أظهر مسح اقتصادي متخصص انتكاسة قياسية للقطاع الخاص غير النفطي في دولة الإمارات في أحدث شواهد الانهيار المتدرج الذي تواجهه الدولة وسط تخبط شديد في سياسات النظام الحاكم فبها.
وأظهر مؤشر “آي إتش إس ماركت” لمديري المشتريات أن القطاع الخاص غير النفطي في الإمارات انكمش بوتيرة قياسية للشهر الثاني على التوالي في أبريل/نيسان المنصرم.
وبحسب المؤشر الدولي فإن إجراءات العزل العام لمكافحة جائحة فيروس كورونا المستجد كثفت الضغط على الاقتصاد المتباطئ بالفعل في دولة الإمارات وكبدته خسائر كبيرة.
وتراجع المؤشر الخاص بقطاعي الصناعات التحويلية والخدمات إلى 44.1 نقطة في أبريل/نيسان الماضي، مقارنة بـ45.2 نقطة في مارس/آذار. علما بأن أي قراءة فوق مستوى الخمسين تشير إلى نمو، وما دون ذلك إلى انكماش.
وهبط مؤشرا الإنتاج وطلبيات التصدير الجديدة بشكل حاد، وهوى مؤشر الإنتاج إلى 39.9 نقطة الشهر الماضي مقارنة بـ47.2 نقطة في الشهر الذي قبله.
وتراجعت السياحة بشكل حاد مع فرض دول في أنحاء العالم قيودا مماثلة وسط جائحة الفيروس.
وقال ديفيد أوين الاقتصادي لدى “آي إتش إس ماركت” إن “إغلاق المتاجر والقيود على السفر داخليا وخارجيا، كانت لهما تداعيات هائلة على الأنشطة الجديدة التي نزلت بوتيرة غير مسبوقة بعد تراجع حاد خلال مارس/آذار”.
وأضاف أن “معنويات الأعمال سجلت أقل مستوى في ثلاثة أعوام تقريبا، مما يعكس تنامي الضبابية جراء أزمة كوفيد-19. بينما تظل الشركات بصفة عامة متفائلة بشأن النمو في العام المقبل، ولكن بعض المشاركين يتشككون ويشيرون إلى أن خطر التراجع الاقتصادي يتصاعد”.
وقد سبب فيروس كورونا المستجد صدمة كبيرة للنمو الاقتصادي في دولة الإمارات الذي يعاني أصلا من أزمة شاملة بفعل تخبط النظام الحاكم في الدولة وفشل سياساته.
وقالت وكالة موديز للتصنيف الائتماني، إن تأثير تفشي فيروس كورونا يشكل صدمة كبيرة للنمو الاقتصادي في الإمارات، التي تصنف عند مستوى (Aa2).
وتوقعت موديز أن تعاني غالبية الدول من انكماش حاد في الناتج المحلي الإجمالي، نتيجة تفشي الفيروس التاجي، وتعتبر الإمارات معرضة بشكل خاص للآثار الاقتصادية المترتبة على إجراءات الاحتواء والصدمة الاقتصادية العالمية الأوسع.
وأوضحت الوكالة، أن النمو السلبي والآثار المالية، ستكون أكثر حدة في دبي، بسبب اعتمادها على قطاعي السياحة والنقل.
وترى الوكالة أن ديون الكيانات المرتبطة بحكومة دبي، ما تزال أكثر عرضة للمخاطر الكلية بسبب حيازتها في قطاعات العقارات والنقل والسياحة.
في المقابل، تركز الكيانات المرتبطة بحكومة أبوظبي بشكل أساسي، في قطاعات الهيدروكربونات، التي تواجه تحديات من انخفاض أسعار النفط ولكن لديها مراكز مالية قوية.
وذكر التقرير أن “نمو الاقتصاد غير النفطي في الإمارات كان يعاني حتى قبل تفشي كورونا، بسبب مجموعة من العوامل الدورية والهيكلية، والتي من المرجح أن تتفاقم بسبب التداعيات التي صاحبت انتشار الفيروس”.
كما يتزامن الوباء أيضا، مع انخفاض كبير في أسعار النفط، والذي سينتقل إلى الاقتصاد غير النفطي من خلال قنوات الثقة والاستثمار الأجنبي.
ولفتت الوكالة إلى تحديات كبيرة تواجه القطاعات غير النفطية، كالسياحة والتجارة والعقارات، والتي تمثل مجتمعة، أكثر من ثلت الناتج المحلي الإجمالي في الإمارات، وتستحوذ دبي على حصة أكبر منها.
في هذه الأثناء تفاقمت الأزمات المالية التي تضرب شركة طيران الإمارات خلال الأشهر الأخيرة، لتأتي جائحة فيروس كورونا وتزيد من خسائر الشركة التي تتخذ من دبي مقراً لها.
فبعد أن مُنيت الشركة، خلال العام الماضي، بأضعف ربح سنوي لها في عشر سنوات مع تآكل الأرباح جراء ارتفاع أسعار النفط وصعود الدولار واحتدام المنافسة، قالت وكالة بلومبيرغ إن شركة طيران الإمارات بدأت استخدام الاحتياطيات النقدية لرد أموال العملاء الذين ألغيت رحلاتهم بسبب وباء كورونا.
وأشارت بلومبيرغ إلى وجود حوالي نصف مليون طلب معلق لعملاء يريدون استرداد أموالهم.
وقالت شركة طيران الإمارات إنها تسعى لمعالجة 150 ألف عملية استرداد شهرياً.
وتلفت الوكالة إلى أن شركة طيران الإمارات وبعض الشركات الأخرى تقوم بتوجيه العملاء إلى القسائم، مما أدى إلى موجة من الشكاوى.
وقال رئيس الشركة تيم كلارك: “نحن ننغمس في احتياطاتنا النقدية من أجل معالجة المبالغ المستردة.
وتنوه الوكالة الأمريكية بأنه من المتوقع أن تخسر صناعة الطيران العالمية ما يصل إلى 61 مليار دولار في الربع الثاني، وفقًا لاتحاد النقل الجوي الدولي.
وقالت طيران الإمارات قبل أيام إنها تقدم للعملاء خيارين آخرين: الاحتفاظ بالتذكرة الحالية لمدة تصل إلى 24 شهرًا، أو استبدل الجزء غير المستخدم من التذاكر بقسيمة سفر تعادل المبلغ المدفوع في حجزهم الأصلي.
وكانت وكالة بلومبيرغ قالت في تقرير نشرته يوم 6 أبريل الجاري، إن شركة “طيران الإمارات” تجري محادثات لجمع مليارات الدولارات من القروض، لتضاف إلى خطة الإنقاذ التي أعلنتها إمارة دبي وذلك بعدما تسبب فيروس كورونا في تعطيل حركة الطيران.
ونقلت الوكالة عن مصادر مطلعة أن شركة الطيران تتواصل مع مصارف محلية ودولية بشأن التمويل الذي سيضاف إلى المساعدات المالية الحكومية، التي لم يكشف عن قيمتها.