موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تفاصيل دعوى السودان القضائية ضد الإمارات في محكمة العدل الدولية

715

نشرت مجلة “فورين بوليسي” الدولية تفاصيل دعوى قضائية رفعتها حكومة السودان ضد دولة الإمارات في محكمة العدل الدولية على خلفية دعم أبوظبي ميليشيات الدعم السريع في الحرب الاهلية السودانية والتورط في ارتكاب جرائم إبادة.

وحث السودان دول عالم الجنوب إلى الوقوف معه ودعمه في الدعوى القضائية ضد الإمارات أمام محكمة العدل الدولية ما يعكس التحديات القانونية والسياسية في مواجهة القوى الكبرى في منطقة الشرق الأوسط.

وفي 6 آذار/مارس، أعلنت محكمة العدل الدولية أن السودان رفع دعوى قضائية ضد الإمارات متهما إياها بالتواطؤ في الإبادة الجماعية. بدعم قوات الدعم السريع.

واتهم السودان الإمارات بتقدم دعم مستمر لقوات الدعم السريع، التي تخوض حربا شرسة على السلطة ضد القوات المسلحة السودانية منذ نيسان/أبريل 2023، يعد تواطؤا في جريمة حرب.

وتشير القضية إلى جرائم موثقة ارتكبتها قوات الدعم السريع ضد قبيلة المساليت، ففي الفترة ما بين أيار/ مايو وحزيران/ يونيو 2023، قتل ما يصل إلى 15,000 مدنيا من المساليت في غرب دارفور، ونزح ما لا يقل عن 500,000 شخصا إلى تشاد.

وهو ما أعاد إلى الأذهان الصراع في دارفور أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، عندما ارتكبت ميليشيات الجنجويد، أسلاف قوات الدعم السريع، جرائم مماثلة لصالح نظام الرئيس عمر البشير.

ويتهم السودان الإمارات بانتهاك ميثاق الإبادة عبر مساعدتها قوات الدعم السريع وأعمالها الإبادة، وفصلت الأدلة الجنائية، بما فيها ما ورد في تقرير لـ “مركز راؤول ويلينبرغ لحقوق الإنسان” وتقريرا منفصلا صادرا عن منظمة “هيومان رايتس ووتش”، عمليات القتل الممنهجة التي ارتكبتها قوات الدعم السريع والعنف الجنسي وحرق قرى بأكملها في غرب دارفور.

وتكشف صور الأقمار الاصطناعية التي حللها مختبر الأبحاث الإنسانية في جامعة ييل عن تدمير واسع النطاق للتجمعات السكنية المدنية.

ويعزز التحقيق الصادر عن الأمم المتحدة بشأن اكتشاف مقابر جماعية بعد هجمات قوات الدعم السريع هذه الأدلة. ووصفت روايات الناجين، استهداف مقاتلو الدعم السريع للمساليت بسبب عرقهم وترديدهم عبارات عنصرية أثناء إعدامهم المدنيين، بمن فيهم الأطفال، مما يقدم أدلة واضحة على نية الإبادة الجماعية.

وعلى الرغم من تأخره، يتماشى قرار إدارة بايدن المتأخر والصادر في كانون الثاني/ يناير باعتبار أفعال قوات الدعم السريع على أنها إبادة جماعية، مع النتائج هذه، ويعتقد فريد أن الحديث عن دور الإمارات لا يقوم على التخمين، ولكنه حقيقة موثقة وبدقة.

ففي كانون الثاني / يناير 2024، قدم فريق خبراء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أدلة موثوقة على تورط الإمارات العربية المتحدة وتزويدها قوات الدعم السريع بالأسلحة عبر قاعدتها في أمجراس بتشاد.

وأشارت البيانات لتتبع الرحلات الجوية وصور الأقمار الاصطناعية، التي حللها مرصد النزاعات، وهو منظمة أمريكية غير حكومية تتحقق من تقارير جرائم الحرب في السودان وأوكرانيا، إلى “الحقيقة شبه المؤكدة” بأن الإمارات نقلت أسلحة إلى قوات الدعم السريع.

كما ذكرت وكالة أنباء “رويترز” أن هناك ما لا يقل عن 86 رحلة جوية من الإمارات العربية المتحدة إلى أمجراس منذ بدء الحرب، وأن ثلاثة أرباعها تشغلها شركات طيران كانت مرتبطة سابقا بتهريب الأسلحة.

وكشفت صحيفة “نيويورك تايمز” عن قاعدة سرية للمسيرات في مطار أمجراس، قرب الحدود السودانية والتي دعمت قوات الدعم السريع، وكشف التحقيق عن مسيرات صينية الصنع من طراز “وينغ لونغ” والتي أطلقت من مهبط طائرات جرى تحديثه، وجرى التستر عليه كجزء من مشروع إنساني مرتبط بمستشفى تابع للهلال الأحمر الإماراتي. كما أن الميليشيات التي حصلت على هذه المسيرات سجلت مستويات عالية من الضحايا في المناطق المدنية.

ويقول أمجد فريد الطيب، رئيس طاقم رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك، إن النفوذ الإماراتي المالي والدبلوماسي يزيد من التحدي، فقوتها الناعمة القائمة على النفط والتجارة، وناتجها المحلي الإجمالي البالغ 569 مليار دولار، يجعلها أقوى بكثير من اقتصاد السودان البالغ 30 مليار دولار، كما أن علاقاتها الوثيقة بالحكومات الغربية تزيد الأمور سوءا.

وقد أكد السناتور الأمريكي كريس فان هولين والنائبة سارة جاكوبس اللذان حاولا منع صفقة سلاح بقيمة 1.2 مليار دولار مع الإمارات في العام الماضي، أن الإمارات تراجعت عن تعهدها بوقف الدعم لقوات الدعم السريع، وبناء على إحاطات إدارة بايدن، وهو ما مكن قوات الدعم السريع من قتل الألاف.

ويعتقد الطيب أن هذه الحالة المقدمة من السودان تعتبر امتحانا للمحاكم الدولية وإن كانت قادرة على محاسبة الدول القوية أو الخضوع للضغوط السياسية والإجرائية، وتأتي في ظل ما يشهده نظام العدالة الدولي من ضعف، الذي ظهر في العقوبات الأمريكية الأخيرة على المحكمة الجنائية الدولية.

وقال إن جنوب أفريقيا تقدمت في كانون الأول/ ديسمبر 2023 دعوى قضائية ضد إسرائيل متهمة إياها بارتكاب الإبادة في غزة. وحظيت الدعوى بدعم عدد من الدول في عالم الجنوب، مثل الجزائر وبنغلاديش والبرازي وتشيلي والمكسيك وباكستان.

وكانت الدعوى لحظة محورية في تضامن عالم الجنوب، واستندت جنوب أفريقيا في دعواها ضد إسرائيل على تراثها الأخلاقي في مكافحة نظام الفصل العنصري ومقاومة الاستعمار، ومع أن السودان ليس لديه هذا التراث، إلا أن الازمة الحالية تفصح عن التحديات الخطيرة التي تعاني منها دول ما بعد الاستعمار، بما فيها استغلال القوى الداخلية والخارجية.

وتعتبر الأزمة الحالية التي شهدت معاناة المدنيين ونزوحهم واستهداف بالعنف وانهيار لمؤسسات الدولية، واحدة من الأزمات الإنسانية والسياسية الخطيرة في عصرنا، وهي في النهاية ليست نزاعا محليا بل هي تمظهر للإهمال الدولي والتلاعب الإقليمي والتهميش المستمر لأفريقيا.

ولو فشلت الدول التي دعمت جنوب أفريقيا بتقديم نفس الدعم للسودان، فإن هذا سيقوض نزاهة المبادئ التي قام عليها تضامن عالم الجنوب، ومن شأنه أن يخاطر بتعزيز أوجه عدم التماثل في تطبيق القانون الدولي، حيث تسلح القوى العظمى العدالة بشكل انتقائي بينما تحرم الفئات الضعيفة بشكل ممنهج.