أبرز تحقيق بريطاني أن الحقائب المالية دائما ما تسبق وصول القادة الفارين إلى الإمارات التي تحولت إلى ملاذ الرؤساء والمسئولين المخلوعين في بلادهم.
وسلط تحقيق لمجلة “إيكونوميست” البريطانية، الضوء على تحول الإمارات إلى ملجأ أو مكان مفضل يتقاعد فيه المسؤولون السياسيون الفارين من بلادهم، مشيرة إلى أن حقائبهم المالية تسبق أحيانا وصولهم.
وأشار التحقيق إلى أنه بعد أيام من التساؤلات حول المكان الذي هرب إليه الرئيس الأفغاني أشرف غني بعد دخول طالبان العاصمة كابول، لم يكن مستغربا ظهوره في الإمارات يوم 18 أغسطس الجاري.
وحسب المجلة، فقد انضم غني إلى قائمة طويلة من القادة السابقين الفاسدين الذي وجدوا في الإمارات ملجأ للاستقرار فيها، مشيرة إلى أنها تضم الزعيم الباكستاني السابق برويز مشرف، ورئيس وزراء تايلاند السابق تاكسين شيناوترا والملك الإسباني السابق خوان كارلوس، وكلهم باتوا يعتبرون الإمارات بلدهم على ما يعتقد.
وغادر معظم هؤلاء القادة بلادهم وسط سحابة من الاتهامات والشك، فقد غادر مشرف باكستان بعد اتهامه بالخيانة العظمى لأنه علق الدستور عام 2007 فيما اتهم شيناوترا بالفساد الذي ارتكبه أثناء حكمه، ويتهم الملك السابق كارلوس بالتعاملات المالية المشبوهة مع السعودية.
وانتقد غني لهروبه السريع مع أنه أنكر في فيديو نشره على صفحته في فيسبوك التقارير التي تحدثت عن مغادرته كابول بملايين الدولارات، حيث قال إنه خرج من البلاد بالملابس التي كانت عليه “اللباس التقليدي وصدارة وصندل”.
ويشكك المسؤولون الأفغان أن هؤلاء الفارين حولوا مئات الملايين من الدولارات إلى دبي، مشيرين إلى أن نائب الرئيس السابق أحمد ضيا مسعود سافر إلى دبي حاملا معه 52 مليون دولار، حسبما كشفت البرقيات الدبلوماسية الأمريكية التي سربها موقع ويكيليكس، واستثمر بعض أمواله في قطاع العقارات.
وعلقت الصحيفة البريطانية على ذلك بالقول: “علينا أن نأخذ بعين الاعتبار أن هذه الثروة تأتي رغم أن معدل الدخل السنوي للأفغاني العادي تبلغ 500 دولار”.
ويعتقد أن شير خان فرنود، رئيس بنك كابول السابق ولاعب البوكر المعروف يملك عددا من العقارات في بالم الجميرة الفاخرة بدبي، أو أن اسمه على سجلات العقارات هذه. وقدم قرضا لمقرب من حامد كرزاي الرئيس السابق لشراء فلل في الإمارة.
وكان فرنود قد اخبر صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، في عام 2010 أن “ما أقوم بعمله ليس جيدا، وما كان علي عمله” و”لكن هذه هي أفغانستان”.
وتقول المجلة، إن “دبي هي التي تتساهل مع الأموال القذرة. ولا تحصل الإمارات على مرتبة جيدة في مؤشر مخاطر غسيل الأموال الذي يعده معهد بازل للحكومة. وهو ما جعلها لعنة للدول الأجنبية التي تحاول معالجة الفساد، وتحولها إلى المكان المفضل للباحثين عن مكان لغسيل الأموال ومهربي السلاح والمسؤولين المشبوهين.”
وتستفيد دبي، المستقرة والآمنة عادة من رأس المال الذي يهرب إليها من الأجزاء المتقلبة في المنطقة، وفق المجلة البريطانية.
ووقعت الإمارات معاهدة تسليم مطلوبين مع أفغانستان لكنها لا تحترمها، كما أن جنوب أفريقيا انتظرت سنوات ولا تزال كي تسلم الإمارات الأخوين غوبتا المتهمين بالفساد والمقيَمن في دبي، على الرغم من توقيع البلدين معاهدة تسليم المطلوبين هذا العام.
ووفقاً لتقرير، فإنه مقابل الترحيب تحصل الإمارات على التأثير، مشيرة إلى أن بعض المنفيين مثل محمد دحلان، الفلسطيني، وجدوا مقعدا في بلاط محمد بن زايد، ولي عهد أبوظبي الحاكم الفعلي للبلاد.
ويقول مسؤول إماراتي سابق إن محمد بن زايد “يحتفظ بأوراق الجوكر ليلعب بها في المناطق الجغرافية المهمة”. ويساعد دحلان الذي استبعد من الحزبين الفلسطينيين الرئيسين دورا في الدبلوماسية مع صربيا وإثيوبيا وإسرائيل. ويلعب المشاهير من المنفيين دورا دعائيا للإمارات.
ويقول كريستوفر دافيدسون، الخبير بدول الخليج “إنها إشارة ولحد كبير أنها ملجأ آمن للأسواق الرمادية والسوداء” و”تقدم مخبأ لنخبة الظل العالمية”.
وتقول مجلة “إيكونوميست” البريطانية في ختام تحقيقها، إن الإمارات تقوم أحيانا بالترحيب بالهاربين والمنفيين السياسيين للتقرب من الولايات المتحدة الأمريكية الحليف المهم وللاستفادة مما يملكونه من أموال ضخمة.