موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تحقيق: دبي تختنق بخسائر مالية وأزمة عقارات وسط غياب للشفافية

441

تختنق إمارة دبي بشكل متصاعد بأزمات اقتصادية هائلة أبرز مؤشراتها خسائر متتالية لأسواق الأسهم المالية وتراجع حاد في الطلب على العقارات وسط غياب للشفافية في التعامل مع هذه الأزمات.

وأبرزت وكالة بلومبيرغ الأمريكية الاقتصادية أن السوق في دبي تسير نحو المجهول، خاصة في ظل الانخفاض بأحجام التداول في الأسهم المحلية في أعقاب انهيار أسعار النفط، معتبرة أن غياب الشفافية والبيانات الاقتصادية للإمارة يزيد من صعوبة معرفة الأداء الاقتصادي لها، ويجعلها عرضة للشائعات.

وقالت الوكالة في تقرير لها إن “الافتقار إلى قراءة دقيقة حول الاقتصاد الذي يبلغ حجمه نحو 106 مليارات دولار، أدّى إلى ترك المستثمرين والشركات عالقين وسط حيرة كبيرة، خاصة أن العام الماضي شهد أسوأ أداء للأسهم”.

وأوضحت الوكالة أنه رغم إنشاء دبي متحف المستقبل وافتتاحه قبل عام من موعده، فإن المركز المالي للشرق الأوسط في الإمارة لم يُفصح عن أداء الناتج المحلي الإجمالي منذ 2017.

وبيّنت أن هناك العديد من الأرقام الناقصة التي تُعتبر أساسية في أماكن أخرى، بدءاً من البيع بالتجزئة إلى مبيعات السيارات إلى الإنتاج الصناعي.

طارق فضل الله، الرئيس التنفيذي لوحدة الشرق الأوسط في شركة النمور لإدارة الأصول، يؤكد أنهم لا يحصلون على رؤية حالية لما يحدث، مع وجود فارق كبير بين البيانات والاقتصاد.

ويقول فضل الله: “إذا لم يكن لدى الشركات والمستثمرين قناعات بأن الاقتصاد أو القطاع الذي يستثمرون فيه يتمتّع بنظرة شمولية أكثر إشراقاً فمن الصعب أن يتخذوا قرارات”.

ووفق الوكالة الأمريكية، لا توجد أسباب محددة لغياب وندرة البيانات الاقتصادية، بينما رفض مركز الإحصائيات التابع لإمارة دبي والمكتب الإعلامي التعليق على ذلك.

وترى بلومبيرغ أن انهيار أسعار النفط أبقى خطط العروض العامة معلّقة في دبي، في وقت عانت من انخفاض أسرع في المخزون، خلال العام الماضي، قياساً بنظرائها في الدول النامية الأخرى، إضافة إلى انخفاض متوسط حجم الأسهم المتداولة في بورصة دبي منذ 2014.

وتشير الوكالة إلى أنه بالرغم من نشر دبي بيانات إجمالي الناتج المحلي ربع السنوية، في منتصف 2018، فإن صفحة الحسابات القومية على الموقع الإلكتروني لمركز الإحصاء الخاص بها لا تعرض سوى قراءات السنة كاملة الخاصة بـ2017، كما أن بعض الأرقام التي تقدّمها، ومن ضمن ذلك الاستثمار الأجنبي، لم تحدّث منذ عامين.

وفي السياق قالت ستاندرد آند بورز للتصنيفات الائتمانية، إنها تتوقع تراجع أسعار العقارات السكنية في دبي أكثر، في 2019؛ بسبب استمرار فجوة العرض والطلب.

وذكرت الوكالة في تقرير أنها تتوقع “ألا يكون أداء أسواق العقارات بدبي أفضل حالاً في 2019، مما كان عليه في 2018؛ بموجب السيناريو الأساسي المستخدم بالوكالة في تحليل للتصنيفات الائتمانية للكيانات في الإمارة”.

وأضافت: “إن من المستبعد أن تشهد سوق العقارات السكنية تعافياً ملموساً في 2021”.

وقال التقرير إن الأسعار الاسمية تراجعت بين 25 و33% منذ 2014، نقلاً عن شركة “أستيكو” للاستشارات العقارية.

وأوضح أنه “منذ أعلى ارتفاع وصلت إليه أسعار العقارات في 2014، تراجعت أسعار العقارات والإيجارات في دبي بنسب تتراوح بين 25 – 33% من حيث القيمة الاسمية”.

وكان تقرير صدر عن وكالة “نايت فرانك”، كبرى وكالات العقارات العالمية ومقرّها في لندن، قال إن أسعار العقارات في إمارة دبي انخفضت بنسبة 25%، منذ عام 2015.

وحسب الوكالة، فإن دبي كانت المدينة الأسوأ أداءً من حيث أسعار العقارات، خلال العامين الماضيين.

وسيؤدي ضعف ظروف السوق إلى استمرار ارتفاع المديونية في القطاع العقاري، “وأدى بالفعل إلى إجراء تعديلات سلبية على التصنيفات الائتمانية خلال الشهور الستة الماضية”، بحسب وكالة “ستاندرد آند بورز”.

ورجحت الوكالة بأن عدد المشاريع الجارية التي سيتم إيقافها أو تأخيرها سيكون أقل من عدد المشاريع التي توقفت أو تأخرت خلال الانكماش الماضي؛ “لأن وتيرة الانكماش الحالي تسير بشكل تدريجي بفضل تطبيق المزيد من الإجراءات التنظيمية”.

وتمتد المخاوف في دبي إلى ما هو أبعد من قطاع العقارات الذي يشكل 14% من إنتاجها الاقتصادي، لتكوّن ما تعتبره شركة التصنيف نظرة سلبية تجاه قطاعات عدة تتراوح من البنوك إلى التأمين.

وقالت المحللة لدى “ستاندرد أند بورز”، سابنا جاغتياني، إنه “نظرا إلى الفجوة المستمرة بين العرض والطلب، في قاعدتنا الأساسية، نتوقع أن تنخفض الأسعار بنسبة بين 5% و10% عام 2019 قبل أن تستقر تدريجاً سنة 2020، مع ترجيح عدم حدوث انتعاش ذو معنى عام 2021”.

وبموجب سيناريو “الإجهاد” الذي تفرضه شركة التصنيف، فإن أسعار العقارات في الإمارة قد تعاني من انخفاض “أكثر شدّة”، على أن تظل تستقر في غضون عامين فقط إذا انخرطت مشاريع إضافية في هذه السوق الضعيفة.

كما باتت دبي عاجزة مجدداً عن سداد الديون المستحقة عليها، ومنها 20 مليار دولار مستحقة لإمارة أبوظبي تم تأجيل سدادها للمرة الثانية، كما هرب من دبي خلال الفترة الماضية مئات المستثمرين والشركات بسبب الاضطرابات السياسية في المنطقة.

وتضررت دبي كذلك من الحملة التي قادها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ضد عشرات الأمراء ورجال الأعمال بتهمة تورطهم في قضايا فساد، وما تردد بعدها عن تجميد أموال المستثمرين السعوديين الملاحقين بشبهة الفساد في البنوك الإماراتية، إضافة لانعكاسات أزمة تهاوي أسعار النفط في العام 2014 على الاقتصاد الإماراتي.

وتضرر مناخ الاستثمار في دبي بشدة من حصار قطر، وإلغاء ترامب الاتفاق النووي مع إيران وتشديد أميركا العقوبات عليها؛ وخاصة أن دبي كانت الوجهة الأبرز أمام طهران في الانفتاح على الأسواق الخارجية، فالإمارات حلّت الثانية عالمياً في حجم التبادل التجاري مع إيران، البالغ 15.7 مليار دولار في عام 2013.

حتى القطاع العقاري الذي كانت تراهن عليه دبي لإنقاذ الإمارة من تعثرها المالي فقد بريقه، في ظل الهبوط المستمر للأسعار وتعثر مشروعات جديدة لضعف التمويل والتسويق، بل إن تقارير اقتصادية دولية أفادت بأن البنوك في الإمارات تتصدع، بسبب تزايد معدلات التعثر، وتراجع أسعار العقارات، وتهاوي أعمال الكثير من الشركات، وبالتالي عدم قدرتها على سداد الديون المستحقة عليها في موعدها.

بل إن شركات كانت ملء السمع والبصر أصابها ما أصاب دبي من خسائر وركود، فقد انهارت شركة أبراج العملاقة، وتراجعت أرباح داماك العقارية، بنسبة 58.3% خلال العام الماضي 2018، وتكرر الموقف مع شركات أخرى منها طيران الإمارات والعربية للطيران.

المتابع لأخبار دبي هذه الأيام يلحظ أن الإمارة باتت محط أنظار الدول والمستثمرين خلال الفترة الأخيرة، لا لبحث فرص الاستثمار بها ولكن للتخارج منها، وخاصة أن تقارير دولية عديدة بدأت تسلط الأضواء على جرائم غسل الأموال القذرة في دبي، وأن الإمارة باتت موطناً للعمليات المالية القذرة حول العالم، وأن الاستثمارات القادمة إليها ليست نظيفة، بل إن جزءاً منها عبارة عن أموال نهبها حكام من ثروات شعوبهم.

مثلا، كشفت برقية من السفارة الأميركية في كابول، سربها موقع ويكيليكس، عن تورط مساعدين للرئيس الأفغاني حامد كرزاي ومسؤولين كبار من الحكومة الأفغانية في عمليات تهريب أموال من مطار كابول إلى إمارة دبي.

وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2017، قالت مجلة “ذا نيوز إنترناشيونال” الباكستانية إن عمليات احتيال كبرى بدأت تتكشف في البلاد، وأن الكثير من الأموال “القذرة” الناجمة عن عمليات فساد جرى غسلها في الإمارات.

وتكرر الامر في نيجيريا حيث ذكرت تقارير أن الحكومة بدأت تعقب أموالها المنهوبة التي سرقها مسؤولون سابقون وأعوانهم وأخفوها في شراكات تجارية وحسابات مصرفية وصفقات عقارية في دبي، وتقدر بمليارات الدولارات.

دبي تعيش أزمة، أزمة تعثر مالي وركود اقتصادي والأخطر أزمة سمعة، إذ بات اسمها يرتبط بعمليات غسل أموال بل وتمويل الإرهاب، فقد أعلنت الولايات المتحدة، في أكتوبر الماضي، أنها نجحت في تفكيك شبكة لصرف العملة داخل الإمارات كانت تنقل ملايين الدولارات إلى فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني.