يقدم الكشف عن منع دولة الإمارات مفتي القدس والديار الفلسطينية الشيخ محمد حسين دخول أراضيها لتمثيل الفلسطينيين في مؤتمر دولي دليلا جديدا على موقف أبوظبي العدائي من القضية الفلسطينية.
يأتي ذلك فيما تتساوق الإمارات بشكل كامل مع الإدارة الأمريكية وإسرائيل من أجل دفع صفقة القرن الرامية إلى تصفية القضية الفلسطينية وتضمنت الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل.
كما يأتي ذلك في ظل تتصاعد فيه وتيرة التطبيع بين الإمارات وإسرائيل واستقبال أبوظبي ودبي عشرات الوفود الرسمية والرياضية وحتى العسكرية من إسرائيل بشكل متتابع.
وقد كشف مصدر فلسطيني أن دولة الإمارات العربية لم تصدر “تأشيرة دخول” إلى الشيخ محمد حسين الذي كان من المقرر أن يصل أبوظبي الأحد الماضي، لكن عدم حصوله على تأشيرة، حال دون ذلك.
وأشار المصدر إلى أن السلطات الفلسطينية، خاطبت السلطات الإماراتية بشكل رسمي حول الأمر وأعربت عن استنكارها لخطوة أبوظبي التي قطعت تقريبا منذ سنوات أي اتصالات مع الفلسطينيين.
ويتورط النظام الحاكم في دولة الإمارات بمؤامرة تصفية القضية الفلسطينية عبر دعم مالي وسياسي لصفقة القرن الأمريكية وتقديم إسرائيل كواقع في منطقة الشرق الأوسط عبر التطبيع وتصعيد العلاقات معها.
وصعد النظام الإماراتي من تورطه بعار التطبيع مع إسرائيل في وقت تتسم فيه علاقاتها مع الفلسطينيين على المستوى الرسمي أو الفصائلي أو حتى الشعبي بقطيعة شبه كاملة في مفارقة نادرة عربيا وإسلاميا.
ويقول مراقبون فلسطينيون إن وصول علاقات الإمارات والفلسطينيين حد القطيعة يبدو أمرا طبيعيا على خلفية المواقف التي تتخذها أبوظبي تجاه القضية الفلسطينية.
ومن تلك المواقف التطبيع العلني للإمارات مع إسرائيل وتبنِّي سياسة الضغط لقبول الإملاءات الأمريكية ومن بينها “صفقة القرن”، واحتضان القيادي المفصول من حركة فتح والمثير للجدل محمد دحلان.
يضاف إلى ذلك ممارسات مشينة للإمارات بحق الجالية الفلسطينية عبر الملاحقة والاعتقال، فضلا عن أن علاقة أبو ظبي بصفقات مشبوهة داخل مدينة القدس، جميعها أسباب دفعت الفلسطينيين إلى رفع الكارت الأحمر في وجه الدور الإماراتي.
ويجمع سياسيون ومحللون على أن الإمارات قد اتخذت الطريق المعاكس لتطلعات وطموحات الفلسطينيين في التخلص من الاحتلال والذهاب نحو الدولة والحرية، وأن الخطوات التي تتخذها ضد قضيتهم -سواء كانت سرية أو علنية- عمقت الخلافات القائمة، وصعَّدت من حدة التوتر.
وينتقد مسئولون فلسطينيون تهافت الإمارات على تطبيع العلاقات مع إسرائيل من خلال الزيارات الرسمية للمسؤولين الإسرائيليين للدول العربية، وكان آخرها زيارة وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس إلى أبو ظبي باعتبار ذلك “تجاوزاً يضر بالقضية الفلسطينية وخيانة لها”.
وسبق أن هاجم مستشار الرئيس الفلسطيني للعلاقات الخارجية والدولية نبيل شعث الإمارات حين أعلنت “إسرائيل” عن مشاركتها في معرض “إكسبو الدولي 2020″، المقررة إقامته في مدينة دبي، واعتبر ذلك تطبيعاً يشكّل “خطأ فادحاً” في حق القضية الفلسطينية، والموقفين العربي والإسلامي.
وخلال الفترة الأخيرة حاولت أصوات إعلامية وأكاديمية إماراتية الترويج للتطبيع ودعم “صفقة القرن” بقوة، واتهمت هذه الأصواتُ الفلسطينيين الرافضين للتطبيع بأنهم يصدرون مواقف “عنترية” لن تفيد القضية، في ظل هجوم مكثف ومستمر يقوده دحلان على قيادة السلطة و”فتح”، وسط اتهامات بالفساد والفشل ومطالبات بالرحيل.
ووصل الخلاف الفلسطيني-الإماراتي إلى حد مقاطعة السلطة للجنة الوطنية للتكافل الاجتماعي، وهي هيئة تتلقى دعمها بالكامل من الإمارات، وتضم ممثلين عن القوى الفلسطينية كافة، باستثناء “فتح”، لأن هذه اللجنة يشرف على عملها وتنسيقها دحلان.
ومنذ سنوات أوقفت الإمارات كل مساعداتها المقدمة للسلطة، بعد أن احتلت المرتبة الرابعة بين أكبر 10 دول داعمة مالياً للسلطة، بقيمة ملياري دولار.