تفجرت فضيحة تهريب ذهب جديدة لدولة الإمارات هذه المرة في الهند بعد الكشف عن العثور على كمية من الذهب في حقيبة دبلوماسية موجها إلى قنصلية أبوظبي في عاصمة ولاية كيرالا الهندية.
فقد عثر موظفو الجمارك في المطار الدولي لولاية كيرالا الواقعة جنوبي البلاد على أكثر من 30 كيلوغراما (66 رطلا) من الذهب مخبأة في أحد الحمامات في طريقها إلى قنصلية الإمارات.
وحاولت الإمارات التنكر للتورط الجديد في تهريب الذهب وقالت إن موظفا محليا سابقا في القنصلية قد اعتقل، فيما تشير التقارير المحلية إلى أن شخصا آخر قد احتجز أيضا.
وقالت سفارة الإمارات في العاصمة الهندية دلهي في بيان على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، إن تحقيقا فتح في أعقاب العثور على الذهب المُهرب.
وواجه رئيس الوزراء المحلي لولاية كيرالا دعوات صادرة عن المعارضة إلى الاستقالة على خلفية هذه القضية، بالرغم من أنه نفى أي تورط فيها، كما أُقيل مسؤول كبير في الولاية من منصبه.
وقالت وكالة رويترز للأنباء في تقرير لها إن قلة الرحلات الدولية بسبب تفشي وباء كورونا أدى إلى نقص كميات الذهب المُهَرَّبة إلى الهند وارتفاع سعره.
وقال سوماساندارام بي أر، رئيس العمليات الهندية في مجلس الذهب العالمي: “يمكن توقع تراجع التهريب بشدة في الوضع الحالي. أساليب التهريب تأثرت بشدة خلال الإغلاق” .
وأضاف قائلا “يُتوقع أن يتراوح حجم الذهب المُهرب هذه السنة ما بين 115-120 طنا وقد هُرِّب إلى الهند في عام 2019”.
وفي حزيران/يونيو الماضي أدانت الأمم المتحدة سرقة أبوظبي ذهب إفريقيا، وهذه المرة باستمرار عمليات تهريب الذهب من جمهورية الكونغو الديمقراطية لإمارة دبي.
وكشف التقرير السنوي للجنة الخبراء التابعة لمجلس الأمن الدولي أن عمليات التهريب تلك تكلف الكونغو ملايين الدولارات سنويا فضلا عن استخدام حصيلة عمليات التهريب في تمويل “الصراع المفتوح “شرقي الكونغو.
ومنذ عقود تعاني الكونغو من حرب أهلية بين قبيلتي خلفت مئات الألوف من القتلى جراء الصراع ودفعت عشرات الآلاف إلى الفرار للدول المجاورة.
وأوضح التقرير أن إمارة دبي تستحوذ على نصيب الأسد من تهريب الذهب من كينشاسا، إلى جانب دول إفريقية أخرى تستفيد من عصابات التهريب كأوغندا وتنزانيا، مما يحرم الكونغو من ملايين الدولارات كانت ستتحصل عليها في شكل عوائد ضريبية.
وأشار التقرير أن حجم صادرات الكونغو الرسمية من الذهب يبلغ 39 كيلو جرام تقريبا في حين يبلغ حجم الإنتاج الرسمي من الذهب اكثر من 333 كيلوجرام، وذلك وفقا لإحصائيات وزارة المناجم بكينشاسا العاصمة.
لكن فريق لجنة الخبراء بمجلس الأمن يؤكد في تقريره أنه “تم شحن ما لا يقل عن 1100 كجم من الذهب العام الماضي فقط من مقاطعة إيتوري شمال شرق الكونغو الأمر الذي كان سيولد 1.9 مليون دولار من الضرائب إذا تم تصديره بشكل قانوني”.
وأكد التقرير أن “أرباح عمليات تهريب الذهب لدبي والدول الإفريقية الأخرى يتم استخدامها في إطالة أمد الصراع المفتوح بالكونغو الي جانب تمويل الميليشيات المسلحة شرقي البلاد”.
وتواصل الإمارات صدارتها لعمليات التجارة غير المشروعة رغم دخولها في عدد من الاتفاقيات والبروتوكولات الدولية المرتبطة بمحاربة عمليات غسل وتبييض الأموال وعمليات التهريب.
وبحسب التقارير الدولية فإن التجارة غير المشروعة باتت مصدرا أساسياً من مصادر الاقتصاد في الإمارات وتظهر بيانات جمركية أن الدولة استوردت ذهبا قيمته 15.1 مليار دولار من إفريقيا في 2016 أي أكثر من أي بلد آخر وذلك ارتفاعا من 1.3 مليار دولار فقط في 2006.
وتقود دولة الإمارات مؤامرات عدوانية لإشعال فتيل النزاعات الداخلية في عدة بلدان إفريقية أبرزها السودان وليبيا من أجل خدمة أطماعها ومن أبرز مظاهر ذلك نهب الذهب.
ففي خضم الصراع اليومي للسودانيين من أجل الحصول على لقمة العيش حيث يقبع أكثر من 15 مليون تحت خط الفقر، تثير صحيفة الغارديان البريطانية أسئلة أين ذهب عائدات أغلى عائد طبيعي في السودان وهو الذهب.
وكشفت الصحيفة البريطانية أن قوات الدعم السريع التي يقودها أحد أغنى حكام السودان محمد حمدان دقلو، المعروف بحميدتي تسيطر على أغنى مناجم الذهب في السودان ما يجعلها لاعبا في الصناعة الأكثر ربحا في البلاد بغرض تهريبها إلى الإمارات.
إذ أن ما لا يقل أهمية عن استفراد قوات التدخل السريع على كم كبير من الذهب السودان هو استحواذ دولة الإمارات على الغالب الأكبر من ذهب السوداني.
وتوضح بيانات التجارة العالمية لعام 2018 أن أبو ظبي استوردت أكثر من 90% من صادرات الذهب السوداني
ففي عام 2018 عندما كان الاقتصاد السوداني يواجه الانهيار أطلق الرئيس السوداني المخلوع عمر البشير يدي حميدتي في بيع الذهب متجاوزة قواعد البنك المركزي المنظمة لتصدير الذهب
وكانت مصادر إعلامية كشفت أن شركات حميدتي أرسلت في الشهر الأخير من عام 2018 ما قيمته نحو 30 مليون دولار من سبائك الذهب إلى دبي الإماراتية أي ما يزن نحن طن من المعن الأصفر.
ونشرت الصحيفة البريطانية أن قوات حميدتي تسيطر على منجم جبل عامر للذهب في دارفور منذ عام 2017، فضلاً عن سيطرتها على ثلاثة مناجم أخرى على الأقل في جنوب كردفان وغيرها؛ مما يجعل حميدتي وقواته لاعبين رئيسيين في الصناعة الأكثر ربحاً بالسودان.
وكشفت الغارديان أن شقيق حميدتي عبد الرحيم دقلو وأبناءه يملكون شركة الجنيد التي تعد إحدى أهم شركات التنقيب عن الذهب، وأن عبد الرحمن البكري، نائب حميدتي، هو المدير العام للشركة.
وأضافت الصحيفة أن العلاقة بين الذهب السوداني والأثرياء الأجانب وقوات الدعم السريع تقلق المراقبين، إذ تعتقد منظمة غلوبال ويتنس، التي كشفت عن هذه العلاقة، أن قوات الدعم السريع بقواتها العسكرية واستقلالها المالي تشكل تهديداً لانتقال السلطة والديمقراطية في السودان.
وأشارت الصحيفة إلى وثائق مصرفية بحوزتها تثبت الاستقلالية المالية لتلك القوات، من خلال حساب مصرفي في بنك أبو ظبي الوطني في الإمارات.
ولفتت الغارديان النظر في هذا السياق إلى تعاقد الإمارات أيضاً مع قوات الدعم السريع للقتال في اليمن وليبيا، حيث قدمت الأموال إلى تلك القوات.
ويرتبط قائد قوات الدعم السريع السودانية بعلاقات وطيدة بالحاكم الفعلي للإمارات، ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، ضمن شبكة علاقات تجارية وأخرى تتصل بتقديم الدعم في مناطق النزاع التي تتواجد بها أبوظبي في أفريقيا.
وما يحدث من نهب لذهب السودان ليس استثناءً فيما يستنزف من موارد طبيعية في القارة السمراء إذ توصل تحقيق اجرته وكالة رويترز إلى عمليات تهريب منظمة للذهب بمليارات الدولار من إفريقيا عن طريق الإمارات التي تمثل بوابة للأسواق في أوروبا والولايات المتحدة وغيرها.
وقالت الوكالة إنها تمكنت من تقدير حجم التجارة المحرمة من خلال مقارنة الواردات الإجمالية الداخلة إلى الإمارات بالصادرات المعلن عنها من الدول الإفريقية موضحة أن النسبة الأكبر من الذهب لم تكن ضمن قائمة صادرات تلك الدول.
إذ تشير البيانات الجمركية أن الإمارات استوردت ذهبا قيمته أكثر من 15 مليار دولار من إفريقيا خلال عام 2016 وهو أكثر من أي بلد أخر وذلك بارتفاع من مليار و300 مليون دولار خلال العام 2006.
لم تقف الشكوك بتورط دولة الإمارات بتجارة غير شرعية للذهب عند حد هذا الحد، بل امتدت إلى مناطق الصراعات المختلفة في الشرق الأوسط على الرغم القواعد الدولية التي تحظر دخول الذهب المستخرج من مناطق النزاع إلى الأسواق العالمية.
ففي ليبيا وحسب إحصائيات إدارة التجارة الخارجية في مصلحة التعداد والإحصاء التابعة لوزارة التخطيط في حكومة الوفاق الوطني ففقد تم تهريب أطنان من الذهب إلى الإمارات بقيمة ثلاثة مليارات دولار وبكميات مهربة تراوحت بين 50 و55 طنا من الذهب.
وسبق أن توصل تحليل أجرته وكالة رويترز العالمية للأنباء إلى وجود عمليات لتهريب الذهب بمليارات الدولارات من أفريقيا كل عام عن طريق الإمارات التي تمثل بوابة للأسواق في أوروبا والولايات المتحدة وغيرها.
وتظهر بيانات جمركية أن الإمارات استوردت ذهبا قيمته 15.1 مليار دولار من أفريقيا عام 2016 أي أكثر من أي بلد آخر، ارتفاعا من 1.3 مليار فقط عام 2006. وكان الحجم الإجمالي 446 طنا بدرجات نقاء متفاوتة ارتفاعا من 67 طنا فقط عام2006.
ولم يكن جانب كبير من هذا الذهب مسجلا ضمن صادرات الدول الأفريقية. وقال خمسة خبراء اقتصاديين حاورتهم رويترز إن ذلك يشير إلى نقل كميات كبيرة من الذهب دون تسديد الرسوم الضريبية الواجبة عليها للدول المنتجة.
وسبق أن سلطت تقارير ودراسات الضوء على تجارة السوق السوداء في الذهب الذي يستخرجه الناس، بل والأطفال ممن ليست لهم صلات بأي مؤسسات كبرى أو يحفرون لاستخلاصه دون إشراف من السلطات.
وليس في استطاعة أحد أن يذكر رقما دقيقا للقيمة الإجمالية التي تخرج من أفريقيا. لكن تحليل رويترز يشير إلى ضخامة الرقم.
واستطاعت رويترز تقدير حجم التجارة المحرمة من خلال مقارنة الواردات الإجمالية الداخلة إلى الإمارات بالصادرات المعلن عنها من الدول الأفريقية.
وقالت شركات تعدين بأفريقيا إنها لا تصدر إنتاجها من الذهب إلى الإمارات، الأمر الذي يشير إلى أن واردات الإمارات من الذهب من أفريقيا قد تكون من مصادر أخرى غير رسمية.
وتتنامى على المستوى العالمي أساليب إنتاج الذهب غير النظامية من خلال استخراجه على نطاق محدود. وتمثل هذه الأساليب مصدر رزق لملايين الأفارقة وتساعد البعض في تحقيق دخل لا يمكن أن يحلموا به من الأنشطة التقليدية، غير أن هذه الأساليب تؤدي إلى تسرب مواد كيمائية إلى الصخور والتربة والأنهار.
وتشكو حكومات أفريقية -مثل غانا وتنزانيا وزامبيا- من إنتاج الذهب وتهريبه بشكل مخالف للقوانين وعلى نطاق واسع، بل إن ذلك يحدث في بعض الأحيان من خلال عمليات إجرامية وكثيرا ما يكون الثمن البشري والبيئي باهظا.
وقد بدأ استخراج الذهب المحرم كنشاط محدود، غير أن نانا أكوفو أدو رئيس غانا قال في مؤتمر عن التعدين في فبراير/شباط الماضي إن النشاط انتقل من المرحلة الفردية إلى عمليات “واسعة النطاق محفوفة بالخطر” تديرها عصابات إجرامية تخضع لسيطرة خارجية. وغانا ثاني أكبر الدول الأفريقية إنتاجا للذهب.
وليست كل حلقات هذه السلسلة مخالفة للقانون، فالعاملون في استخراج الذهب الذين يعمل بعضهم بشكل قانوني يبيعون في العادة ما يستخرجونه من ذهب إلى وسطاء.
ويعمد الوسطاء إما إلى نقل الذهب جوا للخارج مباشرة أو بيعه عبر حدود أفريقيا المليئة بالثغرات، الأمر الذي يخفي أصل المكان الذي جاء منه قبل نقله مع مسافرين إلى خارج القارة، ويتم ذلك في كثير من الأحيان بحقائب السفر اليدوية.
فعلى سبيل المثال تعد الكونغو الديمقراطية من المنتجين الكبار للذهب، لكن صادراتها الرسمية تمثل نسبة ضئيلة فقط من إنتاجها التقديري. ويتم تهريب أغلبه إلى أوغندا ورواندا.
وقال تيري بوليكي مدير الهيئة الحكومية بالكونغو التي تتولى تسجيل المعادن النفيسة مثل الذهب وتقدير قيمتها والضرائب المستحقة عليها “بالطبع هذا أمر مقلق لكننا لا نملك أدوات تذكر لمنعه”.
وتوضح البيانات الجمركية -التي زودت الحكومات بها هيئة كومتريد التي تمثل قاعدة بيانات تابعة للأمم المتحدة- أن الإمارات وجهة رئيسية للذهب من دول أفريقية كثيرة منذ سنوات.
وعام 2015 استوردت الصين (أكبر دول العالم استهلاكا للذهب) من أفريقيا ذهبا أكثر مما استوردته الإمارات. إلا أنه عام 2016 -وهو أحدث عام تتوفر إحصاءاته- استوردت الإمارات مثلي الكمية التي استوردتها الصين.
وبلغت قيمة واردات الصين من الذهب 8.5 مليارات دولار ذلك العام لتحتل المرتبة الثانية بفارق كبير. أما سويسرا (مركز تنقية الذهب في العالم) فقد جاءت في المركز الثالث بواردات قيمتها 7.5 مليارات.
ويجري تداول معظم الذهب في دبي التي تمثل مركز صناعة الذهب في الإمارات.
وقد أعلنت الإمارات عن واردات من الذهب من 46 دولة أفريقية عام 2016. ومن تلك الدول لم تقدم 25 منها بيانات لهيئة كومتريد عن صادراتها من الذهب للإمارات، غير أن الأخيرة قالت إنها استوردت ما قيمته 7.8 مليارات من الذهب منها.
وبالإضافة إلى ذلك، استوردت الإمارات ذهبا من معظم الدول الـ 21 الأخرى أكثر من ذلك بكثير مما قالت تلك الدول إنها صدرته إليها.
وفي الإجمال، قالت الإمارات إنها استوردت من الذهب ما قيمته 3.9 مليارات دولار أي حوالي 67 طنا أكثر مما قالت تلك الدول إنها صدرته إليها.
وقال فرانك موجيني مستشار التنمية الصناعية بالاتحاد الأفريقي الذي أسس وحدة المعادن التابعة “كميات كبيرة من الذهب تغادر أفريقيا دون قيدها في سجلاتنا، والإمارات تتربح من البيئة غير الخاضعة للتنظيم” في القارة.
وأحالت هيئة جمارك دبي استفسارات رويترز إلى وزارة الخارجية التي لم ترد عليها. وأحال المكتب الإعلامي الحكومي الوكالة إلى الهيئة الاتحادية للجمارك التي لم ترد أيضا.
ولا تشير كل التناقضات في البيانات بالضرورة- إلى تهريب ذهب مستخرج من أفريقيا عن طريق الإمارات، فالاختلافات البسيطة قد تنشأ عن تسجيل تكاليف الشحن والضرائب بشكل مختلف أو الفارق الزمني بين سفر الشحنة ووصولها، أو ربما يكون الأمر ببساطة مجرد خطأ.
كما أن المحللين المتخصصين في صناعة الذهب يقولون إن جانبا من حركة التجارة -وبخاصة من مصر وليبيا- قد يتضمن ذهبا أعيد تصنيعه. إلا أنه في 11 حالة كانت قيمة الكيلوغرام التي أعلنت الإمارات عنها أعلى بكثير من تلك التي سجلتها الدولة المصدرة.
وقال ليونس نديكومانا الاقتصادي الذي درس تدفقات رأس المال بأفريقيا إن ذلك يمثل “حالة نموذجية لقيد الصادرات بأقل من قيمتها” لتقليل الضرائب.
وقال ماثيو سالومون الاقتصادي الأميركي -الذي أجرى أبحاثا في استخدام الإحصاءات التجارية للتعرف على التدفقات المالية غير القانونية- إن هذا الأمر يستحق التدقيق.
وأضاف “يمكن من خلال التناقضات المستمرة -في تجارة سلع معينة وبين دول بعينها- التعرف على مخاطر كبيرة يمثلها نشاط محرم”.
وعلى مدار العقد الأخير ازداد إغراء استخراج الذهب في نظر العاملين غير النظاميين بسبب ارتفاع الطلب عليه، واستخدموا في سبيل ذلك معدات حفر ومواد كيميائية لزيادة العائد. وتعود المياه الملوثة إلى الأنهار لتسمم ببطء الناس الذي يعيشون على مياهها.
ومنذ فترة طويلة يستخدم العاملون في استخراج الذهب على نطاق محدود الزئبق الذي يسهل شراؤه، إذ يبلغ سعر القارورة في حجم الإبهام نحو عشرة دولارات، من أجل استخراج قشيرات الذهب من أحجار الخام قبل صرفها بالمياه في القنوات المائية.
ومن الآثار السامة للزئبق إتلاف الكليتين واضطرابات في القلب والكبد والطحال والرئتين وكذلك الاضطرابات العصبية مثل الرعشة وضعف العضلات. كما يقول باحثون وعاملون باستخراج الذهب في غانا إن مادة السيانيد وحمض النتريك يستخدمان في تلك العملية.
كذلك فإن شركات في مجال التعدين الصناعي مسؤولة عن التلوث والذي يتراوح من بقع السيانيد إلى مشاكل الجهاز التنفسي المرتبطة بالغبار الناتج عن عمليات التعدين.
غير أن أكثر من عشر دول -من بينها الكونغو الديمقراطية وأوغندا وتشاد والنيجر وغانا وتنزانيا وزيمبابوي وملاوي وبوركينا فاسو ومالي والسودان- اشتكت في العام الأخير من أضرار التعدين دون ترخيص.
وقد منعت بوركينا فاسو التعدين على نطاق محدود في بعض المناطق التي ينشط فيها إسلاميون على صلة بتنظيم القاعدة، وفي وقت سابق من الشهر الجاري علقت حكومة نيجيريا التعدين بولاية زامفارا المضطربة في الشمال الغربي قائلة إن تقارير استخبارات أكدت ما وصفته بأنه “صلة قوية صارخة” بين أنشطة اللصوص المسلحين والعاملين بالتعدين دون ترخيص.
وساهمت الأسعار المرتفعة في تغذية ازدهار هذا النشاط. فالذهب يجري تداوله اليوم بأكثر من أربعين ألف دولار للكيلوغرام، وهو ما يقل عن الذروة التي بلغها عام 2012، لكنه لا يزال يمثل أربعة أمثال ما كان عليه السعر قبل عشرين عاما.
ويريد المستثمرون الغربيون الذهب حتى يمكنهم تنويع محافظهم الاستثمارية. أما الهند والصين فتريدانه لصناعة الحلي.
غير أن معظم الشركات الغربية والبنوك التي تمولها تتجنب التعامل في الذهب المستخرج بغير الوسائل الصناعية من أفريقيا مباشرة. وهذه الشركات لا ترغب في المجازفة باستخدام المعدن الذي ربما يكون قد تم استخراجه لتمويل صراع أو قد ينطوي على انتهاكات لحقوق الإنسان.
وقد فرضت عقوبات على تجار مختلفين يعملون في أوغندا بسبب التعامل في ذهب مهرب من الكونغو الديمقراطية.
وفي دول أخرى من بينها الإمارات لا تمثل هذه المخاوف مشكلة، فخلال السنوات العشر الأخيرة أصبح للذهب الوارد من أفريقيا أهمية خاصة لدبي. وأظهرت بيانات كومتريد أنه منذ 2006 إلى 2016 ازداد الذهب المستورد من أفريقيا الذي أعلنت عنه الإمارات من 18% إلى ما يقرب من 50%.
وتصف سوق السلع الأولية الرئيسية بالإمارات، وهي مركز دبي للسلع المتعددة، نفسها على موقعها الإلكتروني بأنها “بوابة عالمية للشرق الأوسط للتجارة في مجموعة واسعة من السلع”. وتمثل التجارة في الذهب ما يقرب من خمس الناتج المحلي الإجمالي للإمارات.
ومع ذلك، فلم تقل أي من الشركات الصناعية الكبرى – ومنها أنجلو غولد وأشانتي وسيباني-ستيلووتر وجولد فيلدز- إنها تصدر الذهب للإمارات.
واتصلت رويترز بـ 23 شركة للتعدين لها أنشطة في أفريقيا أنتجت أصغرها حوالي 2.5 طن عام 2018. وقالت 21 شركة منها إنها لا ترسل ذهبا إلى دبي لتنقيته، ولم ترد شركتان على الاستفسار.
وفي حين تمتلك شركات التعدين الكبرى بجنوب أفريقيا قدرات محلية لتنقية الذهب، فقد كان السبب الرئيسي الذي ذكرته شركات أخرى أن وحدات التنقية بالإمارات غير معتمدة لدى رابطة سوق لندن للمعادن النفيسة التي تتولى وضع المعايير للصناعة بالأسواق الغربية.
وقال نيل هاربي المدير التقني بالرابطة إن الرابطة “لا تشعر بالارتياح في التعامل مع المنطقة” بسبب مخاوف تتعلق بنقاط ضعف في الجمارك والمعاملات النقدية والذهب المنقول يدويا.
ويقول محققون وأفراد يعملون بصناعة الذهب إن السهولة التي يمكن للمهربين بها نقل الذهب في حقائب اليد على الطائرات المسافرة من أفريقيا تسهم في خروج الذهب دون تسجيله. كما أن محدودية القواعد التنظيمية بالإمارات تعني أن الذهب المستخرج بشكل غير مشروع يمكن أن يستورد بصفة قانونية معفى من الضرائب.
وذكر تجار أفارقة أن من الممكن استيراد الذهب إلى دبي دون وثائق تذكر.
وقال متحدث باسم مركز دبي للسلع المتعددة إن المركز لديه إطار تنظيمي قوي يشمل ضوابط مشددة فيما يتعلق بالالتزام الطوعي بمراعاة الاعتبارات الاجتماعية والبيئية في التعامل مع الموردين.
وأضاف أن هذه الضوابط وضعت على غرار المعايير الدولية للالتزام الطوعي والتي وضعتها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
وفي يناير/كانون الثاني، قال سانجيف دوتا رئيس وحدة السلع بمركز دبي للسلع المتعددة إن المركز يقيم علاقات إستراتيجية مع أغلب الدول المنتجة للذهب بالقارة الأفريقية. وأضاف “نحن واثقون جدا من الكيفية التي يتم بها هذا الإنتاج ومدى التزامه بالمسؤولية”.
وذكر أن المركز أرسى على مدار 12 شهرا الأخيرة معيارا لوحدات التنقية قال إنه في غاية الصرامة فيما يتعلق بالالتزام الطوعي بمراعاة المعايير الاجتماعية والبيئية عند اختيار المنشأ وقواعد الاستدامة. وأضاف “نحن نطالب بشهادات تصدير”.
وقال دوتا إن عددا “محدودا جدا” من وحدات التنقية يقبل الذهب المستورد في حقائب اليد، لكنه لم يذكر أي أرقام.
يستبدل بعض العاملين في مجال التعدين بأفريقيا فؤوسهم ومعاولهم بالحفارات والكسارات، الأمر الذي يعمل على زيادة حجم الإنتاج بشكل كبير.
ولا تزال القواعد التنظيمية هزيلة والحوادث كثيرة. ففي أسبوع واحد خلال فبراير/شباط الماضي وقعت ثلاثة حوادث في عمليات تنقيب غير مشروع في زيمبابوي وغينيا وليبيريا راح ضحيتها أكثر من مئة قتيل.
وفي كثير من الأحيان يتعين على العاملين باستخراج الذهب تسليم حصة من إنتاجهم عمولة للأفراد الذين يتحكمون في منجم غير قانوني أو يؤجرون المعدات أو يشترون الذهب ويبيعونه.
وقد قامت منظمات أهلية -مثل جلوبل ويتنس وهيومن رايتس ووتش- بتوثيق تشغيل الأطفال والفساد والصلات بين الإنتاج والصراعات في بعض من هذه المناجم.
وفي منجم زارته رويترز في زيمبابوي، قال بعض العاملين إنهم اضطروا لتسليم بعض ما عثروا عليه قبل حتى أن يخرجوا من المنجم.
وقدمت رويترز تحليلها إلى 14 حكومة أفريقية. وقالت خمس حكومات منها إنه يعكس قلقا قائما من تهريب الذهب من بلدانها وإنها تحاول معالجة هذه المشكلة، بينما قالت حكومة واحدة إنها لا تعتقد أن تهريب الذهب يمثل مشكلة لها، وامتنعت بقية الحكومات عن التعليق أو لم ترد.
وتحاول حكومات في مختلف أنحاء أفريقيا إرساء كيفية إدارة قطاع يوفر مصدر رزق، مهما كانت مخاطره، للكثيرين من مواطنيها ويمكن الاستفادة منه كمصدر للدخل.
وتعمل بعض الدول ومنها ساحل العاج على أخذ خطوات تدريجية لتنظيم عمليات التعدين غير المشروع. وقد أرسلت غانا وزامبيا قوات أمنية إلى مناطق التعدين لوقف العمليات حتى يتسنى تسجيل العاملين في التعدين ووضع القواعد التنظيمية.
ولانزعاج غانا من أن يلحق الضرر بالبيئة سيلٌ من المشروعات التي تعمل بقيادة صينية، ألقت القبض على مئات من عمال المناجم الصينيين وطردت الآلاف في السنوات الست الأخيرة.
وفي نهاية الشهر الماضي منعت غانا بصفة مؤقتة استيراد معدات الحفر لمحاولة وقف زيادة كبيرة في التعدين غير المشروع باستخدام المعدات الثقيلة.
وفي السودان- الذي يعد من أكبر المنتجين في القارة- كشفت الحكومة النقاب عن خطة حجمها ثلاثة مليارات دولار تعمل بمقتضاها بنوك خاصة مع البنك المركزي لشراء الذهب من صغار المنتجين، وتعرض أسعارا تقلل من إغراء بيعه في السوق السوداء.
وقدر تقرير برلماني تنزاني أن 90% من الإنتاج السنوي من الذهب المستخرج بشكل غير مشروع يُهرب إلى خارج البلاد. وتريد الحكومة أن يشتري البنك المركزي هذا الإنتاج.
وفي مارس/آذار الماضي أطلق الرئيس جون ماجوفولي خطة لإقامة مراكز لإضفاء الصبغة الرسمية على هذه التجارة، وذلك بفتح الباب أمام فرص التمويل والأسواق التي تعمل وفقا للقواعد التنظيمية.
وفي بوركينا فاسو يعتقد وزير المناجم عمر إيداني أن تهريب الذهب من بلاده إلى الإمارات يتم على نطاق واسع.
وقال إيداني إنه يتم الإعلان للسلطات عن كمية تتراوح بين مئتين وأربعمئة كيلوجرام فقط من الذهب من بين 9.5 أطنان تقدر الحكومة أنها حصيلة الإنتاج من أعمال حفر غير مشروعة كل عام.
ويقول الوزير إن جانبا كبيرا من الذهب يُهرب من بوركينا فاسو -التي لا تطل على أي بحار أو محيطات- إلى توغو المجاورة المطلة على ساحل المحيط الأطلسي. ولا تفرض توغو أي ضرائب فعليا على الذهب.
وقال نستور كوسي أجيهون مدير تطوير التعدين وضوابطه في توغو إن عمليات التعدين غير المشروعة “مجال لم نسبر غوره على الوجه الصحيح”.
وأضاف أن توغو لا ترى في الوقت الراهن سببا يدعو للشك في تهريب الذهب عبر أراضيها.
وقال الوزير إيداني في بوركينا فاسو في مقابلة العام الماضي “أعلم أن دبي وجهة هذا الذهب.. لكن ليست لدي أي تفاصيل لأنها (التجارة) قائمة على الاحتيال”.