السلام، لكنه دفع المزيد من التطرف اليميني الصهيوني في الكنيست وفي حكومة نتنياهو.
وكان البيان الرسمي الإماراتي حول العملية ضعيفاً ومسيئا للغاية، حيث أعربت وزارة الخارجية “عن قلقها الشديد إزاء تصاعد العنف بين الإسرائيليين والفلسطينيين”.
وجاء البيان الإماراتي على عكس بيانات الدول العربية بما في ذلك بيان مجلس التعاون الخليجي الذي حمّل الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة لتدهور الأوضاع. والبيان القطري الذي حمّل الاحتلال الإسرائيلي “وحده” المسؤولية.
بيان أبوظبي الهزيل ركز عليه الباحث في شؤون الشرق الأوسط والمنطقة “صموئيل راماني” واعتبره أضعف الردود الخليجية، مشيراً إلى أن قطر حملت الاحتلال المسؤولية، والكويت نددت بالهجمات الإسرائيلية الصارخة، والسعودية أكدت على إلقاء اللوم على الاحتلال، فيما سلطنة عُمان دعت لضبط النفس. أما الإمارات فدعت إلى خفض التصعيد.
ويبدو أنه جرى إزاحة الإمارات من الحديث حول القضية الفلسطينية بما في ذلك الوساطة، وهو ما كان ثابتاً قبل التطبيع من اتصالات الدول الخليجية والعربية والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
في هذه العملية يبدو أنه يجري إزاحة أبوظبي من الطريق وهو ما يقتل واحداً من أهم الأهداف للتطبيع أن تكون الإمارات قوة إقليمية مؤثرة في ملفات المنطقة، إذ نبتعد عن أهم قضية في الشرق الأوسط بل والعالم.
وأجرت خارجيات السعودية ومصر والأردن وقطر اتصالات مكثفة ومشتركة لبحث مستجدات تطورات الأوضاع في غزة ومحيطها، والعمل على وقف التصعيد بين الجانبين.
وخلال السنوات الثلاث كانت جرائم إسرائيل بحق الفلسطينيين مشكلة أكبر للإمارات، حيث “أدت إلى فقدان مصداقية الإمارات في العالم العربي الأوسع”، بما في ذلك الحكومات.
وأخذت العلاقات بين أبوظبي والاحتلال الإسرائيلي منحى تصاعدياً حاداً، خلال السنتين الأوليين من التطبيع، حتى أن اتفاقياتها وعلاقاتها فاقت التطبيع مع مصر، والقائمة منذ 44 عاما، ومع الأردن منذ 29 عاما؛ وكان معظم التطبيع متعلقاً بالرؤية الأمنية للإمارات مع التهديدات المحيطة والحصول على تكنلوجيا الدفاع، ويبدو أن الهجوم الفلسطيني بدد الصورة المتخيلة لدى أبوظبي عن الجيش والتقنية الإسرائيلية!
وتوصف عملية “طوفان الأقصى” بكونها الأعظم والأكبر منذ الانتصار العربي في السادس من أكتوبر منذ 1973م، وأنهت الصورة التي يسوقها الإسرائيليون عن الجيش الذي لا يقهر، والمخابرات الأكثر وصولاً للمعلومات، والردع المتأهب، وتكنلوجيا الدفاع المتقدمة. وهو أمرٌ بالغ الأهمية للإمارات.
إذ استثمرت الإمارات في تكنلوجيا السلاح الإسرائيلية؛ كما تشير التقارير إلى صفقات مثل بيع أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية المتقدمة، وتطوير مشترك للطائرات العسكرية بدون طيار، والتي اكتسبت أهمية متزايدة للدولة بعد هجوم ميليشيا الحوثيين في اليمن على أبوظبي في يناير 2022.
لكن بعد مشاهدة هذا الفشل الذريع للقوات الإسرائيلية وسقوط صورتها كقوة ردع قادرة على التصدي يدعو أبوظبي لإعادة دراسة تلك الاتفاقات والصفقات المسيئة للسمعة قبل أن تفقد جدواها العسكرية وإنهائها قبل أن تتلطخ الإمارات بعار الحلفاء الجدد.
ويعتقد مراقبون أن عملية “طوفان الأقصى” ستعيد رسم الاستراتيجيات في الشرق الأوسط، بعد أن أنهت الإذلال العربي الذي تصوره اتفاقيات التطبيع “كمهزوم مستجدٍ للسلام يمنح مكرمة من الاحتلال” إلى الفلسطيني العربي القوي الذي يردع العدوان ويستعيد الأرض.
لذلك يتوقع المواطنون الإماراتيون -كما يتوقع العالم العربي قبل الفلسطينيين- أن تتراجع أبوظبي عن اتفاق التطبيع، وسيكونون بانتظار طرد الإسرائيليين وسفير تل أبيب وتجميد كل الصفقات للاستثمار.