يمارس النظام الإماراتي أنواعا متعددة ومروعة لانتهاكات حقوق الإنسان من بينها الإخفاء القسري لمواطني الدولة والوافدين إليها بما يشكل انتهاكا صارخا للقانون الدولي والمواثيق ذات الصلة.
ومنذ أيام تفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي من النشطاء والحقوقيين، مع قصة الشاب العماني عبدالله الشامسي، المعتقل في سجون أمن الدولة في أبوظبي منذ أكثر من عام دون أي تهمة.
وقالت والدة المعتقل وهي مواطنة إماراتية متزوجة من عماني إنّ ابنها “الشامسي” مريض وموقوف منذ تاريخ 18/8/2018 حتّى اليوم في أبوظبي، مشيرةً إلى أنّ عمره وقت الاعتقال كان 19 عاما.
وأكدت الأم المواطنة، على حسابها بموقع التديون المصغر “تويتر”، أنّ نجلها لم يعرض بعد للمحاكمة، وناشدت بتعجيل محاكمته إن كان متهم، أو إخلاء سبيله مراعاة لظروفه الصحية.
رسالة من والدة الموقوف عبدالله
مناشدة للمعنيين في الإمارات و عمان ..
جزاكم الله خيرا ..
ابني موقوف في أبوظبي منذ تاريخ 18/8/2018 إلى اليوم عندما كان عمره 19 عاما، ولم يحال بعد للمحاكمة و ظروفه الصحية سيئة .. #قضية_الموقوف_عبدالله_الشامسي— أم الموقوف عبدالله الشامسي (@um_abdalla_) November 1, 2019
وعانى عبدالله –وفقاً لما كشفته الأم- من ورم خبيث من الدرجة الرابعة وتم استئصال احدى كليتيه واستمر علاجه لفترة طويلة، وبعد أن بدأ بالتعافي ظهرت عليه أعراض الإضطراب النفسي.
ونشرت الأم تقارير طبية توضح حاجة نجلها للعلاج الفوري. وناشدت المسؤولين في السلطنة بالتدخل السريع في هذا الموضوع ومعرفة مصير الشامسي.
رسالة أرجو أن تصل إلى سيدي الشيخ محمد بن زايد الله يحفظه.. ابني عماني عمره 19 وأنا أمه إماراتية ، ابني موقوف من تاريخ 18/8/2018 ولا نعرف ما هي تهمته وعندي تقارير طبية.. في عام التسامح وقرب عيد الأضحى التمس منكم سيدي أن تعفو عنه ..الله يجزيك كل خير #الإمارات #عُمان pic.twitter.com/QuIIGjFcyX
— أم الموقوف عبدالله الشامسي (@um_abdalla_) August 5, 2019
من جهته، تفاعل الناشط الحقوقي عبدالله الطويل، مع قضية الشامسي، الذي يعاني من بعض الأمراض وهو معتقل على ذمة النيابة، حيث لم توجه له تهم ولم تتم محاكمته، وكشف بعض من تفاصيل حالة الشامسي ومعاناته، وفق مصادر حصل عليها.
وحسب الطويل، فإن الشاب عبدالله الشامسي من أب عُماني وأم إماراتية حيث يقيمون في الإمارات، وفي 18/8/2018 خرج عبدالله من منزله ولم يعد، بحث الأهل عنه وقدموا بلاغاً في مركز الشرطة “بلاغ تغيب”، ولم يحصلوا على أي معلومات وبقي على هذا الحال لمدة شهر كامل دون معرفة طبيعة تغيبه!
وأضاف” – بعد شهر كامل من تغيب #عبدالله_الشامسي وفي ظل رفض الجهاز الأمني تقديم أي معلومات بخصوص عبدالله، تفاجئ أهل المعتقل بمداهمة الأمن لمنزلهم وتفتيشه بالكامل، حيث صادروا هاتف نقّال ولاب توب .حينها علم الأهل بأن عبدالله معتقل عند أمن الدولة الإماراتي ورفض الأمن اعطائهم أي معلومات”.
وتابع “سعى ذوي المعتقل من أجل معرفة أسباب اعتقاله، إلا أن النيابة أبلغتهم بأن القضية طرفهم ورفضوا التعاون مع الأهل ومنعوهم من زيارة ابنهم بحجة أنه مازال في التحقيق، بعدها علم الأهل بعدها بأن ابنهم أخفي قسريا لمدة خمسة أشهر كاملة ثم نقل إلى سجن الوثبة الصحراوي حيث منع الأهل خلالها من التواصل مع ابنهم أو معرفة أي تفاصيل عن ظروف اعتقاله كما رفض التعاون مع محامي”.
وواصل الطويل سرد قضية الموقوف الشامسي مضيفاً” سمع للأهل بزيارة عبدالله عندما نقل الى سجن الوثبة حيث أفاد عبدالله لذويه بأن التحقيق معه يدور حول قطر وتحديداً الوثيقة المفبركة التي نشرتها صحيفة البيان دون تقديم تفاصيل أخرى .
وقال الطويل، إن الشامسي لم تقدم بحقه لائحة اتهام منذ تاريخ اعتقاله وحتى يومنا هذا وهو معتقل ادارياً ولم يقدم للمحاكمة منذ تاريخه رغم جهود الأهل والمحامي من أجل عرضه للمحاكمة ليحصل على حكم أن كان مذنباً أو أن يحصل على براءة ان كان بريئاً وهذا لم يحصل.
وكشف الطويل عن تفاصيل مرض الشامسي، قائلاً “إنه بعد اخفائه قسرياً لمدة 5 أشهر وعند نقله لسجن الوثبة تعرض عبدالله الشامسي لنوبات اضطراب “مرض نفسي ” حاول عندها الانتحار فنقل على مستشفى خليفة الطبي وبقي لعدة أسابيع داخل المستشفى وحصل الأهل على تقارير طبية تفيد بتدهور حالته الصحية وسأرفقها لاحقاً.
ومضى بالقول ” بعد استقرار صحته نفسياً أعيد لسجن الوثبة وبعدها تدهورت صحته مرة أخرى ليكون اشتباه بمرض خبيث فنقل على اثرها لمستفى المفرق والذي أهلمت فيه المعتقلة علياء عبدالنور طبيا حتى توفاها الله.. وتم عمل صور له على إثرها تم استئصال أحد كليتيه وهو الآن يصارع الحياة بكلية واحدة”.
واختتم حديثة، بأن المعتقل عبدالله الشامسي ممنوعاً من الزيارة والاتصال لمدة خمسة أشهر ” فترة الإخفاء القسري ” حتى اليوم.
من جهتهم، اعتبر مغردون على مواقع التواصل، قضية الموقوف الشامسي، مأساة جديدة، بعد قصة شهيدة الرأي عليا عبد النور والتي توفت في سجون أبوظبي نتيجة التعذيب والإهمال الشديد.
وسبق أن قال مركز الإمارات للدراسات والإعلام “إيماسك” إن نهج الاخفاء القسري للنظام الحاكم في دولة الإمارات راح ضحيته العشرات داخل الدولة وخارجها.
وأبرز المركز تزايد التقارير الحقوقية الدولية حول ساسة الإخفاء القسري التي تمارسها الإمارات بحق عشرات من النشطاء والحقوقيين والمدونين ممن عبروا عن حقهم بالنقد حول السياسة الداخلية أو الخارجية للدولة، إضافة إلى المعتقلين في السجون الإماراتية خارج حدود الدولة.
وتزامنا مع اليوم الدولي لضحايا الاختفاء القسري الذي يوافق 30 أغسطس كل عام، أصدرت منظمات حقوقية بيانا تطالب فيه الإمارات بالإفراج عن جميع معتقلي الرأي أو كشف مصيرهم وتوفير ظروف اعتقال تراعى فيها المعايير الدولية لحقوق المعتقلين وتوفير المحكمات العادلة لهم إلى حين الإفراج عنهم.
وعرّفت المحكمة الجنائية الدولية، الاختفاء القسري بأنه: “إلقاء القبض على أي شخص/أشخاص، أو احتجازه، أو اختطافه من قبل دولة أو منظمة سياسية، أو بإذن أو دعم منها لهذا الفعل أو بسكوتها عليه، ثم رفضها الإقرار بحرمان هؤلاء الأشخاص من حريتهم أو إعطاء معلومات عن مصيرهم أو عن أماكن وجودهم بهدف حرمانهم من حماية القانون لفترة زمنية طويلة”، فيما تضمنت المواد 1 و2 و5 من الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري والتي تجرم الاختفاء القسري باعتباره جريمة ضد الإنسانية بحسب القانون الدولي، وترفض التذرع بأي ظرف استثنائي لتبريره.
ومنذ عام 2011 شنت السلطات الإماراتية هجمة شرسة على دعاة الإصلاح والنشطاء الحقوقيون وقد كان من أهم أسلحتها القمعية الاختفاء القسري حيث قامت بتعريض عشرات الأشخاص للاختفاء القسري وحرمانهم كليًّا من حماية القانون.
وتم رصد تعرض أكثر من 100 ناشط وحقوقي وأكاديمي وأستاذ ومحامي تعرضوا للاختفاء القسري لفترات متفاوتة عقب اعتقالهم ولم يسلم أي من الأشخاص الذين تعرضوا للاعتقال التعسفي من الاختفاء القسري رجالا أو نساء، كما حدث مع الدكتور ناصر بن غيث الذي تم إيقافه في أغسطس 2015 فتعرض للتعذيب ولسوء.
وكذلك الناشط الحقوقي أحمد منصور الذي اعتقل في 2017 وظل سنة كاملة في مكان غير معلوم مع تعرضه للتعذيب. كما تعرضت الطلبة مريم البلوشي للاعتقال في 2015 ومكثت في مكان سري طيلة 5 أشهر وكذلك الحال مع أمينة العبدولي وغيرهم من المعتقلين الآخرين الذين تعرضوا لجريمة الاختفاء القسري.
ويؤكد مركز الإمارات لحقوق الإنسان أن معاناة المختفين قسريا تمتد لأسرهم الذين تنطلق رحلة بحثهم عن مصير ذويهم، حيث تُسد أمامهم كافة الطرق القانونية وتمتنع الجهات القضائية عن فتح أي تحقيقات تخص عمليات الاختفاء، وتتعرض الأسر للخطر والتهديد إذا ما حاولوا البحث عن ذويهم في أقسام الشرطة.
ويستنكر المركز استمرار افلات مرتكبي جريمة الاختفاء القسري وغيرها من الجرائم ضد النشطاء والحقوقيين من العقاب والمحاسبة لتتواصل بذلك سياسة التعتيم التي مارستها الدولة في ملف انتهاكات حقوق الإنسان.
والعام الماضي كشفت الحملة الدولية للحريات في الإمارات “ICF UAE” البريطانية أنه بين الانتهاكات التي تمارسها سلطة الإمارات ترحيل الأفراد عديمي الجنسية إلى جزر القمر لتوطينهم هناك بعيدا عن الإمارات انتهاء وضعهم غير القانوني في الإمارات، مشيرة إلى أن سلطات الإمارات لم تقدم ردا شافيا على حالات انتهاكات حقوق الإنسان والإخفاء القسري رغم إرسال 37 طلبا إليها من قبل اللجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة.