تحقيق: انخراط الإمارات في الاستثمار التكنولوجي في إسرائيل.. تكريس للقمع
يعتبر معارضون إماراتيون أن انخراط الإمارات في الاستثمار التكنولوجي في إسرائيل يشكل تكريسا للمزي من قمع وسحق الحريات في الدولة.
وتوسع الصفقات المتتالية للنظام الإماراتي في الاستثمار التكنولوجي في إسرائيل “حدقة عين” أبوظبي على النشطاء والمعارضين لأبوظبي.
وألقى تعطش الإمارات من أجل الاستثمار التكنولوجي بإسرائيل كأحد مخرجات اتفاق التطبيع، المزيد من القلق لدى المعارضة في الدولة الخليجية.
ويرى النشطاء المعارضون في الإمارات، على الرغم من اعتقال غالبيتهم، مزيدًا من القمع الممارس تجاههم.
وذلك بعد إعلان أبوظبي الرغبة في الاستثمار التكنولوجي في قطاع الأمن في إسرائيل.
فالتعاون بين البلدين سيعني تعزيز المنظومة الأمنية والتجسسية على المعارضين في الإمارات، وبالتالي المزيد من قمع حريات الرأي والتعبير المسلوبة أصلاً.
وبحسب مصادر محلية في أبوظبي، يتهم معارضون إماراتيون أن الدولة تعتمد على تقنيات مراقبة وتجسس من صناعة إسرائيلية.
بحيث تستغل لتكون عينًا على مناوئي النظام والمدافعين عن حقوق الإنسان هناك.
وفور إعلان التطبيع بين الإمارات وإسرائيل في الـ13 من أغسطس الماضي، تضاعفت مخاوف أولئك المعارضين من اندفاع الاستثمار التكنولوجي في قطاع الأمن ليكون من فوق الطاولة، وليس من تحتها كما كان قبل إعلان الاتفاق.
تلك الشهية الإماراتية للاستثمار في القطاع الأمني والتكنولوجي يؤكدها موقع “واللا” الاستخباري الإسرائيلي.
يقول المحلل الإسرائيلي ميكي ليفي إن الشراكة مع الإمارات في مجال الأمن والتكنولوجيا والاقتصاد والرحلات المتبادلة سيسرّع من وتيرة ذلك التعاون، وهو ما سيضيف زيادة قدرها 10% من الإمارات لصالح الاستثمارات في إسرائيل.
ووفقًا للمحلل، فقد لوحظ تسارع في طلبات التعاون لشركة “جو ديجيتال” الإسرائيلية على منصة “لينكدإن”.
فقد سُجّل منها 70 طلبًا من مستثمرين إماراتيين، وذلك بعد ساعاتٍ من إعلان الاتفاق الذي رعته واشنطن.
وفي التفاصيل، يعطي رئيس قسم نظم المعلومات في “جو ديجيتال” الإسرائيلية بياناتٍ عن الشركات الـ70 الإماراتية.
شملت مدراء في قطاع تكنولوجيا المال وأخرى متخصصة في التأمين على التكنولوجيا، شركات تأمين أخرى.
وما يثُير الدهشة بحق-وفقًا لمدير الشركة الأمنية في إسرائيل- أن تلك الطبقات الإدارية الرفيعة في الشركات الـ70 تُبدي تجاوبًا وتعاونًا من أجل الاستثمار.
لكن تلك الشهوة الأمنية المدفوعة من الإمارات لم تكن وليدة الاتفاق مع إسرائيل فحسب.
فعلى مدار السنوات الأخيرة، بيع الآلاف من برنامج التجسس الشهير “بيجاسوس”.
وهو الأداة المفضلة لدى السلطات في الإمارات لاختراق الهواتف النقالة والحواسيب لدى النشطاء.
وتعمل تقنية برنامج “بيجاسوس” من خلال اختراق الهاتف النقال المراد التجسس عليه ونسخ محتوياته وإمكانية تشغيل كاميراته عن بعد دون علم مالك الهاتف.
تقنية بيجاسوس
ويعود الفضل في تقنية “بيجاسوس” إلى شركتها الإسرائيلية الأم (NSO) التي كانت موضع حسدٍ من منافساتها في المبيعات الهائلة لصالح الدول الخليجية اللاهثة وراء تقنيات التجسس لملاحقة مناوئي الأنظمة الحاكمة.
وعلى الرغم من المبيعات الهائلة لشركة (NOS) لزبائنها في الأسواق الأوروبية.
إلا أن السوق الإماراتية وحدها أدخلت المزيد من الأرباح غير البسيطة لصالح الشركة. وفق تقريرٍ لصحيفة “هآرتس” اليسارية الإسرائيلية.
ولم تكتفِ السلطات الإماراتية بملاحقة مواطنيها فحسب؛ بل تجاوزت عينها التجسسية حدود الدولة الصغيرة.
بحيث عمدت إلى مراقبة أنظمة حكومية في دول أخرى ومسلحين ومعارضين في الدول العربية.
وقالت وكالة “رويترز” التي نشرت تحقيقًا موسعًا في يناير 2019 إن أبوظبي نجحت في تجنيد مخبرين سابقين في وكالة الأمن القومي الأمريكي والمخابرات الأمريكية لمراقبة أعدائها وقرصنة حواسيبهم وهواتفهم.
ذلك المشروع الإماراتي أطلق عليه اسم “الغراب الأسود”.
وهو يتكون من 12 عميلاً سابقًا من المخابرات الأمريكية للقيام بأعمال التجسس على النشطاء والصحفيين في الدول العربية.
وتصف منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية الدولية الإمارات بأنها الأكثر قمعية في المنطقة وتصنّف أي انتقاد أو ردود سلبية بمثابة عمل إجرامي.
فيما يعتبر سكان الدولة أكثر الأشخاص في العالم خضوعًا للمراقبة، وذلك بفضل برامج التجسس الإسرائيلية المنشأ.