صفقات عسكرية بالملايين تعزز التحالف المشبوه بين الإمارات وفرنسا
تكشف الأرقام الرسمية إبرام الإمارات صفقات عسكرية بمئات ملايين اليوروهات مع فرنسا بما يعزز التحالف المشبوه بين أبوظبي وباريس.
وتتشارك الإمارات وفرنسا في مؤامرات إقليمية واسعة النطاق سواء في ليبيا أو منطقة دول القرن الإفريقي لكسب النفوذ والتوسع المشبوه.
واحتلت فرنسا المركز الثاني في قائمة إبرام صفقات عسكرية مع فرنسا خلال العام 2020 بحسب إحصائيات رسمية فرنسية.
إذ أبرمت الإمارات صفقات عسكرية مع فرنسا بقيمة 434 مليون يورو لتحتل المركز الثاني مباشرة بعد المملكة العربية السعودية التي وقعت صفقات بقيمة 704 ملايين يورو.
ويؤكد التقرير الأخير لوزارة الدفاع الفرنسية أن مبيعات فرنسا من السلاح للخارج حققت 4 مليارات و900 مليون يورو، وهي صفقات تم التوقيع عليها وستسلم ابتداء من السنة الجارية وخلال السنوات المقبلة.
وتراجعت مبيعات فرنسا خلال سنة 2020 مقارنة مع مبيعات سنة 2019 التي كانت 8 مليارات و300 مليون يورو بسبب جائحة فيروس كورونا. واحتلت فرنسا المركز الرابع عالميا بعد الولايات المتحدة وروسيا وتقدمت على الصين.
وإلى جانب الخليج العربي، تعد القارة الإفريقية وجهة رئيسية للسلاح الفرنسي بحكم العلاقات التاريخية الاستعمارية والتكوين الذي يتلقاه ضباط عدد من المستعمرات السابقة في المدارس العسكرية الفرنسية، وتقليد شراء السلاح الفرنسي منذ عقود.
ووجهت فرنسا 25% من مبيعاتها من الأسلحة إلى الدول الأوروبية، ثم الشرق الأوسط بـ 24% وشرق آسيا بـ 22%، واستوردت إفريقيا 16% من مبيعات الأسلحة الفرنسية.
وتتحالف الإمارات مع كل من إسرائيل وفرنسا في استهداف نهب موارد دول إفريقية ضمن مساعي أبوظبي لتعزيز نفوذها الإقليمي المشبوه.
وتمضي الإمارات في محاولات تعزيز حضورها ودورها في القارّة الأفريقية، رافعةً في ذلك مجموعة لافتات متهافتة ووصائية، تستبطن استدعاء قدرة متصوَّرة أكبر مما هو لديها فعلاً.
وفيما تُحاوِل التنظير لخطواتها بوصفها تصبّ في صالح تنمية القارّة وإرساء الأمن والاستقرار فيها، لا تفتأ المشاكل الأفريقية تتزايد، بإسهام من الإمارات.
وتقدم أبوظبي مصالحها ومصالح حلفائها مثل فرنسا، وخصوصاً الجدد منهم، أي الإسرائيليين، على أيّ اعتبار آخر.
وتعول الإمارات على اتفاقية منطقة التجارة الحرة بأفريقيا في كسب مزيد من الفرص، حيث تحاول الشركات الإماراتية تمهيد الطريق لبناء العلاقات في سوق القارة.
ولكن في الآونة الأخيرة، كشفت التقارير الصحافية حقيقة الشعارات الكاذبة التي تهتف بها الإمارات، وتظهر نوايا أبوظبي الهدامة في القارة السمراء، الأمر الذي دعا حكومات هذه البلدان لتوجيه الاتهامات لها.
وجهت حكومة الصومال انتقادات شديدة اللهجة إلى الإمارات، على خلفية موقف الأخيرة إزاء الاضطرابات الأمنية التي شهدتها العاصمة مقديشو مؤخراً.
كما انتقد وزير الإعلام الصومالي عثمان أبوبكر التصريحات الصادرة من حكومة الإمارات، واعتبر أن أبوظبي تتدخل في الشأن الداخلي للصومال وتسعى لعرقلة الانتخابات.
وأكد أبوبكر أن الإمارات تنتهك القانون الدولي والأعراف الدبلوماسية بين البلدين.
أما في أثيوبيا، فإن الحكومة راضية تماماً عن الدعم الذي تقدمه الإمارات لها من مساعدات إنسانية وعتاد لتسليح جيشها، لكن خفايا هذا الدعم أبعد من ذلك.
إذ تقوم الإمارات بدعم الحكومة الإثيوبية لزعزعة أمن واستقرار المنطقة، عن طريق دعمها مشروع بناء سد النهضة والبدء في تعبئته، الأمر الذي يتعارض مع المصالح المصرية، وقد يقود إلى قيام حرب بين البلدين، ما سيصب في مصلحة أبوظبي، فكلما ساء حال العلاقات بين دول أفريقيا، زادت سلطة ونفوذ الإمارات في القارة.
وتشق الإمارات طريقها من أثيوبيا إلى السودان، حيث تطمح إلى المزيد من التوسع في نفوذها عبر السيطرة على الموانئ، وتركز في ذلك على موانئ السودان، مستغلةً ما تعانيه البلاد من اضطرابات وأزمة اقتصادية شديدة.
فبعد أن تم عزل الرئيس السابق عمر حسن أحمد البشير، أسرعت أبوظبي للإعراب عن دعمها الحكومة السودانية المؤقتة ودعم العسكر لاستخدامهم لاحقاً في الحرب على مصر ونهب ثروات البلاد.
وقد حذر كثيرون في السودان من نوايا الإمارات في احتكار موانئ البلاد المُطلة على البحر الأحمر.
وبالحديث عن الموانئ، يُذكر أن الإمارات استأجرت ميناء عصب لشن هجماتها العسكرية على اليمن بالتحالف مع السعودية وبدعم خفي من فرنسا.
كما سعت لاحتكار موانئ جيبوتي من خلال هيئة موانئ دبي التي أرادت أن تصبح لاعباً أساسياً في أنشطة الموانئ في البلاد، لكن رئيس جيبوتي إسماعيل عمر غليه قام بإلغاء الصفقة.
وتعتبر محاولة الإمارات في جيبوتي بطلب من فرنسا، حيث إن باريس كانت الداعم الأساسي والتاريخي لسيادة جيبوتي، إلا أن الحماية الفرنسية لم تعد كافية في ظل وجود العديد من القوى العالمية المُتنازعة، ما دفعها إلى طلب الدعم من أبوظبي.
وبالانتقال من غرب أفريقيا إلى شرقها، يمكننا أن نرى بوضوح مدى التعاون بين الإمارات وفرنسا في زعزعة استقرار دول الشرق مثل تشاد وليبيا.
ففي ليبيا كانت الإمارات الداعم الأول للجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر، الذي شن هجوماً عُرف بعمليات الكرامة لتخليص العاصمة الليبية طرابلس من سيطرة “الجماعات المُسلحة” عليها.
ولكن بعد أن تكبدت الإمارات العديد من الخسائر في ليبيا بعد فشل عمليات الكرامة، بدأت في استخدام مواقعها في الجنوب الليبي لتدريب متمردي جبهة التغيير والوفاق في تشاد، للانقلاب على الحكومة الشرعية التي، في بداية الأمر، كانت مدعومة من فرنسا.
كما يُعتبر مقتل الرئيس التشادي إدريس ديبي على يد متمردي جبهة التغيير والوفاق مخططاً فرنسياً بدعم إماراتي.
فمن المعروف أن فرنسا لطالما كانت موجودة لحماية وجود الرئيس في منصبه، وأحبطت العديد من محاولات المتمردين الرامية للانقلاب عليه.
ويُذكر أن فرنسا شنت هجوماً على متمردي التغيير والوفاق في تشاد في عام 2019 لحماية الرئيس التشادي الراحل، حيث دام القصف بالطائرات الحربية مدة ثلاثة أيام.
وتؤكد بعض المصادر أن هناك الدعم الخفي الذي يتلقاه المتمردون من قبل دولة الإمارات العربية المتحدة، التي تلعب دوراً هداماً في عدة دول أفريقية، أبرزها ليبيا وتشاد المتجاورتان.
ويرى متابعون للشأن الأفريقي أن الإمارات قامت بالاتفاق مع فرنسا على تغيير مسار القوى والاستراتيجيات الموضوعة، بهدف خلق مزيد من البلبلة والعنف في مناطق النزاع الأفريقية من أجل السيطرة على الموارد العديدة الموجودة هناك، وممارسة التجارة غير القانونية من تهريب البشر والأسلحة والمخدرات من وإلى القارة السمراء.
فالدعم اللوجستي والعسكري الذي تلقته قوات جبهة التغيير والوفاق في تشاد، تؤكده الأنباء العديدة حول انسحاب مجموعات تشادية مقاتلة من مقرها جنوب ليبيا في منطقة أم الأرانب والجفرة، والتوجه إلى تشاد للمشاركة في الأعمال العدائية ضد القوات الحكومية.
وشرّع عملية انسحاب المرتزقة التشاديين باتجاه جنوب البلاد قرار مجلس النواب الليبي الأخير بحجة حماية الحدود الجنوبية.
ومن المعلوم أن الإمارات تملك قواعد عسكرية في العمق الليبي -مصر على الحدود الليبية- تؤمن الأسلحة والذخيرة لحلفائها وتدعم المرتزقة والمتمردين، وتفرض على اللاعبين السياسيين شروطها.
للتعاون الإماراتي الفرنسي في القارة السمراء أهداف عديدة، منها السيطرة على الموانئ البحرية والاستفادة من ثروات البلدان عن طريق استغلال حاجتها، مثل السودان، أو عن طريق تأجيج الصراعات وافتعال الحروب الأهلية بدعمها لجميع أطراف النزاع الداخلي في البلدان التي تستهدفها مثل تشاد وليبيا.