كشفت تقارير إعلامية عن خفايا تحركات مشبوهة للنظام الحاكم في دولة الإمارات في جنوب سوريا بالتنسيق مع إسرائيل في إطار مؤامرات أبو ظبي لكسب التوسع الإقليمي المشبوه.
وبعد اتفاق إشهار التطبيع بين الإمارات وإسرائيل رسمياً، في منتصف أيلول/سبتمبر 2020، بدأت أبو ظبي بالتنسيق الرسمي مع إسرائيل بما يخص الملف السوري بشكل أكبر.
وتسعى الإمارات لإمكانية فرض معادلة جديدة تحقق لـ”تل أبيب” مُرادها، ويُمكن أبوظبي من رسم إطار واضح لعلاقتها مع النظام السوري، ومواجهة تركيا في الشمال السوري عبر دعم فصائل كردية انفصالية تعتبرها أنقرة مهددة لأمنها القومي.
وفي إطار ذلك تعمل الإمارات على مشروع عسكري بالتعاون مع إسرائيل لإعادة تنظيم عمل الفصائل العسكرية في المنطقة الجنوبية.
وذكرت مصادر أمنية أن وفداً استخبارياً إماراتياً برئاسة العميد محمد الزهران (عضو اللجنة المكلفة من قبل جهاز الاستخبارات بإدارة الملف السوري) وصل إلى “تل أبيب”، يوم 17 أكتوبر 2020.
وتضمن ذلك مناقشة المسودة المقترحة من قبل الجانب الإماراتي التي تتضمن تعاوناً بين أبوظبي و”تل أبيب” لإعادة تنظيم فصائل المعارضة المسلحة في مدن الجنوب السوري المنتشر على طول الحدود مع “إسرائيل”.
وتأتي التحركات الإماراتية بحسب المصدر ضمن خطة أبوظبي لدعم مشروع يضمن مواجهة إيران في محافظات درعا والقنيطرة والسويداء، ومواجهة تركيا على مستوى الحل السياسي في سوريا.
وكشف المصدر أن المشروع تمت مناقشته سابقاً على مستوى دبلوماسي روسي – إماراتي، إلا أن موسكو رفضت المقترح بصيغته المقدمة واشترطت للموافقة عليه أن تتم إعادة تنظيم صفوف مقاتلي المعارضة الذين أجروا تسويات ومصالحات برعاية روسية ضمن مشروع الفيلق السادس في محافظة درعا.
والفيلق السادس أسس بإشراف وتمويل روسي، وقد تمت من خلاله تسوية الأوضاع الأمنية لشريحة كبيرة من مقاتلي المعارضة السابقين في جنوب سوريا ودمجهم ضمن تشكيل عسكري تحت قيادة القوات الروسية في قاعدة حميميم الموجودة في اللاذقية.
كما أكّد المصدر أن “الإمارات تسعى لتأسيس كيان عسكري باسم المعارضة المحسوبة عليها، وترفض الشروط الروسية لكونها فشلت في إقناع المعارضة السورية في الخارج بإمكانية قبول التشكيلات التي تم تأسيسها بإشراف روسي، ومنها الفيلق الخامس الذي يمتلك فيه القيادي السابق أحمد العودة (المدعوم من الإمارات) نفوذاً مهماً.
ويندرج ذلك ضمن استراتيجية أبوظبي التي تهدف إلى تأسيس كانتونات عسكرية يمكن من خلالها مواجهة النفوذ التركي في سوريا ضمن أي حل سياسي شامل للبلاد خلال المرحلة المقبلة”.
ويعتقد المصدر أن “يتقدم العميد محمد الزهران بمقترح إلى الجانب الإسرائيلي يضمن موافقة أبوظبي على إشراف مشترك إسرائيلي – روسي مقابل سماح موسكو بتأسيس كيان عسكري باسم المعارضة السورية، مع ضمانات إماراتية بالسيطرة الكاملة على هذا التشكيل، وضمان ممارسة مهامه تحت مظلة التنسيق الروسي الإسرائيلي”.
وتحدث المصدر عن أن “أبوظبي تعتمد في خطتها على عدد من القيادات السابقين في المعارضة السورية؛ ومن أبرزهم عماد أبو زريق، القائد العسكري لما يسمى جيش الثورة والذي يضم فصائل المعتز واليرموك والمهاجرين والأنصار وتربطه علاقة وثيقة بالمخابرات الإماراتية”.
وكذلك “عدي الحاجي، من كوادر الجهاز الأمني لجيش الثورة سابقاً، ومقيم حالياً في الأردن”، وفق المصدر.
وبيّن أيضاً أن أبوظبي تسعى من خلال مشروعها إلى استقطاب وتنظيم 14 عنصراً أساسياً من القياديين خلال المرحلة الأولى؛ تمهيداً لاستقطاب كوادر أخرى من العاملين والمقربين من مقاتلي المعارضة في مراحل لاحقة.
وتركزت التحركات الإماراتية في دعم المعارضة السورية في الجنوب بعد عام 2012، وهي الجبهة التي شهدت التطورات الأغرب في الحرب السورية.
وكانت معظم فصائل الجنوب السوري ممولة إماراتياً وسعودياً بشكل شبه كامل، وتخضع لإشراف مخابراتي أردني مباشر، تولى مهمة تحريك الفصائل وضبط إيقاع عملياتها وبما يتناسب مع الدور المطلوب منها.
وبالفعل توقفت عن خوض أي معارك ضد نظام الأسد بشكل كامل بعد اجتماع موسكو الرباعي الذي ضم كلاً من (روسيا – ومصر – والأردن – والإمارات) وعقد في شهر أغسطس عام 2015، لتلتحق السعودية بالمحور الجديد بعد زيارة ولي عهدها الأمير محمد بن سلمان إلى موسكو.
وكان للإماراتيين دور مهم في اقتحام روسيا ونظام الأسد لمهد الثورة السورية (درعا وما حولها)، خاصة مع حالة الانهيار الكامل والسريع لفصائل مهد الثورة، ولا سيما القسم الشرقي من المحافظة، بحسب موقع “ميدل إيست أي” البريطاني.
وقاد أحمد العودة عملية الانهيار وتسليم درعا لروسيا ومليشيات النظام السوري دون قتال، خاصة أن شرق حوران يخضع بالكامل لسيطرته.
كما أن نفوذ العودة، رجل الإمارات، ومجال عملية “الموك”، لم يقتصر على شرق حوران، بل تعدياها للقسم الغربي، حيث جند عدداً من الفصائل، خاصة تلك الموجودة في القرى التي أنجبت “حركة المثنى” كـ بلدة “إنخل”؛ وذلك منعاً لظهور فصائل جديدة قد تعرقل عملية تسليم المنطقة للنظام.
كما تعمل أبوظبي على دعم مليشيات كردية انفصالية في مناطق شمال سوريا؛ وذلك لمواجهة تركيا، التي تقود عمليات عسكرية في مواجهة هذه المليشيات بالتعاون مع فصائل الجيش الحر باعتبارها تهدد الأمن القومي التركي وتسعى لتفكيك سوريا.
وبعد استكمال مسلسل إعادة نظام الأسد بصحبة روسيا وإيران للمناطق التي كانت بقبضة فصائل الجيش الحر بالمناطق الجنوبية خصوصاً، أعلنت الإمارات، في ديسمبر 2018، وبشكل مفاجئ افتتاح سفارتها في دمشق، ثم قامت البحرين بذات الخطوة، في محاولة لإعادة تعويم النظام بعد عزلة دولية واسعة.
وظهر دفء العلاقات بين الأسد والإمارات مؤخراً (بعد إعلان التطبيع) مع وصول طائرتي مساعدات خلال 5 أيام تحمل 25 طناً من المواد والتجهيزات الطبية ومستلزمات الوقاية والفحوص المخبرية المتعلقة بفيروس كورونا، وفق وكالة أنباء الأسد “سانا”.
وكان محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي، قد استغل موضوع تفشي فيروس كورونا مجرياً أول اتصال معلن من نوعه مع بشار الأسد منذ عام 2011، مؤكداً دعم الإمارات للشعب السوري.