موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

السودان يتهم الإمارات بتقويض سيادة البلاد وتهميش حكومته

240

شنت الحكومة السودانية هجوما لاذعا على دولة الإمارات، متهمة إياها بتقويض سيادة البلاد من خلال الدعوة إلى إيصال المساعدات الإنسانية عبر خطوط الصراع دون موافقة البلاد.

ويأتي هذا التصعيد في التوترات بعد دعوة وزارة الخارجية الإماراتية لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة للسماح بتسليم المساعدات عبر خطوط المواجهة والحدود لمعالجة الأزمة الإنسانية الكارثية في السودان. وردت وزارة الخارجية السودانية بأن هذا يرقى إلى انتهاك لسيادة السودان.

واتهمت الحكومة السودانية منذ فترة طويلة الإمارات العربية المتحدة بتأجيج الصراع من خلال توريد الأسلحة لقوات الدعم السريع، وهي مجموعة شبه عسكرية تقاتل القوات المسلحة السودانية، وتؤكد أنها قدمت أدلة على ذلك إلى مجلس الأمن.

وفي بيان شديد اللهجة، تحدت وزارة الخارجية السودانية صدق الإمارات في التعبير عن قلقها على الشعب السوداني، قائلة: “إذا كانت الإمارات حريصة حقًا على دماء وسلامة المواطنين السودانيين، فعليها أن تتوقف عن تزويد الميليشيات بالأسلحة المستخدمة في قتل شعبنا وحرمانهم من الغذاء والمساعدات. حينها فقط سيتم تحقيق السلام وتخفيف المعاناة الإنسانية”.

وتساءلت الوزارة عن دوافع الإمارات في الترحيب بمشاركة مجلس الأمن، وعما إذا كانت ستوافق على التحقيق في مزاعم السودان بشأن دور الإمارات في الصراع، بما في ذلك مزاعم التطهير العرقي وتكتيكات التجويع.

وطالب البيان دولة الإمارات بالكشف عن حجم الأموال العامة الإماراتية التي أنفقتها على الحرب في السودان ومدى مساهماتها في المساعدات الإنسانية.

ويضيف هذا الخلاف الدبلوماسي طبقة أخرى من التعقيد إلى الصراع الدائر في السودان، مما يثير تساؤلات حول دور الجهات الفاعلة الخارجية في الأزمة الإنسانية ويعيق الجهود الرامية إلى إيجاد حل سلمي.

كما أن ذلك من شأنه أن يعقد الجهود الأميركية لإشراك الإمارات في حل الحرب الدائرة في السودان، وهو الاحتمال الذي يعارضه القادة العسكريون بشدة.

وتتهم السلطات السودانية الإمارات باستخدام معبر “أدري” الحدودي مع تشاد لتهريب الأسلحة والوقود إلى ميليشيات قوات الدعم السريع تحت غطاء العمل الإنساني.

وقبل أيام جدد القائد العام للجيش السوداني، ياسر العطا، اتهاماته لأبوظبي بدمار السودان، وشن هجومًا حادًا على محمد بن زايد ووصفه بـ”شيطان العرب”، محملاً إياها المسؤولية الرئيسية في خراب بلاده.

ووصف العطا محمد بن زايد “شيطان العرب” بالشر، وأكد محاولاته المتكررة للتواصل معه، لكنه فشل في تحقيق أهدافه الخبيثة.

وأكد العطا أن الإمارات تسعى لتخريب السودان والسيطرة على مقدراته عبر دعم قوات الدعم السريع وإشعال فتيل الحرب.

وفي الساق أكد المندوب السوداني في مجلس الأمن دور الإمارات في حرب الإبادة الجماعية في السودان، متهمًا إياها بإمداد الدعم السريع بالسلاح وتأجيج الصراع وتهجير الشعب السوداني.

وأضاف إدريس الحارث أنه لولا دعم الإمارات لخطة العدوان المسلح، لما استمرت الحرب في الخرطوم. وقد قدمت السودان شكوى رسمية إلى مجلس الأمن ضد الإمارات، متهمة إياها بالتخطيط لإشعال الحرب ودعم قوات الدعم السريع بمساعدة من تشاد.

وبحسب منظمة العفو الدولية فإن دولة الإمارات متورطة في تجارة موت عالمية عبر دعم ميليشيات مسلحة وتغذية الصراعات الأهلية بالتدفق المستمر للأسلحة، مبرزة السودان كنموذج لخطورة مؤامرات أبوظبي ودورها الدموي في قتل المدنيين.

وذكرت المنظمة أن التدفق المستمر للأسلحة إلى البلاد يؤجج الصراع في السودان، ووثقت كيف أن الأسلحة الأجنبية حديثة الصنع قد نُقلت إلى السودان ومحيطه، غالبًا في انتهاك صارخ لحظر الأسلحة المفروض حاليًا على دارفور.

وتبين لمنظمة العفو الدولية أن الأسلحة والذخائر المُصنّعة أو المنقولة حديثًا من دول تضم الإمارات والصين، وروسيا، وصربيا، وتركيا، واليمن تُجلب بكميات كبيرة إلى السودان، ومن ثم تُحوَّل وجهتها في بعض الحالات إلى دارفور.

وحتى الآن لقي ما يزيد على 16,650 شخصًا مصرعهم منذ تصاعد النزاع بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في أبريل/نيسان 2023.

وقد وثّقت منظمة العفو الدولية وقوع إصابات في صفوف المدنيين في كل من الضربات العشوائية والضربات المتعمدة المباشرة ضد المدنيين.

وترقى بعض انتهاكات القانون الإنساني الدولي التي يرتكبها أطراف الصراع إلى حد جرائم حرب. وتشير التقديرات إلى أن ما يفوق 11 مليون شخص قد هُجّروا داخليًا وأن الملايين معرّضون لخطر المجاعة الداهم.

وقال دبروز موتشينا المدير الأول لبرنامج التأثير الإقليمي لحقوق الإنسان في منظمة العفو الدولية إن “لا يزال التدفق المستمر للأسلحة إلى السودان يتسبب في مقتل المدنيين ومعاناتهم على نطاق هائل”.

وأضاف “تُبين بحوثنا أن الأسلحة التي تدخل البلاد قد وُضعت في أيدي مقاتلين متهمين بارتكاب انتهاكات للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان. وقد تعقّبنا بصورة منهجية مجموعة من الأسلحة الفتاكة – من ضمنها المسدسات، والبنادق القريبة والبعيدة المدى– التي تستخدمها القوات المتحاربة في السودان”.

وتابع “من الواضح أن حظر الأسلحة المفروض الذي ينطبق حاليًا على دافور فقط غير كافٍ بتاتًا، وينبغي تحديثه وتوسيع نطاقه ليشمل السودان بأكمله. فهذه أزمة إنسانية لا يمكن تجاهلها. وبينما يلوح شبح المجاعة بقوة في الأفق، لا يمكن للعالم أن يستمر في خذلان المدنيين في السودان”.

وقد حلّلت منظمة العفو الدولية أكثر من 1,900 سجل شحن من جهتين مختلفتين تقدمان بيانات تجارية، واستعرضت أدلة المصادر العلنية والأدلة الرقمية – ومن ضمنها ما يقرب من 2,000 صورة ومقطع فيديو – تُبين أسلحة حديثة الصنع أو مستوردة حديثًا في السودان.

كذلك أجرت المنظمة مقابلات مع 17 خبيرًا إقليميًا في الأسلحة والصراع في السودان بين فبراير/شباط ومارس/آذار 2024 للتثبت من تحليل البيانات والتحقيق في خطوط توريد الأسلحة التي تستخدمها مختلف الجماعات.

وتعرّفت منظمة العفو الدولية على أسلحة خفيفة وذخائر مصنّعة أو منقولة حديثًا من طائفة من الدول يستخدمها مختلف أطراف النزاع في ساحة المعركة.

وقد استخدم كلا جانبي النزاع أجهزة التشويش المتطورة ضد المُسيّرات، وقذائف الهاون، والبنادق المضادة للعتاد المصنوعة في الصين.

واستخدمت قوات الدعم السريع تشكيلة من ناقلات الجند المدرعة حديثة الصنع الواردة من الإمارات.

وتشير البيانات المجمّعة على مستوى الشحنات إلى أن شركات تركية صدّرت مئات الآلاف من المسدسات الخلبية إلى السودان في السنوات الأخيرة مع ملايين من الخرطوش الخلبي.

وتعتقد منظمة العفو الدولية أنها ربما حُوّلت إلى أسلحة فتاكة في السودان على نطاق واسع، ما يشير إلى الحاجة لتدقيق أوثق في هذه التجارة التي بالكاد تخضع للأنظمة.

كذلك حدّدت منظمة العفو الدولية اتجاهًا ناشئًا يتمثل في تحويل وجهة الأسلحة الخفيفة التي تُباع عادة في السوق المدنية إلى القوات الحكومية وجماعات المعارضة المسلحة بدلًا من ذلك. وقد صدّرت شركات في تركيا وروسيا نسخًا مدنية من الأسلحة الخفيفة التي يستخدمها كلا طرفي النزاع.

فأسلحة مثل بنادق تيغر المخصصة للرماية أو بنادق سايغا – إم كيه – التي تصنعها شركة كلاشنيكوف في روسيا – تُسوَّق عادة لمالكي الأسلحة المدنيين، لكنها بيعت إلى تجار الأسلحة الذين لديهم صلات قوية بالقوات المسلحة السودانية.

وقد كشف أيضًا تحليل للبيانات التجارية للأسلحة الخفيفة – كيف أن الشركات التركية الصغيرة – مثل ديريا آرمز، وبي آر جي ديفنس وداليولو سلاح – دأبت أيضًا على تصدير بنادق صيد تركية قصيرة وبعيدة المدى إلى السودان في السنوات الأخيرة.

فعلى سبيل المثال، يبين مقطع فيديو عُرض على حساب قوات الدعم السريع الرسمي في منصة إكس – ورد أنه صُوّر في نيالا بجنوبي دارفور في 15 فبراير/شباط 2024 – جنديًا تابعًا لقوات الدعم السريع مزودًا ببندقية بي آر جي 55 من صنع شركة بورغو ميتال التركية.

كذلك كشفت منظمة العفو الدولية عن أدلة تشير إلى أن قذائف هاون صينية حديثة الصنع قد استُخدمت في الضعين بشرقي دافور، وأن أسلحة خفيفة صينية حديثة الصنع متوفرة أيضًا على نطاق واسع في مناطق أخرى من السودان.

وقال دبروز موتشينا إنه “ينبغي على مجلس الأمن الدولي أن يوسع بصورة عاجلة نطاق حظر الأسلحة ليشمل بقية أنحاء السودان، وأن يعزز أيضًا آليات المراقبة والتحقق لديه”.

وأضاف “يجب أن يراقب توسيع نطاق الحظر ويمنع بفعالية عمليات النقل الدولية وتحويل الأسلحة إلى البلاد بصورة غير مشروعة، وعليه أن يغطي أوسع نطاق ممكن من الأسلحة لمكافحة تغيير الوجهة واسع النطاق للبنادق قصيرة المدى، وبنادق الصيد، ومسدسات الطلقات الخلابية والذخيرة المتعلقة بها.

وتببع “تُخلّ الدول الأطراف بمعاهدة تجارة الأسلحة، مثل الصين وصربيا، من خلال توريد الأسلحة إلى السودان، بالواجبات القانونية المترتبة عليها بموجب المادتين 6 و7 من المعاهدة، وبالتالي تُقوّض الإطار الملزم قانونيًا الذي يُنظّم تجارة الأسلحة العالمية”.

وأكد أنه “ونظرًا للمخاطر الجسيمة والمستمرة على حقوق الإنسان، يتعين على جميع الدول والشركات الفاعلة أيضًا أن توقف فورًا توريدات كافة الأسلحة والذخائر إلى السودان، ومن ضمنها التوريدات المباشرة أو غير المباشرة، أو بيع ونقل الأسلحة والعتاد العسكري، بما في ذلك التكنولوجيات المتعلقة بها، والقطع والمكونات، أو المساعدة الفنية، أو التدريب، أو المساعدات المالية، أو سواها”.

وتابع قائلا “كذلك يجب على الدول أن تُحظر صراحة نقل الأسلحة النارية التي تُسوَّق للمدنيين إلى السودان، والتي وثّقت منظمة العفو الدولية بصورة متكررة وجودها في أيدي أطراف النزاع”.

واندلع القتال في السودان في أبريل/نيسان 2023 بين القوات المسلحة السودانية والقوات شبه العسكرية المعروفة باسم قوات الدعم السريع المدعومة من الإمارات.

ومنذ ذلك الحين، شارك في النزاع جماعات وجهات فاعلة مسلحة أخرى، حيث تحالفت إما مع القوات المسلحة السودانية أو قوات الدعم السريع.

وجاء القتال عقب أشهر من التوتر الذي ساد بين المجموعتين على خلفية إصلاحات قوات الأمن، التي اقتُرحت في إطار المفاوضات من أجل تشكيل حكومة انتقالية جديدة من جملة قضايا أخرى.

وأدى النزاع إلى نزوح هائل للمدنيين، حيث تشير التقديرات إلى أن ما يزيد على 11 مليون شخص قد هُجروا داخليًا منذ أبريل/نيسان 2023، بحسب الأمم المتحدة.

وإضافة إلى ذلك، تشير التقديرات إلى أن 1,8 مليون شخص آخر فرّوا إلى الدول المجاورة في جمهورية إفريقيا الوسطى، وتشاد، ومصر، وإثيوبيا، وجنوب السودان حيث يعيشون في أوضاع مزرية.