تتصاعد الشواهد على الانهيار التدريجي لاقتصاد دولة الإمارات في ظل تفاقم غير مسبوق لأزمة العقارات في الدولة وعمليات واسعة لتسريح موظفين على خلفية الأزمة المالية.
وحذرت وكالة التصنيف الائتماني الأميركية العالمية “ستاندرد آند بورز” من سنوات عجافاً للقطاع العقاري في دبي التي قدّرت الوكالة أن التدابير المصاحبة لانتشار فيروس كورونا تكبّدها خسائر ترقى إلى نسبة 11% من ناتجها المحلي الإجمالي.
وتتوقع “ستاندرد” أن يعاني اقتصاد دبي من “صدمة كبيرة” هذا العام، مع تفشي جائحة فيروس كورونا وعواقبه على معظم القطاعات في الإمارة التي تصنّف نفسها على أنها مركز أعمال في الشرق الأوسط، وفقا لـ”ستاندرد أند بورز غلوبال رايتنغز” S&P Global Ratings.
وجرّدت الوكالة أشهر شركات التطوير العقاري في الإمارة من تصنيفها الائتماني من الدرجة الاستثمارية، وقالت في بيان الخميس، إن الناتج المحلي الإجمالي في الإمارة سينكمش بنحو 11% هذا العام، وسوف يتعافى فقط عام 2022 إلى مستويات النمو الاسمي المحققة العام الماضي.
وخفضت الوكالة “إعمار” العقارية والشركة التابعة لها “إعمار مولز” من تصنيفها السابق “بي.بي.بي ناقص” BBB-، وهو الأدنى في خانة درجة استثمار، إلى درجة “بي.بي زائد” BB+، محذرة من أن مزيداً من تخفيض التصنيف قد يأتي لاحقاً.
كما خفضت تصنيف “مركز دبي المالي العالمي للاستثمار” DIFC Investments Ltd إلى “بي.بي زائد” BB+، رغم أن “ستاندرد” أبقت نظرتها المستقبلية لهذه الشركة مستقرة حالياً.
وكتب محللون في “ستاندرد أند بورز”، بمن فيهم تيموسين إنجين: “نتوقع الآن أن نرى الطلب الدولي على العقارات في دبي ضعيفاً، وأن يكون الانخفاض في أسعار المساكن أكثر حدة مما توقعنا، حتى عام 2021”.
وفي وقت تعتمد دبي بشكل كبير على قطاعي السياحة والعقارات، فهما من أكثر القطاعات تضرراً من انتشار الوباء، تواجه الإمارة الآن انكماشاً اقتصادياً أكثر عمقاً من التراجع الذي شهدته عام 2009، عندما اضطرت إلى البحث عن تمويل من جارتها الغنية بالنفط أبوظبي.
وأظهرت ظروف العمل علامات على انتعاش في دبي في يونيو/حزيران مع بدء الإمارات في إعادة فتح اقتصادها، لكن قيود السفر العالمية، “بما في ذلك تعليق معظم رحلات الركاب الدولية وقيود التباعد الاجتماعي، ستظل تؤثر بشكل كبير على قطاعي السياحة والضيافة في دبي”، بحسب تقرير “ستاندرد آند بورز” الذي نقلته شبكة “بلومبيرغ”.
وتتوقع “ستاندرد آند بورز” أن ينتعش اقتصاد دبي بنحو 5% عام 2021، ولكن بعد ذلك تتوقع أن يتباطأ النمو إلى 2% حتى عام 2023 وسط انخفاض الطلب في منطقة الخليج وانخفاض أسعار النفط نسبيا.
يأتي ذلك فيما قالت وكالة “رويترز” للأنباء، إنّ شركة “طيران الإمارات” استغنت عن المزيد من الطيارين والعاملين في أطقم الضيافة، هذا الأسبوع، في جولة جديدة من خفض الوظائف، حيث تقلص الشركة قوتها العاملة؛ بسبب جائحة فيروس كورونا.
وأضافت المصادر أنّ الشركة المملوكة لحكومة دبي تستغني عن آلاف الوظائف، بما يشمل طيارين وعاملين في أطقم الضيافة، إذ تدير أزمة سيولة بسبب الجائحة.
وسبق أن قالت مصادر لـ”رويترز”، إنّ القوة العاملة التي تشمل 4300 طيار ونحو 22 ألفاً يعملون في أطقم الضيافة، قد يجري خفضها بمقدار الثلث مقارنة بمستويات ما قبل الجائحة.
وقال مصدران إنّ طياري “إيرباص إيه 380” كانوا الأكثر تضرراً من خفض الوظائف هذا الأسبوع، فيما ذكر أحد المصادر أنه من المتوقع الاستغناء عن المزيد.
وقال عادل أحمد الرضا مدير العمليات بالشركة، في 25 يونيو/ حزيران الماضي، إنّ طياري “إيرباص إيه”380 البالغ عددهم 115 لن يعود جميعهم إلى الخدمة هذا العام، مضيفاً أنّ الشركة تحتاج لمراجعة استراتيجيتها.
وقالت المتحدثة باسم الشركة إنّ مجموعة الإمارات التي تضم شركة الطيران “ما زالت في طور تنفيذ عملية تسريح العمالة”.
وأضافت “مثل بقية شركات الطيران والسياحة، (كوفيد-19) أضر بنا بشدة، وكشركة مسؤولة، ينبغي ببساطة أن نحدد الحجم السليم لقوتنا العاملة بما يتفق مع متطلبات خفض العمليات”.
واستغنت “طيران الإمارات” عن طيارين وأطقم ضيافة، في الشهر الماضي أيضاً. والطيران أحد أكثر القطاعات تضرراً من تفشي فيروس كورونا حيث اضطرت الشركات لتسريح عمالة وطلب إنقاذ مالي من الحكومات ترقبا لانتعاش بطيء.
وفي إبريل/ نيسان الماضي، وفي ذروة جائحة كورونا، تراجعت حركة الطيران العالمية بنسبة 94% مقارنة بالعام الماضي، وفقاً لأحدث بيانات اتحاد النقل الجوي الدولي “إياتا” الذي يتوقع انخفاضاً بأكثر من نصف الإيرادات على مدار العام.
وعندما وجدت أن أموالها تتبخر بما يفوق سرعة الصوت، استنجدت هذه الشركات بحكوماتها. ومن إجمالي 123 مليار دولار من المساعدات الحكومية، سيتعين عليها سداد 67 مليار دولار، وسيصل المبلغ الإجمالي لديون القطاع إلى “نحو 550 مليار دولار، بزيادة هائلة بنسبة 28%”، بحسب “إياتا”.