تتهم أوساط سياسية في السودان دولة الإمارات بتصعيد مؤامراتها لدعم العسكر بغرض تنفيذ مخططها القاضي بالسيطرة على موانئ البلاد ونهب ثرواتها ومقدراتها.
وكتب المفكر السوداني رئيس المركز القومي الاستراتيجي تاج السر عثمان على حسابه في تويتر “عين العسكر على كرسي القصر وعين الإمارات على موانئ السودان، تخدمهم لبلوغ هدفهم ويخدمونها لتحقيق أطماعها والشعب خارج اهتماماتهم “.
وقال عثمان في تغريدة ثانية “من صنع سيسي مصر وحفتر ليبيا هو ذاته من يحاول صنع شبيه لهما في السودان، هذا ما تفعله الإمارات وتابعتها في مواجهة إرادة الشعوب وعلى كافة المكونات الوطنية الوقوف بحزم أمام أذيال الثورة المضادة وتوعية الشعب بمكمن الداء”.
عين العسكر على كرسي القصر وعين #الإمارات على موانئ #السودان
تخدمهم لبلوغ هدفهم ويخدمونها لتحقيق أطماعها
والشعب خارج اهتماماتهم
اعرف المشكلة قبل أن تقرر ثم حدد موقفك #سلم_شركاتك_وارجع_ثكناتك— د. تاج السر عثمان (@tajalsserosman) August 24, 2020
من صنع سيسي مصر و حفتر ليبيا هو ذاته من يحاول صنع شبيه لهما في #السودان
هذا ما تفعله الإمارات وتابعتها في مواجهة إرادة الشعوب وعلى كافة المكونات الوطنية الوقوف بحزم أمام أذيال الثورة المضادة وتوعية الشعب بمكمن الداء
#سلم_شركاتك_وارجع_ثكناتك— د. تاج السر عثمان (@tajalsserosman) August 24, 2020
وتطمع دولة الإمارات في المزيد من السيطرة وكسب النفوذ من خلال السيطرة على موانئ السودان الأمر الذي يجابه برفض رسمي وشعبي النطاق في البلاد.
وتخشى حكومة الخرطوم والعاملون في موانئ السودان من الوقوع في تجربة جيبوتي مع شركة موانئ دبي، وهو ما دعا الحكومة لإرجاء الاستثمار الأجنبي في الموانئ السودانية على أمل الظفر بشريك أوروبي.
وقرر المجلس العسكري في أبريل/نيسان الماضي تعليق عقد شركة فلبينية لإدارة وتشغيل الميناء الجنوبي في بورتسودان شرقي البلاد عشرين عاما، ولاحقا تم إلغاء العقد تحت ضغوط العاملين في هيئة الموانئ السودانية.
وبحسب عمال بالموانئ فإن الشركة الفلبينية ليست إلا واجهة لشركة موانئ دبي. ورفض العمال منح الشركة الفلبينية التي مقرها دبي امتياز إدارة الميناء الجنوبي للحاويات، أهم وأكبر موانئ السودان، خوفا من الخصخصة وإمكانية إلغاء الوظائف.
ووقعت هيئة الموانئ السودانية في يناير/كانون الثاني 2018 اتفاقا مع شركة الخدمات الدولية لمحطات الحاويات (آي سي تي إس آي) المملوكة لرجل الأعمال الفلبيني إنريك ريزون.
ويأمل مسؤولون حكوميون في أن تجد لجنة حكومية من ضمنها وزراء شريكا أوروبيا يتمتع بالخبرة اللازمة لإدارة وتشغيل موانئ السودان على ساحل البحر الأحمر وفق خطة موحدة.
وبحسب المسؤولين، فإن الحكومة بدأت بالفعل إجراء اتصالات مع شركة ألمانية كانت تدير ميناء بورتسودان في الثمانينيات من القرن الماضي، لمعرفة ما إذا كانت تزاول أنشطتها حتى الآن لمعاودة التعاون معها.
وأشار المسؤولون السودانيون إلى أن اللجنة ستعمد أيضا إلى فتح حوار مع شركة موانئ هامبورغ الألمانية التي أنجزت قبل ثلاث سنوات تحليلا لتطوير ميناء بورتسودان.
ويفضل هؤلاء المسؤولون أن تستثمر شركة أوروبية في موانئ السودان، لالتزام الغربيين بمعايير الحفاظ على البيئة فضلا عن تحاشيهم الوقوع في أي مخالفات تجنبا لإثارة الصحافة والرأي العام.
وفي الوقت ذاته، لا يجد المسؤولون الحكوميون غضاضة في أن تستثمر أي دولة خليجية في الموانئ السودانية شريطة أن تتأنى السلطات السودانية في الأمر لضمان شريك يلبي طموحات تطوير موانئ السودان.
وأثارت تقارير صحفية هذا الأسبوع عن اتجاه الحكومة لإقرار خطة إسعافية جديدة لتشغيل ميناء بورتسودان عبر دولة أجنبية، حفيظة العاملين في الموانئ.
وطبقا لكبير مهندسي المحطة الساحلية في الميناء الجنوبي في بورتسودان سامي الصائغ، فإن هذه التقارير أزعجت العاملين في هيئة الموانئ وكانوا على وشك الدخول في إضراب عن العمل قبل جلوس ممثليهم مع مدير الهيئة الذي نفى التقارير.
ويقول الصائغ إن الخبر يحتوي على تناقض لأنه يفيد بتشكيل لجنة من أربعة وزراء للنظر في الأمر، ثم يتحدث عن مبلغ بعينه وواجهة أوروبية حصلت على الميناء.
ويضيف أن “العمال على علم بسعي الإمارات دون كلل لأخذ الموانئ السودانية بشتى السبل والأساليب المخادعة، لكن لن يحصلوا عليها نهائيا لا هم ولا غيرهم”.
وتوضح مديرة الاستثمار في الحكومة الانتقالية هبة محمد حقيقة عودة الجدل إلى ملف الموانئ السودانية، بقولها إن الحكومة لم تبلور حتى الآن رؤية للاستثمار والتطوير في الموانئ.
وتضيف أنه لأهمية الموضوع ينبغي الحذر والتأني قبل اتخاذ أي قرار بالقبول بشريك أجنبي في موانئ البلاد، لأن مثل هذه الشراكات عقودها تكون لآجال طويلة تمتد عشرين إلى ثلاثين سنة.
وتؤكد هبة أن كل ما هنالك هي خطة إسعافية لعام أو عامين، لإقالة عثرة الموانئ التي تعاني الآن من مشكلات لوجستية وإدارية، وتشرف على الخطة لجنة قُسِّم عملها إلى عدة محاور.
وكشفت أن تكلفة الخطة تبلغ ما بين 250 مليونا و300 مليون دولار، لتطوير البنية التحتية بما فيها توفير أعماق للميناء تمكنه من استقبال البواخر الضخمة، فضلا عن توفير رافعات جديدة وصيانة الموجود منها بعد تعطلها بسبب المقاطعة الاقتصادية وشح التمويل.
وبحسب هبة محمد، فإن خطة التطوير شملت تسهيل الإجراءات بإقرار العمل على مدار 24 ساعة في الموانئ، واقتراح النافذة الواحدة في تخليص البضائع.
وأطلقت مديرة الاستثمار في الحكومة الانتقالية تطمينات مفادها أن الخطة الإسعافية سودانية 100%، لكن يمكن الاستعانة بشريك أجنبي لتوفير التمويل وتطوير الإدارة في موانئ السودان، بما يضمن تدريب وتأهيل العاملين دون الاستغناء عنهم.
وتؤكد أن الحكومة تفكر على المدى البعيد في أفضل الخيارات للنهوض بالموانئ، شريطة أن تكون خطة التطوير كاملة دون تجزئة الملف كما حدث في السابق بمنح ميناء سواكن لتركيا والميناء الجنوبي ببورتسودان للشركة الفلبينية.
وتنبه إلى أن السودان يمتلك فرصة لخدمة دول مغلقة عبر موانئه على البحر الأحمر، مثل إثيوبيا وجنوب السودان وتشاد وأفريقيا الوسطى، مما يتطلب خططا متكاملة لتطوير الموانئ.
ويبدي العاملون في هيئة الموانئ السودانية ثقتهم في حكومة الثورة لإدارة ملف تطوير الموانئ، في الضوء وليس في الخفاء كما كان يحدث إبان النظام السابق، وذلك وفقا لكبير مهندسي المحطة الساحلية في الميناء الجنوبي.
ويقول إن “منح ميناء بورتسودان لشركة أجنبية غير صحيح، ربما كان يمكن أن يكون صحيحا في ظل الحكومة البائدة لما فيها من دسائس وفساد، لكن حكومة الثورة واضحة وتعمل جاهدة من أجل البلد”.