أبرزت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية الوضع المزري لحقوق الإنسان في دولة الإمارات عشية استضافتها مؤتمر الأمم المتحدة لأطراف المناخ “كوب 28”.
وكتبت واشنطن بوست في افتتاحيتها “تذكروا قضية آخر مدافع اماراتي عن حقوق الإنسان أثناء قمة المناخ في دبي”.
وأكدت أن قمة المناخ في دبي توفر فرصة جيدة لبقية العالم للتنبيه للوضع المزري لحقوق الإنسان في الإمارات، بدءًا بالمطالبة بالإفراج عن الناشط الحقوقي البارز أحمد منصور.
وجاء في مقال الصحيفة: أواخر نوفمبر، سيتقاطر مندوبون من جميع أنحاء العالم إلى إكسبو سيتي دبي لحضور المؤتمر المناخي السنوي الـ28 للأمم المتحدة، المعروف باسم COP28.
تصف الإمارات نفسها، بصفتها الدولة المضيفة، بأنها “واحدة من أكثر الدول تسامحًا وتنوعًا” وتصر على أن دستورها يحمي حقوق الإنسان، لكن معاملة أحد السجناء في سجن الصدر، على بعد حوالي 58 كيلومترًا من إكسبو سيتي، تكشف واقعًا مختلفًا.
السجين هو أحمد منصور، وهو محتجز هناك، في عزلة شبه كاملة، منذ عام 2017، حيث يقضي عقوبة 10 سنوات بتهم غير عادلة ناتجة عن انتقادات سلمية.
يعتبر أحمد أبرز ناشط في مجال حقوق الإنسان في الإمارات، وهي اتحاد يضم سبع إمارات شبه مستقلة لا تترك مجالًا كبيرًا للمجتمع المدني ولا تمنح المواطنين حق اختيار حكومتهم.
يبدو أن بعض مسؤولي الإمارات يأملون في إخفاء محنة السيد منصور – ومحنة سجناء سياسيين آخرين – خلال القمة.
فقد نشر “مركز الإبلاغ عن المناخ”، وهي منظمة صحفية غير ربحية مقرها لندن، الشهر الماضي تفاصيل تسريبات صوتية لمسؤولين إماراتيين في اجتماع يناقشون فيه كيفية الاستعداد لـ COP28، ووفقًا للمركز، أعلن أحد مسؤولي الإمارات أن مناقشة حقوق الإنسان يجب أن تقتصر على القضايا المتعلقة بتغير المناخ، لضمان عدم استخدام القمة كـ”تأشيرة مجانية لرمي كل شيء علينا”.
لكن قمة دبي توفر فرصة جيدة لبقية العالم للتنبيه للوضع المزري لحقوق الإنسان في الإمارات، بدءًا بالمطالبة بالإفراج عن السيد منصور.
السيد منصور، 53 عامًا، مهندس وشاعر وأب لأربعة أطفال تخرج عام 1999 من جامعة كولورادو في بولدر، ثم عاد إلى الإمارات.
ووفقًا لـ “هيومن رايتس ووتش”، بدأ عمله كناشط في مجال حقوق الإنسان عام 2006، سعيًا للإفراج عن شخصين سُجنا لنشرهما تعليقات عبر الإنترنت، ودعا لاحقًا إلى سحب مشروع قانون للإعلام كان سينتهك حرية التعبير – وتم سحب المشروع بالفعل.
وعندما أطلق السيد منصور عريضة تدعو لإصلاحات ديمقراطية في 2011 – خلال الربيع العربي – احتُجز لمدة 6 أشهر، وحكم عليه قاض بالسجن 3 سنوات لـ”إهانة” السلطات الإماراتية علنًا، لكن أُفرج عنه بعد احتجاجات دولية.
خلال السنوات التالية، أطلق على نفسه أحيانًا لقب “آخر مدافع عن حقوق الإنسان ما زال قائمًا” في الإمارات مع اعتقال وسجن نشطاء آخرين، فقد قمعت السلطات النشطاء المستقلين والقضاة والمحامين والأكاديميين والصحفيين والطلاب وغيرهم لمعارضتهم.
واعتُقل السيد منصور مرة أخرى في 2017 ولمدة أكثر من عام، لم يكن لدى عائلته وأصدقائه معرفة بمكان احتجازه، ولم يكن لديه وصول إلى محام.
أشارت أول التقارير الإخبارية عن الاعتقال إلى أن السيد منصور يواجه تهمة نشر “أخبار كاذبة” لـ”إثارة الطائفية والكراهية” و”الإضرار بسمعة الدولة”. لكن لائحة الاتهام لم تُنشر أبدًا.
أجرت “هيومن رايتس ووتش” مقابلة مع مصدر لديه معرفة مباشرة بالقضية وذكرت أن محاكمة السيد منصور كانت في مارس 2018 بست تهم، وأدين بخمس منها، كلها تتعلق بدعوته لحقوق الإنسان، مثل تغريده عن الظلم ومشاركته في مؤتمرات حقوق إنسان عبر الإنترنت وتبادله لرسائل البريد الإلكتروني والواتساب مع ممثلي “هيومن رايتس ووتش” و”مركز الخليج لحقوق الإنسان”.
كانت جلسات محاكمته واستئنافه مغلقة، واشتكى باستمرار من حرمانه من الضروريات الأساسية مثل البطانيات ومستلزمات النظافة الشخصية، واحتجازه في عزلة والسماح له بالتواصل مع أسرته بشكل متقطع. خاض إضرابًا عن الطعام مرتين في 2019.
في القمة الماضية بشرم الشيخ بمصر، قُمعت احتجاجات المجتمع المدني بشدة، ويبدو أن الإمارات تود كتم أصواتها مرة أخرى.
أفضل طريقة للدفع نحو ذلك هي إثارة قضية “آخر مدافع عن حقوق الإنسان” في كل فرصة ممكنة.