موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

الإمارات تحترق بنيران طموحاتها وتستهدف تحجيم الدور السعودي المتنامي

1٬090

في تطور جديد يكشف جانباً من صراعات النفوذ داخل الخليج، تبرز الإمارات – بقيادة محمد بن زايد – كمحور يسعى جاهداً إلى تحجيم الدور السعودي المتنامي، خاصة في مناطق النفوذ الناعمة في القارة الإفريقية، وسط تصاعد الاتهامات لأبوظبي باتباع استراتيجية تضليل إعلامي تهدف لتشتيت الانتباه عن أزماتها الخارجية.

لم يكن خافياً على المراقبين ازدياد النفوذ السعودي في منطقة الساحل وغرب إفريقيا، حيث تتوسع المملكة في استثماراتها الاقتصادية ومبادراتها التنموية، ما جعلها تزاحم الهيمنة التقليدية للإمارات، التي طالما اعتمدت على المال السياسي والتحالفات الأمنية لتعزيز حضورها في تلك الساحات.

ومع تعاظم الأزمة السودانية واتهام الإمارات بالتورط في إذكاء الصراع عبر دعم مليشيات متمردة – حسب تقارير دولية وإقليمية – باتت صورة أبوظبي ملوثة في الأوساط السياسية والحقوقية.

وقد شعرت الدوائر الإعلامية التابعة لها، أو المرتبطة بها، بأن “الحبل يضيق” عليها، خاصة مع الانتقادات العلنية التي طالت سياساتها في أفريقيا والقرن الإفريقي واليمن.

وفي هذا السياق، كشفت مصادر إعلامية عن استراتيجية جديدة وضعتها دوائر أبوظبي الإعلامية: “حين تزداد الضغوط علينا، يجب أن يطال الهجوم الجميع”.

وهدف هذه السياسة ليس تبرئة الذات – وهو أمر بات شبه مستحيل حسب تعبير أحد الصحفيين الخليجيين – بل السعي إلى توزيع اللوم وتوسيع ساحة المعركة الإعلامية لتشمل لاعبين آخرين، وفي مقدمتهم السعودية.

وقد بدأت تظهر مؤشرات تطبيق هذه السياسة على الأرض، كما حدث مؤخراً في معرض الكتاب الدولي بتونس، حيث استُهدف الجناح السعودي بشكل حصري من قبل متظاهرين اتهموا المملكة بـ”التطبيع الصامت” مع إسرائيل.

واللافت أن هذا الاستهداف جاء في وقت تم فيه تجاهل أجنحة دول أخرى مثل الإمارات ومصر والمغرب والأردن، رغم أن هذه الدول طبّعت علناً مع إسرائيل، بل ونسّقت معها أمنياً واقتصادياً.

ويرى مراقبون أن هذا الانتقائية في الاستهداف ليست بريئة، بل تعكس توجيهاً إعلامياً مدروساً يستهدف إضعاف صورة السعودية إقليمياً، من خلال تسليط الضوء على ملفات حساسة في ساحات ثقافية رمزية.

ويعتبر هؤلاء أن الأمر لا ينفصل عن شعور بن زايد بأن الرياض بدأت تخترق مناطق كان يعتبرها حديقة خلفية للإمارات.

في المحصلة، يجد النظام الإماراتي نفسه محاطاً بسلسلة أزمات – من اليمن إلى السودان، ومن القرن الإفريقي إلى الملف الفلسطيني – ويحاول التملص منها عبر توسيع دائرة الاتهام وإشعال الفوضى الإعلامية.

غير أن المتابعين يحذرون من أن هذه التكتيكات قد تنقلب عليه، خاصة في ظل ازدياد وعي الرأي العام العربي وتنامي الأصوات التي تفضح هذه السياسات القائمة على الغطرسة والهيمنة.

ويؤكد هؤلا أنّ سلوك الإمارات في تحجيم الدور السعودي لا يمكن فصله عن رؤيتها لنفسها كقوة إقليمية صاعدة تسعى للسيطرة على القرار العربي من خلال أدوات المال والتقنيات الأمنية والإعلام المدعوم.

لكن هذا الطموح يصطدم بشكل مباشر مع تحول السعودية، بعد 2015، إلى لاعب مركزي مستقل يتبنى رؤية عالمية تنموية لا تُخفي نواياها في بسط النفوذ اقتصادياً في مناطق كان النفوذ الإماراتي فيها بلا منافس.

وتبدو أفريقيا – وخاصة مناطق غربها والساحل – ساحة تنافس محتدمة بين أبوظبي والرياض. فبينما كانت الإمارات تستثمر في الموانئ، وتربط وجودها بالتعاون الأمني مع الأنظمة الهشة، اختارت السعودية استراتيجية أكثر استدامة من خلال الدعم التنموي والاستثمارات الزراعية والصحية والبنية التحتية، وهو ما أكسبها مقبولية شعبية ومؤسساتية أكبر.

في السودان، على وجه التحديد، كان هذا الصدام أوضح. ففي حين دعمت الرياض اتفاقات سياسية مرحلية مع قوى مدنية، تم اتهام الإمارات – من قبل تقارير أممية وأطراف داخلية – بتسليح قوات الدعم السريع، مما ساهم في تفجير حرب أهلية مدمرة.

وبدلاً من أن تتعاطى أبوظبي مع الاتهامات بمسؤولية، اختارت أن ترد عبر منصاتها الإعلامية بهجوم وقائي على السعودية نفسها، في محاولة لخلط الأوراق وتوزيع الاتهامات.

هذا النوع من السلوك، بحسب باحثين في العلاقات الدولية، يُصنف ضمن “استراتيجية التشويش الإقليمي”، والتي تلجأ إليها القوى الصغرى عندما تواجه أزمات بنيوية تهدد تموضعها الجيوسياسي.

فالإمارات، رغم حضورها المالي والإعلامي، تدرك أنها دولة محدودة السكان والمساحة، وأن أي تصدع في تحالفاتها – أو انكشاف ممارساتها – يُهدد مشروعها الإقليمي بأكمله.

كما أن التوقيت في الحملة الإعلامية الحالية يثير التساؤلات، إذ يأتي في ظل انفتاح سعودي على ملفات كانت مغلقة – كإسرائيل ولبنان وسوريا – ولكن ضمن مقاربة سيادية ناعمة، تختلف عن المقاربة الإماراتية التي تميل إلى الاختراق الصريح وفرض النفوذ عبر الوكلاء.

ومن هنا فإن اتهام السعودية بـ”التطبيع الصامت” هو في حقيقته محاولة لخلط الأوراق والتقليل من التباين الكبير بين السياسات الخليجية تجاه القضية الفلسطينية.

ولعل المثير للقلق، بحسب دبلوماسيين غربيين، أن الإمارات بدأت تتصرف كدولة غير معنية بثوابت العمل العربي المشترك، بل تضع مصالحها الضيقة فوق كل اعتبار، بما في ذلك استقرار المنطقة.

وهذا ما يُفسر تصاعد الأصوات الناقدة لها من داخل الخليج وخارجه، خاصة مع تحوّل سياساتها الخارجية إلى مصدر توتر دائم، وليس عنصر توازن أو دعم.

في النهاية، يبقى السؤال معلقاً: إلى أي مدى يمكن أن تذهب أبوظبي في معاركها الإعلامية والسياسية، قبل أن تجد نفسها معزولة حتى من أقرب حلفائها؟