وجدت الصينة نفسها متورطة في مستنقع الصراع في ليبيا بفعل دعم دولة الإمارات ميليشيات مجرم الحرب خليفة حفتر بطائرات مسيّرة صينية الصنع في العدوان على العاصمة طرابلس المستمر منذ أشهر.
واضطرت الصين على الرد على طلب وزارة الخارجية الليبية بـ”اتخاذ موقف من استخدام طائرات مسيّرة صينية الصنع في العدوان على طرابلس”، بـ”طلب أدلة على ذلك”.
وجاء هذا الرد الصيني مثيرا للاستهجان في ظل اعتراف الأمم المتحدة في تقرير خبرائها الأخير، بخرق دول من بينها الإمارات لقرار حظر توريد الأسلحة لليبيا، كما أن صور طائرات “وينغ لونغ” الصينية التي تمكّنت قوات “بركان الغضب” من إسقاطها، متاحة لكل متابع، فما بالك بالسياسيين وأصحاب القرار.
وعقد وكيل الشؤون السياسية بوزارة الخارجية في حكومة الوفاق الليبية لطفي المغربي اجتماعا مع مساعد وزير الخارجية الصيني، تشن شياودونغ، في بكين، وفق بيان للخارجية الليبية.
وقالت الخارجية الليبية إن المغربي طالب الحكومة الصينية باتخاذ موقف من استخدام قوات حفتر طائرات مسيرة مصنوعة في الصين في عدوانها على طرابلس.
وتستخدم قوات حفتر في هجماتها على العاصمة الليبية ومدن أخرى غرب ليبيا طائرات مسيرة من طراز “وينغ لونغ” التي تصنعها شركة “تشنغدو” الصينية.
وأكد موقع “ديفانس نيوز” المتخصص في الشأن العسكري أن الطائرات الصينية المسيرة المستخدمة من قبل قوات حفتر دعمت بها دولة الإمارات حفتر للإطاحة بحكومة الوفاق.
وتفيد تقارير بأن الصين باعت طائرات “وينغ لونغ” إلى كل من مصر والإمارات بصفقتين قدرت قيمتهما تباعا بثلاثة ملايين وخمسة ملايين دولار.
وأعلنت قوات حكومة الوفاق في 3 أغسطس/آب الماضي إسقاط طائرة مسيرة من هذا الطراز كانت تستعد لشن هجمات على مصراتة شمالي ليبيا.
وفي أوقات مختلفة عثرت قوات الوفاق على بقايا صواريخ صينية الصنع من طراز “إل جي 7” جو-أرض في طرابلس، يمكن تحميلها على جناح الطائرة المسيرة وينغ لونغ.
كما عرضت قوات الوفاق صورا لصواريخ موجهة بالليزر صينية الصنع إضافة إلى طائرات مسيرة، عندما طردت قوات حفتر من مدينة غريان وسيطرت عليها نهاية يونيو/حزيران الماضي.
واتهم “الكونغرس التباوي” في ليبيا الإمارات المتحدة بقتل أكثر من 40 مدنيا من قبائل التبو في مدينة مرزق جنوبي البلاد، إثر هجوم استهدف حيا بالمدينة استخدمت فيه طائرة مسيرة صينية الصنع مطلع أغسطس/آب الماضي.
وأكدت تقارير لخبراء الأمم المتحدة أن الإمارات ومصر تسلحان قوات حفتر منذ عام 2014، وكشف مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة مطلع هذا الأسبوع أمام مجلس الأمن عن تنفيذ قوات حفتر أكثر من 800 هجوم بالطائرات المسيرة منذ بداية الحملة العسكرية على طرابلس.
واعتبر رئيس لجنة الأمن وعضو المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، بلقاسم دبرز، أن للصين مصالح لا يمكن تجاهلها في ليبيا حيث تعمل في قطاعات اقتصادية عدة، مؤكدا أن مشاريع ضخمة ما زالت متوقفة بسبب الوضع الأمني وعدم تمكن الشركات الصينية من العودة إلى البلد.
وأضاف “ثبت لدينا بما لا يدع مجالا للشك وجود أسلحة متطورة في ليبيا منشؤها الصين -بينها أسلحة وطائرات مسيرة استخدمت في الحرب على طرابلس- مولت بها الإمارات حفتر”.
ويؤكد دبرز أن حكومة الوفاق سوف تعمل على تقديم جميع الدلائل للصين على استخدام حفتر الأسلحة الصينية إذا كانت بكين جادة فعلا في ملاحقة الإمارات التي مولت حفتر بهذه الطائرات والأسلحة الصينية ودعمت الانقلاب على الحكومة الشرعية واستهدفت المدنيين، في مخالفة صريحة لبنود التعاقد بين الدولتين، بحسب تعبيره.
ويوضح دبرز أن الدور الصيني ينمو في أفريقيا بشكل كبير وخاصة في المجال الاقتصادي، مشيرا إلى أن حكومة الوفاق تتطلع إلى تعاون وشراكة عادلة مع بكين.
ويؤكد خبراء في المجال العسكري أن إثبات أن بعض الأسلحة المستخدمة في الحملة على طرابلس صينية أمر سهل، عبر الرقم التسلسلي الموجود على كل صاروخ أو طائرة أو بقايا الشظايا التي عثرت عليها قوات حكومة الوفاق.
وتسعى حكومة الوفاق الليبية إلى التواصل دبلوماسيا مع الصين وتقدم المعلومات الكافية عن الأسلحة الصينية المتطورة التي عثرت عليها في ليبيا لملاحقة الإمارات دوليا على جرائم حفتر.
ويرجح محللون سياسيون مشروع الصين في أفريقيا هو مشروع اقتصادي بامتياز، وأن بكين لن تنحاز إلى أي طرف في الصراع الليبي.
ومنذ نهاية يونيو/حزيران الماضي، بدأ المجتمع الدولي، بما فيه الدول الخمس الكبرى (الولايات المتحدة، فرنسا، بريطانيا، روسيا والصين) يطالب بوقف الحرب في محيط العاصمة الليبية طرابلس.
وآخر المناشدات ترجمت في بيان وزارة الخارجية الأميركية، الجمعة الماضية، والذي كان الأكثر وضوحاً في مطالبة خليفة حفتر بوقف عدوانه على طرابلس. ويُظهر إحصاء بسيط وجود 15 اعتراضاً دولياً على الحل العسكري وضرورة وقف الحرب.
ويؤكد المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة، في إحاطته لأعضاء مجلس الأمن الإثنين الماضي، أن حرب حفتر على طرابلس تسبّبت في مقتل 200 مدني، كاشفاً عن وجود أكثر من 135 ألف مدني في المناطق التي تُشكّل الخطوط الأمامية للنزاع.