موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

فضيحة تجسس للإمارات تطال إعلاميين عرب بارزين

932

كشفت وكالة “رويترز” العالمية للأنباء أن دولة الإمارات العربية المتحدة جندت مجموعة من العاملين في المخابرات الأمريكية سابقاً، لاختراق هواتف شخصيات إعلامية عربية بارزة.

وبحسب تقرير الوكالة فإن من بين الإعلاميين المستهدفين، الإعلامي السوري فيصل القاسم والإعلامية اللبنانية جوزيل خوري، ورئيس شبكة الجزيرة القطرية الشيخ حمد بن ثامر آل ثاني، والإعلامي القطري عبدالله العذبة، والمفكر عزمي بشارة، إلى جانب عبدالرحمن الشيال المدير التنفيذي لصحيفة “العربي الجديد”.

وبحسب “رويترز” فإن المجندين الأمريكيين وعددهم 9 عملوا في مشروع “Raven”(الغراب) الاستخباراتي الإماراتي والذي يهدف للتجسس على المعارضين لسياسة أبوظبي.

وذكر التقرير أن الهدف من عملية التجسس على هواتف هؤلاء الصحفيين، هو العثور على أية معلومات تظهر أن العائلة المالكة في قطر توجه تغطية قناة الجزيرة وغيرها من وسائل الإعلام المدعومة من الدوحة خاصة عقب الأزمة الخليجية التي اندلعت عام 2017، والعثور أيضاً على أية روابط تثبت العلاقة بين قناة “الجزيرة” وجماعة الإخوان المسلمين.

واندلعت الأزمة الخليجية بعد قيام السعودية والإمارات والبحرين ومصر بفرض حصار بري وجوي وبحري على قطر، بدعوى دعمها للإرهاب وهو ما تنفيه وتقول بأن هدف الحصار هو النيل من قرارها المستقل وسيادتها.

وكان من ضمن شروط دول الحصار هو إغلاق قناة “الجزيرة” ووسائل إعلامية قالت إن قطر تدعمها، مثل قناة “الحوار” وصحيفة وتلفزيون “العربي الجديد” بدعوى نشرهم للتطرف والإرهاب، لكن في نفس الوقت يقول متابعيهم إنهم يعملون على تغطية واقع المواطن العربي دون رقيب، كما كانت “الجزيرة” رائدة في نقل احتجاجات وثورات الربيع العربي، وهما ما أغضب دول الحصار الذين يقودون “ثورة مضادة” لإجهاض الثورات العربية.

ومؤخرا قال الموقع الأمريكي ” ذا أمريكان كونسيرفاتف”، إنه بمباركة واشنطن، استأجرت دولة الإمارات أفضل وأذكى ما لدينا لشن حرب سيبرانية، والتي تستهدف الأمريكيين حتمًا.

وتساءل الموقع، في تقرير لشاؤول أنوزيس وهو رئيس سابق للحزب الجمهوري في ولاية ميشيغان، إذا قامت دولة أجنبية بتجنيد جواسيسنا، وكان هؤلاء المجندون يتجسسون في نهاية المطاف على الأميركيين، فهل يمكن اعتبارهم خونة؟

ليجيب الكاتب “للأسف، هذا ليس سؤالًا بلاغيًا. فقد كشفت التقارير الأخيرة أن الإمارات  استأجرت عدداً من قراصنة سابقين في وكالة الأمن القومي بهدف المراقبة وشن الهجمات السيبرانية على ما يسمى بالأعداء المحليين والأجانب”.

وأضاف، في حين أن الولايات المتحدة تعتبر حليفاً للإمارات، و تستخدم الإنترنت على نطاق واسع، إلا أن الأمريكيين كانوا محاصرين حتماً في عمليات التجسس.

في 30 يناير ، نشرت رويترز خبرين، يفيدان بأن الإمارات قامت في عام 2014 بتشكيل فريق سري من عملاء الاستخبارات الأمريكيين السابقين أطلقوا عليه اسم “مشروع الغراب”.

وبحسب لوري سترود ، وهي عميل سابق لمشروع رافين، فقد استغلت المجموعة خبرتها، واستخدمت الأساليب التي تم جمعها خلال عقد من الزمان أو أكثر في مجتمع إنتل الأمريكي (بالإضافة إلى أدوات الإنترنت الحديثة) لمساعدة الإمارات على جمع المعلومات والاشتراك في الحرب السيبرانية ضد الحكومات الأخرى، بما في ذلك كبار المسؤولين الحكوميين العسكريين وناشطي حقوق الإنسان الذين ينتقدون الإمارات، وتعتبرهم أبوظبي “تهديدا للأمن القومي” ولنظام الحكم الوراثي. وقالت ستراود إنها انضمت إلى “Project Raven” بعد أسبوعين فقط من مغادرة NSA في عام 2014.

وقال محامو الأمن القومي الأمريكي لرويترز إن القوانين التي تحكم ما يمكن أن يقوم به متعاقدو الاستخبارات الأمريكية في الخارج “غامضة”. لكن الشيء الوحيد الذي لم يكن غامضا هو أن الاتفاق بين وزارة الخارجية والمقاول الإماراتي هو حظر استهداف المواطنين والشركات الأمريكية.

ومع ذلك، كانت عمليات مراقبة البيانات الواسعة الانتشار تجتاح الأميركيين على أي حال. وقالت ستراود إنهم بذلوا قصارى جهدهم للإعلان عن هذه الأهداف وحذفها ، لكن مع سيطرة عملائهم على عملهم في الإمارات ، لم يكن هناك أي مجال لمعرفة ما إذا كانت المصالح الأمريكية محمية بشكل كامل.

وتابع الموقع، الفكرة القائلة بأن دافعي الضرائب الأمريكيين يدفعون ثمن أفضل وأذكى العناصر لتدريبهم على العمل لتكون بمثابة أصول لوكالات الاستخبارات أمريكية المتعددة، ومن ثم يذهبون للعمل كأدوات لحكومة أجنبية- هي فكرة سخيفة.

فإذا لم تتمكن حكومة الولايات المتحدة من السيطرة على العناصر من العمل أينما يحلو لهم، فلا بد إذن من أن يكون هناك تنظيم على الأقل لهذا العمل.

ويقترح الموقع إجراءات تنظيم، من قبيل أن يكشف هؤلاء العناصر الذين يعملون مع حكومات أجنبية ما إذا كان عملهم هذا يضر  خصوصية وأمن المصالح الأمريكية ومواطنيها، إلى جانب حظر عمل هؤلاء مع الدول المتهمة بانتهاك حقوق الإنسان أو المشاركة في نزاعات العنف الحالية مثل الإمارات في حرب اليمن.

وطالب الموقع بالتحقيق على الفور فيما إذا للإمارات عمليات  تستهدف الأميركيين، سواء كان ذلك عن عمد أم لا.

على أقل تقدير، يقول الموقع، لا ينبغي لنا أن نجعل التجسس على مواطنينا أسهل مما سبق. يمكن وضع سياسات بسيطة تتعامل مع هذه المخاوف المباشرة ويجب أن تبقى خدماتنا الاستخباراتية متيقظة. والمفارقة هنا، هي أن الجواسيس والمتخصصين والمتسللين المدربين من دافعي الضرائب الأمريكيين يُسمح لهم ببيع خبراتنا الممولة لأي كيان أجنبي  مع الإفلات من العقاب.  واعتبر الموقع أن ذلك  أمر خطير، وسوف يعود بلا شك إلى ملاحقتنا عندما لا نتوقع ذلك.

وفي يناير الماضي كشفت وكالة رويترز العالمية للأنباء  تورط النظام الحاكم في دولة الإمارات في التجسس على هواتف آيفون مواطني الدولة وخصومها.

واخترق فريق من ضباط المخابرات الأمريكية السابقين، الذين يعملون لحساب الإمارات العربية المتحدة، أجهزة آيفون الخاصة بنشطاء ودبلوماسيين وزعماء أجانب من خصوم الإمارات وذلك بالاستعانة بأداة تجسس متطورة تسمى (كارما).

وقالت رويترز إن هذه الفضيحة تظهر كيف أن الأسلحة الإلكترونية فائقة الفاعلية بدأت تتسرب خارج القوى الكبرى وتصل إلى أيدي دول أصغر في إشارة إلى الإمارات.

وذكر خمسة ضباط سابقين ووثائق برمجية أن أداة التجسس سمحت للبلد الخليجي الصغير بمراقبة مئات الأهداف بدءا من عام 2016، ومنهم أمير قطر ومسؤول تركي رفيع المستوى وناشطة يمنية في حقوق الإنسان حائزة على جائزة نوبل. وليس من بين المصادر التي تحدثت معها رويترز مواطنون إماراتيون.

وجرى استخدام (كارما) بواسطة وحدة للعمليات الإلكترونية في أبوظبي تضم مسؤولي أمن إماراتيين وضباطا سابقين بالمخابرات الأمريكية يعملون كمتعاقدين لصالح أجهزة المخابرات الإماراتية. ولم ترد أنباء من قبل بخصوص وجود (كارما) أو وحدة التجسس الإلكتروني، التي تحمل الاسم الرمزي (المشروع ريفين).

ووصف الضباط السابقون الذين عملوا في المشروع ريفين، (كارما) بأنها أداة قادرة على إتاحة الدخول عن بعد إلى أجهزة آيفون بمجرد تحميل أرقام الهواتف أو حسابات بريد إلكتروني على نظام استهداف آلي.

غير أن أداة التجسس لها حدود أيضا، إذ أنها لا تعمل على الأجهزة التي يشغلها نظام أندرويد كما لا يمكنها اعتراض المكالمات الهاتفية. غير أن المصادر ذكرت أن ما يجعل (كارما) أداة فائقة القدرة بشكل غير عادي، أنها لا تحتاج إلى أن يضغط الهدف على رابط يتم إرساله إلى جهاز الأيفون، وذلك على خلاف كثير من الثغرات.

وجرى استخدام (كارما) في عامي 2016 و2017 للحصول على صور ورسائل بريد إلكتروني ورسائل نصية ومعلومات بشأن الموقع من أجهزة آيفون المستهدفة. وساعدت هذه التقنية المتسللين أيضا على الحصول على كلمات سر محفوظة يمكن استخدامها في عمليات تسلل أخرى.

وليس واضحا ما إذا كانت تقنية التسلل بواسطة (كارما) لا تزال مستخدمة. وقال الضباط السابقون إنه بحلول نهاية عام 2017، أدخلت أبل تحديثات أمنية على برمجياتها جعلت (كارما) أقل فاعلية بكثير.

وتحدثت لوري ستراود، الضابطة السابقة في مشروع ريفين والتي عملت سابقا أيضا في وكالة الأمن الوطني الأمريكية، عن الإثارة التي أحدثها بدء استخدام (كارما) في 2016.

وقالت “لقد بدا الأمر هكذا، ‘لدينا أداة التسلل الجديدة الرائعة هذه التي اشتريناها للتو. أحضروا لنا الآن قائمة ضخمة بالأهداف التي تمتلك أجهزة آيفون‘”. وأضافت “كان أشبه باحتفال عيد الميلاد”.

يأتي الكشف عن (كارما) ووحدة (ريفين) وسط سباق تسلح إلكتروني متصاعد، حيث تكثف الإمارات مساعيها للحصول على أكثر الأدوات والأفراد تطورا فيما يتعلق بمجال التسلل الإلكتروني.

ويقول مسؤولون مخضرمون في مجال الحرب الإلكترونية إن الطلب يزداد بشكل كبير على أدوات مثل (كارما)، التي يمكن أن تخترق مئات من أجهزة آيفون في وقت واحد لتستولي على بيانات تتعلق بالموقع أو الصور أو الرسائل النصية.

وقال مايكل دانيال مسؤول الأمن الإلكتروني في البيت الأبيض في عهد الرئيس السابق باراك أوباما إن هناك حوالي عشر دول فقط يعتقد أنها قادرة على تطوير مثل تلك الأسلحة، منها روسيا والصين والولايات المتحدة وأقرب حلفائها.

وقال باتريك واردل الباحث السابق لدى وكالة الأمن الوطني والخبير الأمني لدى أبل إن كارما وأدوات مشابهة تجعل الأجهزة الشخصية مثل آيفون “أسهل الأهداف”.

وقالت المصادر التي كانت مطلعة على المشروع ريفين إن (كارما) سمح للضباط بجمع معلومات بشأن عشرات الأهداف، من النشطاء المعارضين للحكومة إلى الخصوم في المنطقة ومنهم قطر، وجماعة الإخوان المسلمين الغريم الأيديولوجي للإمارات.

كما سمح لهم أيضا بالوصول إلى صور تمس سمعة الأهداف وصور جنسية فاضحة لهم في بعض الأحيان.

وكان أغلب موظفي ريفين ممن عملوا سابقا بأجهزة المخابرات الأمريكية الذين كانوا يحصلون على أجورهم من خلال شركة إماراتية للأمن الإلكتروني تسمى (دارك ماتر)، وذلك وفق وثائق اطلعت عليها رويترز.

وقال الضباط السابقون إن الحكومة الإماراتية اشترت (كارما) من بائع من خارج البلاد. ولم يتسن لرويترز التحقق من الجهة التي ابتكرت أداة التجسس.

وكان الضباط يعرفون كيفية استخدام (كارما)، حيث كانوا يوميا يدخلون أهدافا جديدة في نظام لا يحتاج تقريبا إلى معلومات إضافية بعد أن يحدد الضابط هدفه. غير أن مستخدمي النظام لم يكونوا على دراية كاملة بالتفاصيل الفنية الخاصة بكيفية تمكن أداة التجسس من استغلال موطن الضعف لدى أبل. وقال أشخاص مطلعون على فن التجسس الإلكتروني إن هذا ليس غريبا في وكالة مخابرات كبيرة، حيث لا يتم إطلاع مشغلي الأنظمة على معظم ما يعرفه المهندسون بخصوص تفاصيل عمل سلاح ما.

وقال ثلاثة ضباط سابقون إنهم فهموا أن كارما يعتمد، جزئيا على الأقل، على ثغرة في برنامج (آي مسج) الذي يستخدم في التراسل في أبل. وأضافوا أن الثغرة سمحت بزرع برمجيات خبيثة في الهاتف من خلال (آي مسج)، حتى إذا لم يستخدم مالك الهاتف برنامج (آي مسج)، وهو ما يمكن المتسللين من إقامة اتصال مع الجهاز.

ومن أجل بدء عملية الاختراق، لا يحتاج (كارما) سوى إلى توجيه رسالة نصية إلى الهدف، ولا يحتاج المتسلل بعد ذلك إلى أي إجراء من جانب المستهدف. ولم يتمكن الضباط السابقون من تحديد كيف يتم استغلال ذلك العيب.

وأكد شخص على اطلاع مباشر بصفقة (كارما) بيع أداة التجسس للإماراتيين من تاجر من الخارج، كما أكد تفاصيل قدراتها وكذلك اعتمادها على ثغرة في (آي مسج).

وقال ضباط سابقون في المشروع ريفين ووثائق برمجية إن فريق ريفين اخترق بنجاح حسابات مئات الشخصيات السياسية البارزة في الشرق الأوسط وكذلك النشطاء في أرجاء المنطقة وفي أوروبا في بعض الحالات.

في عام 2017، على سبيل المثال، استخدم الضباط السابقون (كارما) لاختراق هاتف آيفون يستخدمه أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وكذلك أجهزة يستخدمها محمد شيمشك النائب السابق لرئيس الوزراء في تركيا، ويوسف بن علوي بن عبد الله الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية في سلطنة عمان. ولم يتضح ما هي البيانات التي جرى الاستيلاء عليها من تلك الأجهزة.

وقال شيمشك، الذي استقال من منصبه في يوليو تموز، إن اختراق هاتفه أمر “مروع ومزعج للغاية”.

واخترق فريق ريفين أيضا هاتف توكل كرمان، الناشطة في مجال حقوق الإنسان الملقبة بالمرأة الحديدية في اليمن. وعندما أبلغتها رويترز باختراق هاتفها، قالت إنها تعتقد أنه تم اختيارها بسبب تزعمها لاحتجاجات الربيع العربي في اليمن والتي اندلعت في المنطقة في عام 2011.

وقالت إنها تلقت على مدى سنوات إخطارات متكررة من حسابات على وسائل التواصل الاجتماعي تحذرها من أنه جرى اختراق حساباتها. لكنها أضافت أن حقيقة مساعدة أمريكيين للحكومة الإماراتية على مراقبتها كانت صادمة.

وأضافت أن المتوقع من الأمريكيين “أن يدعموا حماية المدافعين عن حقوق الإنسان ويوفروا لهم كل سبل ووسائل الحماية والأمن… لا أن يكونوا أداة في أيدي الأنظمة المستبدة للتجسس على النشطاء وتمكينها من قمع شعوبها”.