أبرز المركز الخليجي للتفكير أنه على الرغم من حجم الاستثمارات الناجحة التي نفذتها الإمارات خلال الفترة الماضية إلا أنها تواجه تحديات عديدة أهمها المنافسة الإقليمية.
وذكر المركز في دراسة له أنه في ظل متغيرات دولية وإقليمية عدة سعت الإمارات لتوظيف فوائضها النفطية في تحقيق المزيد من الهيمنة الإقليمية واستثمرت الإمارات بشكل كبير في النهوض وتطوير اقتصادها.
وأشار إلى أن الإمارات تسعى للحصول على نفوذ سياسي إقليمي، في مرحلة فقدت فيها قوى إقليمية تقليدية مثل مصر والعراق وسوريا هذا الدور لصالح دول الخليج الغنية.
وبحسب المركز استطاعت الامارات تحقيق انتشارات عديدة من خلال استخدام اقتصادها فسيطرت على العديد من الموانئ ونقاط التأثير الاقتصادي والسياسي في العديد من الدول.
وفي فترة ما بعد جائحة فيروس كورونا وتداعياتها الاقتصادية، تحاول الإمارات المشاركة في إنشاء آليات استراتيجية للتحديات الجديدة على المستوى العالمي، وهو مسار من شأنه أن يخلق فرصاً جديدة لتعزيز دور الإمارات ومكانتها في العالم، فتستخدم قوتها الديبلوماسية والاقتصادية من أجل أغراض جيوسياسية.
كما تحرص على تنويع اتفاقيات الدفاع والأمن الخاصة بها، ولكن بالطبع تواجه هذه الاستثمارات تحديات عديدة أهمها التوظيف السياسي لتلك الاستثمارات والتي قد تواجه بالطبع متغيرات إقليمية ودولية ومنافسة عديدة ومعارضة سواء محلية أو دولية.
لكن في ظل التنافس الإقليمي والسعي للهيمنة الإقليمية تواجه الإمارات تحديات ومنافسة عديدة خاصة من السعودية وقطر اللتان تحذوان حذو أبوظبي في انتهاج سياسة توسيع الاستثمارات الخارجية وجذبها داخلياً ومنافستها “وإن كانت محدودة حتى الآن” في دبلوماسية المضائق.
والمتغيرات السياسية في ظل بيئة إقليمية متغيرة كالرمال المتحركة تواجه الاستثمارات الإماراتية خطر تلك المتغيرات.
على سبيل المثال واجهت الامارات تحديات عديدة أدت إلى فسخ بعض التعاقدات الاستثمارية.
ففي الصومال؛ فسخت الحكومة اتفاقية الشراكة الثلاثية المبرمة في دبي بالإمارات بين موانئ دبي العالمية وأرض الصومال والحكومة الإثيوبية لتشغيل ميناء بربرة.
واعتبرت الحكومة المركزية أن هذه الاتفاقية باطلة لكونها لم تتم عبر بوابة الحكومة الاتحادية الصومالية، واتهمت الحكومة الصومالية شركة موانئ دبي بتهديد وحدة أراضيها، بإبرامها عقد شراكة مع حكومة أرض الصومال ذات النزعة الانفصالية.
كما أن المعارضة المجتمعية تواجه الاستثمارات الإماراتية رفض مجتمعي نظراً لأهدافها السياسية وهناك أمثلة عديدة على ذلك ففي عام 2006، أُجبرت الإدارة الأمريكية موانئ دبي العالمية المملوكة لدبي على التراجع عن شراء تمت الموافقة عليه لعقود إدارة الموانئ في ستة موانئ بحرية أمريكية كبرى بعد أن عارض الكونجرس الأمريكي الصفقة.
وفي إسرائيل وبالرغم من ارتفاع العلاقات بين الدولتين إلا أنه ظهر قلق في إسرائيل من الاستثمارات الإماراتية، لاسيما في قطاع الغاز، وسط حديث عن تداعيات سلبية أمنية محتملة لهذه الاستثمارات.
وكان قرار المحكمة العليا في إسرائيل الذي يعطل المضي قدما في مشروع نقل النفط الخليجي إلى أوروبا عبر ميناء إيلات ثم برًا عبر ميناء عسقلان على البحر المتوسط، وهو المشروع المثير للجدل بالنظر للخطر الذي يشكله على الشعاب المرجانية في شمال البحر الأحمر، نتاج هذه المخاوف.
وفي جيبوتي؛ أنهت حكومة البلاد عقد شراكة مع موانئ دبي، معتبرة أن عقد الشراكة معها تضمن بنودًا وشروطًا مجحفة، وأن حصص التملك المتفق عليها لم تتطابق مع نِسب توزيع الأرباح.
كما اتهمت منظمات مدنية في الكونغو الديمقراطية حكومة بلادها بتلقيها رشى من شركة موانئ دبي، بغية منحها مشروع بناء ميناء في المياه الإقليمية بالكونغو الديمقراطية تبلغ تكلفته مليار دولار أميركي.
وتواجه الاستثمارات الإماراتية في آسيا الوسطى مخاطر عديدة فالمنطقة مضطربة أمنياً وتعاني من انقلابات، وبلدان تصنف بكونها ديكتاتورية وهو ما يعرض الاستثمارات الإماراتية للخطر.
وخلصت الدراسة إلى عدة نتائج أهمها:
1- اتجاه الامارات للاستثمار في الآونة الأخيرة بكثرة والتركيز على الاقتصاد لتفادي الخسائر الاقتصادية والسياسية من المرحلة السابقة التي انتهجت فيها التدخلات الخشنة.
2- تتعدد الأهداف من الاستثمارات تبعاً لكل دولة ومدى قدر الاستفادة منها فهناك استثمارات اقتصادية بحتة وأخرى للهيمنة السياسية وثالثة لتأسيس للوبي سياسي يخدم المصالح الإماراتية
3- التوظيف السياسي للاستثمارات يضعها تحت ضغط الظروف السياسية المتغيرة والتي قد يهدد تلك الاستثمارات.
5- يُتوقع أن ينحسر انتشار الإمارات على مستوى أفريقيا نتيجة عدة عوامل من أبرزها غياب إستراتيجية واعية موجهة لأفريقيا، وتحديات السياسات وإستراتيجيات التعامل مع البيئة الأفريقية المتغيرة.
6- تواجه الإمارات تحديات أخرى تأتي على رأسها المنافسة الشرسة، فالموانئ الأفريقية على سبيل المثال أصبحت وجهة استثمارية محببة للكثير من المستثمرين، ورغم أنها لا تمثل -إلى حد الساعة- سوى 3% من حجم التجارة الدولية العالمية؛ فإن الاهتمام بها يتزايد مع الوقت باعتبار تزايد الأهمية الاقتصادية والإستراتيجية للقارة الأفريقية
7- تواجه الاستثمارات الإماراتية في آسيا الوسطى مخاطر عدة فالمنطقة مضطربة أمنياً وتعاني من انقلابات، وبلدان تصنف بكونها ديكتاتورية. ومعظم علاقة الدول من خارج جوارها علاقة متعلقة بالأمن القومي، كما أنها ستواجه منافسة شديدة من تركيا وإيران والتي لديها نفوذ قوي هناك.
8- من المتوقع أن تزيد الإمارات استثماراتها في دول على حافة الهاوية الاقتصادية مثل مصر وتونس واليمن لتحقيق المزيد من الهيمنة والسيطرة.
9- انتهجت الامارات الاستثمارات الخارجية منذ بداية مبكرة من تاريخها إلا أن تلك الاستثمارات كانت بهدف توثيق العلاقات، إلا أنه مع الألفية الجديدة زادت تلك الاستثمارات بشكل كبير وتعددت أهدافها رغبة في مزيد من الهيمنة الإقليمية والدولية.
10 – تعتمد معظم الاستثمارات الخارجية على أموال أبوظبي ومؤسساتها وهو ما يُضعف الاتحاد ويجعله تحت سيطرة وهيمنة كاملة من أبوظبي.