موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تحقيق: التطبيع مع إسرائيل.. بوابة الإمارات لتعزيز تقنيات التجسس

232

شكل اتفاق إشهار التطبيع مع إسرائيل بوابة النظام الحاكم في الإمارات لتعزيز ما يمتلكه من تقنيات التجسس والقرصنة.

أقامت الإمارات وإسرائيل علاقات سرية وتعاون أمني مشبوه بينهما منذ عقود طويلة لكن إشهار التطبيع في أيلول/سبتمبر الماضي شكل حدثا فارقا.

إذ بموجب الاتفاق المذكور منحت إسرائيل كبرى شركاتها الأمنية والتجسسية الضوء الأخضر لتعزيز علاقات التعاون المشبوه مع سلطات أبوظبي.

وكان جزء يسير من ذلك ما كشفته تحقيق دولي قبل أيام بشأن تجسس الإمارات على أكثر من 10 رقم هاتف باستخدام تقنيات برنامج بغاسوس التي انتجتها شركة “مجموعة إن اس أو(NSO Group).

وعند توقيع اتفاق إشهار التطبيع، تساءل مغردون حول الأثر الجانبي المهمل للاتفاق بين إسرائيل والإمارات، بحيث تكون أبوظبي في المستقبل قادرة على امتلاك أكبر لكل تقنيات التجسس والوصول إلى برامج قرصنة إسرائيلية بسهولة أكبر من أجل التجسس بشكل أوسع على النشطاء السياسيين وهو ما حدث فعليا.

الإمارات: تاريخ من التجسس

في آب/أغسطس 2016 تلقى الناشط الإماراتي في حقوق الانسان أحمد منصور في يومين متتاليين أخبارا قصيرة غريبة تفيد ” بوجود أسرار جديدة حول التعذيب داخل السجون الحكومية للإمارات” متصلة برابط لموقع الكتروني لم ينقر عليه.

ومنصور كانت له جميع الأسباب لينتابه الشك، ففي خريف 2011 طالب بدوافع “الربيع العربي” بإصلاحات ديمقراطية في الإمارات العربية المتحدة.

وبسبب “إهانة قوى قيادية في الإمارات” حُكم عليه ثلاث سنوات بالسجن، لكن صدر بعد الحكم بقليل تم العفو عنه.

وفي الوقت نفسه صادرت السلطات جواز سفره ومنعته من السفر إلى الخارج. ولم يخش منصور بتلك الإجراءات وواصل المطالبة في السنوات التالية بإصلاحات سياسية في الإمارات.

هجمات إلكترونية ضد نشطاء حقوق الانسان

أحال منصور الخبر القصير المشبوه على معهد Citizen Lab بجامعة تورونتو الكندية الذي قام فنيوه بتحليل الانعكاسات الممكنة لبرنامج التجسس الذي لو حُمل، كما قال المعهد لاحقا فإن “الهاتف النقال لمنصور كان سيتحول إلى جاسوس رقمي في جيبه”.

فهاتفه كان مخترقا من قبل برمجيات الشركة الاسرائيلية “مجموعة إن اس أو/ NSO Group المعروفة في الأوساط المختصة بالالكترونيات والتي تواجه منذ مدة انتقادات ليس فقط بسبب خدماتها الرقمية لصالح الحكومة القمعية في أبوظبي.

فحسب تحريات صحيفة نيويورك تايمز فإنها دعمت أيضا الحكومة السعودية لمراقبة الصحفي المغتال لاحقا جمال خاشقجي. وحتى الناشط السعودي المقيم في كندا عمر عبد العزيز يعلن بأن هاتفه تعرض للقرصنة بمساعدة تقنية الشركة التي تشير من جانبها إلى أنها تقدم خدماتها للزبناء عندما توافق الحكومة الاسرائيلية على العقود.

صفقات سهلة

قبيل توقيع اتفاق إشهار التطبيع ظلت العقود بين مجموعة إن أس أو/ NSO والإمارات تحت تحفظ الموافقة من قبل الحكومة الاسرائيلية.

وسريعا ما اتضح تأثير الصفقة التاريخية المبرمة مؤخرا لإقامة علاقات ثنائية بين الإمارات وإسرائيل على هذا النوع من خدمات التجسس الرقمي.

فالواضح هو أن النفاد إلى برامج التجسس الرقمي أصبح أكثر سهولة على الإمارات مكافأة على إقامة علاقات رسمية مع اسرائيل وإلغاء القيود التجارية بينهما.

وهناك اهتمام بذلك من قبل الطرفين، كما يعتبر أندرياس كريغ، خبير شؤون الدفاع في “معهد كينغ ” بلندن.

ففي الوقت الذي تكون فيه التقنية الاسرائيلية رائدة عالميا، فإن الإمارات العربية المتحدة تتطلع للحصول على إمكانيات مراقبة أفضل. “دولة المراقبة في الإمارات تم تجهيزها بتقنية اسرائيلية والمعرفة العلمية”، كما قال كريغ.

تصاعد القمع الإماراتي

يحذر نشطاء حقوق الإنسان من أن ترك الإمارات دون مساءلة على انتهاكات التجسس سيؤدي هذا في النتيجة إلى مراقبة أكثر فاعلية وقمع أكبر للنشطاء السياسيين المنبوذين في الإمارات بدعم تكنولوجي من اسرائيل.

هبة زيادين، خبيرة منطقة الخليج لدى منظمة “هيومن رايتس ووتش” تؤكد أن الإمارات تطورت في السنوات العشر الماضية إلى إحدى الدول القمعية في المنطقة.

وصرحت زيادين عن الإمارات “يصنفون هناك أي تصريح يعتبرونه في أدنى حد انتقاديا أو سلبيا كعمل إجرامي”.

وأوضحت أن سكان الإمارات يُعتبرون من أكثر السكان الخاضعين للمراقبة في العالم ـ وهذا جزئيا بفضل اقتناء التكنولوجيا الاسرائيلية وبرمجيات التجسس.

والناشط الحقوقي خالد ابراهيم من “مركز الخليج لحقوق الانسان” ومقره في بيروت ينظر إلى الوضع في الإمارات بنفس الانتقاد. “إنه محيط عدواني جدا”.

وهذه التجربة عايشها الناشط الحقوقي الإماراتي أحمد منصور الذي تلوث هاتفه ببرمجيات التجسس باسم يبجاسوس/ Pegasus التي لها تأثير على جميع الوظائف في هاتفه بما في ذلك مواقع تواجد منصور.

الهجوم الالكتروني فشل بسبب يقظة منصور، لكن ذلك لم ينفعه قانونيا: ففي أيار/مايو 2018 حُكم عليه بالسجن عشر سنوات ودفع غرامة مالية بمبلغ 225.000 يورو. كما أدانته المحكمة بسبب “نشر معلومات خاطئة لإلحاق الضرر بالإمارات العربية المتحدة في الخارج”.