في الذكرى الأولى لتأسيس “المجلس الانتقالي الجنوبي” شهدت مدينة سقطرى جنوبي اليمن، تطوراً خطيراً، تمثل في انتشار قوة إماراتية في مطارها، فيما يمثل رداً على إعلان شخصيات موالية للحكومة، ائتلافاً موازياً للمجلس يؤيد الشرعية، ويتبنى رؤيتها بـ”الدولة الاتحادية”، بدلاً من الانفصال.
وشهدت مدينة عدن جنوبي اليمن احتفالاً بطابع عسكري لقوات الانفصاليين، في الذكرى الأولى لصدور ما يُسمى بـ”إعلان عدن التاريخي”، بحضور رئيس “المجلس الانتقالي الجنوبي” محافظ عدن السابق عيدروس الزبيدي.
وساد الاحتفال مظاهر قالت مصادر محلية إنّها “عكست حالة التمرد التي يمثلها المجلس والقوات الموالية في المدينة، من خلال رفع العلم التشطيري، وإقامة عرض عسكري، لقوات خارجة عن سلطة الدولة، ولا ترفع حتى راية البلاد”.
وكان الزبيدي قد عاد في أبريل/نيسان الماضي، من أبوظبي إلى عدن، للتحضير لإحياء ذكرى التمرد الذي قاده في المدينة جنوبي اليمن.
وحاول “المجلس الانتقالي الجنوبي” وقياداته المتواجدة في عدن، من خلال المهرجان، اليوم الخميس، تعويض الخسائر المعنوية التي تعرّض لها في الشهور الأخيرة، بعدما قاد تمرّداً مسلحاً على الحكومة، في يناير/كانون الثاني المنصرم، ووعد أنصاره بإسقاط حكومة أحمد عبيد بن دغر التي تمكنت من العودة في وقتٍ لاحق، إلى المدينة.
وجاء ذلك في ضوء التصريحات المتتالية التي أحرجت التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات، وتضمنت اتهامات مباشرة من مسؤولين في الحكومة ووزراء للتحالف، بمنع الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي العودة إلى عدن.
في المقابل، نقلت الحكومة اليمنية معركتها مع الإمارات وحلفائها، من حرب التصريحات والرفض المعلن، إلى الخطوات العملية، التي من شأنها أن تخلط أوراق أبوظبي، حيث أُعلن عن تأسيس ما سُمي “الائتلاف الوطني الجنوبي”، كأول مكون جنوبي تألف من 63 شخصية مؤيدة للرئيس هادي وللحكومة الشرعية، ورؤيتها لحل “القضية الجنوبية”.
وجاءت خطوة تشكيل المكون الجنوبي الجديد، في الأساس لتبدأ بسحب البساط عن “المجلس الانتقالي الجنوبي”، المدعوم من أبوظبي، وتحبط على الأخير مساعيه لتمثيل الجنوب اليمني في أي مفاوضات.
وفيما شملت تشكيلة “الائتلاف الوطني الجنوبي” المؤيد للشرعية، شخصيات بارزة؛ بينها ثلاثة وزراء، وهم: وزير الداخلية أحمد الميسري، ووزير النقل صالح الجبواني، ووزير الرياضة نايف البكري، بدا واضحاً أنّ الخطوة أصابت حلفاء أبوظبي بالإحباط ودفعتهم إلى الاستنفار، بين الترحيب بأي تشكيل جنوبي، وبين السخرية وتوجيه النقد اللاذع لأي تحرك مؤيد للشرعية.
ومع ذلك فإنّ الخطوة، وأياً كانت إمكانية فاعليتها بالتحوّل إلى مكوّن حقيقي في الجنوب ينافس “المجلس الانتقالي الجنوبي”، تمثل ضربة للأخير، على الأقل إلى جانب الضربات الأخرى التي تلقاها، وتراجعت معه شعبيته بسبب الخطاب المتشدد الذي تبناه، وعدم قدرته على تنفيذ تهديداته، فضلاً عن أنّ التطورات أظهرت كما لو أنّ أعضاءه “دُمى” تحركها أبوظبي، وتوقف تصعيدها متى شاءت وتشعله في أحيان أخرى.
وتوازياً، شهدت محافظة أرخبيل سقطرى، التطور الأهم، خلال الـ48 ساعة الماضية، فبعد أيام من وصول بن دغر وعدد من وزراء حكومته، إلى المحافظة اليمنية الواقعة في ملتقى البحر العربي والمحيط الهندي، يبدو أنّ التحركات الحكومية أثارت حفيظة الإمارات، إلى درجة استدعت معها الأخيرة، تحركاً عسكرياً بإرسال ما يقرب من 100 جندي على متن ثلاث طائرات، ونشرهم في مطار المدينة، وطرد قوات الجيش اليمني المرابطة في المطار، دون أي تنسيق مع الجانب الحكومي اليمني.
وجاء التحرّك الإماراتي العسكري في سقطرى، في وقتٍ لا يتمتع فيه بأي مشروعية أو غطاء يبرر التواجد العسكري لأبوظبي في المدينة، كونها بعيدة عن خطوط تماس الحرب التي قال التحالف إنّه تدخل في اليمن لدعم الشرعية فيها.
وكان رئيس الحكومة والوزراء المرافقون له، استطاعوا، خلال الأيام الماضية، أن يفرضوا نوعاً من الحضور في الجزيرة للحكومة، تكلل بمهرجان حاشد، يوم الأربعاء، هتف السكان المشاركون خلاله بشعارات بـ”الروح بالدم نفديك يا يمن”، في محافظة تُوصف بأنّها باتت تحت الاحتلال الإماراتي، بدرجة أو بأخرى.
وتمثّل مجمل الخطوات، من إعلان الائتلاف الوطني الجنوبي، إلى التحركات الحكومية في سقطرى، وقبلها في حضرموت وشبوة، مؤشراً على انتقال الرفض الحكومي اليمني لممارسات أبوظبي، من التنديد المعلن في تصريحات الوزراء، إلى التحرك الميداني، الذي يأتي على حساب أبوظبي.
وبعدما باتت الإمارات تملك القرار الأول في العديد من المدن اليمنية إلى حد كبير، فمن شأن هذا التطور، أن يمثل منعطفاً جديداً في الأزمة، من المتوقع أن تكون له تبعاته في المرحلة المقبلة.