عاد عضو لوبي دولة الإمارات في أوروبا لؤي ديب إلى الواجهة مجددًا في أعقاب خروجه من السجن في النرويج، وذلك عبر نشاط إعلامي وسياسي منظم يتقاطع مع مساعٍ لدعم الرواية الإماراتية وترويجها، ومهاجمة خصومها، مستخدمًا حملات رقمية ومواد مفبركة لتبييض سجل أبوظبي الحقوقي.
وكانت محكمة نرويجية قد رفضت في أيار/مايو 2020 طلب استئناف تقدم به ديب، وأكدت حكم المحكمة الجنائية الصادر في كانون الأول/ديسمبر 2019 بسجنه أربع سنوات ونصف السنة.
وصدر الحكم بعد محاكمة استمرت عدة أشهر، أعقبت سنوات من الملاحقة الأمنية، بدأت فعليًا منذ عام 2015، حين داهمت الشرطة النرويجية ومكتب مكافحة الجرائم الاقتصادية منزل ديب ومقر “الشبكة الدولية للحقوق والتنمية” التي كان يديرها، وصادرت وثائق ومواد مالية.
وبحسب صحيفة “ستافانغر أفتن بلاديت” النرويجية، استندت التحقيقات الرسمية إلى شبهات قوية حول استغلال ديب عمل مؤسسته الحقوقية لتنفيذ أنشطة مشبوهة تخدم السلطات الإماراتية، إضافة إلى تورطه في عمليات غسيل أموال وجرائم اقتصادية واسعة النطاق.
وأشارت الصحيفة إلى أن القضية غير مسبوقة في البلاد لتداخل الأبعاد القضائية بالأمنية، وارتباطها بجهات خارجية، على رأسها الإمارات.
ووجهت النيابة النرويجية إلى ديب لائحة اتهام ثقيلة شملت الاختلاس، والغش، والاتجار بالبشر، وتبييض الأموال، وانتهاك التشريعات الجمركية، إضافة إلى “المقامرة بملايين الكرونات عبر الإنترنت”.
وذكرت المحكمة أن ديب استغل أموال “الشبكة الدولية للحقوق والتنمية” في لعب القمار بمبالغ تراوحت بين 2 و3 ملايين كرونة نرويجية، أي ما يعادل نحو 245 إلى 367 ألف دولار.
ورغم إقرار ديب بممارسة القمار، فإنه أنكر استخدام أموال الشبكة، مدعيًا أن المبالغ أقل وأنها من ماله الخاص، وهو ما رفضته المحكمة استنادًا إلى التحقيقات.
وقد سلطت الصحافة النرويجية الضوء منذ عام 2015 على ديب بوصفه “الناشط الحقوقي الغامض”، بعد الكشف عن تلقي شبكته أموالًا بملايين الدولارات من دولة الإمارات.
ووفق تقارير صحفية، كان الهدف من هذا التمويل إصدار تقارير حقوقية مضللة تخالف تقارير منظمات دولية مثل “هيومن رايتس ووتش”، وتسعى إلى تلميع صورة الإمارات والتقليل من شأن الانتهاكات الموثقة بحق المعارضين والنشطاء.
وتشير وثائق قضائية إلى أن الشبكة التي أسسها ديب شهدت نموًا ماليًا سريعًا ومريبًا بين عامي 2013 و2015، إذ قُدرت تحويلاتها بنحو 13 مليون دولار، مصدرها بنوك وجمعيات وشركات مقرها الإمارات، من بينها شركة متخصصة في أمن المعلومات.
وأظهرت التحقيقات أن هذه الأموال لم يُبلّغ عنها للسلطات الضريبية النرويجية، ما يشكل خرقًا واضحًا للقانون.
كما كشفت التحقيقات عن صلات غير مباشرة بين ديب والقيادي الفلسطيني المفصول من حركة فتح محمد دحلان، المقيم في الإمارات، والذي يعمل مستشارًا أمنيًا للرئيس الإماراتي محمد بن زايد.
واعتبرت الصحافة النرويجية هذه الصلات عنصرًا أساسيًا لفهم طبيعة الدور الذي لعبته “الشبكة الدولية للحقوق والتنمية” كواجهة سياسية وإعلامية تخدم أجندة خارجية لصالح الإمارات.
وفي عام 2016، أعلنت المحاكم النرويجية إفلاس الشبكة بسبب الجرائم الاقتصادية المرتبطة بها.
ورغم ذلك، عاد اسم ديب للظهور مؤخرًا عبر منصات التواصل الاجتماعي، حيث يقدم نفسه بصفته “دكتورًا” وناشطًا حقوقيًا، وينشر مواد مصممة بعناية لدعم السردية الإماراتية، ومهاجمة خصومها الإقليميين والسياسيين، مستخدمًا خطابًا استفزازيًا وحملات منظمة توصف بأنها وهمية ومفبركة.
وبينما ينفي ديب في العلن أي علاقة رسمية له بالإمارات، وتلقيه تمويلًا سياسيًا منها، تؤكد الوقائع القضائية والتقارير الصحفية النرويجية أن قضيته تمثل نموذجًا لاستخدام العمل الحقوقي كغطاء لنشاط سياسي وإعلامي يخدم دولة أجنبية، وهو ما يفسر المتابعة الواسعة التي حظيت بها قضيته في الإعلام النرويجي، بما في ذلك القناة الرسمية “NRK”.
