موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

ضمن عار التطبيع.. إسرائيل تتفاخر بتنسيق أمني غير مسبوق مع الإمارات

312

تفاخرت إسرائيل بتنسيق أمني غير مسبوق مع دولة الإمارات العربية المتحدة التي يتورط النظام الحاكم فيها بتصعيد قياسي لعار التطبيع على حساب تصفية القضية الفلسطينية.

وقال بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي، إن أجهزة الأمن الإسرائيلية أحبطت تفجير طائرة كانت في رحلة بين العاصمة الإماراتية أبوظبي ومدينة سيدني الأسترالية.

وأضاف نتنياهو بحسب ما نقلت القناة “13” العبرية عنه أن الأجهزة الإسرائيلية أحبطت 40 هجوماً إرهابياً لتنظيم “داعش” العام الماضي.

ويعكس تصريح نتنياهو وجود تنسيق أمني مشترك بين الإمارات وإسرائيل، وهي المرة الأولى التي يتم فيها الحديث عن مثل هذا التعاون اللافت بين دولة الاحتلال ودولة عربية.

وفي سياق متصل، زعم رئيس الوزراء الإسرائيلي أن “معظم الدول العربية لم تعد تنظر إلينا كعدو وتطورت علاقتنا بشكل كبير معها مؤخراً”، موضحاً: “كان اهتمامنا في مؤتمر وارسو منصباً على خطر إيران، واتفق العرب الحاضرون معنا في ذلك”.

وعقد الأسبوع الماضي مؤتمر “وارسو” لمواجهة التحديات الإيرانية في الشرق الأوسط، بمشاركة عربية ودولية لافتة.

وظهر عدد من الوزراء العرب على طاولة واحدة إلى جانب رئيس الوزراء الإسرائيلي، في المؤتمر الذي قاطعته السلطة الفلسطينية.

ضغوط من أجل نتنياهو

في هذه الأثناء كشفت القناة الـ”13″ العبرية أن السعودية والإمارات ضغطتا على تونس والجزائر للسماح لطائرة نتنياهو بعبور أجواء البلدين في طريقها إلى المغرب.

وأوضحت القناة العبرية أن السلطات التونسية والجزائرية رفضتا السماح لطائرة نتنياهو بعبور أجوائهما، مؤكدة أنه كان من المتوقع أن يزور رئيس وزراء دولة الاحتلال المغرب في مارس المقبل، إلا أن الرباط طلبت تأجيل الزيارة.

ووفقاً للقناة فقد “حاول المسؤولون في مختلف البلدان، بما في ذلك فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية والسعودية والإمارات، التدخل والضغط على السلطات في الجزائر وتونس للسماح للطائرة بالمرور”.

وأضافت القناة الإسرائيلية، بحسب ما نقلت شبكة “سبوتنيك”، أنه “في الوقت الذي رفضت فيه تونس والجزائر عرضاً فرنسياً آخر لإرسال طائرة مغربية لنقل نتنياهو دون إثارة الانتباه، وتم إبلاغ سلطات الطيران المدني الإسبانية أن طائرة لمسؤول إسرائيلي ستعبر المطار في جنوب البلاد خلال رحلته من إسرائيل إلى المغرب، وبالإضافة إلى ذلك زار وفد أمني إسرائيلي المطار في جنوب إسبانيا يوم 15 يناير، بهدف تنفيذ الترتيبات الأمنية، لكن كما ذكر لم تتم الزيارة”.

مؤتمر وارسو والتطبيع العلني

بذلت الولايات المتحدة جهودا كبيرة عبر وزير خارجيتها مايك بومبيو ومستشار الأمن القومي جون بولتون، لحشد ما يمكن حشده من أصوات العالم لتحقيق أهداف عدة تخدم أجندتها في منطقة الشرق الأوسط.

وعلى رأس تلك الأجندة التي سعت لها واشنطن تعزيز وجودها ونفوذها حول منابع النفط بالخليج العربي عبر استخدام ورقة إيران للتخويف والابتزاز الحاصل مع دول النفط الخليجية، بالإضافة إلى تعزيز وتأمين المزيد من الحماية والأمن لإسرائيل حليفتها الإستراتيجية بالمنطقة عبر الدفع بعناصر جديدة في مشهد التطبيع بين العرب وبينها.

ليس هناك ما يدعو للدهشة والاستغراب من التحركات الأميركية ضد إيران ودعم أمن إسرائيل، فهذه إستراتيجية قديمة لم تعد خافية على أحد، وبالمثل ليس هناك ما يدعو لأي دهشة وتعجب من محاولات نتنياهو في مسألة التطبيع مع العرب، فالمسألة شد وجذب من هنا وهناك، وكلها رهن الظروف السياسية والتحولات في دول الجوار أو المحيط الأبعد فالأبعد من إسرائيل.

لكن من أبرز ما يدعو فعليا للدهشة والاستغراب في مؤتمر السلام والأمن بالشرق الأوسط الذي انعقد قبل أسبوع من الآن في وارسو هو مشهد الهرولة الخليجية نحو مسألة التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي.

تلك الهرولة التي يحتاج أي مراقب للوضع إلى بعض تأمل وتفكر وجلسات بحث وفهم لما يجري باعتبار أن ما يدفع دولا مثل مصر وسوريا والأردن للتقارب مع إسرائيل لا يوجد مثله من دوافع أو مبررات لدول الخليج العربية حتى يقع مثل هذا التسارع الحاصل الآن في العلن بعد أن كان في السر والخفاء حينا من الدهر ربما طويل.

إن من الحكمة في التعامل بين الدول ومنطق السياسة الواعية الواقعية أن تكون علاقات الدول المجاورة بعضها ببعض على رأس أولويات تلك الدول يتم تعزيزها ودعمها وتجنب كل ما يمكن أن يعكر صفو العلاقات والتعاملات بينها، والحيلولة دون دخول أطراف بعيدة تسعى لمصالحها على حساب تلك الدول كالحاصل الآن بين دول الخليج وإيران.

مصالح في الخليج

واشنطن تدرك أن لها مصالح في الخليج، وحتى تبقى قريبة منها لا بد أن تبرر في كل حين الأسباب باعتبار أن مصالحها موزعة حول العالم لكنها لا تتعامل معها بالطريقة التي هي عليها في الخليج.

نعم يمكنها المحافظة على مصالحها عبر توثيق علاقاتها بمصادر تلك المصلحة دون أن تكون سببا في توتير علاقات دول المنطقة ببعضها البعض، ودون شيطنة أحد أو تحريض دولة على أخرى.

وما جرى في وارسو يخالف تماما كل مبادئ وأسس العلاقات بين الدول في العالم، إذ أعلنت واشنطن بكل وضوح أنها تحشد ومعها حليفتها إسرائيل العالم كله لشيطنة إيران حتى تكون العدو الأول لعدم الاستقرار في المنطقة، وتبرير أي إجراءات مستقبلية قد يتم اتخاذها ضد إيران، سواء كانت أميركية أم أممية عبر مجلس الأمن مثلا.

لكن الجانب الأوروبي كان أوعى وأذكى وأحرص من الجانب الأميركي، ورؤيته كانت أعمق، وتحركاته أهدأ من التحركات السريعة الحماسية للأميركيين، ما أضعف المؤتمر الذي لم يحقق ما سعى إليه الأميركيون بالنسبة المرجوة، بالإضافة إلى أن وجود نتنياهو في المؤتمر كان عامل توتر وشكوك عند الحضور، وأنه ما حضر بنفسه إلا كنوع من الترويج لشخصه لأجل استحقاقات انتخابية قريبة مقبلة في إسرائيل، الأمر الذي لم يمر على حضور المؤتمر ولا الإعلام الذي كان حاضرا هناك.

إن عدنا تارة أخرى للمشهد المثير في المؤتمر، وهو هرولة الخليجيين نحو التطبيع مع إسرائيل، فسنجده عملا تفاخر به نتنياهو واعتبره من إنجازاته، فأن يظهر للعلن مع خليجيين وإعلانه قرب التطبيع على مستوى التجارة والطيران وغيرهما إنما إشارة واضحة إلى أن كفته في الصراع مع الفلسطينيين ستبدو أرجح في الفترة المقبلة تعززها تحركات الأميركيين عبر “صفقة القرن” وقرب الانتهاء من الترتيبات اللازمة للإعلان عنها.

كل تلك المكاسب -التي دون شك كانت إسرائيل هي الطرف الأوحد المستفيد منها- تعتبر إنجازا لنتنياهو، في حين أننا ما زلنا نتفكر في المكاسب التي حصل أو يمكن أن يحصل عليها المهرولون نحو التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، في الوقت الذي كان يتحتم وبدلا من حضور وارسو الاجتماع مع إيران في أي عاصمة خليجية، وبحث كل الملفات العالقة والمتأزمة معها، دون أي داع لوكيل أو مراقب أجنبي كالولايات المتحدة وغيرها.

إيران قدر جغرافي للمنطقة لا يمكن تغييره، لكن الذي بالمقدور تغييره أو ما يجب أن يتغير فعلا هو أسلوب التعاطي مع هذه الدولة، والحكمة في التعامل معها.

تعتبر إيران مدرسة في الحوار والتفاوض، وليس عندها منطق الاغترار بالقوة كما عند الأميركيين مثلا، وما كسبته خلال العقود الثلاثة الماضية في المحيط العربي إنما لذكائها وهدوئها في التعامل مع الثوابت والمتغيرات في المنطقة، واستثمار كل الفرص التي تلوح أمامها سواء بالخليج أو مناطق جغرافية أخرى، في الوقت الذي خسرت دول المنطقة الكثير بفعل التسرع وغياب الحكمة في التعامل معها، والاعتماد على قوى خارجية ما جاءت إلا لرعاية مصالحها أولا وأخيرا.

وحين تجد تلك القوى مصلحتها في الوقوف في صف إيران فلن تتردد لحظة، وهو المنطق نفسه الذي تسير عليه السياسة الإيرانية، وهذا منطق معروف في عالم السياسة، لا صديق دائم ولا عدو دائم، لكن مصلحة دائمة.

فمتى يكون لسياسة الخليجيين منطقها الخاص، بحيث تكون مصلحة الخليج مقدمة على مصالح غيره ممن يسكنون على بعد آلاف الأميال عنه؟ وهل حان الوقت لأن يتعرف هذا الخليج على العدو الحقيقي له، وأن يكتشفه بنفسه لا الذي يصوره الغرباء في كل حين؟

التساؤلات الآنفة ليست أمنيات، لكنها ضرورات تحتم الظروف الحالية مراعاتها والتنبه العميق لها قبل وقوع المزيد من الابتزازات على يد الغريب الأميركي وغيره، وربما عما قريب على يد الإسرائيلي الأغرب!