موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تحقيق: استخدام القانون في الإمارات للتعسف وانتهاك الحريات

210

يروج النظام الحاكم في دولة الإمارات لشعارات براقة يراد منها تجميل صورته داخليا وخارجيا وبناء صورة مزعومة عن الدولة بما في ذلك تكريس سيادة القانون واستقلال القضاء.

لكن الواقع يظهر أن الإمارات وسلطة جهاز الأمن فيها خارج “قيّم العدالة” و”سيادة القانون”، بل تملك تعريفاً مختلفاً يغلب عليه “استخدام القانون” للتعسف وانتهاك حرية المجتمع وتجريف حقوق المواطنين الطبيعية المكفولة كحق كوني أزلي تؤكد عليه الديانات والقوانين الوضعية؛ والنماذج على تجاوزها ليست مبشرة بل سيئة للغاية للدولة وللأنظمة.

تقدم سلطات الإمارات نفسها في تبرير القمع والاعتقالات والتعذيب المستمر منذ سنوات، بأن الدولة الأولى في مؤشر سيادة القانون، أو أن الإمارات دولة قانون، لكن على أرض الواقع فإن ذلك بعيد كل البُعد عن الحقيقة.

فالدولة النازية والشيوعية الدكتاتورية كانت تقوم على قوانين وقرارات الحكام والمسؤولين في السلطة، وقد انتهت اليوم هذه الدول والأفكار وصارت قضية الحريّة هي القضية الإنسانية الأولى. ولا يعني وجود قوانين تُجرم حرية الرأي والتعبير أن تطبيق يعني أن الدولة تحتكم إلى القوانين وتطبيقها واعتباره شأناً داخلية.

وعادة ما يتم الحديث أن حدود الحريّة المرسومة هي حدود القوانين، والدولة الحديثة هي دولة القانون، وذلك صحيح، لكن مهمة هذا القانون الأساسية هي حماية حقوق المواطنين من الاعتداء سواء كانوا أفراداً أو جماعات، وأبرز حقوق المواطنة حرية التعبير والرأي، تحت مظلة العدالة ضمن قضاء مستقل تماماً، حيث أصبحت “العدالة” هي التجسيد الأبرز للحقوق الطبيعية التي جرى المطالبة بها من قِبل الفلاسفة للإنسان.

و”قيم العدالة” قيّم الكون الأزلي لا يجوز لأي نظام سياسي تجاوزها أو العبث بها أو تحويلها إلى أداة من أدواته أو التهرب منها.

وقدمت الأمم المتحدة عام 2004 تعريفاً ل”سيادة القانون” على النحو الآتي: “مبدأ للحوكمة يكون فيه جميع الأشخاص والمؤسسات والكيانات، العامة والخاصة، بما في ذلك الدولة ذاتها، مسؤولين أمام قوانين صادرة علنا، وتطبق على الجميع بالتساوي ويحتكم في إطارها إلى قضاء مستقل، وتتفق مع القواعد والمعايير الدولية لحقوق الإنسان.

ويقتضي هذا المبدأ كذلك اتخاذ تدابير لكفالة الالتزام بمبادئ سيادة القانون، والمساواة أمام القانون، والمساءلة أمام القانون، والعدل في تطبيق القانون، والفصل بين السلطات، والمشاركة في صنع القرار، واليقين القانوني، وتجنب التعسف، والشفافية الإجرائية والقانونية”.

قبل أشهر أعلن النظام الحاكم في دولة الإمارات العربية المتحدة عن اعتماده منهجية الرصد القضائي وذلك في حلقة جديدة لتبنيه شعارات براقة يراد منها التغطية على واقع القمع والاستبداد الذي تعانيه الدولية.

وبحسب ما أوردته صحيفة “الخليج” المحلية في حينه، فإن منهجية الرصد القضائي؛ تتضمن 4 من المؤشرات النوعية، منها ما يضمن حقوق الأفراد المكفولة بموجب القانون وعدم المساس بحرياتهم، مثل مؤشر أيام احتجاز المتهم قبل المحاكمة، فيما يراعي مؤشر “دقة موعد الجلسات” وظروف المتقاضين، وعدم تأجيل مصالحهم، علاوة على مؤشر كفاءة الجهاز القضائي.

ويؤكد حقوقيون ومدافعون عن حقوق الإنسان أن هذه المنهجية تمس الجانب الشكلي والفني في القضاء في حين أنها ستكون بعيدة عن جانب العدالة وحقوق الإنسان شبه المنعدمة في الإمارات.

وتؤكد منظمات حقوق الإنسان أن سياسة الاختفاء القسري في الإمارات سياسة متبعة على نطاق واسع، إذ تختطف أجهزة الأمن ناشطين ومثقفين وتخفيهم قسرا لفترات تصل من 9-12 شهرا متواصلة يمنع فيها المعتقل من الاتصال بذويه ومحاميه ولا يسمح لذويه بزيارته، فضلا عن تعرضه للتحقيق والتعذيب وانتزاع الاعترافات خلال فترة الاختفاء القسري.

وأثناء المحاكمات يرفض القضاة التحقيق ببلاغات التعذيب التي يقدمها المعتقلون ويؤكدون فيها أنهم تعرضوا للتعذيب وتأخذ المحكمة باعترافات الإكراه وتحكم احكاما قاسية، بحسب منظمة العفو الدولية التي تصف هذه المحاكمات “بأنها جائرة وذات دوافع سياسية”.

وفي تقرير رسمي للأمم المتحدة بشأن النظام القضائي في الدولة، أكدت المقررة الأممية لشؤون القضاء أن القضاء في الإمارات عرضة لتدخل جهاز الأمن ودواوين حكام أبوظبي والسلطة التنفيذية، فضلا عن تعرض المحامين ووكلاء النيابة للضغوط والتهديد لتنفيذ ما يريده جهاز الأمن.

كما يعاني النظام القضائي في الإمارات من ثغرات قوية تجعله ينتمي للعصور الاستبدادية في ظل استخدامه من النظام الحاكم كأداة للقمع الممنهج، ويواجه الإماراتي تشكيكا واسعا من خبراء في قدرته على مجابهة التقدم الذي يحيط بالدولة ومدى استقلاليته عن جهاز أمن الدولة الحاكم الفعلي للدولة.

إذ يعمل النظام القضائي في دولة الإمارات، خلال إطار ثنائي يشمل القضاء المحلي والقضاء الاتحادي، فهو بذلك ينفرد عن غيره من الأنظمة القضائية في العالم العربي.

وتنظم المواد الدستورية من المادة 94 إلى 109 العلاقة بين هذين النظامين، حيث تشرح الأصول الكلية لهذه العلاقة، بينما ترك بيان تفصيلاتها للقضاء المحلي دون أن يخالف أو يتعارض مع المبادئ الكلية التي وضعها الدستور.

وتوجد في جميع إمارات الدولة محاكم ابتدائية ومحاكم استئنافية، اتحادية أو محلية، فضلاً عن المحاكم الشرعية التي تنظر في قضايا الأحوال الشخصية، مثل الزواج والطلاق والميراث وغيرها. وتعد الشريعة الإسلامية التي تستنبط أحكامها وقوانينها من الكتاب والسنة المصدر الرئيس للتشريع في دولة الإمارات.

ويكفل الدستور الإماراتي حقوق الإنسان ويحظر التعذيب والمعاملة المهينة للكرامة بمختلف أشكالها وإلقاء القبض والتفتيش والحجز والحبس ودخول المنازل من دون إذن أصحابها إلا وفقاً لأحكام القانون، لكن ذلك مغيب بفعل استبداد جهاز أمن الدولة الإماراتي.

وتعتبر المحكمة الاتحادية العليا أعلى سلطة قضائية في دولة الإمارات. وعلى المستوى الاتحادي، تشرف وزارة العدل على أعمال المحاكم، ودوائر النيابة العامة في جميع أنحاء دولة الإمارات العربية المتحدة. كما تقوم بتعيين القضاة، وترخيص المحامين، والخبراء، والمترجمين القانونيين.

وتنظم المواد الدستورية من المادة 94 إلى 109 العلاقة بين هذين النظامين، وتشرح أصولها بشكل عام، بينما تركت بيان تفصيلاتها للقضاء المحلي دون أن يخالف أو يتعارض مع المبادئ الكلية التي وضعها الدستور.

ولكل إمارة من الإمارات السبع الحق في اختيار إما المشاركة في السلطة القضائية الاتحادية، أو الحفاظ على النظام القضائي المحلي الخاص بها. تتبع كل من الشارقة، وعجمان، والفجيرة، وأم القيوين، النظام القضائي الاتحادي.

بينما على المستوى المحلي حافظت كل من دائرة القضاء في أبو ظبي، ومحاكم دبي، ومحاكم رأس الخيمة على الدوائر القضائية المستقلة الخاصة بها، والتي تًعنى بالمسائل التي لم يُعهد بها للقضاء الاتحادي، وفقاً لأحكام هذا الدستور.

ويشبه ناشطون حقوقيون دولة الإمارات بوضع دولة كوريا الشمالية حيث تجاوز خطر أبو ظبي كل الحدود فهي تُمارس ما تمارسه الدولة البوليسية لا أحد يجرؤ على الانتقاد أو توجيه سؤال، وكل من يفعل يتعرض للاعتقال، الاختفاء القسري ونزع الاعترافات تحت التعذيب وبالتالي المحاكمة التعسفية.

ولتكريس نظام القمع والاستبداد الذي يفرضه النظام الحاكم في الإمارات فإنه طوع النظام القضائي والقانوني في الدولة ليكون فقط في خدمة جهاز أمن الدولة وممارساتها الإجرامية بحق مواطني الدولة والوفدين إليها على حد سواء.

وتسجل منظمات حقوقية دولية العديد من المأخذ الخطيرة على النظام القضائي في الإمارات، مثل أن المتهم في الدولة له الحق في محام أثناء المحاكمة وليس خلال فترة اعتقاله.

ويتساهل النظام القضائي في الإمارات في وضع المتهم وهو لا يزال على قيد التحقيق في السجن الانفرادي لمدة أسابيع والتعرض للتعذيب الجسدي والنفسي من دون مساعدة قانونية.

وفي حال الوافدين الأجانب، فإن المتهمين منهم يكونون ملزمين بالتوقيع على اعترافات باللغة العربية، دون الاهتمام إن كانوا لا يعرفون هذه اللغة أصلا. ويزعم المسئولون الإماراتيون أن الوثائق القانونية تكون باللغة العربية وعندما تعرض هذه الوثائق على شخص لا يعرف العربية هناك مترجم يشرح له محتواها حرفيا.

لكن المنظمات الحقوقية الدولية تؤكد أن هذه الحقوق لا تراعى دائما كما أن نوعية خدمات الترجمة تختلف من مترجم لآخر، في وقت يقوم فيه النظام القضائي في الإمارات على أساس الاعتراف بغض النظر عن الأدلة.

وإن كان الاعتراف سيد الأدلة فإن التوقيع على اعترافات باللغة العربية فقط دون مراعاة حقوق المتهم ومعرفته بتلك اللغة يمثل تعسفا بهم وينفي صحة أن يكون الاعتراف أساس الإدانة، خاصة في قضايا أمن الدولة.

وسبق لمنظمة هيومن ريتس ووتش الحقوقية الدولة أن وثقت العديد من حالات اعترافات أخدت بالإكراه في دولة الإمارات، دون حضور محامي المتهم، ومنع المتهمون من المساعدة القانونية وزيارة أهاليهم.