كتبت لوبوان الفرنسية أن دولة الإمارات وضعت جامعة السوربون الفرنسية الشهيرة في حرج كبير بطردها الطلابَ القطريين من أبو ظبي وعدمِ السماح لهم بالعودة لاستئناف دراستهم بعد الإجازة، على أثر الحصار الذي فرضته مع دول أخرى على دولة قطر.
وسَجّلت المجلة -على لسان مسؤول في اليونسكو- وجود 156 حالة تمييز عنصري ضد القطريين بالإمارات من الطلبة والمتزوّجين زَواجا مختلِطا، كلّهم يعانون من قرارات تعسفية اتخذتها الدولة ضدّهم.
وتساءلت عما إذا كانت جامعة “السوربون أبو ظبي” تدار وفقاً للقوانين الأكاديمية الفرنسية أم إن باستطاعة أبو ظبي فرض رؤيتها السياسية عليها.
وأوضحت المجلة أن الرقابة الإماراتية على جامعة السوربون في أبو ظبي ترجمت أواخر عام 2018 برفض الإمارة لدوافع غامضة تعيين الباحثة والفيلسوفة ليلى العمراني، ذلك الإجراء الذي أدانته صحيفة لوموند وندد به أكثر من مئة أكاديمي.
وأضافت أن ذلك لم يُجد شيئا، إذ على الرغم من الاحتجاجات والالتماسات يتمسك مسؤولو أبو ظبي بقرارهم وتمترسوا خلف صمت رهيب أحرج مسؤولي هذه الجامعة التي تعتبر مفخرة التعليم الجامعي الفرنسي.
وأوردت لوبوان كمثال من الطلاب القطريين الذين طالهم الإجراء الإماراتي قصة الطالبة “جواهر” التي تتتابع اليوم دراستها في باريس بعد أن حرمت من متابعتها في أبو ظبي.
وتنقل عن جواهر قولها “لم يسمحوا لي بأخذ أي شيء ولا حتى ملابسي” وتؤكد أن إيجارها المدفوع مقدمًا وتسجيلها ورسومها الدراسية ونقل أغراضها كلفها حوالي مئتي ألف يورو، مشيرة إلى أنها لا ترى أفقا في احتمال استرداد ذلك المبلغ.
وعبر مصدر غربي باليونسكو للمجلة عن أسفه لما حصل قائلا “هذه هي المرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية التي يأخذ فيها بلد ما طلابا رهائن لسياسته”.
وقالت لوبوان إن هذه ليست المرة الوحيدة التي تنتهك فيها الإمارات حق التعليم، إذ رفضت العام الماضي منح الإقامة لأستاذين أميركيين لا لشيء إلا أنهما من طائفة إسلامية لا تتماشى مع رغبات الإمارات وهو ما قالت المجلة إنه جعل وسائل الإعلام الأميركية تصب عليها جام غضبها.
أما في فرنسا فإن لوبوان انتقدت ضمنيا عدم التحرك لصالح الطلاب القطريين قائلة “أما في فرنسا، فباستثناء المجتمع الجامعي المعبأ ضد هذه التجاوزات، فإن وزارة التعليم العالي التزمت الصمت”.
والشهر الماضي دعا أكاديميون دوليون إلى ضرورة مقاطعة دولة الإمارات على خلفية ما تفرض من قيود تعسفية على الحريات الأكاديمية. جاء ذلك خلال ندوة عقدتها الجمعية الأميركية للقانون الدولي تحت عنوان “حقوق الإنسان والمحاسبة في دولة الإمارات والمنطقة”.
وركزت الندوة على التحديات التي تواجه أوضاع حقوق الإنسان داخل دولة الإمارات، وأفق المحاسبة في اليمن.
وتطرقت إلى الحريات الأكاديمية، حيث تحدثت لورين منسكي التي كانت تحاضر في فرع أبو ظبي من جامعة نيويورك، عن تجربتها بالتركيز على الدور الذي تلعبه مؤسسات مثل جامعة نيويورك في أبو ظبي في توفير شرعية وغطاء لانتهاكات حقوق الإنسان في الإمارات.
وفي الندوة، دعا رئيس منظمة “لا سلام دون عدالة” جيان فرانكو ديل آلبا العضو السابق في البرلمان الأوروبي، إلى النظر في الخطوات التي يمكن أن تتخذ من قبل الجامعات الأميركية والأوروبية ومراكز الأبحاث للتواصل مع السلطات الإماراتية بشأن القيود المفروضة على الحريات الأكاديمية.
وقال “في حين أن هناك الكثير مما يمكننا القيام به في بروكسل، فإننا نؤمن بأن الإمارات تتطلع تحديدا إلى واشنطن لاختبار حدود ما هو مقبول منها”.
وأضاف “نحن على اقتناع في هذا السياق بأن لدى الولايات المتحدة تحديدا القدرة على الضغط من أجل الإصلاح وإبقاء هذه المسألة تحت رقابة الرأي العام”.
في هذه الأثناء قال الباحث البريطاني ماثيو هيدجز المعتقل السابق في الإمارات إن المحققين الإماراتيين هددوه بالتعذيب وإرساله إلى قاعدة عسكرية خارج الدولة وسجنه مدى الحياة إذا لم يعترف بالتجسس لصالح المخابرات البريطانية.
وأوضح هيدجز في مقابلة تلفزيونية أن الإماراتيين قالوا إنهم سوف “يسلمونني بشكل غير قانوني إلى قاعدة عسكرية خارج الإمارات حيث سيكبلونني ويضربونني ويعذبونني”.
وأضاف الأكاديمي البريطاني أن المحققين الإماراتيين طلبوا منه سرقة معلومات من وزارة الخارجية البريطانية، غير أنه رفض ذلك قائلا إنه لا يعمل أصلا لصالح الحكومة البريطانية.
وذكر في المقابلة “سألتهم كيف تتوقعون مني الحصول على معلومات كهذه وأنا لا أعمل هناك، عندها اتهموني بالعمل لصالح المخابرات البريطانية”.
وتابع هيدجز أن حكومة الإمارات غيرت قوانينها الخاصة بالمعلومات بعد إطلاق سراحه لتوضيح وفرز ما هو متاح للعامة وحساس في الوقت نفسه وتمنع مناقشته.
وكانت الإمارات قد أفرجت نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي عن هيدجز بعفو رئاسي بعد اتهامه بالتجسس والحكم عليه بالسجن المؤبد.
وجاء الإفراج عن هيدجز بعد نحو سبعة أشهر من الاعتقال، منها ستة أشهر في الحبس الانفرادي.
وأوقف الباحث البريطاني في الخامس من مايو/أيار الماضي في مطار دبي بعد أسبوعين قضاهما بالإمارات، وقالت عائلته إنه طالب دكتوراه ويجري بحثا عن سياسات الإمارات الخارجية والأمن الداخلي بعد موجة “الربيع العربي”.