يذهب النظام الحاكم في دولة الإمارات بعيداً في محاولة محو سمعة الدولة السيئة بانتهاك حقوق الانسان وإشعال الحروب والتدخل عسكريا بشكل إجرامي في عديد الدول.
والغريب في الآلة الدعائية للنظام الإماراتي ليس في توسيع رقعة المستهدفين بل في غرابة وتناقض الأدوار المفترضة، فمثلاً تم توقيع اتفاقية متعلقة بالصحة بين الدولة ومؤسسة دينية هي الفاتيكان.
بالتزامن مع ذلك تناقش الإمارات القضاء على الأمراض الخطيرة في العالم مع رؤساء شركات استثمارية تنشط في التكنلوجيا.
ويقول مراقبون إن وسائل الإعلام الدعائية للنظام الإماراتي تظهر مفضوحة ومكشوفة وتعكس سوء تخطيط وفشل مسبق في ذهنية الترويج السيئة التي تقوم بها الدولة.
إذ ركز “منتدى بلوغ الميل الأخير” الذي عُقد في الإمارات هذا الأسبوع على مسؤولي الدول لحثهم على مكافحة الأمراض الوبائية والمعدية في العالم، وتم تخصيص المنتدى لجمع التبرعات التي وصلت إلى 2.6 مليار دولار من عدة دول قدمت إمارة أبوظبي منها 160 مليون دولار.
يتم ذلك رغم أن منظمة الصحة العالمية أعلنت خلو الكوكب -تقريباً- من الإصابة بالفيروس، بحيث انخفض عدد حالات شلل الأطفال، منذ عام 1988، بنسبة تفوق 99%.
الأكثر إثارة كان إعلان مشترك للصحة بين الإمارات وبابا الفاتيكان فرانسيس أطلق عليه “الإعلان المشترك بشأن الصحة العالمية”، وتم التوقيع بحضور ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد ورئيس الأساقفة في الفاتيكان فرانسيسكو مونتيسيلو باديلا.
و”باديلا” هو النائب الرسولي لمنطقة جنوب شبه الجزيرة العربية وليس الإمارات فقط كما تشير التقارير في الصحافة الرسمية.
ويشدد المراقبون على أن الإعلان المشترك مع “البابا فرانسيس”، وحديث الدولة عن مواجهة الأوبئة لن يغسل سمعتها السيئة بقصف مدنيين في اليمن وليبيا، ولا عن السجون السرية والتعذيب في الإمارات واليمن.
كما أن ذلك لن يمحو سجلها السيء بقتل المعتقلة علياء عبدالنور بعد أن ابتلعها المرض بسبب رفض السلطات علاجها حتى ماتت مقيدة بسرير مستشفى.
تعد دولة الإمارات من أشد دول العالم ذات السمعة السيئة الملطخة بإدانة تقارير الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية لما ترتكبه من انتهاكات داخليا وخارجيا.
وتؤكد التقارير الدولية الصادرة بشكل دوري على التوثيق والاستنكار الدولي واسع النطاق لجرائم الإمارات بما يؤكد سجل الدولة الأسود في حقوق الإنسان.
ففي اليمن: اتهمت الأمم المتحدة الإمارات بارتكاب جرائم حرب مروعة بحق المدنيين بعد تحقيق فريق خبراء محايدين شكله مجلس حقوق الإنسان الدولي.
كما تم الكشف عن رصد أمريكي وأوروبي في تقارير استخبارية وإعلامية متعددة لدعم الإمارات عسكريا تنظيمات مثل القاعدة والانفصاليين.
وفي ليبيا: أكد تحقيق أممي انتهاك الإمارات حظر توريد الأسلحة إلى البلاد لدعم ميليشيات مجرم الحرب خليفة حفتر وتنظيمات متشددة.
كما صدرت إدانة أممية لقصف الإمارات مركزا لاحتجاز المهاجرين في طرابلس وقتل وجرح العشرات في حادثة وصفت بأنها جريمة حرب مروعة.
وفي منطقة القرن الإفريقي: تم إدانة الإمارات مرارا من الاتحاد الإفريقي بسبب تدخلاتها العدوانية ونشر الفتنة بين أعضاء الاتحاد.
كما رصد تقرير حالة السلم والأمن في أفريقيا التوسع المشبوه لأبوظبي في المنطقة خاصة في الصومال وجيبوتي وأثيويبيا.
وأكد التقرير المذكور أن عسكرة الإمارات لمنطقة البحر الأحمر تهدد السلم الإقليمي.
وفي مجال دعم الإرهاب: أكد التقرير السنوي للخارجية الأمريكية أن الإمارات تعتبر محطة للمنظمات الإرهابية.
كما أكد أعضاء في الكونغرس الأمريكي أن: الإمارات مركز لغسيل الأموال ودعم الإرهاب، وذلك تأكيدا لتحقيقات دولية أظهرت أن دبي غسالة العالم للأموال القذرة.
فضلا عن ذلك ترتكب الإمارات انتهاكات داخلية: منها إدانة الأمم المتحدة تجسس أبوظبي على سكانها وانتهاك خصوصية الأفراد.
وحسب مؤشر الديمقراطية العالمي فإن الإمارات دولة استبدادية تحتل المرتبة 147 من أصل 167 دولة ولا تسمح بأي مشاركة عامة في مجال صنع القرار.
من جهتها قالت منظمة “هيومن رايتس ووتش” الحقوقية الدولية إن الإمارات تنظّم الدورة الثانية من “القمة العالمية للتسامح” بينما يقضي نشطاء عديدون أحكاما طويلة بالسجن إثر محاكمات جائرة.
وتنعقد القمة على مدار يومي 13 و14 نوفمبر/تشرين الثاني 2019 في دبي برعاية محمد بن راشد رئيس الوزراء الإماراتي وحاكم دبي، وهي جزء من جهود الإمارات لتقديم نفسها على أنها “العاصمة العالمية للتسامح”.
وأبرزت المنظمة الحقوقية شن السلطات الإماراتية منذ 2011 حملة مستمرة على حرية التعبير وتكوين الجمعيات.
وأشارت إلى استخدام السلطات الإماراتية أحكاما ذات صياغة مبهمة وتفسير فضفاض من قانون العقوبات وقوانين أخرى في البلاد لسجن منتقدين سلميين ومعارضين سياسيين ونشطاء حقوقيين. من بينهم أحمد منصور، ناشط حقوقي حائز على جائزة عالمية وعضو في “اللجنة الاستشارية” للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش؛ ومحمد الركن، أستاذ جامعي ومحام حقوقي؛ وناصر بن غيث، أكاديمي بارز.
وقالت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: “رغم تأكيداتها على التسامح، لم تُظهِر الحكومة الإماراتية أي اهتمام حقيقي بتحسين سجلها الحقوقي. لكي تثبت أنها فعلا متسامحة، على الإمارات البدء بإطلاق سراح كل من سجنتهم ظلما لأنهم لم يلتزموا الخط الرسمي”.