مارست الولايات المتحدة الأمريكية ضغوطا على دولة الإمارات وحليفتها السعودية في الأيام الأخيرة ما سمح بإعلان اتفاق لتقاسم السلطة في البلاد بين المجلس العسكري وثوى الثورة الشعبية.
وقال مصدران في المعارضة السودانية إن واشنطن مارست ضغوطا على كل من الإمارات والسعودية لتسهيل سبل التوصل إلى اتفاق في السودان، ووقف دعمهما للمجلس العسكري الانتقالي والحد من استقوائه بهما ضد قوى الحرية والتغيير.
ونقل المصدران عن المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان دونالد بوث -الذي زار الاثنين الخرطوم والتقى رئيس المجلس العسكري عبد الفتاح البرهان وقيادات من المعارضة- قوله إنه لمس هذه المرة من قيادة المجلس العسكري تغيرا ملحوظا ومرونة في التعامل مع قضية الانتقال المدني.
وأضاف بوث -وفقا لتصريحات المصدرين المشار إليهما- أنه تحدث مع العسكر بشأن مسألة الحصانة المطلقة الواردة في الاتفاق المقترح، وأنه لمس أنهم غير متمسكين بها.
ومن المنتظر أن يمكث بوث أياما في الخرطوم، ثم يتوجه بعد ذلك إلى الرياض لاستكمال المشاورات مع القيادة السعودية بشأن كيفية دعم السودان خلال المرحلة المقبلة.
ويقول مراقبون إن بوث حين زار الخرطوم المرة الماضية تمكن من إحداث قوة دفع في المفاوضات بعد جولة شملت السعودية، وأن واشنطن ستدفع تجاه حل توافقي تكون فيه أقرب لتصورات العسكر في الشق الخاص بالمسؤولية الأمنية بناء على التخوفات السابقة.
الحديث عن مطلب رفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب التي وضعتها الولايات المتحدة كان حاضرا بقوة في اجتماع بوث مع قادة المعارضة، لكنه أبلغهم أن الأمر رهين بتشكيل الحكومة المدنية، خاصة أن القرار فيه يعود للكونغرس الأميركي أكثر من الإدارة التنفيذية في الحكومة الأميركية.
واقترح المبعوث الأميركي أن يتوجه وفد من الحكومة المدنية حال تشكيلها إلى واشنطن للقاء الكونغرس والعمل على إقناعه بشطب اسم السودان من هذه القائمة.
يشار إلى أن لقاءات بوث في الخرطوم تتزامن مع تحركات بالكونغرس، الذي بدأ يلوح بمشروع عقوبات في حال رفض العسكر تسليم السلطة إلى حكومة مدنية.
وأقر مجلس النواب الأميركي الاثنين ما عرف بـ”مشروع كيلدي” للدفاع عن الديمقراطية والسلام في السودان، والذي يطالب الحكومة السودانية بنقل السلطة إلى حكومة يقودها مدنيون، واحترام المبادئ الديمقراطية وإنهاء كل أشكال العنف ضد المواطنين.
ووقع المجلس العسكري الانتقالي في السودان وقوى إعلان الحرية والتغيير اليوم الأربعاء بالأحرف الأولى على وثيقة الاتفاق السياسي، وجاء التوقيع بعد اجتماع ماراثوني أجراه وفدا المجلس وقوى التغيير مساء أمس الثلاثاء واستمر حتى الساعات الأولى من صباح اليوم من أجل الاتفاق على النقاط الخلافية بشأن إدارة المرحلة الانتقالية.
وقال الوسيط الأفريقي في السودان محمد لحسن لبات في مؤتمر صحفي بالخرطوم إن توقيع الاتفاق السياسي “خطوة حاسمة في اتجاه التوافق الشامل بين الطرفين، ويسهل التربة للخطوة الثانية والمتمثلة في الدراسة والتنقيح والمصادقة على مرسوم دستور للمرحلة الانتقالية”.
وجاء في المؤتمر الصحفي -الذي أعلن فيه عن الاتفاق على الوثيقة الأولى- أن المجلس العسكري وقوى التغيير سيوقعان على الوثيقة الثانية، وهي الإعلان الدستوري عصر بعد غد الجمعة.
ومن أبرز المسائل الخلافية بين طرفي التفاوض منح حصانة مطلقة لجنرالات المجلس العسكري تجنبهم المحاسبة على أحداث العنف الأخيرة التي قتل فيها عشرات المتظاهرين، وهو ما دفع به المجلس العسكري ورفضته قوى التغيير التي تتشبث بمنح حصانة مقيدة.
وتحمّل قوى المعارضة في السودان قوات الدعم السريع -وهي قوات شبه عسكرية يقودها الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) نائب رئيس المجلس العسكري- المسؤولية عن مقتل ما يزيد على 125 محتجا أثناء فض الاعتصام أمام القيادة العامة للجيش في الثالث من يونيو/حزيران الماضي وهجمات أخرى لاحقة.
وتعرضت الإمارات لاتهامات من المعارضة السودانية ومن دولة غربية بتقديم دعم مشبوه للمجلس العسكري في السوداني ضمن مؤامراتها لوأد الثورة الشعبية في البلاد ضمن قيادتها الثورات المضادة منذ سنوات.