موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

ضربة قوية لأبوظبي.. الجزائر تلغي احتكار الإمارات لإدارة موانئها

1٬081

في ضربة قوية لدولة الإمارات ونفوذها خصوصا في إفريقيا، أعلنت الجزائر إلغاء احتكار أبوظبي لإدارة الموانئ الجزائرية.

وأكد محمد العربي المدير العام لمؤسّسة ميناء الجزائر، أنّ المؤسّسة استرجعت كل فروع مجمّع خدمات الموانئ الجزائرية “سير بور”، التي تمّ التنازل عنها عام 2015 لصالح الإمارات.

وقال بيان للفرع النقابي بمؤسّسة ميناء الجزائر، إنه تمّت المصادقة على استرجاع كل فروع المؤسّسة من بينها موانئ دبي الجزائر العالمية، “وبهذه المناسبة تلقى كلّ عمّالها التهاني احتفاءً بهذا الإجراء، الذي يعتبر إنجازًا للشركة”.

وكانت السلطات الجزائرية اعتقلت في وقت سابق، الربان الجزائري حمزة جعودي، والذي يعمل في البحرية التجارية، وأودع سجن الحرّاش بالعاصمة، لنشره فيديو يندد فيه باحتكار الشركة الإماراتية “موانئ دبي العالمية” لإدارة الموانئ لجزائرية.

وقال جعودي حينها في الفيديو المتداول على مواقع التواصل الاجتماعي، إنّ 70 في المائة من مداخيل الموانئ يعود لدولة الإمارات، داعيًا إلى” استرجاع الموانئ الجزائرية ممن وصفهم بـ المستعمرين الاقتصاديين”.

شقيق الربّان حمزة جعودي، لمّ يفوّت بدوره فرصة التعقيب على هذه الإجراءات الأخيرة، التي أقرّت استعادة الأسهم الجزائرية، ونشر فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، جدّد فيه مطلبه بإطلاق سراح أخيه.

وذكر أن شقيقه كان على حقّ حينما عارض السيطرة الإماراتية على موانئ الجزائر، معتبرًا أن “ما قام به كان بدافع غيرته على وطنه، واعتراضًا على نهب ثروات البلاد من طرف شركة أجنبية” وذلك بحسب ما نقله موقع “الجزائر تايمز”

 وكانت مؤسسّة موانئ دبي العالمية، وبموجب عقد مع الحكومة الجزائرية في مارس 2009، قدّ تحصّلت على تسيير وإدارة مينائي الجزائر العاصمة، وميناء جن جن بولاية جيجل شرقي البلاد، لمدّة ثلاثين عاما.

وتبرز الجزائر هذه الأيام كمحطة جديدة للإمارات ضمن مسلسل قيادتها الثورات المضادة للربيع العربي سعيا منها لتقويض مساعي المطالبة بالديمقراطية والحرية من الشعوب العربية.

وضمن دورها المشبوه بالتدخل بالشعوب العربية، تتورط دولة الإمارات العربية المتحدة بالتدخل بشكل سلبي وإجرامي في الجزائر التي تشهد ثورة شعبية لتغيير النظام الحاكم.

ويبرز ذلك من خلال قيادة الإمارات غرفة عمليات مشتركة من أجل فرض نفوذها على النظام في الجزائر بالتنسيق مع دول أخرى ضمن هدف واحد هو تقويض مطالبة الشعب الجزائري بالحرية دون تدخلات إقليمية.

وكشفت صحيفة “لومند أفريكا” إن الهدف الوحيد الذي تسعى الإمارات إلى تحقيقه في الجزائر هو إيقاف الحراك الشعبي، والعمل على إرساء نظام “ذي عضلات”، تماماً كما فعلت في مصر عبر نظام الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي.

جاء ذلك في مقال للصحفي المعروف نيكولا بو، حول العلاقات المالية المتشابكة بين أصحاب النفوذ في الجزائر والإمارات، والذي نشرته الصحيفة في إطار سلسلة مقالات عن “الدبلوماسية العنيفة التي تتبعها الإمارات”.

وأكد الكاتب أن العلاقات المتينة بين الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وأسرة ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، تعود بداياتها إلى ثمانينيات القرن الماضي؛ عندما استقبله الإماراتيون وساعدوه على تخطي المصاعب المالية التي مر بها في تلك الفترة.

وأضاف: “بوتفليقة لم ينسَ ذلك (مساعدة الإمارات له)، وما كاد يصل إلى الحكم سنة 1999 حتى ترجم عرفانه بالجميل لحكام الإمارات إلى أفعال”، لكنه حافظ على استقلالية واضحة مع كل دول الخليج رغم قربه من أبوظبي، بحسب الكاتب.

لكن نيكولا بو، شدد على أن هذا الحذر الدبلوماسي لم يرافقه أي حذر في التعامل المالي والصناعي مع الإمارات، حيث يدين الوجود الاقتصادي الإماراتي الكبير في الجزائر بالفضل لوصول بوتفليقة إلى سدة الحكم.

ولفت إلى أن “الإماراتيين المعروفين باستراتيجية تسعى للسيطرة على الموانئ في العالم، مُنحوا حقوق التصرف في إدارة ميناء الجزائر العاصمة في وقت قياسي، رغم أن قطاع الموانئ استراتيجي ودأبت الاستخبارات الجزائرية على التحكم به”.

وأشار نيكولا بو إلى أنه في مرحلة لاحقة أسند النظام الجزائري الجزء الأهم من سوق التبغ في الجزائر إلى رجل الأعمال الإماراتي المقرب من بن زايد، محمد الشيباني، الذي عرف باستقراره في جناح بفندق الشيراتون في الجزائر العاصمة.

وبحسب مصادر خاصة بالصحيفة، فإن عملاق الغاز الجزائري “سوناطراك” أسس في 2008 بنكاً في الإمارات ضخ فيه رأس مال يقدر بملياري دولار، سرعان ما ابتلعتها رمال الصحراء، كما وصف الكاتب.

وأكد أن “المبلغ بلا شك كان مساعدة قدّمها النظام الجزائري لدولة الإمارات لمواجهة الأزمة العقارية التي عرفتها الدولة الخليجية خلال تلك الفترة”.

أشار نيكولا بو إلى أن نائب وزير الدفاع الجزائري، الجنرال أحمد قايد صالح، المتحكم في ميزانية سنوية ضخمة مخصصة للتسلح تقدر بـ11 مليار دولار، هو أيضاً مرحب به في الإمارات.

الإمارات حشرت نفسها -حسب الكاتب- ضمن مشروع تعاون بين الجيش الوطني الجزائري من جهة، ومجموعة مرسيدس بينز الألمانية من جهة أخرى، لإنتاج عربات مصفحة “نمر”.

ووقعت مجموعة “توازن” الإماراتية اتفاقاً ضمن المشروع الجزائري الألماني لدعم الصناعات الميكانيكية داخل وزارة الدفاع الجزائرية، لكنه لم يكن يستجيب للخيارات الاستراتيجية التي وضعها الجيش الجزائري في تعاونه مع الصناعة العسكرية الألمانية.

مع هذا، والقول للكاتب، لم يجرؤ أي ضابط سامٍ في الجيش الجزائري على الاحتجاج ضد الأوامر الرئاسية التي تعرض المصالح الاستراتيجية الدفاعية للبلاد للخطر.

ولفت نيكولا بو إلى أن أثرياء الجزائر أودعوا ثروات بمئات الملايين من الدولارات في بنوك الإمارات، فعلى سبيل المثال علي حداد، أغنى رجل في الجزائر، والذي يوصف بأنه “حصالة عائلة بوتفليقة”، ويعرف بتردده كثيراً على الإمارات.

الأمر ذاته ينطبق على الإخوة كونيناف، شركاء شقيق الرئيس سعيد بوتفليقة، والمخلصين لعائلة نائب وزير الدفاع أحمد قايد صالح والمقربين منه أيضاً، إذ أوجدوا لأنفسهم جذوراً في هذه “الجنّة الضريبية الإماراتية”.

وانتهى كاتب المقال إلى أن “ما نُسج من روابط مالية مشبوهة في كل من دبي وأبوظبي يفسر الحلف الصلب الذي نشأ بين عائلة بوتفليقة وأحمد قايد صالح في مواجهة التحركات الشعبية منذ اندلاعها، في فبراير الماضي”.

الجدير ذكره أن الإمارات كان لها دور بارز في تنصيب السيسي رئيساً لمصر، بعد انقلابه على الرئيس المعزول محمد مرسي، صيف عام 2013، حيث وفرت له الدعم المالي والعسكري، وفق تقارير أجنبية.

وليس الأمر في مصر فحسب، بل إن بصماتها باتت واضحة في كل من ليبيا واليمن، اللتين تشهدان حرباً بين أطراف مختلفة أدت إلى تدهور الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية في البلدين، ومقتل وإصابة مئات الآلاف.

ومؤخرا علمت إمارات ليكس من مصادر موثوقة أن الإمارات تقود غرفة عمليات مشتركة تشمل السعودية وفرنسا لتحجيم الثورة الشعبية في الجزائر وتحديد خليفة الرئيس الحالي عبدالعزيز بوتفليقة.

وتبحث غرفة العمليات المشتركة في خطة فرنسية إماراتية سعودية لإيجاد بديل لبوتفليقة، تعكف عليها حالياً الدول الثلاث.

وقالت المصادر إن تحركاتٍ جرت وبتنسيق على أعلى المستويات الأمنية بين الرياض وأبوظبي وأطراف سياسية جزائرية من جانب آخر، وذلك في مساعي جادة لإعادة صياغة المرحلة القادمة، بعد  استبعاد عبدالعزيز بوتفليقة من الترشح للانتخابات مرة أخرى، وتأكيده عدم ترشحه لولاية ثانية.

وأوضحت المصادر أن اجتماعاتٍ مغلقةً تمت بالتنسيق مع الطرف الفرنسي، في ظلِّ العلاقات القوية التي تجمع الإمارات تحديداً مع باريس، والتي تظهر في التنسيق بين الجانبين في الملف الليبي وبالتعاون مع القاهرة.

وأبلغ الطرف الفرنسي السعودية والإمارات عن موافقته على تأسيس غرفة للعمليات الاستراتيجية، لمحاولة منع توسع الحراك الجزائري واحتوائه. وتمت عدة لقاءات وزيارات خلال الأيام الماضية بين شخصيات أمنية سعودية وإماراتية من جانب، وأخرى فرنسية بالرياض وأبوظبي، حيث جاءت هذه اللقاءات بدفع ودعم سياسي من الإمارات.

والاجتماعات السرية غير المعلنة -بحسب المصادر- وصل عددها إلى 7 اجتماعات ولقاءات متنوعة، تمت خلال الأيام الماضية، لبحث ملف أزمة الحراك الشعبي بالجزائر، والسعي إلى اتخاذ موقف يطوّق تطوير المشهد السياسي بالجزائر.

وعقدت الاجتماعات الأمنية الثلاثية في أبوظبي، ولقاء آخر تمّ بجدة، وآخر بالرياض، حيث ركزت بالدرجة الأولى على كيفية إدارة المرحلة المقبلة، والسعي لتكليف شخصيات محددة للتواصل مع رموز في المعارضة الجزائرية، لفتح حوار معها في المرحلة المقبلة.

ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد مهتم بأزمة الجزائر، لدرجة أنه أوكل شخصياً حمد المزروعي لإدارة هذا الملف، بالتعاون مع ضباط سعوديين وإماراتيين. ويدير حمد المزروعي، المستشار لدى ولي عهد أبوظبي هذه الاجتماعات بالتنسيق مع ضباط أمنيين سعوديين وإماراتيين.

وهذا السيناريو يعيد إلى الأذهان ما تمّ خلف الكواليس مِن قِبَل الرياض وأبوظبي لإفساد تجربة ثورة يناير/كانون الثاني 2011، بعد عزل الرئيس المصري محمد حسني مبارك.

في ذلك الوقت تعاونت الدولتان الخليجيتان مع قوى الثورة المضادة في مصر لإفساد التجربة الديمقراطية، سواء قبل تولي الرئيس المنتخب محمد مرسي السلطة، أو بعدها. وظهر هذا الدور في أزمة الوقود التي شهدتها مصر قبل سقوط مرسي مباشرة، التي اختلفت فور سقوطه؛ إذ سارعت دول الخليج بتوفير الوقود لمصر دعماً للنظام الجديد.

وكان رئيس جبهة العدالة والتنمية عبدالله جاب الله، قد حذَّر من التدخل الأجنبي في الشأن الداخلي للبلاد، واتَّهم عدداً من الدول العربية والغربية بمحاولة تشويه الحراك الشعبي السلمي، وعلى رأسها الإمارات العربية المتحدة، والسعودية وفرنسا.

وقال جاب الله في تصريحات صحفية، إنَّ هناك حملات يقودها عدد من الدول العربية والغربية، هدفها تشويه الحِراك الشعبي السِّلمي في الجزائر، وذكر أهم هذه الدول، وهي الإمارات العربية المتحدة، السعودية، وفرنسا.

وأضاف أن هذه الدول تتحرك وتريد التدخل لإفساد الحراك، كما تحركت وأفسدت الربيع العربي الذي بدأ في مصر وغيرها من الدول العربية، وحذَّر من أي تأثير خارجي، وقال إن التدخلات الخارجية تضرّ ولا تنفع، تُفسد ولا تُصلح، تُفرق ولا تُجمع.

والهدف الحقيقي من هذه التحركات التي تقوم بها فرنسا والإمارات والسعودية هو السعي لامتصاص وتطويق غضب الشارع الجزائري، وإعادة تأهيل النظام الحالي، قبل بدء الانتخابات القادمة.

وهذا هو الهدف غير المعلن من قِبَل النظام السياسي بالجزائر، وبدعم حقيقي وملموس من الرياض وأبوظبي، وهذا ما تمّ فعلياً على أرض الواقع، بعد إعلان بوتفليقة عدم ترشحه لولاية ثانية.

ويتَّفق الأطراف الثلاثة مع النظام في الجزائر على هذا الهدف، رغم اختلاف الدوافع. إذ إن فرنسا تريد ضمانَ مصالحها في الجزائر، التي قد تتأثر إذا أخذ الحراك الشعبي مداه. أما النظام الحاكم، سواء النخب العسكرية أو السياسية، فإنهم يريدون الحفاظ على الوضع القائم الذي يسيطرون فيه على مقاليد الحكم، كما يخشون فتح الباب للمساءلة حول الفساد، وغيره من القضايا الشائكة. أما الإمارات والسعودية، فدافعهما الأهم وقف عدوى الديمقراطية في العالم العربي.

فبعد أن ساهما في وأد الديمقراطية في مصر، أكبر دولة عربية، مما أوقف رياح التغيير في المنطقة، فإنهما ليسا على استعداد أن تأتيهما رياح التغيير عبر البوابة الجزائرية.

ومؤخرا بات تزايُد النفوذ الاقتصادي الإماراتي يُربِك الساحة الجزائرية. وقد غيَّر هذا الأمر الحسابات التقليدية، عن ضعف النفوذ الخليجي في الجزائر. إذ إن هذه الاستثمارات يُحتمل أن تشكِّل أداةً إضافيةً للتأثير الإماراتي السعودي.

ويبلغ حجم الاستثمارات الإماراتية في الجزائر 10 مليارات دولار، وأصبحت دولة الإمارات العربية المتحدة واحدةً من كبرى الدول المستثمرة في الجزائر.

كما أنَّ هناك رغبة إماراتية في زيادة حجم الاستثمارات إلى 40 مليار دولار، في مجالات متنوعة مثل: السياحة، والعقار، والمحروقات. وهذا بطبيعة الحال يحتاج إلى غطاء ودعم النظام السياسي الحالي. وبالتالي فإنَّ الكثير من المراقبين السياسيين باتوا يرون أن هناك احتمالية كبيرة لسيناريو إعادة تدوير وتأهيل النظام السياسي الجزائري، بدعم إماراتي سعودي فرنسي.

إذ أنّ أبوظبي والرياض لا تريدان للدولة العميقة في الجزائر أن تسقط حتى لو اختلفا معها، حتى تحافظ على مصالحهما في المنطقة، وحتى لا تصل حمى الثورات العربية إلى بلادهما.