كعادتها في كل عام تحتفي وسائل الإعلام الإماراتية الرسمية بيوم الشهيد في 30 نوفمبر/تشرين الثاني من كل عام، تخليداً واعتزازاً برجال الإمارات الذين قضوا خلال أداء مهامهم العسكرية داخل الدولة أو خارجها، لكن يبرز هنا التساؤل حول الأهداف التي سعت السلطات من ورائها للزج بخيرة شباب الإمارات في عدد من بقاع العالم بعيداً عن هدف حماية أراضي الدولة ومواطنيها.
ومع تزايد التدخلات العسكرية للجيش الإماراتي في عدد من الدول البعيدة عن أرض الوطن خاصة في اليمن و ليبيا والصومال، وأفغانستان ودول أفريقية أخرى، يتساءل الإماراتيون عن ماهية المشاريع التي تستنزف دماء أبناء الإمارات وأموال موازنتها في معارك خارج استراتيجية الدفاع.
كما يتساءلون عن أسباب غياب الشفافية في كشف حجم مشاركة الإمارات في هذه الحروب الخارجية والتي تأتي في غياب تام عن إرادة الشعب الإماراتي في ظل غياب صلاحيات “المجلس الوطني” عن المساءلة والرقابة على السياسة الداخلية والخارجية للدولة.
فدستور الدولة يؤكد أن العقيدة القتالية لجيش الدولة هي الدفاع عن البلاد؛ بالتالي فإن الحروب الخارجية تثير الكثير من الشكوك حول جدواها، إذ أن قرارها سياسي في الدرجة الأولى.
وترفض الدولة الحديث عن إجمالي الشهداء أو ذكر أرقام محددة لمن نفذوا شروط “الجندية” والقتال تحت أوامر عسكرية، مهما اختلف الجميع حول الدوافع والأسباب.
فجنود الدولة يستمرون بالتساقط على وقع انكشاف سياسي وحقوقي وعسكري داخل الدولة وخارجها، تدعو هذه الحوادث مجتمعة إلى مراجعة سياسات الدولة الداخلية والخارجية.
وخلال العام الحالي قدمت الإمارات عددا من شهدائها أخرهم ستة من خلال شهر أيلول/سبتمبر الماضي فيما الإعلان الرسمي يشوبه الكثير من الغموض والتقصير، وأسئلة تتوجب الجواب، وطلب الإجابات حقٌ كما أن الرد أوجب.
وهذه الأسئلة، أين استشهدوا؟! ومتى؟! وما نوع الصدام الذي يوصل لدرجة الموت وهم في أرض العمليات أي يمتلكون حماية كافية في مدرعات وملابس واقية من هذه الأحداث العرضية؟! كشفت الإمارات بصورة غير مباشرة، الأحد، عن إصابة عدد من جنودها، وذلك بعد يومين من إعلانها استشهاد ستة آخرين “بحادث تصادم آليات عسكرية” في اليمن.
من جانبها، قالت قوات الوفاق الليبية، إن طائراتها الحربية دمرت غرفة العمليات الرئيسية لقوات حفتر بقاعدة الجفرة الجوية بشكل كامل، ما أسفر عن مقتل 6 ضباط أجانب كانوا يشغلونها في إشارة إلى الجنود الإماراتيين.
ويستذكر الإماراتيون في يوم الشهيد مناقب الشهداء وتضحياتهم، مكررين في كل عام مظاهر الاحتفال نفسها، وسط انتقادهم إلقاء المسؤولون الكلمات والخطابات الوطنية ذاتها وإعادة وسائل الإعلام التقارير عينها.
لكن يبحث أحد لا حكومة ولا مؤسسات ولا وسائل إعلام ولا قطاعات شعبية في الإمارات تجرؤ على الإجابة عن السؤال المركزي: بماذا وكيف استثمرت الدولة هذه التضحيات والدماء الزكية؟.
إماراتيون يعتقدون أنه بوجود “مكتب أسر الشهداء بديوان ولي عهد أبوظبي”، قد أزهرت دماء الشهداء وأن ذويهم قد وجدوا تكريما مبالغا أو على الأقل موازيا لتضحياتهم وآلامهم، وأن “حفل ريهانا” الذي أحيت فيه أبوظبي ذكرى يوم الشهيد قبل عامين لا يزال يشكل سلوى لهم!
اليوم في الإمارات ومنذ الدخول في حرب اليمن هناك عشرات الشهداء في اليمن وأفغانستان لم يتم استثمار هذه التضحيات الزكية في أي مشروع وطني آخر رغم الحديث بكثافة طوال العام عن الوطن والوطنية وحقوقهما، وبقليل جدا عن حقوق المواطن.
إماراتيون يعتقدون أن استثمار دماء الشهداء هو بتركيز الدولة جهودها كافة وليس فقط الدبلوماسية في معركة تحرير جزر الدولة المحتلة إيرانيا منذ 1971 وتحقيق السيادة الفعلية للدولة على كامل أراضيها.
ويؤكد الناشطون الإماراتيون أن احتلال الجزر ليس قدرا على الإماراتيين التسليم به، خاصة في ظل قوة متنامية للدولة عسكريا وسياسيا وتدخلا في عشرات الساحات العربية والإسلامية، وإمداد مجرم الحرب خليفة حفتر بالسلاح أو كما كشفت وسائل إعلام أمريكية باستئجار أبوظبي مرتزقة لتصفية خصومها السياسيين في اليمن.
والإماراتيون لا يدعون للعنف، بل يدعون للسلام والأمن والاستقرار، ولكن العنف الذي يقال إنه يتنقل بين ساحات وأخرى حتى وصلت قوات الإمارات البرية إلى عديد الدول حتى منطقة القرن الإفريقي، فإن الأولى وطنيا ودينيا وسياسيا أن تطلق الدولة برنامج تحرري في الجزر المحتلة للخلاص من الاحتلال الإيراني.