موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

محمد بن زايد… وقصة الولاء الكامل لإسرائيل

1٬785

قد يعتقد البعض أن علاقة الرئيس الإماراتي محمد بن زايد بإسرائيل بدأت في عام 2020 مع توقيع اتفاقيات أبراهام وإعلان التطبيع العلني، لكن الحقيقة أعمق وأقدم، وقصة الولاء الكامل بدأت قبل ذلك بسنوات.

فمنذ تسعينيات القرن الماضي، شرع ولي عهد أبوظبي – ثم حاكمها الفعلي – في بناء قنوات سرية مع الصهاينة، واضعًا نصب عينيه معادلة واحدة: التحالف مع تل أبيب بوصفه الضمانة المطلقة لبقاء سلطته.

هذه القناعة لم تأتِ من فراغ، بل تشكلت على قاعدة هواجسه من الإسلاميين، ورغبته المحمومة في السيطرة الداخلية والإقليمية، وهو ما جعله يبيع كل أوراقه لواشنطن وتل أبيب مبكرًا.

الجذور السرية: لقاءات في واشنطن

في منتصف التسعينيات، بدأت أجهزة الاستخبارات الأميركية بترتيب اجتماعات جمعت بين مسؤولين إماراتيين وإسرائيليين. كان طحنون بن زايد حاضرًا في بعضها، في حين لعب يوسف العتيبة دور “المترجم السياسي” الذي صاغ هذا التواصل في قوالب دبلوماسية قابلة للتسويق.

بالنسبة لمحمد بن زايد، لم تكن تلك مجرد لقاءات بروتوكولية، بل كانت تأسيسًا لشراكة استراتيجية تقوم على قاعدته الشيطانية: “تحالف مع إسرائيل ضد الإسلاميين، تضمن بقاءك للأبد”.

ولم تكتفِ تل أبيب بفتح قنوات أمنية، بل عرضت على أبوظبي ما يثير شهية أي حاكم استبدادي:

تقنيات المراقبة والتجسس مثل برنامج بيغاسوس، الذي مكن السلطات الإماراتية من سحق أي صوت معارض ومراقبة خصوم الداخل والخارج.

شبكات الضغط في واشنطن التي فتحت أبواب الكونغرس والبيت الأبيض أمام محمد بن زايد، وجعلت صورته في الغرب أقرب إلى “القائد الإصلاحي” الذي يتحدى الإسلام السياسي.

وهكذا تحولت إسرائيل إلى مصدر أدوات الحكم، فيما تحولت الإمارات إلى جيب استثماري ضخم للوبيات الأميركية والإسرائيلية.

لحظة 2020: التطبيع كضمان للعرش

حين جاء إعلان التطبيع عام 2020، لم يكن مفاجئًا ولا وليد ظرف سياسي عابر. كان تتويجًا لمسار طويل من التنسيق الأمني والاستخباري. بالنسبة لمحمد بن زايد، لم يكن التطبيع مجرد خطوة دبلوماسية، بل شهادة ضمان لعرشه، قائمة على ثلاث ركائز:

حماية أميركية مطلقة ضد أي تهديد داخلي أو خارجي.

صفقات سلاح نوعي تعزز موقع الإمارات كقوة عسكرية في الخليج.

غطاء دولي لمغامراته الإقليمية في ليبيا واليمن والسودان، حيث تورطت أبوظبي في دعم مليشيات وحروب أهلية.

منذ تلك اللحظة، ترسخت في عقل بن زايد فكرة أن إسرائيل هي شهادة التأمين الوحيدة لاستمراره في الحكم.

الولاء العلني بعد السرية

ما كان يُدار في غرف مغلقة على شكل تنسيق أمني، تحول بعد 2020 إلى ولاء علني كامل:

زيارات متبادلة بين مسؤولين إسرائيليين وإماراتيين.

فتح السفارات وتوقيع اتفاقيات اقتصادية وعسكرية واسعة.

تحول أبوظبي إلى مركز إقليمي للشركات الإسرائيلية في التكنولوجيا والأمن السيبراني.

لم يعد محمد بن زايد يخشى من ردود الفعل الشعبية أو الإقليمية، فبالنسبة له، البقاء في السلطة مقدم على أي اعتبار آخر، حتى لو كان على حساب القضية الفلسطينية أو استقرار المنطقة.

التطبيع كأداة للهيمنة الداخلية والخارجية

التطبيع لم يكن خيارًا خارجيًا فقط، بل وظفه محمد بن زايد داخليًا:

استخدمه لترسيخ خطاب “العدو البديل”، حيث تم تصوير الإسلاميين كخطر أكبر من إسرائيل.

عزز أجهزة الأمن والاستخبارات، مستفيدًا من التكنولوجيا الإسرائيلية، لتطويع المجتمع وسحق أي معارضة.

فرض مناخًا ثقافيًا يروج لـ“الانفتاح” الصوري، يخفي وراءه قبضة حديدية على السياسة والإعلام.

وفي ساحات الإقليم، وفر التطبيع غطاءً لمغامرات أبوظبي:

في اليمن: تحالفت الإمارات مع قوى انفصالية ومليشيات، مدفوعة بخطط تقاطع مع مصالح إسرائيل في البحر الأحمر وخليج عدن.

في السودان: قدمت الدعم لميليشيات الدعم السريع، في تماهي مع الرغبة الإسرائيلية بإضعاف الجيش السوداني وفتح الطريق للتطبيع مع الخرطوم.

في ليبيا: دعمت أبوظبي حفتر سياسيًا وعسكريًا، في تنسيق غير مباشر مع أجندات إسرائيلية في شمال أفريقيا.

كل ذلك جرى تحت غطاء أن الإمارات “شريك استراتيجي للولايات المتحدة وإسرائيل في الحرب على الإرهاب”.

في النهاية، تتلخص فلسفة محمد بن زايد في جملة واحدة صاغتها تل أبيب وواشنطن له: “طبّع… تعيش”. أي أن الولاء لإسرائيل، والاصطفاف الكامل خلف سياساتها، هو الثمن المطلوب لضمان بقائه في السلطة.

لكن هذه المعادلة التي تبدو رابحة على المدى القصير تحمل في طياتها بذور سقوطه على المدى الطويل. فالشعوب التي تُقهر وتُسلب حقوقها، سواء في فلسطين أو في داخل الإمارات والمنطقة، لن تبقى صامتة إلى الأبد.

وعندما تنكسر معادلة الخوف، سيتكشف أن كل ما بناه محمد بن زايد على أساس “التحالف مع تل أبيب” لم يكن سوى قصر رمال على شاطئ مضطرب.

بهذا، يظهر محمد بن زايد ليس كزعيم “حداثي” كما يحاول أن يسوّق، بل كحاكم مرعوب رهن بلاده بالكامل لإسرائيل، محولًا الإمارات من دولة ذات طموح مستقل إلى تابع صغير في منظومة تل أبيب – واشنطن.