تستثمر دولة الإمارات مشاركتها في التحالف السعودي في الحرب على اليمن لتحقيق أهدافها في السيطرة على مطارات وموانئ يمنية، غير أبهة بتعطيل حركة الملاحة البحرية والجوية، وتكبيد الاقتصاد اليمني خسائر فادحة تزيد معاناة اليمنيين.
وفي أحدث ممارساتها الإجرامية، دفعت الإمارات ميليشيات مسلحة تابعة لها بتخريب أنابيب النفط والغاز في محافظة شبوة ضمن مؤامراتها لنشر الفوضى ودفع الشركات الأجنبية لسحب استثماراتها في اليمن.
وقالت الحكومة اليمنية الشرعية إن ميليشيات تابعة لدولة الإمارات تتورط بتخريب أنابيب النفط والغاز في محافظة شبوة (جنوب شرقي البلاد)، معتبرة ذلك أعمالا تخريبية لعرقلة عودة الشركات النفطية الأجنبية للبلد واستئناف نشاطها.
وقال بيان صادر عن وزارة النفط، نقلته وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) في نسختها الحكومية، إن مثل تلك الأعمال التخريبية تفشل الجهود المضنية والمبذولة من أجل إيجاد وخلق بيئة ومناخ استثماري جذاب، وتعوق عودة الشركات النفطية الأجنبية للبلد واستئناف نشاطها، وتعوق جميع أعمال التنمية في محافظة شبوة بشكل خاص وفي عموم الجمهورية بشكل عام.
وأكد البيان تورط ميليشيات تابعة للإمارات، إذ أشار إلى أن الأعمال التخريبية لأنابيب النفط والغاز تقع في المناطق، التي تقوم “النخبة الشبوانية” بحمايتها.
وتعرض أنبوب لنقل الغاز المسال للتفجير من قبل مسلحين قبل يومين. وقال مسؤول محلي إن “مسلحين مجهولين فجروا أنبوب الغاز الممتد من حقل صافر في محافظة مأرب (شرق) إلى ميناء بلحاف بمحافظة شبوة” الغنية بالنفط والغاز.
ويبلغ طول الأنبوب 320 كم، وينقل الغاز من وحدة إنتاجه في صافر إلى ميناء بلحاف في شبوة، بغرض تصديره.
ويعدّ تفجير أنبوب الغاز الثالث خلال أقل من عشرة أيام، وجاء بعد يومين من عملية تفجير تعرض لها أنبوب لتصدير النفط الخام في نفس المحافظة، حيث فجر مسلحون في وقت مبكر من صباح الاثنين أنبوب النفط الخام الممتد من الحقل رقم (4) في منطقة العقلة بشبوة إلى ميناء النشيمة للتصدير.
ومنعت قوات “النخبة الشبوانية” الموالية لأبوظبي، فريقاً فنياً حكومياً من تأدية مهامّه في صيانة الأنبوب وإصلاح الأضرار.
وقالت الشركة اليمنية للاستثمارات النفطية والمعدنية في بيان، إن أنبوب تصدير النفط الخام تعرض للتفجير، ما أدى إلى تسرب كبير وتوقف ضخ النفط الخام من محطة الضخ في منطقة العلم.
وأوضحت أن “فريق الصيانة مُنع من النزول لمكان التفجير وإغلاق الحابس في المحطة (106) من قبل قوات النخبة الشبوانية في منطقة حبان”.
وتأتي عمليات تخريب أنابيب النفط والغاز، بعد أيام من معارك عنيفة شهدتها محافظة شبوة النفطية، بعد دفع أبوظبي قوات محلية موالية إلى مدينة عتق عاصمة المحافظة، حيث حاولت طرد القوات الحكومية الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي، لكنها فشلت قبل أن تنسحب بوساطة قبلية.
وينذر التصعيد العسكري وتكرار تفجير أنابيب النفط، بتوقف الإنتاج ومغادرة شركة او إم في النمساوية التي هددت بإيقاف الإنتاج في حالة استمرار ما تُعرف بقوات النخبة الشبوانية بتعطيل أعمالها وافتعال المشاكل.
وقال مسؤول في الشركة النمساوية إن توتر الوضع في محافظة شبوة حيث تعمل الشركة، يهدد بإيقافها الإنتاج ومغادرة البلاد.
واستأنفت الشركة النمساوية نشاطها في إنتاج النفط باليمن منذ منتصف 2018، بعد توقف لأكثر من ثلاثة أعوام منذ انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية نهاية 2014.
وتدير الشركة النمساوية حقل “العقلة” النفطي، وتنتج نحو 17 ألف برميل من النفط الخام يومياً، كذلك تقوم باستكشاف النفط في حقلين آخرين في نفس المحافظة اليمنية.
ويعتمد اليمن على صادرات النفط الخام لتمويل ما يصل إلى 70% من ميزانيته، وسط غياب قطاعات مهمة أخرى عن خريطة الإيرادات العامة، مثل الصناعة والزراعة والسياحة، رغم ما تتوفر عليه الدولة من ثروات وإمكانيات طبيعية هائلة.
والإمارات شريك رئيسي في التحالف العربي الذي تقوده السعودية بزعم دعم الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً في حربها ضد جماعة الحوثيين.
وعلى مدار أربعة أعوام من حرب الإمارات على اليمن، عملت أبو ظبي على سلب اليمن سيادته وتقويض اقتصاده خدمة لأطماعها المعلنة في نهب ثروات ومقدرات البلاد.
تغيرات كبيرة وجوهرية طالت المشهد اليمني بكل تفاصيله، إذ أن اليمن الواحد بلغة الواقع أصبح مشروعاً لـ”دويلات متشظية”، والأرض التي لم تصل لها نيران الانقلابين الحوثيين مثل سقطرى طالتها أطماع.
ولم يعد قرار الموانئ والمطارات والمنافذ بيد اليمنيين، كما لم تعد قرارات تعيين المسؤولين بمعزل عن الإملاءات الإماراتية، وعزل رئيس الوزراء السابق أحمد بن دغر المثال الأبرز.
كما لم يعد الخطف والاعتقال والإخفاء القسري والتعذيب والسجون السرية يقتصر على مليشيا الانقلاب، ولم يعد تحرير المناطق الواقعة تحت سيطرة المليشيا الحوثية، بل إن سماء اليمن وبرها وبحرها أصبحت جميعها خارج نطاق سيطرة القرار الوطني والسيادي، ولعل الثابت الوحيد هو المعاناة الإنسانية المتصاعدة التي يتكبدها المدنيون اليمنيون بفعل حرب الإمارات.
قبل أربع سنوات، كان اليمنيون يرصون الصفوف بمختلف الألوان لمواجهة الانقلاب الذي لم يُكسر بعد، وربما لن يُكسر، واليوم أصبحوا ينشدون استعادة السيادة، التي أصبحت فضاءً سعودياً-إماراتياً بلغة القرار وشواهد القوات والممارسات.
مؤخراً، تم في مدينة تعز إشهار الهيئة الوطنية لحماية السيادة ودحر الانقلاب، بهدف الحفاظ على وحدة اليمن وأرضه وسيادته وسلامته الإقليمية، وعلى ثرواته من الأطماع والتجاوزات الراهنة من قِبل ما يسمى تحالف دعم الشرعية، وإيران والأطراف الدولية الأخرى، طبقاً لوثيقتها التأسيسية.
الهيئة اعتبرت في بيانها بمناسبة ذكرى التدخل العسكري الخارجي، أن حرب التحالف السعودي الإماراتي أصبحت بلا أفق واضح، وابتعدت كثيراً عن أهدافها المعلنة، وولَّدتْ تحدياتٍ خطيرةً تهدد كيان اليمن ووحدته وسلامة أراضيه.
وقالت: إن “دول تحالف دعم الشرعية المزعوم متورطةٌ في تصدير فائض القوة الذي تحتكره وتمنع وصول جزء منه إلى الجيش الوطني، وتوظفه في خلق وقائع جيوسياسية على الأرض كما يجري في كل من محافظتي سقطرى والمهرة، وفي دعم ورعاية مخططات تفكيك الدولة اليمنية عبر ملشنتها، ودعم العناصر التخريبية، وخلق الجزر الأمنية خارج سلطة هذه الدولة على نحو ما يحدث في عدن وتعز”.
ودعت هيئة “سيادة”، اليمنيين إلى “اليقظة حيال المخططات الخطيرة التي تستهدف سيادة دولتهم على إقليم الجمهورية اليمنية، إن بالاستحواذ على الأرض أو بمحاولة طمس الهوية الجمهورية لهذه الدولة، التي يجري فرضها عبر قوى داخلية وخارجية وعبر حرب بالوكالة تجري على أرضهم وتهدد مشروعهم الوطني”.
وأكدت الهيئة حتمية خيار اليمنيين المتمثل في مواجهة هذه المخططات، في اللحظة التي يتأكدون فيها أن ثقتهم بالسلطة الانتقالية والتحالف والمجتمع الدولي قد استنفدت.
ويؤكد مراقبون أن مأزق اليمن تكرس بشكل قوي جداً بعد أربعة أعوام من الحرب والتدخل العسكري السعودي الإماراتي، لما سمي طوال الفترة الماضية تحالف الشرعية.
ويبرز المراقبون أن خطوط التقسيم السياسي والجغرافي تُرسم تحت حراب التحالف السعودي الإماراتي وبتأثير الدعم المكشوف الذي يقدمه طرف أساسي في هذا التحالف هو الإمارات إلى التشكيلات المسلحة والهياكل السياسية التي أنشئت خارج سيادة السلطة الشرعية.