تصر دولة الإمارات على أن تكون أكثر الدول العربية الداعمة لإعادة تعويم النظام السوري عربيا وحتى دوليا، ودعم اقتصاده بحثا عن كسب النفوذ الإقليمي.
وأشار مركز الإمارات للدراسات والإعلام “إيماسك“ إلى استقبال رئيس النظام السوري بشار الأسد وزير خارجية الإمارات عبد الله بن زايد آل نهيان في دمشق في أحدث بادرة على تحسن العلاقات بين الأسد والإمارات.
وهذه هي الزيارة الثانية التي يقوم بها بن زايد لدمشق، حيث كانت آخر زيارة أجراها إلى العاصمة السوري في نوفمبر/تشرين الثاني 2021، تلتها زيارة من بشار الأسد إلى العاصمة الإماراتية أبوظبي في مارس/آذار 2022، وكانت الأولى له لدولة عربية منذ 2011.
وقالت وكالة أنباء الإمارات الرسمية (وام) إن الاجتماع تناول التطورات في سوريا ومنطقة الشرق الأوسط الأوسع، وأضافت الوكالة أن بن زايد أشار إلى دعم بلاده لحل سياسي للصراع السوري المستمر منذ أكثر من عقد.
من جهتها قالت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) إن الطرفين بحثا التطورات الإقليمية والدولية والعلاقات الاقتصادية.
ونقلت الوكالة عن الأسد تأكيده أن العلاقات بين سوريا والإمارات تاريخية، وأنها من الطبيعي أن تعود إلى عمقها.
كما نقلت عن وزير الخارجية الإماراتي قوله إن بلاده حريصة على تعزيز التعاون بين الدولتين، وعلى استقرار سوريا وسيادتها على كل أراضيها.
وتأتي تلك الزيارة في ظل الصخب الإعلامي التي تحظى به عملية التطبيع بين نظام الأسد وتركيا، وخاصة بعد اللقاءات بين المسؤولين الأتراك وعلى رأسهم وزيري الدفاع والخارجية التركيين خلوصي أكار ومولود تشاووش أوغلو مع مسؤولي النظام في دمشق وموسكو بدعم روسي.
مع العلم أن هذه الزيارات لا تلقى قبولا عند كثير من الشعوب العربية، حيث ما زال الأسد منبوذا ومكروها لأنه أشرف على حملة قمع وحشية ضد مظاهرات عام 2011 أودت بحياة مئات الآلاف من المدنيين وشرد الملايين من ديارهم.
كما لا تجد تلك الزيارات وخطوات التطبيع التي تقوم بها الإمارات وتركيا حاليا تأييدا غربيا، وخاصة عند الإدارة الأميركية التي أعلنت أكثر من مرة رفضها التطبيع مع النظام السوري أو رفع العلاقات معه، معتبرة أن الوقت لم يحن بعد.
وتتزامن زيارة بن زايد إلى دمشق، مع دعوات أطلقتها الولايات المتحدة -أول أمس الثلاثاء-، طالبت خلالها دول العالم بالامتناع عن تطبيع علاقاتها مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد.
وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس للصحفيين “نحن لا ندعم الدول التي تعزّز علاقاتها أو تعرب عن دعمها لإعادة الاعتبار لبشار الأسد الدكتاتور الوحشي”.
وطالب برايس دول العالم بأن تدرس بعناية سجل حقوق الإنسان “المروّع” لنظام الأسد على مدى السنوات الـ 12 الماضية، في الوقت الذي يواصل فيه ارتكاب فظائع ضد الشعب السوري ويمنع وصول مساعدات إنسانية منقذة للحياة إلى محتاجيها في المناطق الخارجة عن سيطرة قواته.
وتختلف التفسيرات عند كثير من المحللين السياسيين المتابعين للشأن السوري وكذلك المهتمين بالتحركات الإمارتية في المنطقة، خصوصا في ليبيا واليمن.
يذهب البعض إلى أن السبب الرئيس وراء الإندفاعة الإماراتية تجاه دمشق هو الموضوع الاقتصادي، والبحث عن فرصة اقتصادية واستثمارية في سوريا، والحصول على حصة محترمة من عملية إعادة الإعمار التي تقدر بمئات المليارات من الدولارات.
ربما يكون هذا التوجه صحيحا، أو به شيء من الصحة، لكن ثمة عقبات حقيقية أمامه، أهمها أن الاقتصاد السوري ما زال يعاني من الدمار، وأكثر من نصف سكان البلاد الذين كان يبلغ عددهم زهاء 20 مليون نسمة قبل الحرب إما نازحون أو لاجئون.
كما أن الفساد والمحسوبيات ما زالت تنخر النظام السوري، فضلا عن الدمار الكبير في البنية التحتية السورية والتدهور الأمني في البلاد، وهي عوامل تعتبر طاردة لأي بيئة استثمارية.
ولا يمكن أن نغفل هنا العقوبات الأميركية على نظام الأسد وصعوبة الالتفاف حولها.
إذاً لماذا؟، يقول محللون آخرون، إن الإمارات العربية المتحدة لعبت دورا داعما للأسد منذ البداية على خلاف المعلن، حيث بقيت دبي ملاذًا آمنًا للعديد من الشخصيات المؤيدة للأسد وثرواتها خلال الحرب.
وبالتالي فإن موقف الإمارات من الثورات العربية مبدأي، فهي تخشى أن يسقط النظام بيد جماعات الإسلام السياسي، وبالتحديد الإخوان المسلمين.
كما تأمل الإمارات من هذا التقارب، أن يقطع الأسد علاقاته مع إيران أو تقليصها، مع أن هذا الطرح يعتبر شبه مستحيل، لما تشكله طهران من حليف مهم للنظام السوري ساعده خلال الفترة الماضية على الصمود ماليا وعسكريا وسياسيا في وجه الثورة السورية.
ويقول آخرون، إن الإمارات تريد أن تثبت للجميع أنها لاعب رئيسي في المنطقة، لها دورها وحضورها ومحاولة كسب النفوذ الإقليمي.