نشر مركز مناصرة معتقلي الإمارات تقريرا بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان، عدد فيها شواهد على سحق الإمارات حقوق الإنسان والحريات العامة وذلك تحت عنوان (الإمارات .. احتفال تنقصه الحقوق).
وفي العاشر من ديسمبر كل عام، يحتفل العالم باليوم العالمي لحقوق الإنسان، وذلك إحياء لذكرى اليوم الذي اعتمدت فيه الجمعية العامة للأمم الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في 1948، والإعلان هو وثيقة حقوق دولية تتألف من ديباجة و30 مادة تحدد مجموعة واسعة من حقوق الإنسان التي يجب على جميع الدول احترامها.
وعلى الرغم من أن معظم دول العالم قد وقعت عليه آنذاك أو لاحقاً، إلا أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ليس وثيقة ملزمة قانونياً، وقد تم تدارك هذه النقطة من خلال إدماج محتويات الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المعاهدات الدولية اللاحقة، والصكوك الإقليمية لحقوق الإنسان، والدساتير الوطنية والمدونات القانونية.
وقد نتج عن هذا الإعلان معاهدتان دوليتان ملزِمتان، الأولى تهتم بالحقوق المدنية والسياسية للإنسان، والثانية تهتم بحقوق الإنسان الاقتصادية والاجتماعية، وهما إلى جانب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان يطلق عليهما اسم “الشرعة الدولية لحقوق الإنسان”.
وقد وقعت على هاتين المعاهدتين معظم دول العالم، باستثناء عدد قليل منها، تتصدرهم الإمارات العربية المتحدة، التي يثير إعلامها منذ أيام ضجة غير مسبوقة حول اليوم العالمي لحقوق الإنسان، ويحتفل بما يسميها الإنجازات الحافلة لأبوظبي، رغم أنها من الدول القليلة التي ترفض التوقيع المعاهدات المنبثقة عن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان حتى تتهرب من الالتزامات القانونية المترتبة عليه.
ليس هذا فقط، بل إن الإمارات أيضاً هي الدولة العربية الوحيدة حتى هذه اللحظة التي لا يوجد فيها مؤسسة وطنية لحقوق الإنسان، فرغم إعلان السلطات في 30 أغسطس الماضي إصدار قانون لإنشاء الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان، إلا أن الهيئة لم ترَ النور حتى اللحظة فيما تم الحديث عن إنشائها منذ سنوات.
كما أن الإمارات هي من الدول القليلة إن لم تكن الوحيدة التي تصنِّف مؤسسات حقوق الإنسان كمظمات إرهابية، وتعتبر التواصل معها جريمة تصل عقوبتها إلى 10 سنوات كحد أدنى، وقد تكرر اسم أبوظبي في جميع تقارير الأمين العام المساعد لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة التي صدرت في السنوات الأخيرة بشأن الأعمال الانتقامية ضد من يتعاون مع الأمم المتحدة.
إضافة إلى ذلك، جاءت الإمارات إلى جانب دول عربية مثل سوريا والسودان في أعلى قائمة الدول التي تنعدم فيها الحرية، وفق التقرير الذي صدر عن فريدوم هاوس لعام 2021 تحت عنوان “الحرية في العالم”، بالاعتماد على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، بعدما أحرزت 17 نقطة فقط من أصل 100 في مؤشر الحقوق السياسية والحريات المدنية لتتفوق بذلك على دول سيئة السمعة في مجال حقوق الإنسان مثل مصر التي أحرزت 18 نقطة.
ووفقاً للتقرير، فقد حصلت الإمارات في مؤشر الحقوق السياسية على 5 نقاط فقط من أصل 40 نقطة، ففي المؤشر الأول المتعلق بالعملية الانتخابية منحت أبوظبي نقطة واحدة فقط من أصل 12 متاحة.
إذ لم تحصل الإمارات على أي نقطة في الأسئلة المتعلقة بعدالة قانون الانتخابات أو بانتخاب رئيس السلطة التنفيذية بشكل حر ونزيه، وحصلت على نقطة واحدة فقط فيما يتعلق بنزاهة وحياد انتخابات المجلس الوطني.
أما المؤشر الثاني المتعلق بالتعددية السياسية والمشاركة، فقد حصلت الإمارات على نقطتين من 16 فقط، إذ لم تحصل على أي نقطة في السؤال المتعلق بوجود فرصة للمعارضة للوصول إلى الحكم أو فيما يتعلق بقدرة الناس على إنشاء أحزاب سياسية أو الانضمام لها، بينما حصلت على نقطة فيما يرتبط بحقوق شرائح السكان المختلفة وبخيارات الشعب السياسية.
والمؤشر الثالث والأخير في مجال الحقوق السياسية فهو المتعلق بأداء الحكومة، وقد حصلت الإمارات على نقطتين من أصل 12، ونالت نقطتين في السؤال المتعلق بمحاربة الفساد، بينما لم تحصل على أي نقطة في الأسئلة المتعلقة بالنزاهة والانفتاح.
أما تلك المؤشرات فهي تراعي 4 محاور، الأول هو حرية التعبير والعقيدة، وقد حصلت الإمارات فيه على 3 نقاط من أصل 16 نقطة متاحة، ولم تحصل على أي نقطة في السؤال المتعلق بوجود وسائل إعلام مستقلة، وحصلت على نقطة واحدة في كل سؤال من الأسئلة المرتبطة بممارسة العبادة أو النظام التعليمي والآراء الشخصية.
وبالمناسبة، فإن تقرير “فريدوم هاوس” اعتبر أن حرية الإنترنت في الإمارات مقيدة بشكل كبير، وقال إن الرقابة منتشرة فيها، وتفتقر إلى الأصوات المتنوعة، وأشار إلى القبض على مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي أو تغريمهم بسبب منشوراتهم فيها.
وحصلت الإمارات على نقطتين فقط من أصل 12 في المحور المتعلق بحق التجمع والتنظيم، ولم تنل أي نقطة في السؤال المرتبط بحرية منظمات حقوق الإنسان، وحصلت على نقطة واحدة في السؤال المتعلق بحرية التجمع، ونقطة في النقابات العمالية.
وفي محور سيادة القانون، حصلت أبوظبي على نتائج ملفتة للنظر، حيث حققت 3 نقاط من 16، والملفت هنا أن الإمارات لم تحصل على أي نقطة في السؤال المتعلق باستقلال القضاء، حيث اعتبر التقرير السلطة القضائية غير مستقلة، وتدار من قبل المسؤولين التنفيذيين، مشيراً إلى وجود كثير من القضاة الأجانب الذي يعملون بعقود قصيرة الأجل.
وحصلت الإمارات على نقطة في السؤال المتعلق بتنفيذ الإجراءات القانونية الواجبة في الجرائم المدنية أو التجارية، مشيراً إلى أن المعتقلين غالباً ما يُحرمون من الحصول على محامٍ أثناء الاستجواب، وأن احتجازهم لمدد طويلة دون تهمة أمر شائع.
ولوحظت انتهاكات منهجية للمعايير الدولية للإجراءات القانونية الواجبة في العديد من المحاكمات البارزة التي شملت معارضين سياسيين ومدافعين عن حقوق الإنسان وأجانب، لافتاً إلى أنه تم تمديد احتجاز بعض المدانين بشكل تعسفي بعد انتهاء مدة عقوبتهم.
ومنح التقرير الإمارات نقطة واحدة في السؤال المتعلق بوجود حماية من الإكراه البدني، حيث أشار إلى أن المعتقلين يقومون بانتظام بالإبلاغ عن انتهاكات من قبل السلطات تشمل التعذيب وسوء المعاملة في الحجز، مشيراً إلى حالة أحمد منصور.
وفي المحور الرابع والأخير المتعلق بالحقوق الفردية، منح التقرير الإمارات نقطة عن كل سؤال من الأسئلة لتحصل أبوظبي على 4 نقاط فقط من أصل 16، رغم أن هذا المحور يتعلق بحقوق بسيطة مثل التنقل والتعليم والوظيفة، لكن الإمارات فشلت حتى في الحصول على نصف النقاط.
وبعد هذه النتائج والحقائق، طالب المركز الحقوقي الإعلام الإماراتي وفي خضم احتفاله باليوم العالمي لحقوق الإنسان، أن يذكّر السلطات برفضها الالتزام بحقوق الإنسان، والتوقيع على المعاهدات المنبثقة عن هذا اليوم.
ولا بأس أيضاً أن يذكروا السلطات أنها حصلت على 17 نقطة من أصل 100 في مؤشر تطبيق حقوق الإنسان، وهي نتيجة بلا شك تستحق الاحتفال، خصوصاً أن الإمارات من الصعب أن تحصل عليها لولا رغبة اللجنة في تمييزها عن الدول التي تجري على أرضها حروب مثل سوريا واليمن.