تحقيق: دور مشبوه للإعلام الرسمي الإماراتي في غسل انتهاكات النظام
يتورط الإعلام الرسمي الإماراتي بدور مشبوه في غسل انتهاكات النظام لحقوق الإنسان والتغطية على ما يتورط به من قمع وتشهير وتعسف بحق مواطني الدولة والوافدين إليها.
ومؤخرا مثلت قضية عبدالرحمن بن صبيح السويدي وظهوره في وسائل الإعلام الرسمية في مقابلة تلفزيونية نموذجا صريحا حول حدة تورط هذا الإعلام الرسمي في التساوق مع انتهاكات النظام الحاكم.
إذ ظهر السويدي في مقابلة بعد أيام من الإفراج عنه بعد اعتقاله تعسفيا لمدة ثمانية أعوام، وهو يتحدث -مرغماً- على دعوة الإصلاح ورجالها وشبابها المعروفة مواقفهم منذ عقود، ومشاركتهم في نهضة الدولة والبلاد.
وعقب المقابلة كثفت الصحافة الرسمية نشر مقالات رأي، وأخبار وتقارير في اليومين التاليين في محاولة لاستغلال أمثل للمقابلة التي حاولت تشويه إنجازات المعتقلين السياسيين في الإمارات.
وكما هي العادة ترتبط المغالطات بأكاذيب، والتشويه المتعمد للدولة ورجالها المطالبين بالإصلاح، معتمدين على ما يقوله شخص تحدث بما يُملى عليه ليكون خارج السجن، تحت رقابة مشددة، يمنع من التحدث بحرية، إضافة إلى عدم قدرته على مغادرة البلاد.
في مقال رأي في صحيفة الاتحاد عنوان مقال: ” عبدالرحمن السويدي وتبديد الأوهام”، لكن كاتب المقال لم يُقدم حججاً بل سرد واجبات الدولة على مواطنيها، كما زرع أوهاماً وكذباً ومحاولات للمغالطة وتزييف وكأن الإماراتيين أصحاب ذاكرة مثقوبة.
قال الكاتب إن الشيخ الداعية عبدالرحمن بن صبيح: عاد إلى بلاده، مستفيداً من صفح الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة.
لكن في الواقع لم يَعد بن صبيح إلى الإمارات بإرادته بل تم اختطافه من اندونيسيا عبر عملية مخابراتية دفع فيها جهاز الأمن مئات الآلاف من الدولارات كرشاوى، وتم تعذيبه لأشهر في سجون سرية قبل عرضه على محاكمة سياسية، ليعاد حكم سابق بسجنه عشر سنوات.
ولم يأتِ قرار الإفراج عنه إلا بعد مقابلات تلفزيونية وكتاب أمني نشر باسمه لتشويه دعوة الإصلاح ومحاولة غسل انتهاكات النظام.
ركزت تقارير الصُحف وافتتاحيتها على أكذوبة “التنظيم الدولي للإخوان” وأن ابن صبيح تلقى أوامر بمهاجمة استقرار الإمارات عامي 2012 و2013 عبر مغردين يمنيين.
ومن الواضح أن التركيز على ذكر هذه الأكذوبة مرتبط بما تعانيه الإمارات الفترة الحالية من هجوم على شبكات التواصل الاجتماعي والمطالبة بإخراجها من التحالف الذي تقوده السعودية بعد ما قالوا إنها تحاول “احتلال بلادهم” ومحاولة جهاز الأمن إثبات أن ذلك جزء من مؤامرة على الإمارات وليس سخط شعبي يتبناه مسؤولون في الحكومة المعترف بها دولياً.
كما ركزت التقارير على حديث ابن صبيح حول “الأعمال الخيرية”: كبناء المساجد وحفر الآبار في مناطق معينة ومدروسة بهدف كسب قاعدة جماهيرية في تلك المناطق تؤمن حصولهم على الأصوات الخاصة بالانتخابات السياسية والبرلمانية والنقابية في تلك الدول والمناطق والغاية تحقيق أهداف وصفها بالخبيثة.
ومن الواضح أن هذا العمل مشروع في الدول العربية وغير العربية الديمقراطية التي توجد فيه أحزاب، وينفي عنها صفة “الإرهاب”.
أما إن كانت وسائل الإعلام الرسمية تلمح بذلك للأعمال الخيرية التي قامت بها دعوة الإصلاح فهي معروفة للدولة والمجتمع ولم تطلب بموجبها منصباً أو منازعة الحُكام والشيوخ مقاماتهم وصلاحياتهم بل إن عمل الجمعية كان مدعوماً منذ التأسيس من الدولة، ونشطت الجمعية وأعضائها في كل شؤون المجتمع.
ومطالبة أعضاء الجمعية بالإصلاحات السياسية وانتخاب كامل لأعضاء المجلس الوطني الاتحادي بصلاحيات كاملة فهو جزء من برنامج “التمكين السياسي” لرئيس الدولة وليس خارجاً عنه، ولم يكونوا وحدهم بل هم جزء من عشرات الأكاديميين والمستشارين في الحكومة وخارجها للانتقال الديمقراطي، وهو طموح شعبي تحدث عن الشعب وطالب به ودعا إليه أعضاء في المجلس الوطني الاتحادي وليس له أي ارتباط خارجي.
وسبق أن كشف المركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان، في جنيف، دلالات الإفراج عن السويدي بعفو من رئيس الدولة.
وقال المركز إنه يلاحظ بأن “العفو والإفراج عن السويدي تم مقابل تقديم شهادة تنفي الترحيل والتعذيب الذي مورس عليه وتأييد مزاعم سلطات دولة الإمارات يراد منه ربط الإفراج عن النشطاء السياسيين والحقوقيين والمدونين المحتجزين بالشهادة ضد أنفسهم ونفي الانتهاكات الجسيمة التي تعرّضوا لها من اختفاء قسري وتعذيب وامتهان آدميتهم ومحاكمتهم دون ضمانات المحاكمة العادلة وغير ذلك من الانتهاكات”.
وبن صبيح هو أحد الشخصيات الإماراتية المعروفة بالعمل الخيري الإغاثي وله مساهمات عديدة في أكثر من دولة عربية وآسيوية في مجال العمل الإغاثي والخيري.
وقال المركز إن قرار العفو والإفراج سبقه ظهور بن صبيح على تلفزيون الشارقة وأبوظبي والإمارات يوم 8 مارس/أذار 2019 ليستعرض كتابا كتبه وهو سجين يحمل عنوان ” كبنجارا “
ولفت المركز إلى أن “بن صبيح” أكره في الكتاب واللقاء على أن يقدّم شهادة تدينه وتدين مجموعة الإصلاح التي ينتمى لها كما قامت سلطات دولة الإمارات بإكراهه في لقاء أسبق وهو سجين كذلك على الظهور الإعلامي على تلفزيون أبو ظبي”ومجموعة أخرى من تلفزيونات دولة الإمارات” في 14 يوليو/تموز 2017 لينفي تعرّضه للاختطاف وللاختفاء القسري والتعذيب والمعاملة المهينة والمحاكمة الجائرة.
وبن صبيح كان تعرض للاختطاف من السلطات الإماراتية في 18 ديسمبر 2015 من مركز الشرطة في جزيرة باتام بإندونيسيا ونقله عبر طائرة خاصة إلى أبو ظبي دون ترخيص قضائي.
وقضت دائرة أمن الدولة بالمحكمة الاتحادية العليا بأبو ظبي بحبسه مدّة عشرة سنوات وبالمراقبة الإدارية مدة ثلاث سنوات بتهمة الانتماء إلى “تنظيم سري” فيما يعرف بقضية (الإمارات 94) في محاكمة تفتقد لأبسط مقومات المحاكمة العادلة.