يحظى يهود يقيمون في دولة الإمارات بعصر ذهبي حيث يلتقون بحرية كاملة مرة أسبوعيا لأداء الصلوات التلمودية ويعملون على إقامة مؤسسات يهودية.
ضمن ذلك يتجول الحاخام اليهودي يهودا سيرنا بحرية تامة في إمارة أبو ظبي كما لو كان في ولاية مانهاتن الأمريكية، حيث يرتدي القبعة الدينية “الكيبا” مع رموز واضحة على يهوديته.
ويزعم يهودا سيرنا أنه يعمل في الإمارات مع رجال دين آخرين على برنامج للتقريب بين الأديان ضمن ما يرفعه النظام الإماراتي من شعار للتسامح.
وبحسب صحيفة مكور ريشون اليمينية الإسرائيلية فإن سيرنا يصل بصورة دورية إلى دولة الامارات وقد تحول مع مرور الوقت إلى حاخام الجالية اليهودية هناك.
ويتولى هذا الحاخام مهمة أساسية لمساعدة الشبان اليهود الصغار في الإمارات للعثور على هويتهم اليهودية، ويقدم لهم استشارات في كيفية الرد على الاتهامات الموجهة لإسرائيل بأنها دولة فصل عنصري أبارتهايد.
وحين تمت دعوة هذا الحاخام للمرة الأولى لزيارة فرع جامعة نيويورك بإمارة أبو ظبي سأل مضيفيه الإماراتيين عن ما إن كان يستطيع التجول في الإمارة بالكيبا ورموزه اليهودية بحرية، وأن يمشي في الشارع بأمان، أم لا، فأبلغه المسؤولون الإماراتيون أن بإمكانه القيام بذلك.
والمرة الأولى التي وصل فيها سيرنا إلى أبو ظبي كانت في يناير 2010، بالتزامن مع ما شهدته دول الخليج من عاصفة كبيرة تمثلت باغتيال الفلسطيني محمود المبحوح قائد حماس العسكري في إمارة دبي المجاورة لأبو ظبي.
وفي حينه حوجهت الاتهامات المباشرة لجهاز الموساد الإسرائيلي بالمسؤولية عن اغتيال المبحوح مع تورط إماراتي مكشوف في الجريمة.
من جهته فإن الحاخام يهودا سيرنا الذي تعلم وتربى بإسرائيل واصل المسير بشوارع إمارة أبوة ظبي بالكيبا اليهودية رغم حدة جريمة اغتيال المبحوح.
ويسافر الحاخام سيرنا مرة أو مرتين في العام لأبو ظبي، ويبقى هناك بين خمسة وعشرة أيام، انطلاقا من دوره في ترؤس “مركز برونفمان للحياة اليهودية” بجامعة نيويورك.
وبعد تسع سنوات من هذه السفريات للإمارات، أقام مركزا لتعدد الأديان في الجامعة مع شركاء مسلمين ومسيحيين، واليوم يعتبر الحاخام الأول للجالية اليهودية في دولة الإمارات، حيث تبين أن هناك جالية يهودية بالفعل في هذه الدولة العربية.
ومعظم اليهود الذي يقيمون في الإمارات هم من رجال أعمال الدول الغربية، ويقيمون بمنطقة الخليج عبر عملهم في الشركات العالمية العاملة هناك، ويهود آخرون يصلون من أوروبا وأمريكا لفترات زمنية قصيرة من أجل العمل.
وتبرز الصحيفة العبرية أنه في دولة الإمارات لا يوجد تاريخ يهودي، لكن يبدأ من الآن في هذه اللحظة التاريخية الراهنة.
وسيرنا ليس حاخاما في كنيس يهودي بأبو ظبي، فالجالية اليهودية فيها تلتقي أسبوعيا في كل يوم سبت لأداء الصلوات في بيت واحد من أعضائها، لكن مهمته الاساسية تكمن في مساعدتهم بإقامة مؤسسات يهودية، ودمجهم أكثر في الوظائف.
وتعيين سيرنا حاخاما حظي بترحيب دولة الإمارات، التي أبلغته أن بإمكانه فتح الأبواب من أجل ترويج صورتها في الغرب كدولة مرحبة بالديانات الأخرى.
وفي العام 2019 تم الإعلان عن عام التسامح في الإمارات، وتم تسجيل الكنيس اليهودي بصورة رسمية في بلدية دبي، وفي 2017 تم افتتاح فرع لمتحف اللوفر الفرنسي الذي احتوى على آثار يهودية.
ونبهت الصحيفة إلى أن أحد الشخصيات المنخرطة جدا في تعزيز الجهود اليهودية في دول الخليج هو الحاخام مارك شناير المقيم بصورة شبه دائمة في قصور دول الخليج ويعمل وسيطا غير رسمي بين حكام الإمارات والعالم اليهودي.
وفي ديسمبر الماضي تم الكشف عن سماح السلطات الإماراتية سرا بإقامة كنيس يهودي في إمارة دبي.
وبعد لقاءات في منازل يهود يقطنون في دبي، استأجر هؤلاء منذ ثلاثة أعوام فيلا في حي سكني هادئ للخدمات. ويحتوي المبنى على مكان للصلاة ومطبخ وعدد قليل من غرف النوم للزوار أو أعضاء الطائفة الذين لا يعملون يوم السبت.
ويقول إيلي إبشتاين، أحد سكان نيويورك، والذي ساعد في تأسيس الكنيس: “لقد قطعنا شوطًا طويلًا منذ أن بدأت لأول مرة بالذهاب إلى دبي قبل 30 عامًا، في ذلك الوقت أخبرني الناس أنني يجب أن أتجنب استخدام اسمي الأخير (اسم العائلة) لأنه يبدو يهوديًا للغاية”.
ويحرص حكام الإمارات على إظهار الدولة في صورة من الانفتاح وتخفيف القيود على الأديان الأخرى غير الإسلام، وعينوا وزيرا للتسامح، والذي قام مؤخرا برعاية (مؤتمر عالمي للتسامح) ضم 1200 مسلم ومسيحي وهندوسي ويهودي وآخرين من جميع أنحاء العالم.
وقال وزير التسامح الشيخ نهيان بن مبارك للوفود وهم يتناولون الطعام في ساحة خارجية في دبي: “إنني أدعوكم للعمل معًا للقضاء على سوء التفاهم حول الأديان والثقافات المختلفة، يجب أن تصبح التعددية قوة إيجابية وإبداعية من أجل التنمية والاستقرار”.
ولطالما طالب أعضاء الكنيس اليهودي في دبي الزائرين بعدم الكشف عن موقعه أو الكتابة عن أنشطته.
ويقول روس كريل المحامي المولود في جوهانسبرج وزعيم الطائفة: “أفضل ألا أعيش مثل مارانو”، مشيرًا في ذلك إلى أن الناس في إسبانيا في القرن الخامس عشر مارسوا اليهودية سرًا، بعد التحويلات القسرية إلى الديانة المسيحية.
وأضاف: “أن موقف الحكومة تجاه مجتمعنا هو أنهم يريدون منا أن نشعر بالراحة لوجودنا هنا، والصلاة هنا، والقيام بالأعمال هنا”.
وفي أيام السبت والأعياد اليهودية يتجمع المصلون -عادةً بضع عشرات من الأعضاء البالغ عددهم 150 عضوًا، بالإضافة إلى الزوار من العاملين بالشركات وطلاب الجامعات-في الفيلا التي تسمح نوافذها برؤية مئذنة مسجد يقربها، وعلى الرغم من أن الطائفة اليهودية ليس لديها حاخام، فإن العديد منهم يزورونها من وقت لآخر.
وعند الترنيم بالجزء الأسبوعي من التوراة، ينشد زعيم الصلاة البركة اليهودية التقليدية، المصممة خصيصًا للظروف المحلية قائلًا: “يبارك الرب ويحمي ويساعد رئيس الدولة الشيخ خليفة بن زايد ونائبه حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد وجميع حكام الإمارات الأخرى وأولياء العهود”.
وقد حظي الكنيس بتشجيع من مجموعات يهودية مثل مركز سيمون فيزنتال، بالإضافة إلى حكومة دبي ومحمد العبار، رئيس مجلس إدارة شركة إعمار العقارية، الذي بنى برج خليفة المكون من 163 طابقًا.
وعندما تبرع إبشتاين بكتب التوراة منذ ثلاث سنوات، أهدى واحدًا بغطاء مخملي مع نقش عربي مطرّز بالذهب للعبار، الذي يعرفه منذ أن أدارا مشروعًا للألمونيوم في التسعينيات.
ويقول غانم نسيبة، المؤسس المشارك لمكتب “كورنستون جلوبال أسوشيتس” لاستشارات المخاطر السياسية، الذي يزور الكنيس في بعض الأحيان: “طوال عقود تم تجنب أي شيء يهودي في العالم العربي، وكانت العلامات الصريحة على اليهودية محفوفة بالمخاطر” قبل أن تبدأ الإمارات بتغيير الواقع.
ومؤخرا استضافت الإمارات وفودا وزارية وفرق رياضية إسرائيلية وسط تواتر غير مسبوق لتقارير تتحدث عن تطبيع سري بين أبو ظبي وإسرائيل خصوصا في مجال التعاون العسكري وتقنيات التجسس.
كما تتورط الإمارات بشكل علني في دعم صفقة القرن الأمريكية المشبوهة لتصفية القضية الفلسطينية على الرغم مما تتضمنه من الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل.