موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

مركز دولي يحذر من مخاطر نفوذ الإمارات على الاستقرار الإقليمي

312

حذر مركز مالكوم كير– كارنيغي للشرق الأوسط، من مخاطر نفوذ دولة الإمارات على الاستقرار الإقليمي ضمن أطماعها للتوسع.

جاء ذلك في تحليل للمركز تناول العام الأول لسياسات الرئيس الأمريكي جو بايدن في الشرق الأوسط: أهداف مقبولة لكن حافلة بالتناقضات.

ونبه المركز إلى أن الإمارات التي كانت في السابق لاعبًا إقليميًا صغيرًا نسبيًا، باتت تضطلع بنفوذ في مختلف أنحاء القرن الأفريقي، وفي اليمن وتونس وليبيا والسودان وحتى مصر.

واعتبر المركز أن على الإدارة الأميركية تبنّي سياسات أكثر تماسكًا من أجل تحقيق الاستقرار المنشود في المنطقة، وإلا فستؤدي جهودها إلى نتائج عكسية.

وجاء في التحليل: استكملت الولايات المتحدة، في السنة الأولى من عهد إدارة بايدن، السياسة التي انتهجتها الإدارتان الأميركيتان السابقتان وقوامها خفض الالتزامات العسكرية الأميركية في الشرق الأوسط.

فاستبدلت الأهداف الطموحة التي سعت إليها في الماضي، مثل إحداث تحوّل في المنطقة ونشر الديمقراطية فيها، بأولوية متواضعة أكثر هي ضمان الاستقرار الإقليمي، كي لا تنزلق الولايات المتحدة من جديد في مستنقع نزاعات الشرق الأوسط.

إضافةً إلى أولوية تحقيق الاستقرار الإقليمي، ركّزت إدارة بايدن على هدفَين محدّدَين: أولًا، هي تسعى إلى إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة، أي الاتفاق النووي بين إيران ومجموعة الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، إضافةً إلى ألمانيا، كوسيلة لتجنّب سباق تسلّح في المنطقة.

وثانيًا، تواصل واشنطن التركيز على مكافحة الإرهاب، ولا سيما الأعمال الإرهابية التي من شأنها تهديد الأراضي الأميركية.

لكن المشكلة الأساسية هي أن الإدارة الأميركية ماضيةٌ في تنفيذ كل من هذه الأهداف من دون احتساب أثرها على بعضها بعضًا.

فالتحديات التي تواجهها واشنطن في المنطقة مترابطة بشكل وثيق، إلا أن سياساتها ليست كذلك. لذا، قد تتسبّب التدابير التي تتّخذها لتحقيق مجموعة معيّنة من الأهداف بانعكاسات من شأنها عرقلة أهدافها الأخرى، ما يُسهم في تقويض استراتيجية واشنطن.

لذا على الإدارة الأميركية اعتماد مسارات في السياسة العامة تعمل على معالجة التحديات الإقليمية على نحوٍ أكثر تماسكًا، وإلا ثمة خطرٌ بألا تفضي الخطوات الأميركية إلى تعزيز الاستقرار والأمن، بل إلى سيناريو معاكس تمامًا.

إرساء الاستقرار في المنطقة

ثمة تناقضات بين الهدف الأميركي الأساسي المتمثّل بإنشاء بيئة إقليمية مستقرة، بالتزامن مع تقليص الوجود العسكري الأميركي في الشرق الأوسط.

ففي ضوء تفكّك النظام الذي فرضه السلام الأميركي (أو ما يُعرَف بـPax Americana) الذي ساد بعد الحرب الباردة في المنطقة، لم تُطلق واشنطن أي مسار يرمي إلى ملء الفراغ الذي تخلّفه وراءها.

نتيجةً لذلك، تبنّت دول المنطقة تعريفًا أوسع لأمنها القومي ونفوذها، وذلك من خلال التدخّل في تحديد النتائج العسكرية والسياسية في بلدان أخرى يقع بعضها على مسافة جغرافية بعيدة منها.

وأصبحت المنطقة، نتيجة هذه التدخلات، أقل تماسكًا وأكثر تشرذمًا، ولا تزال آفاق تحقيق الاستقرار فيها بعيدة المنال.

على سبيل المثال، باتت الإمارات التي كانت في السابق لاعبًا إقليميًا صغيرًا نسبيًا، تضطلع بنفوذ في مختلف أنحاء القرن الأفريقي، وفي اليمن وتونس وليبيا والسودان وحتى مصر.

أما تركيا التي كانت تتطلّع للانضمام إلى أوروبا قبل عقدٍ من الزمن، فتنشط راهنًا في شرق المتوسط وشمال أفريقيا والصومال وسورية والعراق وقطر.

ولعلّ المسألة الأهم هي أن إيران تواصل استغلال التصدعات التي تعتري الكثير من المجتمعات العربية لتوسيع نفوذها الإقليمي.

قد تكون مظاهر استعراض النفوذ هذه أمرًا طبيعيًا، ولكن إذا كانت الولايات المتحدة تسعى إلى إرساء استقرار حقيقي، فينبغي عليها أن تُقرِن استراتيجية فك الارتباط مع اتخاذ جملةٍ من التدابير الأمنية، إضافةً إلى ترتيبات أخرى يجري التوصل إليها عن طريق التفاوض بين دول الشرق الأوسط، كي ترسم بذلك معالم المرحلة المقبلة.

يُعبّر الصراع العربي-الإسرائيلي خير تعبير عن تعقيدات المشهد الإقليمي. لقد اتّخذت دول عربية عدة وإسرائيل خطوات عدة لتعزيز التفاهم في ما بينهما، أبرزها اتفاقات أبراهام التي أيّدتها إدارة بايدن، لكن هذه الإجراءات ليست كفيلة بتحقيق الاستقرار.

فأحد دوافع إبرام هذه الاتفاقات كان بناء تحالفات ضد إيران، ما قد يسهّل إطلاق عملات عسكرية في المستقبل.

علاوةً على ذلك، أسقطت هذه الاتفاقات مبدأ الأرض مقابل السلام الذي كان في ما مضى محوريًا في المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، فيما واصلت إسرائيل بناء المستوطنات في الضفة الغربية وحول القدس، ما يقوّض إمكانية التوصل إلى تسوية للصراع ويجعل حل الدولتين مجرّد أضغاث أحلام.

وعلى مستوى العلاقات بين القوى العظمى، فالفراغ الأمني الذي يخلّفه الأميركيون في الشرق الأوسط سمح للصين وروسيا، الخصمَين الأساسيين للولايات المتحدة على الساحة العالمية، بتحقيق مكاسب عدة.

قد لا يبقى هذا التطور بالضرورة من العوامل المُخلّة بالاستقرار في المدى الطويل – إذ إن الترتيبات بين القوى العظمى قد تؤدّي في نهاية المطاف إلى التخفيف من حدّة التشنجات في المنطقة – لكن في الوقت الراهن، غالب الظن أنه سيحوّل الشرق الأوسط إلى ساحة مواجهة، ولا سيما بعد الغزو الروسي لأوكرانيا في شباط/فبراير 2022.

تُعوّل روسيا، منذ العام 2015، على تردّد الولايات المتحدة في التدخل في النزاع السوري، وقد حصدت نتائج دبلوماسية وعسكرية مهمّة بكلفة منخفضة نسبيًا.

ووسّعت موسكو أيضًا امتدادها في مختلف أنحاء العالم العربي، حتى إنها بنت علاقات وثيقة مع شركاء الولايات المتحدة المخضرمين، وقلّصت خسائرها عبر الاستعانة بمرتزقة مقرّبين من الدولة الروسية لتحقيق أهدافها السياسية والاقتصادية والأمنية.

ويُعتبر تجاهل قضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان أحد العيوب البارزة التي تشوب عملية خفض الالتزامات الأميركية في الشرق الأوسط.

صحيحٌ أن هذه المسائل لم تكن مطلقًا في رأس قائمة الأولويات التي تتوخّاها واشنطن في المنطقة، لكن الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان شكّل جانبًا أساسيًا من جوانب الهوية الأميركية، ويعتبره المسؤولون الأميركيون ضروريًّا لتحقيق الاستقرار الاجتماعي والسياسي.

لقد تراجعت قدرة واشنطن على الدفع نحو التغيير الديمقراطي، في ظل التغليب الدائم للمصالح على القيم.

فعلى سبيل المثال، عبّرت واشنطن عن هواجسها بشأن سجل مصر في مجال حقوق الإنسان، إلا أنها وافقت في كانون الثاني/يناير على صفقة كبرى لبيعها أسلحة بقيمة 2.5 مليار دولار أميركي.

وقد أتاح هذا السلوك هامشًا أكبر أمام دول عدة للانخراط في أنشطة مناهضة للديمقراطية وتجاهل حقوق الإنسان.

وتبدّى ذلك بأوضح صوره خلال الانتفاضات العربية، إذ رأت معظم النخب السياسية والقوات المسلحة الإقليمية في التظاهرات الحاشدة في العامَين 2010 و2011 تهديدًا وجوديًا.

وتجلّى ذلك من خلال تقويضها لعمليات الانتقال الديمقراطي في مختلف أنحاء المنطقة، ولا سيما في تونس والسودان، إنما أيضًا من خلال تشديد القيود المفروضة على المجتمع المدني وحرية التعبير.

ونتيجةً لذلك، تحوّلت قيمٌ غالبًا ما اعتبرتها الولايات المتحدة مهمّة، مثل وضع حدٍّ لحالة الإفلات من العقاب عن الجرائم المُرتكَبة، إلى مجرّد كلام فارغ في نظر المنطقة.

مع ذلك، يبقى التغاضي عن الجرائم التي يُفلت مرتكبوها من العقاب محفّزًا أساسيًا للتململ الاجتماعي والشعور بالسخط. وينطبق ذلك بصورة خاصة في سورية حيث ارتكب نظام بشار الأسد جرائم مروّعة خلال النزاع الدائر في البلاد، ما تسبّب بموجة لجوء كبيرة.

وفيما بدأت دول عربية حليفة للولايات المتحدة تطبيع علاقاتها مع النظام السوري، بموافقة ضمنية من واشنطن، يبدو أن ما من اكتراث فعلي بمحاكمة المسؤولين السوريين.

ويغيب أيضًا الزخم اللازم لتسوية أزمة اللاجئين، التي سيحاول النظام السوري استغلالها ليفرض على الدول المجاورة التي تستضيف أعدادًا كبيرة منهم تطبيع علاقاتها معه.

ولكن هذا الانخراط مع سورية يقوّض الجهود الأميركية الرامية إلى استخدام ورقة الضغوط الاقتصادية لانتزاع تنازلات من نظام الأسد. ففي ظل غياب العدالة الانتقالية، ما من رادع فعلي يثني القادة في مختلف أنحاء المنطقة عن ارتكاب جرائم ضد شعوبهم أو شعوب أخرى، ما يفاقم هشاشة الوضع ككل.