حقوق الإنسان في الإمارات- تحل اليوم الرابع من آيار/مايو الذكرى السنوية الأولى لوفاة معتقلة الرأي علياء عبدالنور داخل سجون النظام الحاكم في دولة الإمارات وقد تحولت لرمز دولي يفضح الاضطهاد والقمع في الدولة وشاهدة على مزاعم “تمكين المرأة” في الإمارات.
وتوفيت عبدالنور في مثل هذا العام قبل عام في سجون النظام الإماراتي بفعل التعذيب والإهمال في تعبير صريح عن حدة انتهاكات حقوق الإنسان في الدولة وانعدام الحريات العامة في ظل الاعتقال التعسفي لمئات معتقلي الرأي وإهمالهم طبيا.
وقد اعتقلت علياء عام 2015 وتعرضت للتعذيب والتهديد بتصفية والديها، لتضطر في النهاية لتوقيع على وثائق دون قراءتها؛ تتضمن اعترافات بالتعاون مع تنظيمات إرهابية في الخارج، ثم ليحكم عليها بالسجن لعشر سنوات.
وازدادت قصة علياء مأساوية مع إصابتها بسرطان الثدي بعد أشهر من اعتقالها، فيما رفضت السلطات الإمارات السماح لها بتلقي العلاج الضروري، بل إنها ذهبت إلى حد إجبارها على توقيع وثيقة تفيد بأنها ترفض تلقي العلاج.
وبعد أربع سنوات من تشخيص إصابتها بالمرض، وفيما كان المرض قد انتشر في أنحاء جسمها، حينها فقط تم نقل علياء إلى المستشفى، وذلك قبل أيام قليلة من وفاتها.
ورغم سوء حالتها، مُنعت العائلة من زيارتها بانتظام، وتجاهلت السلطات الإماراتية الدعوات الدولية والحقوقية لإطلاق سراحها والسماح لها بالموت بكرامة في منزلها، وفقط بعد موتها تمت إزالة قيودها.
يروج النظام الإماراتي زورا لاحترامه “تمكين المرأة”، وتبنيه “التسامح”، في الوقت الذي كانت فيه علياء عبدالنور تتعرض للاعتقال والتنكيل والتعذيب والحبس الانفرادي حتى ارتقائها شهيدة نتيجة الإهمال الطبي.
وعلياء إحدى نساء الإمارات اللواتي اضطهدن بوحشية في زنازين الأمن، حتى توفيت بعد أن حُرمت ليس فقط حقها بالعلاج، وإنما أيضا حقها في الألم من مرض لا يرحم!
اعتقلت الراحلة بتهمة جمع تبرعات متواضعة لصالح العائلات السورية من أرامل وأيتام ومشردين إثر القمع الدموي الذي تعرض له السوريين.
وكان لعلياء سجل طبي منذ عام 2008، عندما أصابها مرض السرطان الذي تلقت له العلاج في ألمانيا وشفيت منه تماما آنذاك.
ولكن بعد الاعتقال، وأثناء محاكمتها وسنوات سجنها، تجددت إصابتها بذات المرض، فأوصت مستشفى المفرق الحكومية بوجوب تلقيها علاج كيماوي، ثم إجراء عملية جراحية، بسبب وجود تليف بالكبد، وتضخم بالغدد الليمفاوية وهشاشة بالعظام.
ومثلها مثل سائر الناشطين ومعتقلي الرأي، تعرضت علياء للإخفاء القسري لمدة تقارب 4 شهور. حُجبت في الشهور الثلاث الأولى عن الفضاء الخارجي بشكل تام، في حين سُمح لها بالتواصل هاتفيا مع أسرتها في الشهر الرابع.
وتعرضت علياء قبل عرضها على النيابة وطوال شهور الاختفاء القسري الأربعة إلى معاملة سيئة ومهينة حاطة بكرامة الإنسان.
فقد مُنعت من التواصل مع محامي أو الاتصال بأسرتها، مع تعمد تحطميها معنويا وإرهابها وإذلالها، إلى جانب وضعها في ظروف تفاقم حالتها الصحية بشكل متعمد، من قبيل احتجازها في زنزانة انفرادية ضيقة شديدة الإضاءة، لا يوجد بها فراش أو غطاء.
وظلت علياء معصوبة العينين، مقيدة اليدين والقدمين طوال فترة الاخفاء القسري. وخضعت علياء للتحقيق وهي معصوبة ومقيدة لساعات طويلة تصل إلى 17 ساعة متواصلة.
حوكمت علياء بموجب قانون العقوبات الاتحادي، وقانون اتحادي بشأن مكافحة الجرائم الإرهابية، والقانون الاتحادي في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات.
ووثقت منظمات حقوقية أيضا، ما تعرضت له علياء في هذه المحطة من انتهاكات حقوقية. إذ ظل عصب العينين وتكبيل اليدين يرافق علياء حتى أثناء المحاكمة. ورفضت المحكمة التحقيق بأقوال علياء بتعرضها للتعذيب والاعتراف بالإكراه. وحرمت علياء من التمثيل القانوني لها، إذ تم تهديد المحاميين في حال تولوا قضيتها. واعتبرت المحكمة أن نشاطها الاجتماعي، جريمة إرهابية.
نقل جهاز أمن الدولة الراحلة علياء إلى سجن الوثبة سيء السمعة في ديسمبر 2015، لتتعرض لمزيد من المضايقات والانتهاكات الحقوقية، من قبيل حرمان والديها من زيارتها لمدة شهرين بعد نقلها لسجن الوثبة، ثم تكرار حرمانهم من زيارتها بشكل متكرر حتى الآن. ولم يتورع السجان من إجبار علياء على التعري للتفتيش عند وصولها للسجن.
كما تعرضت للتعذيب في السجن في مايو 2018، ومنعت من النوم، وإجبار على تناول المهدئات والمسكنات بشكل مستمر، بغرض دفعها للإدمان. كل هذه المعاملة اللإنسانية فاقمت لدى علياء مرض السرطان.
قضت علياء أيامها الأخيرة في المستشفى مقيدة أيضا إلى السرير وتخضع للحراسة المشددة، مع منع الزيارات العائلية عنها. ليس هذا فحسب، بل إن القانون الإماراتي يوجب على السلطات أن تفرج عن كل سجين مريض إذا كان يقضي أيامه الأخيرة، ليكون قريبا من عائلته، إلا أن جهاز الأمن تنكر للقانون ورفض منح علياء حقها في أن تموت بين أسرتها.
ورفضت السلطات ودواوين بعض أولياء العهود التماسات متكررة بالإفراج عنها قدماها عائلتها، فضلا عن رفض السلطات مئات المناشدات الحقوقية الصادرة عن الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والبرلمان الأوروبي ومنظمات حقوق الإنسان في أنحاء العالم.