كشفت أوساط حقوقية عن تصاعد كبير في أعداد الإصابات بفيروس كورونا المستجد في سجون الإمارات في وقت تواصل أبو ظبي تجاهل المطالب الدولية بشأن انقاذ حياة السجناء لاسيما معتقلي الرأي.
وقال الناشط الحقوقي الإماراتي عبدالله الطويل على صفحته على موقع تويتر “للأسف وردني من مصدر موثوق تسجيل اصابات جديدة ب فيروس كورونا في سجن العين المركزي “.
كما أكد الطويل ارتفاع عدد المصابين بفيروس كورونا في سجن الوثبة الموبوء لأكثر من 110 مصاب في ظروف صحية صعبة.
وأضاف الطويل “حذرنا مراراً وتكراراً وطالبنا بالإفراج عن المعتقلين أو توفير الرعاية والإجراءات الصحية لمنع الانتشار ولكن لا حياة لمن تنادي “.
للأسف وردني من مصدر موثوق تسجيل اصابات جديدة ب #فيروس_كورونا في سجن #العين المركزي ..
حذرنا مراراً وتكراراً وطالبنا بالإفراج عن المعتقلين أو توفير الرعاية والإجراءات الصحية لمنع الإنتشار ولكن لا حياة لمن تنادي .. #كورونا_في_سجن_العين
— عبدالله الطويل (البديل) (@BotawilAbdullah) June 16, 2020
ارتفاع عدد المصابين ب #فيروس_كورونا في سجن #الوثبة الموبوء لأكثر من 110 مصاب في ظروف صحية صعبة .. #كورونا_يغزو_سجن_الوثبة
— عبدالله الطويل (البديل) (@BotawilAbdullah) June 16, 2020
وقبل أيام قالت “هيومن رايتس ووتش” الحقوقية اليوم إنه ينبغي لسلطات السجون في الإمارات اتخاذ إجراءات طارئة لحماية الصحة العقلية والبدنية للسجناء، وسط إفادات عن تفشي فيروس “كورونا في ثلاثة مراكز احتجاز على الأقل في أنحاء البلاد.
ونقلت المنظمة الدولية عن قال أقارب سجناء في سجن الوثبة قرب أبو ظبي، وفي سجن العوير ومركز احتجاز البرشاء الجديد في دبي، إن السجناء في هذه المراكز ظهرت عليهم أعراض الإصابة بـ كورونا أو ثبتت إصابتهم.
وأضافوا أن السجناء، الذين لدى بعضهم أمراض مزمنة، حُرموا من الرعاية الطبية المناسبة، وإن الاكتظاظ والظروف غير الصحية تجعل التباعد الاجتماعي وممارسات النظافة الموصى بها صعبة للغاية، وإن السلطات لا تقدم معلومات إلى السجناء وعائلاتهم حول التفشي المحتمل أو الإجراءات الاحترازية.
قال مايكل بَيْج، نائب مدير قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: “الاكتظاظ، وانعدام الظروف الصحية، والحرمان الكبير من الرعاية الطبية الملائمة في السجون ليست أمورا جديدة في مراكز الاحتجاز الإماراتية سيئة السمعة، لكن الوباء المستمر يمثل تهديدا إضافيا خطيرا للسجناء. أفضل طريقة أمام السلطات الإماراتية لتهدئة مخاوف أُسر السجناء هي السماح بالتفتيش من قبل مراقبين دوليين مستقلين”.
قال عديد من أفراد عائلات السجناء إنهم لم يتمكنوا من التواصل مع أقاربهم المسجونين لأسابيع. راسلت هيومن رايتس ووتش وزير الداخلية الإماراتي في 7 يونيو/حزيران 2020، لكنها لم تتلقَ أي رد.
تحدثت هيومن رايتس ووتش إلى أفراد عائلات سبعة سجناء في الوثبة. منذ منتصف أبريل/نيسان، قال ستة سجناء في عنبرَين على الأقل إن لديهم أعراض الإصابة بـ كورونا. قال أحد الأقارب: “اتصل بنا في 25 مايو. قال إنه كان يرقد في السرير ليومين دون أن يتمكن من الحركة. قال إنه لا يستطيع حتى أن يتناول القرآن بجانبه، وإنه يشعر بانسداد في صدره، وكذلك بالحمى والتعب. قال: “لا أستطيع تحريك جسدي، لا أستطيع النوم”.
قال الأقارب إن سلطات السجن بدأت عند تفشي الفيروس الذي أفيد عنه بنقل الذين ظهرت عليهم أعراض إلى مواقع أخرى مجهولة، وأبقت النزلاء الذين لم يُنقلوا دون اختبار أو رعاية طبية لأسابيع. قال أحد الأقارب في 3 يونيو/حزيران: “قال أخي إنهم سمعوا شائعات [عن تفشي الفيروس] منذ البداية قبل شهر تقريبا. لا أحد يعرف أين أخذوا الذين ظهرت عليهم الأعراض. فقط يعزلونهم عن الآخرين. لم يكن أحد [ممن لم يُنقلوا] يتلقى أدوية [لتسكين الألم]، ولا يأتي أطباء لرؤيتهم، وليس لديهم كمامات، ولا قفازات، ولا تعقيم. الزنازين مكتظة كما كانت من قبل. بدأوا بفحصهم منذ حوالي أسبوع فقط”.
ذكر أقارب آخرون أيضا إن سلطات السجون الإماراتية لم تتخذ الإجراءات المناسبة لمنع انتشار الفيروس، مثل توفير كميات أكبر من الصابون ومعقم اليدين أو توزيع القفازات والكمامات على المحتجزين.
قالت العائلات إنه منذ تفشي الفيروس، شملت الإجراءات الاحترازية حراس السجن والعاملين الذين أوقفوا كل اتصال جسدي بالسجناء، ولم يعد السجناء يتمكنون من مغادرة عنابرهم كما من قبل لشراء الطعام أو الضروريات الأساسية. قال قريب سجين آخر: “لديهم عمال وافدون يأتون لإعطائهم الطعام الآن لكن دون دخول الزنازين، فقط عند الباب”.
قال أقارب سجينَيْن على الأقل نُقلا إلى خارج زنزانتيهما بعد إجراء الاختبار إنه لم يكن لديهما أي اتصال بقريبيهما المسجونين منذ نقلهما، ولم يعرفوا بإصابتهما المحتملة سوى من معلومات من سجناء آخرين. قال قريب سجين نُقل إلى عنبر آخر في 28 مايو/أيار: “كل ما أريده هو نقل أخي إلى المستشفى وأن يتلقى العلاج”.
في 3 يونيو/حزيران، أخبر سجين في الوثبة عائلته أن الفحص الذي أجري له كان إيجابيا لكن لم يُنقل من زنزانته. قبل عدة أيام، أخبرهم أن لديه ألما شديدا في مفاصله وعظامه، ولا يستطيع النوم أو الأكل، ولم يتلقَ رعاية طبية أو مسكنات للألم. قال قريبه: “قال إنهم ربما أصيبوا جميعا الآن”.
في مركز احتجاز البرشاء، حيث تحتجز سلطات دبي أشخاصا رهن المحاكمة، قال أفراد أسرة أحد السجناء إن مجموعة من المحتجزين الجدد وصلوا في أواخر أبريل/نيسان إلى عنبره المكتظة أصلا، حيث كان المحتجزون نائمين على الأرض بسبب نقص الأسرّة. بدأت أعراض الإصابة بفيروس كورونا تظهر على بعض الوافدين الجدد.
قال أفراد الأسرة إن ظروف الاعتقال تدهورت بعد ذلك، مع عجز السجناء عن مغادرة عنابرهم أو شراء الطعام أو المستلزمات من متجر السجن. بعد إجراء الاختبارات كل بضعة أيام للجميع في العنبر، كان حراس السجن ينادون بأسماء السجناء ويأخذونهم دون تفسير. يعتقد السجناء أن أولئك الذين أُخِذوا ثبتت إصابتهم بالفيروس.
أضاف أفراد العائلة أنه في نهاية المطاف، في مطلع مايو/أيار، نُقل قريبهم وكل من تبقى في عنبره إلى سجن العوير المركزي، حيث فرضت عليهم سلطات السجن الحجر الصحي لمدة 17 يوما في ظروف تشبه الحبس الانفرادي.
قال شقيقه الذي يعيش خارج الإمارات: “لم يكن لديهم أي اتصال مع العالم الخارجي، ولم يكن لدينا أي معلومات عن مكانه أو إذا كان بخير. اتصلت بالسجن مرارا. لم يخبروني بأي شيء. طلبت من محاميّ التقصي، وطلبت من صديق الذهاب إلى السجن والاستفسار، وأخبروه أخيرا أن أخي على قيد الحياة. أخبرني أخي لاحقا أن تلك الأيام الـ 17 التي قضاها في الانفرادي كانت أسوأ من كل الوقت الذي قضاه في الاحتجاز [ثلاثة أشهر] قبل ذلك”.
في العوير أيضا، قالت مصادر لـ هيومن رايتس ووتش مؤخرا إنه منذ منتصف مارس/آذار، منعت السلطات السجناء حاملي فيروس نقص المناعة البشرية من الوصول إلى مستشفى راشد، المسؤول عن رعايتهم، من أجل احتواء انتشار فيروس كورونا حسبما قالوا.
أفادت هيومن رايتس ووتش في السابق عن حرمان هؤلاء السجناء بشكل منتظم من أدوية فيروس نقص المناعة البشرية. في 18 مايو/أيار، ناشدت 47 مجموعة دولية للصحة العامة السلطات الإماراتية بالإفراج عن السجناء حاملي فيروس نقص المناعة البشرية المعرضين لفيروس كورونا “لأنه يبدو أنه لا يمكن توفير الحماية الكافية لصحتهم أثناء بقائهم في الاحتجاز”.
تحدثت هيومن رايتس ووتش أيضا إلى محتجز سابق غادر الإمارات في مارس/آذار، وأقارب محتجزَين في سجن الصدر بأبو ظبي، الذين أفادوا عن اكتظاظه وظروفه غير الصحية. قال أحدهم: “أخبرني [قريبي] أنه قذر. هناك صراصير في كل مكان. لا توجد بطانيات أو وسائد. المكان مكتظ جدا، يحتجزونهم مثل الماشية. ولا يوجد ضوء شمس”.
قال أحد أقارب سجين في 29 مايو/أيار إن قريبه المحتجز أخبرهم بتفشي فيروس كورونا في عنبر آخر، حيث نُقل سبعة سجناء ثبتت إصابتهم إلى مستشفى، وحُجِر آخرون في زنازين انفرادية. قال قريبه: “إنه خائف للغاية من دخول تلك الحفرة المظلمة. لديه مرض في القلب أيضا”. لم تستطع هيومن رايتس ووتش تأكيد تفشي الفيروس من مصادر أخرى.
يستمر عدد حالات الإصابة المؤكدة بفيروس كورونا اليومية في الارتفاع في الإمارات، حيث سُجّلت 994 حالة في 22 مايو/أيار، وهو أعلى رقم مسجّل في يوم واحد، ووصل إجمالي الحالات المؤكدة إلى 39,376 حالة حتى 9 يونيو/حزيران.
في أواخر أبريل/نيسان، أفرجت السلطات الإماراتية عن أكثر من 4 آلاف محتجز، غالبيتهم كجزء من العفو التقليدي بمناسبة شهر رمضان. لم يُبدد العفو مخاوف العائلات فيما يتعلق بالاكتظاظ والظروف غير الصحية.
لم يُفرَج عن أي شخص محتجز ظلما بناء على معارضته السلمية، بمن فيهم الحقوقي البارز أحمد منصور في سجن الصدر، والأكاديمي ناصر بن غيث في سجن الرزين، وكلاهما وضعه الصحي متدهور بسبب ظروف الاحتجاز السيئة والحرمان من الرعاية الصحية.
قالت هيومن رايتس ووتش إنه ينبغي لجميع سجون الإمارات تمكين السجناء من تطبيق التباعد الاجتماعي بحسب التوجيهات المحددة لعامة السكان، دون اللجوء إلى الظروف العقابية التي تشبه الحبس الانفرادي. ينبغي للمسؤولين الحكوميين أيضا ضمان حصول كل محتجز على الرعاية الطبية الملائمة.
وأضافت أنه ينبغي للسلطات الإماراتية تخفيض عدد نزلاء السجون بشكل أكبر للسماح بالتباعد الاجتماعي وضمان حصول كل شخص في السجن على المعلومات الحيوية والتواصل الآمن مع الأسرة والمحامين.
وطالبت المنظمة الدولية السلطات الإماراتية بوضع بروتوكولات ملائمة للنظافة الشخصية والتنظيف، وتوفير التدريب واللوازم مثل الكمامات، والمطهرات، والقفازات للحد من خطر العدوى والسماح فورا للمراقبين الدوليين المستقلين بدخول البلاد ومراقبة السجون ومراكز الاحتجاز بانتظام.
قال بيْج: “ينبغي أن تكون السلطات الإماراتية صريحة بشأن ما يجري وأن تتحرك بسرعة لتجنب انتشار الفيروس على نطاق أوسع، ما قد يعرّض حياة السجناء لخطر شديد”.