موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تحقيق: الإمارات ألغت أهداف التحالف خدمة لمؤامراتها في اليمن

314

ظهر واضحا في التطورات الأخيرة في اليمن أن دولة الإمارات ألغت عمليا أهداف “التحالف” العربي بقيادة السعودية الذي دخل لإعادة السلطة الشرعية إلى تناقضات داخل التحالف نفسه، فأصبحت أرض اليمن ميداناً للحوار العنيف بين أطراف النزاع.

عندما نشبت حرب العراق في العام 2003، أوكِل أمر الجنوب العراقي، ومنطقة البصرة تحديداً، إلى القوات البريطانية ضمن تحالفٍ أكبر تقوده الولايات المتحدة، وعلى غرار هذا التحالف الذي أطاح صدام حسين والعراق كله، أوكل أمر الجنوب اليمني إلى القوات الإماراتية، فيما كان الوجود الرئيسي للقوات السعودية في الشمال، وكأن قادة القوات الإماراتية يكتشفون أول مرة أن الجنوب اليمني كان دولة مستقلة حتى العام 1990، وما زال كثيرون من أبناء الجنوب يشعرون بالغبن من معاهدة الوحدة التي عُقدت على عجل، نتيجةً جانبيةً لانهيار الاتحاد السوفياتي.

وكمن وجد كنزاً عملت الإمارات بشكل منفرد، بعيداً عن عين الأخ الأكبر في التحالف، وبعيداً عن أهداف التحالف، أنشأت قيادة القوات الإماراتية مناطق نفوذ قوية في الجنوب، مستغلة مشاعر الغبن والشعور بالتفرّد الذي يحس به أبناء اليمن الجنوبيون، فتشكلت مليشيات محلية تابعة لها، تنفذ أوامرها، وتعمل بخلاف الحكومة التي يدعمها التحالف علناً، وهي حكومة عبد ربه منصور هادي، فنشب تحت الطاولات صراعٌ لاهب بين قطبي التحالف، كانت آخر محاولات إطفائه في زيارة ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، إلى السعودية في الثاني عشر من أغسطس/ آب الماضي.

لم تنفع محاولات الإعلام بإخفاء الخلاف، فالعمل الذي تقوم به الإمارات بدأب، وبشكل منفصل، في الجنوب، لتجد لها موطئ قدم على مضيق باب المندب الذي يمكن أن يشكل لها منفذاً بعيداً عن عواصف الخليج، يقابله عملٌ أكثر دأباً ومنفصلٌ أيضاً في الشمال، تقوم به السعودية، وهي راغبةٌ، في المقام الأول، بتأمين حدودها الجنوبية، ووقف سيل الطائرات المسيّرة التي يطلقها الحوثيون. لا يؤثر هذا التناقض والعمل المنفصل على الإنجازات النهائية للتحالف فحسب، ولكنه يؤثر أيضاً على العلاقة بين البلدين، وعلى حملةٍ أكبر تشترك فيها الولايات المتحدة بشكل رئيس مع هذين البلدين، موجهةٍ ضد إيران في الخليج.

اندلعت الحلقة الأخيرة من هذا الصراع الخفي منذ السابع من أغسطس/ آب الماضي، في معارك بين قوات هادي والانفصاليين الجنوبيين في عدن، المدينة الساحلية والحيوية بالنسبة للقيادة الإماراتية. دخلت القوات الانفصالية المدينة، وسيطرت على أهم نقاطها، وما لبثت أن خرجت من بعضها بموجب اتفاقاتٍ عقدت على عجل، وتعرّضت قوات هادي لقصف جوي أوقع قتلى في أمكنة أخرى من اليمن.

لا تستطيع الإمارات التخلّي عن مدينة عدن، فهي عصب خطتها في السيطرة على السواحل اليمنية المحاذية لخليج عدن، وهي المدخل الطبيعي والوحيد إلى مضيق باب المندب، حيث ممر البحر الأحمر الآمن. وإذا أصرت قوات هادي على السيطرة على عدن، فإن فترات الصراع قد تأخذ أشكالاً عديدة، ومنافسة الحليفين ستتحوّل إلى صراع مكشوف.

في هذه الأثناء استكملت الإمارات وأتباعها في “المجلس الانتقالي الجنوبي”، حراكهم في عدن ومحيطها لفرض واقع جديد ينهي بشكل كامل أي وجود للسلطة الشرعية اليمينة في تلك المنطقة، بالتوازي مع تواصل الاعتقالات والملاحقات وإرسال المزيد من العتاد والقوات العسكرية إلى المنطقة، وذلك تحت أنظار السعودية التي لا تقوم قواتها المتواجدة في عدن بأي تحرك، بينما اقتصرت ردود الفعل الدولية على تنديد حقوقي بالانتهاكات الحاصلة.

وفيما كان الهدوء النسبي يسيطر على عدن أمس السبت، كان المقاتلون الانفصاليون يجوبون الشوارع، ويقومون بمزيد من الاعتقالات في أنحاء المدينة.

وداهمت قوات “المجلس الانتقالي” منازل وشركات بعد انسحاب القوات الحكومية واعتقلت “عشرات” النشطاء والسياسيين ورجال الدين المؤيدين للحكومة موجّهة إليهم تهمة “الإرهاب”.

ولم تقتصر إجراءات أبوظبي ووكلائها ضد الحكومة الشرعية في عدن على الاعتقالات والتصفيات، بل وصلت إلى حد تغيير معالم المؤسسات والمرافق الحكومية.

وذكرت مصادر في السلطات المحلية في عدن أن مليشيات موالية للإمارات أزالت صور الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، وكذلك العلم اليمني من مختلف مؤسسات ومرافق الدولة في المنطقة، ورفعت صور قادة الإمارات ووكلائها في هذه المرافق، وحتى أزالت العلم السعودي من المرافق في عدن.

وأشارت تلك المصادر إلى أنه لم يعد هناك شيء في المدينة يشير إلى وجود الشرعية أو التحالف بقدر ما بات يشير إلى أن عدن حي من الأحياء الإماراتية.

في السياق، ذكر مصدر عسكري في المنطقة العسكرية الرابعة أن ضباطاً إماراتيين ترافقهم قيادات في “المجلس الانتقالي” زاروا العديد من المرافق الحكومية وأبلغوا القائمين على هذه المرافق أن ينسوا أي شيء اسمه شرعية بما فيها عدم ذكر الجيش الشرعي بل إطلاق مسمى “قوات حزب الإصلاح” عليه، مهددين من يخالف ذلك بعقوبات تشمل السجن.

وذكر المصدر أن الإجراءات التي اتخذتها أبوظبي وأتباعها في عدن، والمصحوبة بالعنف ضد المخالفين، ولّدت حالة من الهلع حتى لدى موظفي الدولة بما فيها المجالات الخدمية والعسكرية والأمنية، لا سيما أن أكثر من 350 شخصاً أصبحوا خلال اليومين الماضيين إما معتقلين أو مخفيين قسرياً أو قُتلوا، فيما يتخوّف آخرون من أن يأتي الدور عليهم في حال لم يستطيعوا الهروب ومغادرة عدن.

وحذر المصدر من أنه في حال عدم تدخّل الحكومة الشرعية أو السعودية لوقف هذه الفوضى المفتعلة، فإن أعداد المفقودين والمختطفين والمعتقلين ستكون كبيرة ومفاجئة، بمن فيهم مسؤولون حكوميون لا يعرف مصيرهم، وسيكون هناك تهديد حقيقي لحياة الآلاف من اليمنيين الذين نزحوا إلى عدن هرباً من الحوثيين وجحيم الحرب، في ظل التحريض من “الانتقالي” لطردهم، وتصفية المشتبه بهم وخصوصاً ممن ينتمون إلى حزب “الإصلاح”.

في السياق نفسه، ذكرت مصادر مقربة من الموالين للإمارات، أن هناك قوائم لشخصيات كثيرة يُمنع عودتها إلى عدن، ومن يعود منهم سيتعرض للاعتقال، وفي مقدمتهم وزراء في الحكومة الشرعية وناشطون وسياسيون وصحافيون وقيادات جنوبية معارضة لدور أبوظبي ووكلائها في الجنوب، في الوقت الذي تتم فيه ملاحقة الموجودين داخل اليمن ويتم التركيز حالياً على الموجودين داخل عدن مع توقعات بانتقال ذلك إلى المناطق والمحافظات المجاورة، فضلاً عن تهديدات جدية وصلت إلى الصحف والصحافيين والمراسلين في عدن بعدم التعاطي مع الوضع القائم بشكل سلبي وإنما بطريقة إيجابية.

وفي تطور لافت، كشف مصدر عسكري في أبين عن قيام الإمارات بالإفراج عن السجناء في سجن زنجبار المركزي، والذي يضم عناصر من تنظيمي “القاعدة” و”داعش” كانت السلطات الأمنية والعسكرية قد تمكنت من القبض عليهم خلال عملياتها في السنوات الثلاث الأخيرة في أبين.

ولمّح المصدر إلى أن تهريب هؤلاء العناصر له أبعاده، لا سيما بعد سيطرة أبوظبي وأتباعها على مدينة زنجبار، وتبرير الانفصاليين الاعتقالات والملاحقات في الجنوب بأنها لـ”عناصر إرهابية”.

وكانت الحكومة اليمنية رفضت مساء الجمعة ما وصفته بـ”التبريرات الزائفة” بعد إعلان الإمارات أن غاراتها الجوية في عدن والتي استهدفت قوات الشرعية، كانت ضد “مليشيات إرهابية”.

في موازاة ذلك، كشف مصدر محلي في محافظة سقطرى، أن دفعة جديدة من قوات “الانتقالي”، وصلت مساء الجمعة إلى جزيرة سقطرى بعد تدريبها من قبل قوات إماراتية. وقال المصدر إن هذه هي الدفعة الثانية التي تصل إلى ميناء سقطرى على متن سفينة خاصة.

يأتي ذلك فيما تتواصل ردود الأفعال إزاء استهداف الإمارات قوات الجيش اليمني الموالية للشرعية، في عدن جنوبي البلاد، إذ طالب مجلس الشورى اليمني، اليوم السبت، السعودية التي تقود التحالف العربي، بالوقوف بـ”جدية” مع الحكومة الشرعية، وإيقاف “العبث الإماراتي”.

وحمّل المجلس، الذي يمثل الغرفة التشريعية الثانية في اليمن، إلى جانب مجلس النواب، في بيان، دولة الإمارات كامل المسؤولية، عن “تدخلها السافر” في البلاد، ودعم مليشيات ما يُعرف بـ”المجلس الانتقالي الجنوبي”، واستخدام القصف الجوي ضد قوات الجيش الموالية للشرعية.

وقال المجلس، في البيان، إنّه يطالب “الأشقاء في السعودية قائدة التحالف العربي” بالوقوف بـ”جدية مع الشرعية وإيقاف العبث الذي تقوم به دولة الإمارات العربية المتحدة بدعمها العلني للمليشيا المتمردة في عدن، وعدد من المحافظات لتقويض سلطة الدولة وتمزيق النسيج الاجتماعي والوحدة الوطنية”.

وندّد الشورى اليمني بما وصفه بـ”القصف الغاشم لطيران الإمارات”، معتبراً أنّ ما قامت به طائراتها “اعتداء سافر تجاوز كل الأعراف والقيم وروابط الإخوة”، وأنّه “مثّل طعنة غادرة للتحالف بقيادة السعودية”.

وأعلن المجلس تأييده لتنفيذ التوجيهات التي أصدرها الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، لمختلف الهيئات الحكومية، باتخاذ كافة الإجراءات على مختلف الأصعدة، لمواجهة “الاستهداف الإماراتي” للبلاد.

ووفقاً لإحصائية أعلنتها وزارة حقوق الإنسان اليمنية قبل يومين فقد سقط ما يقرب من 300 مدني قضوا بين قتيل وجريح في محافظتي عدن وأبين، خلال الأيام الماضية، على أيدي قوات “الحزام الأمني” الموالية للإمارات.