موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تحقيق: الوجه الخفي للإمارات.. سرقة ونهب آثار اليمن وسوريا والعراق

231

تتورط دولة الإمارات بعمليات سرقة ممنهجة للآثار التاريخية في عديد الدول أبرزها اليمن وسوريا والعراق في إطار جهود إيجاد تراث ثقافي مزعوم للدولة حديثة النشأة.

وتشهد دولة الإمارات في العقدين الأخيرين سعي حميم نحو تسلُح ثقافي، فالدولة التي صارت قبلة عدد ضخم من السياح بسبب السباق المعماري حامي الوطيس الذي يجري على أراضيها، تسعى تغيير صورتها النمطية بكونها صحراء لا تاريخ ولا ثقافة لها.

مع ذلك، وبالرغم من جهود الدولة الشديدة في خلق إطار ثقافي في الأذهان، ظل هناك انتقادات واسعة ولاذعة للمضمار الذي سلكته. أو بالأحرى، سلكت الدولة المضمار الخاطئ من البداية.

فالدولة التي أجرت مشاريع ادعت أنها “حضارية / فنية / ثقافية” ضخمة، تميز سعيها بطابع رأسمالي فج ترك في الأذهان طابع أن كل تلك المشاريع إنما هي مشاريع استثمارية في المقام الأول، والأسوأ من ذلك أنها جميعًا “مستوردة” عبر عمليات سرقة ونهب غير مشروعة.

فحسب ما أوردته جريدة “ذي نيو ريبابليك / The New Republic” في مقالها عن “لوفر أبو ظبي”، لجاج ماثيو، والمنشور بتاريخ 5 ديسمبر 2017، “كُلّ شيء هنا مُستورد”. فالدولة في محاولات تسلحها الثقافي تتعامل بمنطق استهلاكي رأسمالي تماما.

وبدل تأسيس متحف يعكس تاريخها القومي، قامت الامارات بشراء اسم “اللوفر” من المتحف الأم في فرنسا ويكأنه ماركة ملابس تحاول احتكارها! وهو ما يؤكد أن الدولة (الإمارات) لا تاريخ لها. بالرغم من أن المتحف الأم أخذ في الأذهان على مر السنين طابع المعلم القومي الفرنسي حتى لا يكاد يخلو ذكره من استحضار الهوية الفرنسية.

اليمن

أتهم معهد الخليج للديمقراطية وحقوق الإنسان ميليشيات الإمارات في اليمن باستهداف الأعيان الثقافية والسياحية والتاريخية في البلاد في انتهاك لمعايير القانون الدولي الإنساني.

وضمن تقرير للمعهد بعنوان “جرائم الحرب في اليمن: استهداف الأعيان الثقافية والتاريخية”، وثق التقرير معطيات بشأن نماذج عن الهجمات التي استهدفت الأعيان الثقافية والسياحية والتاريخية. ومن خلال ما تم رصده، وجد المعهد أن الدمار الواسع النطاق الذي طال الممتلكات الثقافية اليمنية، يعد انتهاكا صريحا للحماية التي توفرها قوانين الحرب، كما أنه لم تتم حماية المواقع الأثرية وفقاً لمعايير القانون الدولي الإنساني.

وقال رئيس المعهد يحيى الحديد إن جرائم الحرب التي استهدفت المواقع الأثرية والسياحية والدينية في اليمن لم تتوقف عند الاستهداف المباشر والتدمير الذي طال نحو 80% من الآثار، لكنها تسببت أيضا في “تلفها بسبب الحصار وظروف الحرب التي لم تسمح للمعنيين بتوفير العناية والبيئة الملائمة للمحافظة على هذه الكنوز الحضارية والثقافية، وبالتالي خسرت البشرية والأجيال القادمة فرصة الاطلاع عليها”.

وأضاف الحديد “الكثير من القطع الأثرية تعرضت للسرقة والسطو والتهريب، وخصوصاً نحو السعودية والإمارات اللتين تحاولان بكل ما تملكان تدمير اليمن وكافة وجوه الحضارة والحياة فيه. كما وردتنا بعض المعلومات التي تشير إلى أن الكثير من المخطوطات اليهودية جرت سرقتها وتهريبها إلى إسرائيل”.

ودعا معهد الخليج للبدء بتحقيقات دولية في الهجمات التي استهدفت تلك الأعيان، بما في ذلك الكشف عن نوعية الأسلحة المستخدمة في تلك الهجمات والدول المصنعة لها، بما يكفل عدالة المساءلة في تلك الجرائم.

وفي تشرين أول/نوفمبر الماضي كشف باحث أمريكي متخصص في شئون الآثار عن سرقة دولة الإمارات آثار اليمن وتهريبها بغرض بيعها إلى دول مثل الولايات المتحدة الأمريكية.

وذكر الباحث الأمريكي الكسندر ناجل أن آثار اليمن تصل إلى أكثر من مليون قطعة يتم سرقتها بشكل دوري من الإمارات بطرق متنوعة.

وقال ناجيل إن معظم المستشرقين الذين زاروا اليمن منذ مدة طويلة وخصوصًا من أمريكا كانوا يقومون بأعمال دراسات وتنقيب، لكنهم “كاذبون، فهم تجار آثار”.

وأضاف “لقد عملوا على تهريب عدد كبير من الآثار إلى أمريكا ويصل عدد القطع المهربة إلى أكثر من مليون قطعة أثرية، وهم لديهم متاحف ومجموعات تقدر قيمتها بملايين الدولارات”، مشيرًا إلى أن ثروة أحدهم التي جناها من الآثار تقدر بحوالي 34 مليون دولار.

وتابع “للأسف الشديد الكثير من المتاحف والمجموعات في أمريكا تستقبل وتعرض القطع دون التحقق من مصدرها ولكن مؤخرًا وبوجود إدارات شابة للمتاحف بدأ هذا الشي يتغير”.

وكشف ناجيل أنه “يتم تهريب قطع الآثار من اليمن عبر دول مثل الإمارات وإسرائيل قبل وصولها إلى الولايات المتحدة”، مؤكدًا تورط ” العديد من المستكشفين والأكاديميين والدبلوماسيين في تهريب الآثار من اليمن.

واستند ناجيل في عرضه التقديمي للعديد من القطع والوثائق وبعض المنشورات في صفحة نقوش مسندية، وصفحة الباحث عبد الله محسن الذي نشر على صفحته في 4 يوليو 2018 عن إحدى تلك القطع وقال إنها قطعة من آثار تمنع عاصمة دولة قتبان أهديت مع عدد من الآثار عربون صداقة إلى السير تشارلز جونستون، من قبل صالح حسين الهبيلي ابن أمير بيحان.

سوريا

صدر حديثاً عن مؤسسة جيردا هنكل الألمانية وجمعية حماية الآثار السورية في فرنسا تقرير -عن أحوال المتاحف الأثرية في سوريا، بين عامي 2011 و2020- أعده الأكاديمي السوري شيخموس علي، وثق فيه الأضرار الفادحة التي تعرض لها التراث المادي السوري والمؤسسات والمتاحف التي يفترض أن تحافظ على هذا التراث.

ورصد التقرير تعرض 29 متحفاً ودار عبادة لأضرار مختلفة بسبب العمليات العسكرية وعمليات القصف الجوي والأرضي، بينها متاحف معرة النعمان وتدمر والرقة التي تعرضت لأضرار جسيمة.

كما يتناول عمليات النهب الواسعة التي تعرضت لها مواقع أثرية سورية، راصداً سرقة 40635 قطعة أثرية من المتاحف والمستودعات ودور العبادة منذ عام 2011.

وأكد التقرير أن هذا الرقم يشمل فقط المؤسسات الـ 29 التي تعرضت للنهب، في حين لم يتم الأخذ بعين الاعتبار 10 من المتاحف ودور العبادة التي تعرضت للنهب لكن لم يعرف عدد القطع المنهوبة منها.

ولا يشمل هذا الرقم كذلك آلاف القطع غير المسجلة في قوائم ودفاتر 19 متحفا تعرضت لعميات نهب وسرقات، كما لا يشمل عشرات الآلاف من القطع التي نهبت من المواقع الاثرية السورية خلال عمليات الحفر العشوائي منذ 2011، في مناطق مثل أفاميا، دورا أوروبوس، تدمر، إيبلا وغيرها.

ولم تتضمن القطع الأثرية المنهوبة -الذي وثق عددها التقرير- نهب العديد من القطع الأثرية والتراثية والأعمال الفنية التي قال إنه تم شحنها في 405 صناديق من قبل وزير الدفاع السابق مصطفى طلاس (توفي عام 2017 في باريس) إلى دولة الامارات.

وأفاد التقرير الفرنسي بأن طلاس حصل على القسم الأكبر من هذه القطع بطرق غير شرعية، لكنه -بحسب التقرير- حصل على موافقة رسمية صادرة من وزارة الثقافة السورية تتضمن السماح بشحنها إلى الإمارات.

العراق

يتورط النظام الإماراتي في العبث في العراق ولعب دورا تخريبيا يزيد من ويلات ومآسي البلاد ومواطنيه. ويتم ذلك عبر إقامة أبو ظبي علاقات وطيدة مع مليشيات مسلحة تنتشر في العراق من خلال دعمها بشحنات أسلحة مهربة ومن ثم استغلال تلك المليشيات في نهب نفط البلاد بأسعار زهيدة.

ووصلت أذرع الإمارات التي خلطت الأوراق في العديد من ملفات المنطقة إلى العراق، البلد الذي لايزال أهله يعانون من آثار الغزو الأمريكي عام 2003، وما جره من مشاكل أبرزها الأمنية، كان أكثرها أثراً ظهور تنظيم الدولة، وما خلفه من دمار في البلاد.

وكشفت سلسلة وقائع حدثت خلال العامين المنتهي والجاري عن تواصل قيادات إماراتية مع أوساط اقتصادية وسياسية عراقية، في محاولة لاستغلال حالة الفساد والفوضى التي تعم البلد؛ بهدف الحصول على مكاسب اقتصادية، وموطئ قدم في مجريات الأحداث ومسارها، بحسب ما أكد سياسيون ومراقبون.

هذا الأمر دفع البعض إلى البحث عن بصمات إماراتية في العديد من الأحداث التي تدور في العراق، ليس آخرها تأييد استفتاء انفصال إقليم كردستان، وتحول دبي إلى وجهة مفضلة للسياسيين العراقيين ورجال الأعمال الذين تدور حولهم شبهات الفساد.

وفي 9 نيسان/أبريل 2019 أعلنت الهيئة العامة للجمارك العراقية عن إحباط تهريب حاوية في ميناء أم قصر بمحافظة البصرة، جنوبي البلاد، تحتوي على أسلحة تم إخفاؤها في شحنة لعب أطفال كانت قادمة من ميناء جبل علي الإماراتي.

الهيئة قالت في بيان: إن “السلطات الجمركية في مركز جمرك أم قصر الجنوبي تمكنت وبالتعاون مع الجهات الساندة لها في المنفذ من إحباط عملية تهريب الحاوية”.

وذكر البيان أن “الحاوية تم استيرادها من قبل القطاع الخاص على أنها إرسالية لعب أطفال، فيما تبين أنها تحتوي على 1033 قطعة سلاح أوكرانية المنشأ”.

وكشف موظفون في الهيئة العامة للجمارك العراقية، أن الصناديق المضبوطة في الحاوية التي جاءت من الإمارات كانت مستوردة على أنها ألعاب للأطفال، وكانت تحتوي على قطع سلاح مخبأة في داخل كراتين الألعاب.

وأوضحوا أن الشحنة مسجلة باسم شركة عراقية تحمل اسم جنة العقيق، وقد هرب مديرها المفوض علي الناصري إلى جهة مجهولة فور ضبط الشحنة، حيث سربت له مصادر الخبر من داخل الميناء.

وأكد الموظفون أن “هذه ليست الشحنة الأولى من الأسلحة التي تضبط في ميناء البصرة؛ ففي العام الماضي كشفت سلطات الميناء شحنة مماثلة لكن ضغوطاً مورست وذمماً اشتريت -حسب تعبيره- أدت إلى التستر على القضية”.

وذكروا أن “موظفاً في ميناء أم قصر عَمَد إلى تصوير عملية ضبط الشحنة الأخيرة، وتسريب الصور إلى وسائل الإعلام، ونشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي؛ وهو ما قطع الطريق هذه المرة على التستر على القضية”.

وفي تموز/يوليو 2018 عرض متحف اللوفر في أبوظبي قطعاً أثرية عراقية مسروقة، وهو ما أثار غضباً رسمياً وشعبياً عراقياً واسعاً، خاصة بعدما تم الكشف عن شراء متاجر هوبي لوبي الأمريكية أكثر من 5500 قطعة أثرية عراقية مسروقة من وسطاء إسرائيليين وتاجر مقيم في الإمارات بقيمة 1.6 مليون دولار.

ويتهم القضاء العراقي نحو تسعين وزيراً ونائباً ومسؤولاً حكومياً عراقياً، يقيم بعضهم في الإمارات، بالتورط في قضايا فساد، من بينها سرقات آثار وصل بعضها إلى الولايات المتحدة، لكن القضاء أغلق ملفاتها بسبب ضغوط سياسية.

وذكرت تقارير إعلامية محلية، أن وسطاء إماراتيين استغلوا حالة الفوضى التي عمت العراق بعد ظهور تنظيم الدولة (يونيو 2014)، وعملوا على بيع وشراء الآثار بالتعاون مع وسطاء محليين وبعض المنتسبين الفاسدين في القوات الأمنية، وحصلوا على قطع من مدينة الموصل يعود تاريخها إلى حقبتي الآشوريين ومملكة الحضر، تقدر قيمتها بعشرات آلاف الدولارات.