تسابق مسئولو النظام الحاكم في دولة الإمارات على إطلاق شعارات زائفة مع إحياء يوم الشهيد في الدولة الذي يصادف الثلاثين من نوفمبر من كل عام.
عبارات روتينية مكررة بجمل إنشائية نشرها مسئولي النظام الإماراتي لتمجيد المناسبة والتغطية على واقع يجمع فيه الإماراتيون على اتهام دولتهم بالاستثمار الخاطئ لدماء شهدائهم وتضحيات ذويهم.
زعم محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي الحاكم الفعلي لدولة الإمارات أن شهداء الدولة “ضحوا بأرواحهم من أجل أن يعيش الوطن في أمن واستقرار” ليتناسى عن عمد أنه من يزج بالدولة في صراعات وحروب خارجية.
من جهته زعم محمد بن راشد رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي أن قوات الإمارات المسلحة “لا يهابون أهوال الحروب ولا يترددون في مواجهة الأخطار يتقدمون ويخوضون المعارك باقتدار، ويحبطون الشرور في مهدها” متجاهلا أن النظام يدفع بالدولة لتكون مصدر الشرور والإرهاب في المنطقة خدمة لمؤامراتها.
ويستذكر الإماراتيون في يوم الشهيد مناقب الشهداء وتضحياتهم، مكررين في كل عام مظاهر الاحتفال نفسها، وسط انتقادهم إلقاء المسؤولون الكلمات والخطابات الوطنية ذاتها وإعادة وسائل الإعلام التقارير عينها.
لكن يبحث أحد لا حكومة ولا مؤسسات ولا وسائل إعلام ولا قطاعات شعبية في الإمارات تجرؤ على الإجابة عن السؤال المركزي: بماذا وكيف استثمرت الدولة هذه التضحيات والدماء الزكية؟.
إماراتيون يعتقدون أنه بوجود “مكتب أسر الشهداء بديوان ولي عهد أبوظبي”، قد أزهرت دماء الشهداء وأن ذويهم قد وجدوا تكريما مبالغا أو على الأقل موازيا لتضحياتهم وآلامهم، وأن “حفل ريهانا” الذي أحيت فيه أبوظبي ذكرى يوم الشهيد قبل عامين لا يزال يشكل سلوى لهم!
اليوم في الإمارات ومنذ الدخول في حرب اليمن هناك عشرات الشهداء في اليمن وأفغانستان لم يتم استثمار هذه التضحيات الزكية في أي مشروع وطني آخر رغم الحديث بكثافة طوال العام عن الوطن والوطنية وحقوقهما، وبقليل جدا عن حقوق المواطن.
إماراتيون يعتقدون أن استثمار دماء الشهداء هو بتركيز الدولة جهودها كافة وليس فقط الدبلوماسية في معركة تحرير جزر الدولة المحتلة إيرانيا منذ 1971 وتحقيق السيادة الفعلية للدولة على كامل أراضيها.
ويؤكد الناشطون الإماراتيون أن احتلال الجزر ليس قدرا على الإماراتيين التسليم به، خاصة في ظل قوة متنامية للدولة عسكريا وسياسيا وتدخلا في عشرات الساحات العربية والإسلامية، وإمداد مجرم الحرب خليفة حفتر بالسلاح أو كما كشفت وسائل إعلام أمريكية باستئجار أبوظبي مرتزقة لتصفية خصومها السياسيين في اليمن.
والإماراتيون لا يدعون للعنف، بل يدعون للسلام والأمن والاستقرار، ولكن العنف الذي يقال إنه يتنقل بين ساحات وأخرى حتى وصلت قوات الإمارات البرية إلى عديد الدول حتى منطقة القرن الإفريقي، فإن الأولى وطنيا ودينيا وسياسيا أن تطلق الدولة برنامج تحرري في الجزر المحتلة للخلاص من الاحتلال الإيراني.
بذلك، يمكن تكريم أول شهيد إماراتي ليس فقط باعتبار اليوم الذي ارتقى فيه شهيدا هو يوم الشهيد. فالشهيد الشرطي سالم سهيل خميس الدهماني الذي استشهد على تراب جزيرة طنب الكبرى لا يزال فردا يتيما، يتنظر قافلة من الشهداء والتضحيات في مكانها الصحيح وفي المعركة الصحيحة، وليس معركة تضع فيها الأمم المتحدة خيرة قادتنا وكبارهم العسكريين والسياسيين وعلى رأسهم محمد بن زايد على لائحة ما يسمى منتهكي حقوق الإنسان وجرائم الحرب في اليمن.
في يوم الشهيد، ينتظر الإماراتيون أن يتم تكريم شهدائهم وجيشهم في تحرير جزرهم المحتلة لا أن يصبحوا مطاردين في أصقاع الدنيا كمجرمي حرب، وإدانة المنظمات الحقوقية الدولية.
أما ذوو الشهداء، فإن تكريمهم إلى جانب المكتب المشار إليه، يكون بالوفاء للقضايا التي ارتقى فيها أعزاءهم والحفاظ على عهودهم وليس فقط بشعارات زائفة للاستهلاك الإعلامي فقط.