كشف تحقيق صحفي عن تورط دولة الإمارات في التجسس على مكتب رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون بتقنيات إسرائيلية.
وأظهر لتحقيق نشرته صحيفة “نيويوركر”، اختراق الإمارات هاتف مسؤول في رئاسة الحكومة البريطانية في (داونينيج ستريت 10)، يعمل تحت إمرة جونسون بواسطة برنامج “Pegasus” الإسرائيلي.
وبحسب التحقيق فقد تم استخدام البرنامج في 7 يوليو 2020 لاختراق هاتف متصل بشبكة مقر مجلس الوزراء البريطاني Downing 10.
وأكد التحقيق أن سلطات الإمارات أمرت باختراق الهاتف، فيما فحص ضباط الإنترنت البريطانيون هاتف جونسون وأكدوا أنه نظيف ولم يتضح لمن ينتمي الهاتف المخترق.
وقال جون سكوت رايلتون، الباحث البارز في” سيتزين لاب”، التي تراقب استخدام برنامج “Pegasus”: “عندما اكتشفنا القضية في داونينج 10 شعرت بالدهشة”.
منذ ذلك الحين، حظرت شركة NSO “الإسرائيلية” استخدام البرنامج ضد أرقام الهواتف الأمريكية والبريطانية.
لكن وفقًا للتحقيق الصحفي، لا يزال يُستخدم برنامج التجسس ضد النشطاء والمسؤولين في جميع أنحاء العالم.
ومؤخرا قال المجهر الأوروبي لقضايا الشرق الأوسط إن الكشف عن أن مسئولين كبار في أوروبا كانوا ضحايا للتجسس ببرنامج إسرائيلي، يضاعف الضغط على كل من إسرائيل ودولة الإمارات العربية المتحدة.
وذكر المجهر الأوروبي أن الكشف الجديد يزيد من حدة الغضب الأوروبي على إسرائيل لرعايتها أنشطة شركة “إن إس أو” المنتجة لبرامج التجسس والمراقبة، وعلى الإمارات التي تورطت في تمويل الشركة.
وأشار إلى دعوة أوساط حقوقية وبرلمانية أوروبية إلى محاسبة دولة الإمارات العربية المتحدة على استثماراتها في برنامج بيغاسوس إسرائيلي للتجسس.
ورصد المجهر الأوروبي انتقادات واسعة في الأوساط الأوروبية عقب كشف صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية قبل أيام، عن استثمار الإمارات في شركة الهايتك والبرمجية الإسرائيلية “إن إس أو” منذ عام 2019 وإنتاج برنامج التجسس “بيغاسوس”.
وأكدت الأوساط الأوروبية أن اتخاذ إجراءات عقابية ضد شركة “إن إس أو” وحظر منتجاتها يتطلب بالضرورة محاسبة الجهات الدعامة للشركة ومنهم دولة الإمارات.
وأفاد مسؤولان في الاتحاد الأوروبي بحسب وثائق نشرتها وكالة رويترز العالمية للأنباء، بأن مسؤولين كبارا في المفوضية الأوروبية كانوا هدفا العام الماضي لبرامج تجسس صممتها شركة مراقبة إسرائيلية.
وكان من بين المستهدفين ديديه ريندرز، وهو رجل دولة بلجيكي رفيع المستوى يشغل منصب مفوض العدل الأوروبي منذ عام 2019، وفقا لإحدى الوثائق. كما تم استهداف ما لا يقل عن 4 من موظفي المفوضية الآخرين، وفقا للوثيقة ومصدر مطلع على الأمر.
وأكد مسؤولا الاتحاد الأوروبي أن عاملين في المفوضية استُهدفوا، لكن لم يذكرا تفاصيل.
وقال المسؤولان إن المفوضية أصبحت على علم بالاستهداف الذي أعقب رسائل من شركة “آبل” (Apple) إلى آلاف من مالكي هاتفها “آيفون” (iPhone) في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي أخبرتهم أنهم “مستهدفون من قبل مهاجمين ترعاهم دول”.
وكانت هذه هي المرة الأولى التي ترسل فيها آبل تنبيها جماعيا للمستخدمين بأنهم في مرمى متسللين إلكترونيين حكوميين.
وأضاف المسؤولان أن التحذيرات أثارت على الفور القلق في أروقة المفوضية.
وفي 26 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أرسل أحد كبار موظفي التكنولوجيا رسالة بالبريد الإلكتروني إلى زملائه الذين لديهم خلفية عن أدوات القرصنة الإسرائيلية، وطلب أن يكونوا على اطلاع على تحذيرات إضافية من شركة آبل.
وقال الموظف في الرسالة “بالنظر إلى طبيعة مسؤولياتك، فأنت هدف محتمل”.
وقال باحثون أمنيون إن الذين تلقوا التحذيرات تم استهدافهم بين فبراير/شباط وسبتمبر/أيلول 2021 باستخدام برنامج “فورسد إنتري” (ForcedEntry)، وهو برنامج متقدم استخدمته شركة “إن إس أو” (NSO) الإسرائيلية للمراقبة الإلكترونية لمساعدة وكالات التجسس الأجنبية عن بُعد والسيطرة بصورة غير مرئية على هواتف آيفون.
ومن المقرر أن يطلق البرلمان الأوروبي يوم 19 أبريل/نيسان الجاري لجنة للتحقيق في استخدام برامج المراقبة في دول الاتحاد الأوروبي، وفقا لعضوة البرلمان صوفي إينت فيلت، التي أيدت تشكيل هذه اللجنة.
وشُكلت اللجنة في أعقاب تقارير تفيد بأن سياسيين معارضين بارزين في بولندا تم اختراق هواتفهم ببرامج تجسس إسرائيلية، وأن منتقدين بارزين وصحفيين استقصائيين في المجر استهدفوا أيضا.
وأقر مسؤولون بولنديون وأحد نواب الحزب الحاكم المجري بأن حكومتيهما اشترت برامج “إن إس أو”، على الرغم من أن البلدين نفيا ارتكاب أي مخالفات فيما يتعلق بمزاعم التجسس المحلي.
ومطلع الشهر الجاري كشفت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية، عن تمويل دولة الإمارات برامج “إن إس أو” الإسرائيلية للتجسس في فضيحة مدوية جديدة لأبوظبي.
وأوردت الصحيفة أن شركة “مبادلة كابيتال” الاستثمارية، المملوكة لحكومة أبوظبي، تستثمر في شركة الهايتك والبرمجية الإسرائيلية “إن إس أو” منذ عام 2019.
والفترة المذكورة هي التي تتبّع فيها برنامج التجسس “بيغاسوس” التابع للشركة، بحسب ما أعلنت منظمات حقوقية دولية وتقارير استقصائية، هواتف الصحافيين ونشطاء حقوق الإنسان، وزوجة حاكم دبي السابقة الأميرة هيا بنت الحسين.
ونقلت الصحيفة، عن ثلاثة أشخاص على اطلاع على القضية، أن الشركة التي يرأس مجلس إدارتها ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد هي واحدة من أكبر المستثمرين في صندوق الأسهم الخاصة الذي تبلغ قيمته مليار يورو، والذي اشترى “إن إس أو” قبل 3 سنوات.
ووفق الصحيفة، يعني التزام الشركة بالمساهمة بقيمة 50 مليون يورو في صندوق الأسهم الخاصة “نوفالبينا كابيتال” في 2017، قبل أن يستحوذ على مجموعة “إن إس أو”، أن أموال الحكومة الإماراتية استُخدمت في شراء شركة إسرائيلية لتصنيع الأسلحة الإلكترونية حتى قبل توقيع الإمارات اتفاق تطبيع مع إسرائيل في أغسطس/آب 2020.
وفي وقت رفضت الشركتان الإماراتية والإسرائيلية التعليق، قال مصدر مقرّب من “مبادلة” إن دور الأخيرة “الصغير” في الصندوق كان دوراً سلبياً، وهي لم يتمّ إخطارها بالأمر إلا بعد إجراء الاستثمار.
وفي أكتوبر/تشرين الأول، أنهت شركة “إن إس أو” تعاقدها مع الإمارات لاستخدام برنامجها التجسسي “بيغاسوس”، بعدما قضت المحكمة العليا في بريطانيا بأنّ حاكم دبي محمد بن راشد آل مكتوم اخترق هواتف زوجته السابقة، الأميرة هيا بنت الحسين، وفريق محاميها، خلال معركتهما القانونية بشأن حضانة طفليهما.
إلا أن الصحيفة كشفت، نقلاً عن شخص مطلع على المحادثات، عن أنه في إشارة إلى مدى رغبة الإمارات في الوصول غير المقيّد إلى برنامج التجسس، أجرت حكومة أبوظبي مناقشات داخلية حول احتمال شراء الشركة بالكامل في خريف عام 2021، إلا أنها لم تتجاوز المحادثات الأولية.
وخلصت المحكمة العليا في إنكلترا إلى أنّ محمد بن راشد أصدر تعليماته بالتجسس على هواتف زوجته السابقة، الأميرة هيا بنت الحسين، ومحاميها وفريقها الأمني.
وخلال الجلسات، استمعت المحكمة إلى أنّ شركة “إن إس أو” ألغت عقدها مع الإمارات العربية المتحدة لخرقها القواعد بشأن استخدام نظام “بيغاسوس”.
وقالت الشركة إنها أغلقت ستة أنظمة لعملاء سابقين بعقود تزيد قيمتها عن 300 مليون دولار أميركي، وفقاً لوكالة “رويترز”.
وقال مصدر مطلع على أعمال الشركة، لـ”رويترز”، إنّ “إن إس أو” نُبهت من قبل المبلغين عن سوء استخدام البرنامج لاستهداف الأميرة هيا وفريقها القانوني.
ورفض محمد بن راشد استنتاجات المحكمة قائلاً إنها تستند إلى صورة غير مكتملة. وذكّر في بيان بأنه لطالما أنكر المزاعم التي وجهت ضده وما زال يفعل ذلك.
ووجدت الشركة الإسرائيلية نفسها، الصيف الماضي، في صلب فضيحة تجسّس عالمية بعد تحقيق نشرته 17 وسيلة إعلاميّة دوليّة، اعتباراً من 18 يوليو/تموز، أظهر أنّ برنامج “بيغاسوس” الذي صممته الشركة سمح بالتجسّس على ما لا يقلّ عن 180 صحافياً، و600 شخصيّة سياسيّة، و85 ناشطاً حقوقياً، و65 صاحب شركة في دول عدّة.